ملخص
25 في المئة من الإعلانات على الإنترنت والمنصات في الأردن محتواها احتيالي. وثمة 470 شركة وهمية امتهنت النصب والتزوير من خلال إعلانات لإغراء العاطلين من العمل بعقود وهمية.
في واحدة من مظاهر الاحتيال التي انتشرت بكثافة أخيراً بين الأردنيين، وقع عديد من الشبان والفتيات الباحثين عن فرصة عمل ضحية جهات تعلن وظائف وهمية على منصات التواصل الاجتماعي، مستغلين أسماء شركات عالمية كبيرة كـ"أمازون" و"شي أن" للحصول على أموال الضحايا. ولا تتوافر إحصاءات محددة عن عدد الباحثين عن عمل عبر الإنترنت في البلاد، لكن أرقام وزارة الاقتصاد الرقمي تظهر أن نسبة من يستخدمون الشبكة العنكبوتية في الأردن تصل إلى 91 في المئة ويقدر عددهم بنحو 7 ملايين شخص، كما أن العمل من المنزل ارتفعت معدلاته مع تفشي جائحة كورونا عام 2019.
ووفقاً لدراسة صادرة عن "البنك الدولي" بات العمل من المنزل حلاً مهماً لبعض الشباب والباحثين عن مرونة خلال ساعات العمل، إذ نمت بعض الأعمال من طريق الإنترنت مثل الكتابة والتحرير وتصميم الغرافيك والتجارة الإلكترونية.
احتيال احترافي
يقول الناشط عبدالرحمن عطية الذي يتخصص في نشر رسائل توعية عن صور الاحتيال إن صيغة الإعلان احترافية كالحديث عن تميز السيرة الذاتية وانتشارها في عديد من مواقع التوظيف للضحايا، وإغرائهم بأجر مرتفع وبصورة يومية مقابل العمل لساعات محدودة. ويضيف عطية "تتحدث هذه الإعلانات عن مهام سهلة تطلب من الباحثين عن العمل ومن المنزل التواصل عبر رابط في واتساب، ومن ثم استغلال الضحايا عبر تحويل الأموال أو اختراق الحسابات المالية".
وتتضمن هذه العملية إعلانات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي تعرض عروضاً وظيفية "مغرية"، ويطلب من المتقدمين دفع رسوم مسبقة لتأمين الوظيفة أو لكلف التدريب، وفي نهاية المطاف يتم الاستيلاء على أموالهم دون وجود أية وظيفة حقيقية.
ويستخدم بعض مروجي هذه الوظائف عناوين بريد إلكتروني وهمية وشعارات مزيفة لشركات عالمية، لإيهام الضحايا بصدقيتهم.
ووفقاً لتقرير صادر عن مركز الأمن السيبراني في الأردن خلال عام 2023 رُصد نحو 25 في المئة من الإعلانات على الإنترنت التي تتعلق بالوظائف على منصات مثل "فيسبوك" و"لينكدأن" ومواقع التوظيف المحلية تضم محتوى احتيالياً. وأن 40 في المئة من الشكاوى المتعلقة بالاحتيال الإلكتروني في الأردن خلال عام 2022 كانت تتعلق بإعلانات التوظيف الوهمية.
رواتب يومية
وتقول وزارة العمل الأردنية بدورها إنها ترصد بين الحين والآخر إعلانات توظيف وهمية تستهدف الأردنيين وبعضها يستخدم اسم وزارة العمل. وتحذر الوزارة من التعاطي مع مثل هذه الإعلانات التي توهم ضحاياها بدفع رواتب يومية لهم والعمل دون أية خبرة.
وتحذر الأجهزة الأمنية المتخصصة من هذه الوظائف وتدعو الأردنيين إلى التأكد من أوراق وتراخيص المؤسسات وشركات التوظيف، بعد تلقي شكاوى في شأن العشرات من قضايا النصب والاحتيال.
وتشير إدارة البحث الجنائي إلى أن هناك شركات وهمية تحتال على المواطنين بعد إيهامهم بقدرتها على تأمين عقود توظيف مقابل أخذ مبالغ مالية منهم.
وهم الثراء السريع
أما وحدة الجرائم الإلكترونية فتؤكد أن غالب من يتعرضون للاحتيال هم من الشباب من خلال احتيال مالي عبر منصات وهمية، بعضها يرسل رسائل عشوائية من خلال أرقام دولية تتضمن محتوى يغري بتلقي راتب شهري مقابل مهام محددة، ويقوم بتحويل الضحية إلى تطبيق "تيليغرام" تحديداً، وسرعان ما تُغلق هذه المنصات بمجرد إتمام عملية الاحتيال.
وبدوره يقول مدير وحدة الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن العام محمود المغايرة إن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعاً في قرصنة حسابات تطبيق "واتساب" من خلال الاعتماد على رمز التحقق "الكود"، بحيث يقوم المخترق بالتواصل مع الضحية عبر حساب "واتساب" مسروق ويدعي أنه سيضيف المستخدم على مجموعة أو من خلال روابط وهمية تصل للمستخدم.
وتحذر الوحدة أيضاً عن منصات التداول الوهمية التي حولت الثراء السريع إلى وهم، إذ يقول الرائد وائل المومني إن "الاحتيال الإلكتروني يقوم على إيهام الشخص بالثراء والربح من خلال تقديم مبلغ معين". ويضيف المومني إنه "منذ بداية العام الحالي تزايد عدد منصات التداول وكثير منها غير حقيقي ومزور ويسحب المعلومات البنكية للضحية ويسرقها، وبعض حالات النصب على منصات التداول تصل قيمتها إلى 20 ألف دولار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مصيدة إلكترونية
يصف مراقبون ما يحدث من احتيال بأنه "مصيدة إلكترونية" لشبان متعطشين للحصول على فرصة عمل تنهي البطالة المتزايدة في صفوفهم عاماً بعد آخر، والتي وصلت في آخر الإحصاءات الرسمية إلى نحو 25 في المئة.
ويتحدث أحد هذه الإعلانات التي رصدتها" اندبندنت عربية" عن مهمة سهلة وغريبة خلال الوقت نفسه، وهي النقر على إعلانات تجارية فقط مقابل الحصول على دخل يومي قد يصل إلى 100 دولار. ولاحقاً يُطلب ممن يتجاوب مع هذا الإعلان بعض البيانات الشخصية وتحويل مالي متواضع لا يتجاوز 10 دولارات.
ويفسر خبراء في الأمن السيبراني وقوع بعض في براثن هذه الإعلانات بضعف الاطلاع والثقافة التقنية لدى غالبية الأردنيين إلى جانب احترافية بعض الإعلانات مما يجعلها تنطلي على كثر.
وتحاول بعض هذه الإعلانات الإيقاع بضحاياها عبر ترويسها بشعارات مؤسسات رسمية أو بنوك أردنية، وهو ما يدفع بعضاً إلى محاولة التحقق عبر زيارة الحسابات الرسمية لهذه الجهات.
وسائل احتيال جديدة
يشير خبير الأمن السيبراني مجدي قبالين إلى "وسائل احتيال أخرى من خلال ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من إعلانات وهمية مضللة عن دعم مالي مقدم من أثرياء عرب أو جهات مانحة أجنبية، أو أية كيانات ومؤسسات أخرى أو إعلانات تشغيل أموال أو استثمارات يتم فيها طلب معلومات بنكية أو شخصية أو معلومات تتعلق بإثبات الشخصية، مثل صورة الهوية أو الجواز وهي وفق وصفه "عمليات احتيال منظمة بالكامل".
وفي الشأن ذاته ذكرت نقابة شركات التوظيف أن ثمة 470 شركة وهمية امتهنت النصب والتزوير من خلال إعلانات لإغراء العاطلين من العمل بعقود وهمية تحمل شعارات لشركات عالمية.