ملخص
اتخذ نتنياهو هذه الخطوة بعدما حصل على معلومات استخباراتية مؤكدة من مستويات أمنية مختلفة بأن حركة "حماس" فقدت مركزيتها القيادية وأنه قضي على جميع مفاصل القوة فيها، وهي الآن تقاتل كعصابات مفككة.
بعد فشل جهود الوسطاء في التوصل إلى اتفاق حول ملفي القتال والرهائن في غزة، ورفض طرفي الحرب جميع المقترحات التي تقدمها الولايات المتحدة وشركاؤها، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التعامل مع ملف الرهائن بطريقة خارج الصندوق، فهو يفكر في عدم التفاوض مع "حماس" كفصيل سياسي منظم له مجلس رئاسي لاتخاذ القرارات، ويخطط لاستثناء قادة الحركة بصورة كلية وعقد صفقة رهائن مباشرة مع مقاتلي "حماس" الذين يحتجزون الرهائن ويشرفون على تأمين أماكنهم.
تفاوض مباشر
ووفقاً للقناة 12 العبرية فإن نتنياهو عرض على فريق التفاوض الإسرائيلي خطة جاء فيها أنه "يستعد للتفاوض المباشر مع مقاتلي 'حماس' الذين يحتجزون الرهائن، ويعرض عليهم المال والحياة في مقابل الرهائن بدلاً من مفاوضة الحركة نفسها والتباحث مع قياداتها".
واتخذ نتنياهو هذه الخطوة بعدما حصل على معلومات استخباراتية مؤكدة من مستويات أمنية مختلفة بأن "حركة حماس" فقدت مركزيتها القيادية وأنه قضي على جميع مفاصل القوة فيها، وهي الآن تقاتل كعصابات مفككة.
وفي ظل وضع "حماس" المترهل قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية استخدام ذكائه والضغط على بعض عناصر الحركة وابتزازهم للاستسلام من خلال مقترحه الجديد، فأصدر نتنياهو تعليمات لفريق التفاوض في بلاده بعرض المال والممر الآمن لأولئك الذين يحتجزون الرهائن الإسرائيليين.
لا أحد في "حماس" يعرف مكان الرهائن
ويقول الباحث الأمني الإسرائيلي ميخا كوبي، وهو مسؤول سابق في الـ "شاباك"، إن "هذا العرض الذكي جاء بعدما تأكد نتنياهو أن المجلس الرئيس لـ 'حماس' لم يعد يعمل، ولكن مع ذلك فهناك مقاتلون آخرون يقاتلون نيابة عن الحركة، ولذلك حاول رئيس الوزراء استغلال هذه الفرصة وتقديم مخططه".
ويضيف أنه "في المؤسسة الأمنية هناك إدراك واضح بأنه لا يوجد أحد على الإطلاق في 'حماس' يعرف بالضبط أين يحتجز الرهائن سوى المقاتلين الذين يشرفون على تأمينهم، وهؤلاء معهم صلاحيات التصرف بخاصة في وضع 'حماس' المترهل حالياً، لذلك يمكن أن نرى أحدهم يسلم الرهائن في مقابل الحصول على العرض المغري".
تفاصيل المقترح
وفي تفاصيل مقترح نتنياهو الجديد فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي مستعد للتعامل مع ملف الرهائن والتفاوض مع عناصر "حماس" الذين يحتجزون الرهائن كل واحد لوحده، وبآلية وطريقة منفصلة عن الباقي، وهذا يجري بعيداً من قيادات الحركة خارج غزة.
ويتضمن اقتراح نتنياهو عنصرين رئيسين، الأول حرية السفر إلى الخارج للخاطفين أنفسهم وعائلاتهم، والثاني مالي من خلال دفع الدولارات لكل مختطف.
وبحسب مخطط نتنياهو فإن "أي مقاتل حمساوي يحتجز رهينة إسرائيلياً ومستعد لإطلاقه فإن تل أبيب جاهزة أن تدفع له ملايين الدولارات وتمنح ممراً آمناً للخروج من قطاع غزة، وحياة مستقرة آمنة في أية دولة يختارها".
وفي خطة نتنياهو فإنه يسمح لمقاتل "حماس" الذي يوافق على هذا العرض أن يختار أحباءه وعائلته وأي شخص يريده للخروج معه من قطاع غزة والانتقال للعيش في منطقة ثالثة جديدة، وتتعهد إسرائيل بعدم اعتراضه أو تهديد حياته في المستقبل.
ليس جديداً
وتبنى نتنياهو هذا المقترح بصورة رسمية وأصدر تعليمات بهذا الشأن في مشاورة أمنية أجراها مع فريق التفاوض الإسرائيلي، وبرر ذلك المخطط بأنه يأتي في إطار الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق الرهائن المحتجزين لدى "حماس".
ويعتقد نتنياهو أن مخططه سينجح خصوصاً وأن هذه الخطوة تأتي بعد تعثر الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة الرهائن، وأن ذلك المقترح قد يساعد في تهدئة الصراع الأوسع نطاقاً في المنطقة.
ولا يعد مخطط نتنياهو أمراً جديداً، إذ عرض رئيس الوزراء هذه الفكرة مرتين قبل ذلك، الأولى عندما أرسل لقائد "حماس" الذي أعلنت إسرائيل قتله يحيى السنوار مقترحاً يتضمن فتح ممر آمن لزعيم الحركة وعناصرها ومن يختارهم للسفر إلى دولة ثالثة في مقابل إطلاق الرهائن، أما الثانية التي تحدث نتنياهو فيها عن هذا المخطط فكانت بعد قتل السنوار، وحينها قال رئيس الوزراء الإسرائيلي "إلى 'حماس' أقول إن قادتكم يهربون وسيقضى عليهم، وأدعو كل من يحتجز رهائننا أن يلقي سلاحه ويعيد رهائننا، وسنسمح له بالرحيل والعيش، وبالطريقة نفسها أقول إن من آذى رهائننا فليلطخ رأسه بالدماء وسنحاسبه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إعادة للتاريخ
ولم يكتسب هذا العرض أي زخم في أي مرة قدم نتنياهو فيها المخطط، إذ لم تكن الظروف مناسبة، لكن رئيس الوزراء يخطط هذه الفترة للتركيز على هذا المقترح ومحاولة تنفيذه وتقديم نماذج حية ناجحة لفكرته، ويقول منسق إسرائيل للرهائن والمفقودين جال هيرش "اقترحت بالفعل ممراً آمناً لمقاتلي 'حماس' وعائلاتهم وكل من يريد الانضمام إليهم، وإضافة إلى ذلك سنقدم لهم المال، فنحن نريد عودة الرهائن ونزع السلاح وإزالة التطرف من غزة من طريق بناء نظام جديد سيدير القطاع".
ويقول الباحث السياسي ظافر النمس إن "نتنياهو يحاول إعادة التاريخ، فهذه الفكرة نفذتها إسرائيل عام 1982 عندما عرضت على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورفاقه مغادرة العاصمة اللبنانية بيروت إلى تونس عبر ممر آمن".
ويضيف، "قد يكون من الصعب تطبيق هذه الفكرة في الوقت الحالي لأن لـ 'حماس' حسابات مختلفة عن تلك التي كانت لعرفات وقتها، كما أنه من الصعب التفاوض مع مقاتلي الحركة كل واحد لوحده بعيداً من المفاوضات الرسمية مع الحركة".
"حماس" ترفض
وبسرعة رفضت حركة "حماس" كفصيل وليس كأشخاص هذا العرض الإسرائيلي، ويقول عضو المكتب السياسي فيها خليل الحية إن "إسرائيل تسيء فهم 'حماس'، فلن يوافق أي مقاتل على عرض نتنياهو، والطريق الوحيد لإعادة الرهائن هو المفاوضات معنا وفق شروطنا".
وإلى جانب "حماس" رفضت عائلات الرهائن مخطط نتنياهو، وذكر بيان لمنتدى عائلات الرهائن أن "أفعال نتنياهو تقوض فرص عودة أبنائنا وتتركهم عرضة لخطر القتل".