ملخص
شهدت الرياض قمة عربية إسلامية كانت في شق منها متعلقة بلبنان، فيما كشف رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي خلال كلمته أنهم في صدد إنشاء صندوق تمويلي يتغذى من إسهامات الدول الشقيقة والصديقة بإشراف إدارة أممية على أن يكون الإنفاق لإعادة الإعمار خاضعاً للتدقيق الدولي الموثوق.
على وقع اشتداد الميدان واستمرار القصف الإسرائيلي جنوباً وبقاعاً، اتجهت أنظار اللبنانيين إلى القمة الإسلامية العربية التي استضافتها السعودية، لمساعدته على الصمود في حرب مصيرية باعتراف الجميع، واجتياز أهم الملفات العالقة داخلياً وعلى رأسها الفراغ الرئاسي القائم منذ سنتين والأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها المواطن اللبناني منذ أكثر من خمس سنوات.
وخرجت هذه القمة بمجموعة مقررات من أبرزها، الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار في لبنان، مطالبة مجلس الأمن بإلزام إسرائيل بوقف سياساتها العدوانية، دعم المؤسسات اللبنانية في ممارسة سلطتها، دعم الجيش اللبناني باعتباره الضامن لوحدة البلاد وتشكيل حكومة لبنانية استناداً للدستور وتنفيذ اتفاق الطائف.
ومثل لبنان على رأس وفد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في أعمال القمة، حيث أكد في كلمته أمام المشاركين أن لبنان يمر بأزمة تاريخية مصيرية غير مسبوقة تهدد حاضره ومستقبله، قائلاً "لا يجوز ولا يمكن أن تستمر إسرائيل في عدوانها المتمادي على لبنان وشعبه، وانتهاك سيادته وتهديد علة وجوده من دون حسيب أو رقيب". وتابع ميقاتي متحدثاً في كلمته عن حجم الخسائر التي تكبدها لبنان حتى الساعة جراء هذه الحرب، كاشفاً أن الحرب أجبرت أكثر من 1.2 مليون لبناني على النزوح فيما الأضرار والخسائر المادية قدرت لغاية اليوم بثمانية مليارات و500 مليون دولار، فيما لا يمكن لأية دولة أن تتحمل وحدها عبء هذا الدمار الهائل، فكيف بلبنان، الذي يواجه أزمة اقتصادية ومالية متفاقمة وغير مسبوقة منذ خمس سنوات.
وأردف رئيس حكومة لبنان "نحن في صدد إنشاء صندوق تمويلي يتغذى من إسهامات الدول الشقيقة والصديقة بإشراف إدارة أممية على أن يكون الإنفاق لإعادة الإعمار خاضعاً للتدقيق الدولي الموثوق". وأكد التزام الحكومة اللبنانية الثابت والراسخ بالقرار الدولي الرقم 1701 بكل مندرجاته وتعزيز انتشار الجيش في الجنوب وبالتعاون الوثيق مع القوات الدولية لحفظ السلام، والعمل على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الحدود المعترف بها دولياً، وداعياً إلى وقف فوري لإطلاق النار في كل من قطاع غزة ولبنان.
وقت صعب لكن مناسب
يقرأ الكاتب والخبير في الشؤون الدولية الدكتور خالد العزي في توقيت ومقررات القمة، فيعتبر أن قمة الرياض تأتي في وقت صعب ولكن في الوقت المناسب أيضاً، إذ تتزامن مع ترقب تغيير كبير في الإدارة الأميركية بعد فوز دونالد ترمب بالرئاسة كما في ظل الأحداث التي تعصف في المنطقة العربية، بين قطاع غزة ولبنان. ويضيف "هذه القمة التي دعت إليها السعودية هي محاولة جديدة لتأسيس موقف عربي واضح ورافض للانتهاكات التي تحدث في لبنان وفي الدول المجاورة، وشهدنا خطاب ولي العهد صاحب الدعوة وهو وجه هذه الدعوة للدول الإسلامية والعربية، بالتالي هذه الدعوة هي موقف عربي إسلامي يمكن أن يكون رسالة إلى الإدارة الأميركية عن طبيعته وفيه موقف عربي موحد رافض للحرب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتوقف العزي عند ما قاله ولي العهد السعودي عن رفضه اختراق السيادة اللبنانية وضرورة وقف الإبادة الإسرائيلية، كما مرر رسالة مفادها بأنهم يشجبون أي أعمال تخرق السيادة الإيرانية، وهنا رسالة في اتجاهين، فكما هي موقف واضح لناحية رفض أي اعتداء على إيران لكنه في الوقت عينه رسالة لطهران بأنهم يرفضون أي تدخل أو اختراق لسيادة الدول العربية أو أن تعتبر بعض هذه الدول منصة لإطلاق الصواريخ والرسائل للوصول إلى حوافز في اتفاقات دولية.
موقف مرتقب من لبنان
"مخرجات هذه القمة والكلمات التي ستلقى خلالها ستكون ورقة ضغط وأقوى في التعامل مع التغيرات الدولية"، يقول العزي ويشدد على أن هذه القمة ستحدد موقف الجميع، وهي أكدت المؤكد لناحية موقف السعودية بأن لا اعتراف بالمصالح الإسرائيلية إن لم تكن هناك دولة فلسطينيية يتم التعامل معها وسط إلزامية أن تتوقف الإبادة التي تقوم بها إسرائيل، وفي الوقت عينه موقف أن لا تتدخل إيران في إعاقة الحلول في دول عربية".
أما في ما يتعلق بلبنان، يعتبر الخبير في الشؤون الدولية أن المطلوب من بيروت بعد هذه القمة هو أن تخرج بموقف واضح وسيادي وأن يكون القرار اللبناني سيادياً، فالدول العربية والأوروبية اليوم لا تثق بالسياسيين اللبنانيين لأن الموقف الرسمي مصادر بالنسبة لها من قبل "حزب الله"، فيما على الحكومة ومجلس النواب أن يعملوا على شرعنة وقوننة القرارات السيادية ومن خلالها يمكن القول إن هناك قرارات تصدر من لبنان ليست ضمن الوصاية الإيرانية.
ويختم بالتأكيد على أن مخرجات هذه القمة ستكون قوية ويجب أن تكون عاملاً مساعداً للسيادة اللبنانية وحصانة القرار العربي المستقل، كما أنها تغزز موقف دول الاعتدال العربي.