للمرة الثانية، خلال حوالي 15 يوماً، يصدر الحشد الشعبي بياناً عن منع القوات الأميركية تنفيذ مهمات استطلاعية في العراق، بينما تنفي مصادر محلية وشهود عيان وقوع مثل هذه التطورات. فبعد الإعلان، منتصف الشهر الماضي، عن "منع استطلاع أميركي مريب" في محافظة الأنبار غرب البلاد، أعلن الحشد الشعبي، السبت 2 فبراير (شباط)، تطوراً مماثلاً في مدينة الموصل شمالاً. وقالت "قيادة عمليات الحشد الشعبي في نينوى"، إنها منعت الجمعة 1 فبراير القوات الأميركية "من إجراء جولة ميدانية راجلة في إحدى مناطق مدينة الموصل".
ووصف نائب قائد العمليات في حشد نينوى، رضوان العنزي، الجولة الأميركية، "بالاستفزاز المقصود، ما استوجب علينا التدخل والاعتراض على دخولهم من خلال قطع الطريق وتحذيرهم بصورة مباشرة، فضلاً عن حالة الذعر والخوف الشديد الذي لوحظ عليهم، ما أدى إلى طلب غطاء جوي للقوات تحسباً لأي عمل ضدهم". وتابع أن القوات الأميركية "تعمل على تغطية الفشل الذي تعرضت له في سوريا، إثر إعلان انسحابها منها من خلال هذه الاستعراضات الإعلامية البائسة، ومحاولتها زعزعة أمن المناطق المحررة". لكن مصادر محلية قدمت رواية مختلفة، إذ ذكرت أن دورية أميركية راجلة، اخترقت حاجزاً للحشد الشعبي، قرب منطقة الغابات في مدينة نينوى، من دون أن يتعرّض إليها أحد.
دورية أميركية راجلة... لا إيقاف ولا مساءلة
أضافت المصادر ذاتها أنّ "الدورية الراجلة، مرت من حاجز يقع قرب مقرّ قيادة الحشد الشعبي في نينوى، ولم تتعرض إلى إيقاف أو مساءلة"، لافتة إلى أن "الدورية الأميركية، كانت معززة بطائرات عمودية صغيرة، متخصصة في مهمات الاستطلاع". ولاحظ صحافيون عراقيون تناقضاً واضحاً بين مضمون إعلان الحشد الشعبي عن اعتراض قوة أميركية، وبين الصور وتسجيلات فيديو وثّقت الحادثة، أظهرت أن جنوداً أميركيين مروا من حاجز عسكري، سيراً على الأقدام، من دون أن يتعرّض إليهم أحد. وسبق للحشد الشعبي، أن أعلن في 15 يناير (كانون الثاني)، أنه منع القوات الأميركية من إجراء "استطلاع مريب" غرب البلاد، عند الشريط الحدودي مع سوريا. علماً أن القوات الأميركية لم تعلق على الحادثتين.
"الحشد الشعبي يتجنب أي مواجهة عسكرية مع القوات الأميركية"
محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي يقول إن "الحشد الشعبي يتجنب أي مواجهة عسكرية، حالياً، مع القوات الأميركية"، وهو ما يُفسر مرور الدورية الأميركية وسط حاجز عسكري قرب مقر الحشد، من دون اعتراض. وتعدّ نينوى مسرحاً لصراع سياسي حاد، عقب استعادتها من تنظيم داعش عام 2017، إذ يقول ساسة محليون إن حلفاء إيران يحاولون إيجاد موطئ قدم فيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويوجّه النجيفي، وهو أحد معارضي تمدد النفوذ الإيراني في الموصل، انتقادات مبطّنة إلى ممارسات فصائل منضوية تحت لواء الحشد الشعبي في نينوى. واتهم النجيفي، هذه الفصائل بنبش موقع أثري في نينوى وسرقة محتوياته. وقال إن "نبش مقبرة كنيسة الطاهرة في منطقة الميدان في الموصل القديمة، وسرقة آثارها وكنوزها بحجة إزالة العبوات أو رفع الأنقاض، يفضح الجهات التي كان يفترض بها مساعدة أهل الموصل للتخلص من آثار داعش ويجيب عن أسباب التأخر في إزالة الأنقاض وبدء الإعمار". كما تعرضت فصائل في الحشد، لاتهامات بتهريب نفط نينوى، إلى خارج البلاد.
وقال النائب عن محافظة نينوى أحمد الجبوري في وقت سابق، إن فصيلاً في الحشد "يدعى الكتائب"، في إشارة على ما يبدو إلى "كتائب حزب الله" المقرّبة من إيران، يسيطر على "حقول ناحية القيارة في محافظة نينوى"، مشيراً إلى أنها "حقول كبيرة جداً، وهنالك مصفى للنفط في المنطقة، إضافة إلى محطة كهربائية". وتابع أن "هذا الفصيل المسلح يقوم بنقل المنتج النفطي من القيّارة إلى مدينة أربيل.
وتعاني مدينة الموصل دماراً هائلاً، ولا سيما في جانبها الأيمن ذي الكثافة السكانية الكبيرة، بسبب احتلالها من تنظيم داعش صيف عام 2014، والعمليات العسكرية التي تطلّبها طرده من المدينة. ويشكو السكان المحليون من إهمال المدينة بعد طرد داعش، إذ تشهد نقصاً حاداً في متطلبات العيش، كالكهرباء والماء، فضلاً عن بناها التحتية المحطمة.