ملخص
ينتظر سكان غزة قمة الرياض ويعلقون عليها آمالاً كبيرة، هذا الاهتمام جاء بعد نجاح القمة الأولى وتحقيق المطلوب منها على أكمل وجه.
باهتمام بالغ يتابع سكان غزة مجريات "قمة الرياض" التي تستضيفها العاصمة السعودية ويشارك فيها قادة وزعماء من دول عربية وإسلامية، بهدف اتخاذ موقف موحد لوقف حرب القطاع والعدوان على لبنان.
يعلق الغزاويون آمالاً كبيرة على "قمة الرياض"، ويعولون كثيراً على القرارات التي يتخذها القادة العرب بصورة موحدة في شأن مصيرهم ومستقبلهم، ويترقبون الجهود المكثفة لوقف الحرب وحماية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
الملفات المهمة سبب الأمل
تتجه أنظار سكان غزة إلى قمة الرياض أملاً في إيجاد حل عادل لقضاياهم الكبيرة، إذ تلقي السعودية التي دعت إلى الاجتماع وتحتضنه بثقلها وتسخر علاقاتها الدولية والإقليمية من أجل التوصل إلى وقف حرب القطاع، ولهذا السبب يتابع الغزاويون باهتمام مجريات لقاء القادة العرب والمسلمين.
في "قمة الرياض" يبحث المجتمعون موقفاً موحداً لملفات مختلفة، وفي ما يخص الشأن الفلسطيني فإن الزعماء والقادة يناقشون إيقاف حرب القطاع، وسبل حماية المدنيين في غزة وتقديم الدعم الإنساني والإغاثي لهم، والضغط على المجتمع الدولي للتحرك بجدية لإيجاد حلول مستدامة تضمن السلام الدائم في الشرق الأوسط، إضافة إلى دعم التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي تقوده السعودية بالشراكة مع دول أوروبية، وكذلك حماية "أونروا" وتقديم الدعم اللازم لها، وأخيراً مراجعة قرارات قمة الرياض الأولى والوقوف على ما تنفيذه في شأن مخرجاتها.
ونظراً إلى هذه العناوين المهمة المطروحة على طاولة قمة الرياض، فإن سكان غزة يبدون اهتماماً كبيراً بمخرجات الاجتماعات، ويعتقدون أن قرارات استثنائية ومصيرية ستخرج بها القمة بصورة منسقة وموحدة بين العرب.
توقيت إستراتيجي
تقول أستاذة الدبلوماسية دلال عريقات "تعد قمة الرياض أهم عمل في الوقت الحالي، إن توقيتها مميز جداً، إذ جاءت عند فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهذا يعني أن العرب يبحثون اتخاذ موقف موحد في شأن قضاياهم وبخاصة الملف الفلسطيني، وهذا الموقف سيصدر للإدارة الأميركية الجديدة بصورة موحدة ومنسقة وليس كل طرف عربي وحده"، تضيف "التفكير في عقد القمة العربية كان أمراً ذكياً، إذ جمعت السعودية العرب على كلمة واحدة وموقف واحد. لقاء الرياض خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة وفق رأي عربي واحد ومصلحة واحدة وبعيداً من التكتلات التي لا فائدة منها".
توضح عريقات أن بناء التحالفات الذي تقوم به السعودية سواء التحالف العربي أو الدولي يجمع الموقف على حب الفلسطينيين وخلق حلول لهم، وهذا أفضل من خلق العداء للفلسطينيين في السياسة الخارجية، وأكبر دليل على ذلك تغير الموقف الدولي في شأن حل الدولتين بعد تدشين الرياض التحالف الدولي لضمان تحقيق حلول واقعية.
آراء المواطنين
هذا الرأي ينسجم مع آراء المواطنين في غزة، إذ يقول مهند "أعتقد أن قمة الرياض ستحمي (أونروا) من التفكيك، وتقدم لها الدعم المالي والقانوني والسياسي المناسب من أجل استمرار عملها، لقاء العرب الموحد جيد ويخدم مصلحة (أونروا) بطريقة ذكية وموحدة من جميع الدول".
أما عمر فإنه يقول "يناقش الزعماء في القمة تقديم مزيد من الدعم الإنساني والإغاثي لنا، هذا الأمر سيسهم في تحسين حياتنا وأعتقد أنه يدفع عنا المجاعة التي تقترب منا، إن دخول المعونات يعني إنقاذ حياتنا من الموت بسبب نقص الغذاء. أعول على اتخاذ قرار بزيادة كمية المساعدات".
فيما تأمل هبة في أن تتخذ القمة قراراً استثنائياً يتمثل في إنقاذ سكان غزة من التهجير خارج أراضيهم ووقف الحرب التي تقضي على المدنيين وتقتل الحجر والبشر سواء، وتشير إلى أن العرب قادرون على تنسيق موقف موحد بهذا الشأن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السلطة الرسمية الفلسطينية تعول على القمة
الاهتمام في قمة الرياض ليس من المواطنين فحسب، بل أيضاً السلطة الرسمية الفلسطينية تعول على اجتماعات العرب في السعودية، يقول رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى "الموقف الموحد في القمة سيكون مفتاحاً مهماً لحل قضايا المنطقة وسيكون بالتعاون مع إدارة ترمب".
وكذلك في "حماس" فإنهم يشجعون القمة العربية على كسر الحصار عن غزة، يقول المتحدث باسمها أسامة حمدان "نوجه نداءً للقمة في الرياض لوضع الخطط واتخاذ الإجراءات اللازمة لإغاثة السكان في قطاع غزة، وتوفير مستلزمات الإيواء لهم، والتصدي الجماعي لأي محاولات لترحيل الشعب الفلسطيني عن أرضه".
ليس عبثاً أن يسمر سكان غزة أنظارهم إلى قمة الرياض، بل يأتي هذا الاهتمام نتيجة تجربة سابقة لهم، إذ لاحظ الغزاويون أعمال القمة العربية - الإسلامية الأولى التي استضافتها السعودية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، عقب اندلاع حرب القطاع.
القمة الأولى
في القمة الأولى اتخذ الزعماء العرب سلسلة من القرارات الشجاعة المهمة، أبرزها رفض توصيف حرب القطاع الانتقامية دفاعاً عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة، وتكثيف الضغط الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وتعزيز الدعم الإنساني وفتح قنوات لإدخال المساعدات، ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الحرب، ودعوة المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، وتكليف لجنة وزارية للتحرك الدولي نحو حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.
وبالفعل نجحت قمة الرياض 2023 في جميع أهدافها، إذ أدت اللجنة الوزارية المكلفة كثيراً من المهام الناجحة لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، وتشكيل تحالف دولي من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية، لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة وحل الدولتين.
وكذلك لعبت دوراً في جهود تخفيف الكارثة الإنسانية عبر إرسال مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية إلى القطاع، وأجرى الوفد المكلف 14 زيارة لعواصم دولية فاعلة في شأن حل الصراع في غزة على أساس حل الدولتين.
قمة تنفذ أهدافها
لقيت مخرجات وآليات تنفيذ قمة الرياض الأولى إعجاب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إذ قال "تدير السعودية عبر رئاستها اللجنة الوزارية المنبثقة عن اجتماع القمة العربية - الإسلامية المشتركة تحالفاً مهماً لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة في شأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي".
ويقول رئيس الوزراء الفلسطيني "اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة هي أنجح لجنة في تاريخ القمم العربية والإسلامية، لقد أدى فريقها المهام على أكمل وجه"، موضحاً أن بعض القرارات تؤخذ وأحياناً لا تنفذ لكن هذه اللجنة منذ تكليفها سعت إلى تحقيق أهدافها.
من هذا المنطلق يعول سكان غزة على "قمة الرياض" الحالية، ويعتقدون أنها ستنجح في إنهاء معاناتهم الإنسانية وتجد طريقاً لوقف الحرب وتواصل الطريق لإقامة دولة فلسطينية، وستعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة من كثب من أجل هذه القرارات.