ملخص
مجموعة القرارات هذه قسمت الشارع الليبي إلى شق مؤيد وآخر رافض، فأكد بعضهم أن ليبيا "شهدت ظواهر غير أخلاقية خلال الأعوام الأخيرة"، في حين رأى آخرون أن وزير الداخلية بصدد مصادرة حقوق الإنسان وفرض النموذج الأفغاني في البلاد بالقوة.
اندلعت الحرب الكلامية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا على خلفية إعلان وزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي "عودة شرطة الآداب"، إذ قال في مؤتمر صحافي مساء أمس الأربعاء إن "دوريات شرطة الآداب ستعود للعمل الشهر المقبل"، وشدد على أنها "ستمنع تسريحات الشعر الغريبة وملابس الشباب والنساء التي لا تتماشى مع ثقافة المجتمع الليبي".
وطالب وزير الداخلية بفرض الحجاب على النساء وإلزامهن ارتداء ملابس محتشمة، داعياً وزارة التعليم إلى فرض ارتداء الحجاب على الطالبات، وقال إنه سيمنع سفر المرأة الليبية من دون محرم إلا في حالات استثنائية سيتم التدقيق فيها.
وأكد الطرابلسي أن الشرطة النسائية ستمنع الاختلاط بين الرجال والنساء في الفضاءات العامة والمقاهي، كما سيتم اعتقال كل من يحاول مخالفة هذه القرارت ووضعه في السجن، موضحاً أن قواته ستقتحم البيوت في حال ثبت تورط أي شخص في أعمال منافية للآداب، ومن "يبحث عن الحرية الشخصية عليه أن يذهب إلى أوروبا".
أفغاني بالقوة
مجموعة القرارات هذه قسمت الشارع الليبي إلى شق مؤيد وآخر رافض، إذ أكد بعضهم أن ليبيا "شهدت ظواهر غير أخلاقية خلال الأعوام الأخيرة"، في حين رأى آخرون أن وزير الداخلية بصدد مصادرة حقوق الإنسان وفرض النموذج الأفغاني في ليبيا بالقوة.
في هذا الإطار، قال الناشط بشير بالشيخ إن "وزير الداخلية عماد الطرابلسي كان محقاً في ما قاله، ويجب تطبيق ذلك في أسرع وقت ممكن"، واستدل بـ"إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
بينما تساءل علي الأشتر عما إذا كانت هذه القرارت ستشمل استراحات الميليشيات أو أنها ستطبق على الشعب فقط، ليرد محمد شعالة في منشور على "فيسبوك" بأنهم كشعب تعودوا على كثرة قرارات وزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية مقابل قلة التنفيذ، مستشهداً بقرار الطرابلسي السابق بخصوص ضرورة خروج جميع التشكيلات المسلحة من العاصمة طرابلس مع نهاية فبراير (شباط) الماضي، غير أنها مستمرة إلى الآن.
الناشط علي التارقي أكد بدوره أن "الطرابلسي لن يستطيع تطبيق ما قاله، ولو أقدم على ذلك ستنتهي حكومة طرابلس بسبب ثورة داخلية"، وحذر من الاستهانة بقوة الشباب، بخاصة في عصر الإنترنت.
هل بلغك التحرش؟
أما عواطف محمد، فوصفت فرض ارتداء الحجاب وتفعيل عودة شرطة الآداب بالقرار الصائب، خصوصاً في ظل انتشار الانحلال الأخلاقي، على حد قولها. كما أيدت فاطمة عمر القرار، ودعت إلى سرعة تطبيقه، مطالبة وزير الداخلية بفرض ارتداء "العبايات" على النساء.
في المقابل، تساءلت أسماء خالد "هل اختُزلت مشكلات ليبيا في ظهور شعر النساء من دون حجاب؟ هل شعر النساء هو المتسبب في تفاقم السرقات والفساد وانتشار الجرائم بالدولة؟". وتوجهت لوزير الداخلية قائلة "ألم يبلغك تحرش عناصرك الأمنية بالنساء في السجون الليبية؟"، وأضافت "تركتم الفساد ينخر جميع القطاعات وعلى رأسها قطاع الصحة، وانشغلتم بشعر النساء وملابسهن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأت الناشطة الحقوقية إيناس علي أنه "في ظل وجود منظومة قانونية بدائية وسلطات تنفيذية جاءت بالمحاصصة والقبلية ويترأسها أشخاص لا يملكون من الكفاءة المهنية شيئاً، لا يجب أن نتفاجأ من قرارات كهذه"، واصفة إياها بالعشوائية ومعتبرة أنها "ولدت من عقلية ذكورية تريد ممارسة الوصاية على الناس بحجة حفظ الآداب العامة بطريقة غير قانونية أساساً".
واستغربت الناشطة الحقوقية "اتخاذ وزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي قرارات كهذه انطلاقاً من فيديو بثه ممثل ليبي على إحدى منصات التواصل الاجتماعي انتقد فيه ظاهرة الاختلاط وخروج النساء من دون حجاب، وهو أساساً يقوم بأدوار في مسلسلات فيها اختلاط بالنساء، بل إن أدواره تروج للفساد والانحلال".
بدل مراقبة الرؤوس
ودعت إيناس علي وزير الداخلية إلى تطبيق القرار الذي أعلن عنه منذ فبراير الماضي والمتعلق بطرد التشكيلات المسلحة من العاصمة الليبية طرابلس وتفعيل قانون من أين لك هذا ومراقبة من تسبب في ترك نساء دولة نفطية يقفن لساعات طويلة أمام المصارف للحصول على السيولة بدلاً من مراقبة شعر رؤوسهن، مشددة على أن وزارة الداخلية جهة تنفيذية، ولا يحق لها سن القوانين التي تظل من حق البرلمان فقط باعتباره السلطة التشريعية المخولة بذلك.
وأيدت أستاذة العلوم السياسية في جامعة بنغازي عبير أمنينة ما ذهبت إليه الناشطة الحقوقية إيناس علي، وأبرزت أن الإشكالية الرئيسة المتسببة في صدور قرارات كهذه تعود لعدم كفاءة من يتقلد هذه المناصب السيادية، سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب، واصفة ما تمر به ليبيا بالتغول على حقوق الإنسان.
وأكدت أن هناك محاولات لفرض النموذج الأفغاني في ليبيا، بدأت بتقييد حرية سفر المرأة وفرض لباس معين عليها وحرمان الشباب من تسريحات شعر معينة والتدخل في عمل صالونات التجميل، موضحة أن فرض نموذج كهذا يبدأ دوماً بالمرأة لأن عفة المجتمع تختزل فيها، وطالبت بالتصدي لتمرير نموذج دخيل على بلد عرف بالاعتدال والوسطية.
وسبق أن حاول رئيس الأركان العامة لقوات الجيش الليبي في المنطقة الشرقية عبدالرزاق الناضروي عام 2017 فرض قرار منع الليبيات من السفر من دون محرم، معللاً ذلك بأنه من أجل حماية أمن ليبيا، لكنه لم ينجح في تطبيقه، لتتبعه محاولة أخرى من جهاز الأمن الداخلي في طرابلس التابع لحكومة الغرب عام 2023، وفرض هو الآخر على النساء تعبئة نموذج خاص في مطار "معيتيقة" بطرابلس يوضحن فيه تفاصيل سفرهن من دون محرم.