Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تراجيديا الماء والنار في مخيمات الشمال السوري

سيناريو الشتاء المتكرر يغرق النازحين ويشعل الحرائق في خيام آخرين واستغاثات لمزيد من المساعدات

أكثر من مليوني نازح يقيمون في المخيمات عاجزين عن تأمين أدنى متطلباتهم اليومية (اندبندنت عربية)

ملخص

أصبح أكثر من مليوني نازح يقيمون في مخيمات شمال سوريا عاجزين عن تأمين أدنى متطلباتهم اليومية مع فجوات كبيرة بين حاجات النازحين وعمليات الاستجابة الإنسانية المقدمة من المنظمات الإنسانية.

تجتهد فرق الإنقاذ ومتطوعون على لملمة أشلاء ما تبقى من خيام مزقتها العواصف المطرية الكثيفة على أراضي الشمال السوري، فنعمة المطر تتحول مع بداية كل فصل شتاء إلى "نقمة" تهدد مساكن القاطنين في خيام قماشية مهترئة، كمكان بديل عن مساكن هاجروا منها قسراً قبل سنوات بفعل الحرب الدائرة منذ عقد من الزمن في البلاد.

وارتفع عدد الخيام المتضررة بصورة واسعة في مخيمات النازحين الواقعة في ريفي حلب وإدلب شمال غربي سوريا إلى 88 بين خيمة وكرفانة سكنية موزعة على 39 مخيماً في إحصاء أولي، رافق ذلك انقطاع لعدد من الطرقات.

أرقام مؤلمة أزاح الستار عنها تقرير منسقي الاستجابة في سوريا (منظمة محلية نشأت مع اندلاع الحرب في الشمال)، مشيرة إلى استمرارها في إحصاء الأضرار التي تعرضت لها المخيمات إثر الهطولات المطرية.

معاناة مستمرة

وأصبح أكثر من مليوني نازح يقيمون في المخيمات عاجزين عن تأمين أدنى متطلباتهم اليومية مع فجوات كبيرة بين حاجات النازحين وعمليات الاستجابة الإنسانية المقدمة من المنظمات الإنسانية، بحسب تقرير منسقي الاستجابة.

وحث منسقو استجابة سوريا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية العمل على تخفيف معاناة النازحين، وإيقافها من خلال زيادة وتيرة العمليات الإنسانية في المنطقة، وإيجاد حلول جذرية تنهي تلك المعاناة الممتدة منذ أكثر من عقد وحتى الآن.

 

 

يأتي ذلك في وقت لم تشهد المنطقة أية استجابة فعلية من المنظمات بصورة تخفف من أعباء الكارثة، وفق التقرير نفسه، موضحاً أن عمليات الاستجابة لم تتجاوز 16 في المئة منذ بداية العام الحالي.

وكان السوريون فروا مع اندلاع الصراع المسلح في عام 2011 إلى مناطق داخل بلادهم وخارجها، خصوصاً أوروبا ودول الجوار أبرزها (تركيا والأردن والعراق) التي تضم حالياً نحو 6.7 مليون لاجئ. وتفيد بيانات أممية أن أقلية صغيرة فقط تعيش في مخيمات وملاجئ جماعية، وفي عام 2023 نزح ما يقارب 174 ألف شخص.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسجل الفريق الاستجابة الميداني تقييم أولي لأبرز الحاجات المطلوبة، وضرورة توفيرها بصورة عاجلة وفورية في المخيمات والتجمعات المتضررة، منها تقديم عوازل مطرية وأرضية لدرء تساقط الأمطار ودخولها للخيام، والعمل على تجفيف المنطقة ضمن المخيمات وسحب المياه وطرحها خارج المخيمات، وإنشاء شبكتي صرف صحي ومطري في معظم المخيمات، ولا سيما المخيمات التي أنشأت على أرض طينية.

حلول على الورق

وطالب رئيس الرابطة السورية لحقوق اللاجئين مضر الأسعد بضرورة إيجاد حلول حاسمة لمعاناة المخيمات نفسها، التي تأسست منذ عام 2012، وتتكرر المصائب والمصاعب مع كل شتاء عبر تغيير مواقع هذه المخيمات، وإنشاء بديلة لهم، وذلك بنقلها إلى مناطق مرتفعة.

وقال الأسعد في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إن "هناك حلولاً دولية وخارجية عبر تنفيذ القرارات الدولية 2254 و2118، وفي حال تنفيذها يعني عودة اللاجئين والنازحين لمناطقهم وقراهم، وأن تتحمل الأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية المسؤولية الأمنية والإنسانية لهم بالضغط على دمشق من أجل الالتزام بها، ومنع القصف الروسي على المناطق الأمنية الذين ينزحون من لجوء إلى لجوء آخر".

ويجزم رئيس رابطة حقوق اللاجئين السوريين أن المعاناة باتت أكبر مع عود اللاجئين والنازحين السوريين من لبنان، إذ عاد ما يقارب من 500 ألف سوري بالفعل، والآن هم من دون مأوى لأنهم بالأساس فروا من مناطقهم، وما زالت بيوتهم غير جاهزة للسكن.

وبالحديث عن النزوح في مخيمات الشمال السوري يخشى مراقبون من تفاقم حدة النزوح الجماعي في المنطقة بعد سلسلة غارات جوية منذ ثلاثة أشهر، وقال نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية ديفد كاردن، "أشعر بالقلق البالغ إزاء تصاعد الأعمال العدائية، والعنف في شمال غربي سوريا منذ الـ14 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي".

سخونة خطوط التماس

إزاء ذلك يذهب المسؤول الحقوقي الأسعد إلى ضرورة تدخل المنظمات الدولية، وإنشاء مخيمات مسبقة الصنع من "كرفانات" أو بيوت من الأسمنت تكون صغيرة الحجم تتسع لثلاثة أو أربعة أشخاص، من دون إغفال دور منظمات دول الخليج وتركيا التي أنشأت قرى نموذجية اتسعت لآلاف من النازحين، بحسب قوله.

 

 

وأردف "من خلال زياراتي للمخيمات التقيت مع الأهالي وما زال الوضع يزداد سوءاً، يجب أن تكون هناك دوافع داخلية وخارجية سورية وعربية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ويمكن لأية منظمة إنشاء بناء كبير على صورة منشأة من 100 إلى 200 غرفة يمكن إسكان العائلات داخله، وبعد إنشاء مخيمات رسمية يتحول البناء إلى مدرسة، وهي طريقة مثلى من أجل إنقاذ الأهالي".

وكانت حركة النزوح تجددت في الآونة الخيرة بين المدنيين في القرى والبلدات الواقعة بالقرب من خطوط التماس بعد توقفها أياماً عدة وعودة عدد من العائلات لمناطقها نتيجة استمرار التصعيد العسكري، وشملت مناطق النزوح ريف حلب الغربي، وريف إدلب الشرقي والجنوبي ضمن أكثر من 37 قرية وبلدة معظمهم من النساء والأطفال.

الخيام المهترئة

وتساءل الأسعد عن سبب فيضان الخيام عبر السيول وعن سبب بقاء المخيمات في كل عام بالمكان المنخفض نفسه وبجانب الوديان، وعدم نقلها إلى الأماكن المرتفعة؟ ملقياً اللوم على الجمعيات والمجالس المحلية والمنظمات الدولية.

في غضون ذلك عاش أصحاب الخيام معاناة شديدة مع دخول قاس للشتاء، وفقدانهم أبسط مقومات الدفء، وشح وسائل التدفئة، فضلاً عن وجودهم في أماكن ومواقع شديدة البرودة، ومع كوارث غرق المخيمات بمياه العواصف المطرية تلظت المخيمات ذاتها بنيران الحرائق الناتجة من وسائل التدفئة البدائية في حصيلة وصلت إلى 14 حريقاً.

 

 

في المقابل يتحدث موظف إغاثة في منظمة محلية عن واقع أليم يعيشه الأهالي النازحون، مطالباً بتدخل عاجل بخاصة أن الحاجات أكبر مما هو متوفر، في وقت انخفضت بنسبة كبيرة المساعدات الإنسانية، وباتت تقتصر على التدخل الطارئ، بينما يرى أن أسباباً تركز المخيمات في الأودية هي لأن بعضها عشوائي ومن دون إشراف، وبحسب توفر الأراضي الصالحة للإقامة.

وأضاف "حال القاطنين في الخيام سيئة جداً، وبالنسبة إلى الواقع الصحي والطبي يحتاج كثيرون إلى الأدوية والأطفال للحليب، علاوة على حاجات عاجلة من مواد التدفئة".

بالنتيجة يعيش النازحون الذين زاد عددهم إبان عام 2019 بعد فرارهم من ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشرقي على نحو مليوني نازح على حافة الهاوية، إذ لا تتوفر لديهم أدنى مقومات العيش، وهو ما تحذر منه المنظمات الأممية التي أقرت أن 90 في المئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر بخاصة من يقطن في خيام مهترئة، هم اليوم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في ظروف غاية بالصعوبة.

المزيد من متابعات