ملخص
نظمت هيئة الأفلام السعودية في الفترة من السادس إلى الـ10 من نوفمبر الجاري، في مسرح ميادين بمدينة الدرعية (شمال غربي الرياض)، مؤتمر النقد السينمائي الدولي، مختتمة به فعاليات النقد السينمائي للعام الحالي التي شملت ملتقيين، عقد الأول في حائل (شمال) في الـ27 من سبتمبر 2024، والثاني في الأحساء (شرق) في الـ25 من أكتوبر الماضي.
تتعثر حركة نقد السينما العربية خلال الـ30 عاماً الماضية وفق ما يجمع عديد من النقاد والمتخصصين من أهل الصناعة، فبدلاً من التركيز على مكانة العمل الفني والقيم المجتمعية التي يعكسها الفيلم والمعالجة السينمائية للنص الأدبي من خلال فريق العمل والتقنيات، سلط الإعلام الفني الأضواء على شباك التذاكر وما أنفقته الأفلام وما حققته من إيرادات ومدى الإقبال الجماهيري عليه.
وأخيراً، كثفت السعودية جهودها لإثراء الحركة النقدية في السينما، إذ نظمت هيئة الأفلام السعودية "مؤتمر النقد السينمائي الدولي" الذي يعد حدثاً فنياً كبيراً في الفضاء السينمائي بالمنطقة العربية، إذ صنع المؤتمر منصات جمعت المبدعين والرواد بالهواة والمهتمين للارتقاء بالقطاع السينمائي السعودي وتطويره.
وتحت شعار "الصوت في السينما"، نظمت هيئة الأفلام السعودية في الفترة من السادس إلى الـ10 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، في مسرح ميادين بمدينة الدرعية (شمال غربي الرياض)، مؤتمر النقد السينمائي الدولي، مختتمة به فعاليات النقد السينمائي للعام الحالي التي شملت ملتقيين عقد الأول في حائل (شمال) في الـ27 من سبتمبر (أيلول) الماضي، والثاني في الأحساء (شرق) في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وركز المؤتمر على التعريف بالنقد السينمائي ومفاهيمه وتطبيقاته، وجمع المتخصصين والمهتمين في مجال النقد السينمائي وثقافة الفيلم لتبادل الخبرات، وتعزيز المشاركة الوطنية والإقليمية والدولية في الحوارات المتعلقة بهذا المجال المهم في صناعة السينما.
وجمع المؤتمر نخبة من العاملين في السينما على اختلاف مواقعهم والمهتمين بها من مختلف أنحاء العالم، وجاءت اجتماعاتهم لتثري مجموعة من الفعاليات التي تضمنها المؤتمر، وتنوعت بين ندوات وجلسات حوارية وعروض تقديمية وورش عمل تناوبت مع عروض أفلام متميزة لأعمال ملهمة.
متعة فنية
واستمتع الجمهور طوال فترة المؤتمر بمشاهدة عدد من الأفلام العالمية والمحلية، التي تحمل تجارب فنية متميزة، منها الفيلم السعودي "سيدة البحر"، والوثائقي "الحياة اليومية في قرية سورية"، وكذلك "قصة تايبيه" و"الصحراء الحمراء" و"تحت أشجار التين"، إلى جانب فيلمي "بيازا" و"وداعاً دراجون".
وتضمن المؤتمر فعاليتي "ماستر كلاس" الأولى عن "النقد بين السينما والأدب والفنون" تحدث فيها الناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس عن تجربته بين الترجمة والنقد وصناعة الأفلام، والأخرى بعنوان "50 عاماً من النقد"، وتحدث فيها العريس عن تجربته النقدية السينمائية.
وتضمن المؤتمر مجموعة فعاليات تحت عنوان "ما وراء النقد" شملت عرضاً تحليلياً قدمته الناقدة السينمائية الهندية ريتا دوتا، تحت عنوان "كيف مثلت أفلام بوليوود الموسيقية الديناميكيات المتغيرة للمجتمع الهندي"، وتحدثت فيه عن تأثيرات أفلام بوليوود الموسيقية على طبيعة النسيج الاجتماعي للمجتمع الهندي.
وعقد المؤتمر ضمن فعالياته مجموعة من الندوات الحوارية الثرية، منها ندوة "لماذا لا تزال السينما الصامتة مهمة؟"، التي أكدت الدور التاريخي الذي لعبته السينما الصامتة، في جعل المهتمين بالفن السابع يفهمون أبعاد السينما الحالية، ودور السينما الصامتة في تطور السينما كما نراها في الوقت الراهن، وكذلك ندوة عن "الصوت في السينما السعودية" وكيف تميزت الأفلام السعودية بخصوصية في استخدام الأصوات الطبيعية لتقديم تجربة متميزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستضافت فعاليات المؤتمر، تحت عنوان "في صحبة النقاد"، شخصيات من عالم السينما، منهم المخرج المصري خيري بشارة، والسيناريست المغربية أسماء المدير، والمخرج السعودي محمد السلمان.
زخم دولي
واهتم المؤتمر بالتركيز على مختلف آفاق تأثير الصوت في تجربة الفيلم وأثره في صناعة السينما، وذلك بجوانبه المختلفة التي تشمل الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية وأصوات الطبيعة، إذ شارك فيه أكثر من 40 متحدثاً ومتحدثة من النقاد وصناع الأفلام والمهتمين من 24 دولة، إذ أعربوا عن اهتمامهم البالغ بالحدث نظراً إلى عمق ومحورية الصوت في صناعة السينما وأهميته في تطوير القطاع والارتقاء بالتجارب المعاصرة فيه.
ويأتي المؤتمر ضمن استراتيجية هيئة الأفلام السعودية التي تهدف إلى تعزيز مجال السينما بصفته مرآة للثقافة ومحفزاً لمشاركتها وركناً أساساً لها، إلى جانب تعميق دور السينما في التنمية الثقافية والمجتمعية والاقتصادية عبر تمكين المواهب المتميزة والارتقاء بالتجارب الريادية السعودية، ويشغل النقد السينمائي حيزاً مهماً في دائرة اهتمامات الهيئة السعودية، كونه عاملاً أساساً في تشكيل الثقافة السينمائية للمتلقي والقدرات المهنية لصانع الأفلام.
وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام السعودية عبدالله بن ناصر القحطاني خلال المؤتمر الذي اختتم فعالياته أمس الأحد، إن "النقد أداة فكرية وفنية تنير طريق السينما، وتفتح نوافذ جديدة لها"، مضيفاً أن الهدف من المؤتمر هو أن يكون "منصة تجمع بين النقاد والمبدعين، وتتيح لهم فرصة تبادل الأفكار والخبرات، وصولاً إلى تشكيل وعي سينمائي عربي أعمق ينقلنا نحو آفاق عالمية، من دون أن نتخلى فيه عن أصالتنا وهويتنا."
التعبير عن الذات
وتحدث المشرف العام على مؤتمر النقد السينمائي الدولي مشاري الخياط، عن مسيرة النقد السينمائي ومراحل تطوره "بدءاً من وصفه أداة للتعبير عن الذات واستكشاف التحديات المجتمعية حتى أصبح منارة تضيء دروب الفنانين وتلهم الأجيال الجديدة من المبدعين"، منوهاً بأن "السينما السعودية نجحت في الوصول إلى أفق العالمية، وأصبح النقد جزءاً لا يتجزأ من تطورها لأنه يسهم في تعزيز جودة العمل السينمائي".
وعرض المؤتمر فيلم "اغتيال مدينة"، الذي يعد من طليعة الأعمال السعودية الوثائقية والحائز على عدة جوائز دولية، وهو من إنتاج عام 1977 ويتناول الحرب الأهلية اللبنانية وما تعرضت له بيروت نتيجة الحرب، وقال مخرج الفيلم عبدالله المحيسن إن "السينما رسالة قبل أن تكون أي شيء آخر، والعمل السينمائي يستند إلى النقد الواعي والصادق والهادف، لذلك فهو المحرك الديناميكي للتطور والإبداع لمخرج العمل".
النقد بالفطرة
بدوره، قال المخرج والمنتج والناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس إن "كل متفرج هو ناقد بالفطرة"، موضحاً أنه استفاد من تجربته بين النقد والترجمة والكتابة الصحافية عن الأعمال السينمائية"، لافتاً إلى أن "السينما هي الفنون السبعة مجتمعة، لأن ما تعرضه شاشاتها منقول من الحياة".
وأضاف العريس "الكتابة عن السينما نوع من الإبداع المستقل وليس مجرد تحليل"، موضحاً أن "المقال الصحافي النقدي هو قطعة إبداعية مضيئة عن الحياة والسينما وعناصر الفيلم وكاتب المقال أيضاً".
وعن الدور الذي تلعبه السينما لدى الشعوب العربية أكد الناقد اللبناني أن "السينما أحد مكونات العقل العربي"، لافتاً إلى أن "المجتمع له مكونات ثقافية متعددة، وكل جمهور يحتاج إلى نمط سينمائي معين".