ملخص
فيما غلفت روسيا مسألة استقدامها لفرقة كاملة من الجيش الكوري الشمالي بكثير من الضبابية والإنكار، يؤكد مسؤولون أميركيون وأوكرانيون أن الجيش الروسي مستمر في تجميع مزيد من الجنود، بما في ذلك القوات الكورية الشمالية، استعدادا لشن الهجوم قبل نهاية العام الحالي.
حشدت القوات المسلحة الروسية مجموعة قوامها 50 ألف جندي، من ضمنها 10 آلاف جندي كوري شمالي، استعداداً لشن هجوم من أجل استرجاع منطقة كورسك الحدودية التي توغلت فيها القوات الأوكرانية.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وتقارير إعلامية نقلاً عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية إن وحدات من كوريا الشمالية يتم تدريبها في الجيش الروسي وستشارك في الهجوم الشامل المنتظر على مواقع القوات المسلحة الأوكرانية في المستقبل القريب.
وفيما غلفت روسيا مسألة استقدامها لفرقة كاملة من الجيش الكوري الشمالي بكثير من الضبابية والإنكار، يؤكد مسؤولون أميركيون وأوكرانيون أن الجيش الروسي مستمر في تجميع مزيد من الجنود، بما في ذلك القوات الكورية الشمالية، استعداداً لشن الهجوم قبل نهاية العام الحالي.
ووفقاً لمصادر "وول ستريت جورنال"، تم نقل الأفراد العسكريين الكوريين الشماليين على متن طائرات "إيل-76" العسكرية الثقيلة من مدينة فلاديفوستوك في أقصى شرق البلاد إلى مطار عسكري غرب روسيا، ثم إلى منطقة القتال، وأن الدفعة الأولى من المقاتلين من كوريا الشمالية وصلت إلى منطقة كورسك في الـ23 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنذ ذلك الحين يصل "الآلاف" يومياً.
وقال السكرتير الصحافي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف "لن أقول أي شيء حول هذا الموضوع لأن جميع الممثلين الأميركيين الذين يتحدثون عن هذا يضيفون دائماً عبارة إلى هذه التصريحات، ومع ذلك، ليس لدى الجانب الأميركي تأكيد نهائي".
واعتبر بيسكوف في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري أن أوكرانيا والدول الغربية تتخذ خطوات لتدويل الصراع، وقال "بالطبع، نظام كييف وعدد كبير من الدول الأوروبية مستعدون ويبذلون كثيراً لمواصلة عملية تدويل الصراع الأوكراني وإشراك مزيد ومزيد من الدول".
ووقع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والكوري الشمالي كيم يونغ أون في يونيو (حزيران) الماضي مشروع "معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة" بين روسيا وكوريا الشمالية، وقال كيم "اليوم، تم رفع المرساة في هذا المكان وتم الإعلان عن البداية الرسمية لعلاقات التحالف بين جمهورية كوريا الشمالية الشعبية والاتحاد الروسي، مما يمثل نقطة تحول في تاريخ تطور العلاقات الكورية- الروسية".
ويحوي الاتفاق 23 مادة أهمها البند الرابع الذي ينص على أنه "إذا وجد أحد الطرفين نفسه في حال حرب بسبب هجوم مسلح من قبل دولة أو أكثر، فيقوم الطرف الآخر بتزويده على الفور بالمساعدة العسكرية بكل الوسائل المتاحة له وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وقوانين جمهورية كوريا الشعبية الشمالية والاتحاد الروسي".
وكتبت "وول ستريت جورنال" أن الاتفاق تضمن بنداً سرياً يُسمح بموجبه لكوريا الشمالية بإرسال ألف عسكري إلى منطقة القتال لتدريبهم على العمليات القتالية، لا سيما التدريب على الطائرات من دون طيار وتنظيم الخدمات اللوجستية، ونفت الخارجية الروسية المعلومات المتعلقة بـوجود "نقطة سرية".
وأكد السكرتير الصحافي للرئيس الروسي لـ"اندبندنت عربية" أن الاتفاق بين روسيا وكوريا الشمالية يتضمن تفاعلاً مكثفاً في جميع المجالات، بما في ذلك الأمن، رداً على سؤال حول ما إذا كانت موسكو ستقف إلى جانب كوريا الشمالية في حال نشوب حرب مع كوريا الجنوبية.
وأضاف أن "صياغة الاتفاق لا تحتاج إلى توضيح، فهي واضحة تماماً"، وقال إن الشيء الرئيس هو أن الاتفاق ينطوي على تعاون استراتيجي متعمق في جميع المجالات، بما في ذلك الأمن، موضحاً أن سلطات روسيا وكوريا الشمالية ل تسترشد بهذا الاتفاق ومبادئه "في مواصلة تطوير علاقاتنا".
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ لا ينتهك القانون الدولي، واصفة مزاعم إرسال الجنود الكوريين الشماليين إلى روسيا بأنها إشاعات.
ووفقاً لمتطلبات الرقابة على المصنفات الإعلامية "روس كوم نادزور"، عند إعداد المواد حول العملية الخاصة في شرق أوكرانيا، يتعين على جميع وسائل الإعلام الروسية استخدام المعلومات حصراً من المصادر الرسمية للاتحاد الروسي فقط، ولا يجوز لنا نشر مواد عن قوات كورية شمالية في روسيا، ولا إطلاق اسم "هجوم" أو "غزو" أو "إعلان حرب" على العملية الجارية ما لم يكُن ذلك اقتباساً مباشراً، وفي حال انتهاك هذا الشرط، قد يتم تغريم وسائل الإعلام بمبلغ خمسة ملايين روبل (55 ألف دولار)، ويمكن أيضاً حظر النشر.
ومطلع نوفمبر الجاري، كشفت وزيرة الخارجية الكورية الشمالي تشوي سونغ هوي، أثناء المفاوضات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، عن أنه مباشرة بعد انطلاق "العملية العسكرية الروسية الخاصة" في أوكرانيا، قام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بإصدار تعليمات لمساعدة روسيا، وأضافت أن بيونغ يانغ "ستقف بحزم إلى جانب رفاقنا الروس حتى يوم النصر".
ومع ذلك، نفت كوريا الشمالية الاتهامات الموجهة إليها من كوريا الجنوبية وأوكرانيا بأنها ترسل جنوداً للقتال إلى جانب روسيا في النزاع مع أوكرانيا، ووصفتها بأنها "إشاعات لا أساس لها من الصحة".
وقال ممثل كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة خلال جلسة للجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي "بالنسبة إلى ما يسمى التعاون العسكري مع روسيا، لا يشعر وفدي بأي حاجة للتعليق على تلك الإشاعات النمطية التي لا أساس لها من الصحة والتي تهدف إلى تشويه صورة كوريا الشمالية وتقويض العلاقات الشرعية والودية والتعاونية بين دولتين ذات سيادة".
وجاءت تصريحاته رداً على اتهام المندوب الأوكراني لبيونغ يانغ بالتخطيط لإرسال 12 ألف جندي نظامي لمساعدة روسيا في النزاع مع أوكرنيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي اجتماع منفصل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي، دعا سفير كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك إلى الوقف الفوري للتعاون العسكري المتزايد بين كوريا الشمالية وروسيا الذي من المحتمل أن يجعل الشمال "طرفاً محارباً مولعاً بالحرب".
كذلك وصف السكرتير الأول لمبعوث كوريا الشمالية إلى الأمم المتحدة إيل ها كيم الاتهامات الموجهة لبيونغ يانغ في شأن إرسال جيش كوريا الشمالية إلى روسيا بأنها "مناورات قذرة" من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لإخفاء جرائمهم وإطالة أمد الصراع في أوكرانيا.
مساعدة في "التحرير"
ويجري الكوريون الشماليون مناورات مشتركة مع القوات الروسية في الجزء الغربي من منطقة كورسك، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" التي تشير إلى أن بعض المسؤولين العسكريين ومن الاستخبارات الأميركيين "أصبحوا أكثر تشاؤماً في شأن آفاق أوكرانيا الشاملة".
وقالت مصادر أميركية إن الجيش الروسي يدرب كوريين شماليين على نيران المدفعية وأساليب المشاة الأساسية وتطهير الخنادق، وتذكر صحيفة "نيويورك تايمز" أن هذا الاستعداد يعني أن بعض القوات الكورية الشمالية في الأقل ستشارك في الهجمات البرية على المواقع الأوكرانية.
ورأى المحلل في معهد دراسات الحرب جورج باروس أنه على رغم قلة الخبرة، فإن القوات الكورية الشمالية منظمة ومنضبطة بصورة جيدة و"الشيء الوحيد الذي يمكنهم أن يتفوقوا فيه على الروس هو التماسك والانضباط".
وأضاف المتخصص العسكري في القوات الروسية لدى معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا روب لي أنه "يمكن لآلاف من جنود المشاة الإضافيين أن يحدثوا فرقاً في كورسك، فهؤلاء الجنود أصغر سناً ويتمتعون بلياقة بدنية أفضل من كثير من الجنود الروس المتعاقدين".
وأعرب حلف شمال الأطلسي (ناتو) عن مخاوف في شأن التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية، زاعماً أن هذا التعاون يمس الأمن الأوروبي الأطلسي، ودعا مجلس "ناتو" جميع الدول إلى "عدم تقديم أي مساعدة لروسيا ودان كل من يقدم أي نوع من الدعم للعملية العسكرية الروسية الخاصة على الأراضي الأوكرانية".
ووعد سفراء دول الحلف "بتقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا بحزم أكثر منه في أي وقت مضى مهما طال الوقت اللازم لتحقيق النصر"، وأصدروا بياناً وقع عليه إضافة إلى 32 دولة في "ناتو" خمسة شركاء هم أستراليا ونيوزيلندا واليابان، وكذلك كوريا الجنوبية وأوكرانيا نفسها.
وفي وقت سابق، اعترف الأمين العام للحلف مارك روته بأن دول الحلف زودت أوكرانيا بـ99 في المئة من الأسلحة التي تستخدمها ضد روسيا، واعتبر أن التعاون بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران يهدد الغرب، لا سيما الولايات المتحدة، قائلاً إنه سيبحث ذلك مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
وشدد روته في تصريحات إعلامية سابقة على أن دعم أوكرانيا "يلبي مصالح كل من أوروبا والولايات المتحدة ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، بخاصة كوريا الجنوبية واليابان".
وفي باريس، ذكرت صحيفة "لوموند" نقلاً عن مصدر دبلوماسي فرنسي الأحد الماضي أن رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر، سافر إلى كييف لمناقشة التعاون بين القوات الروسية والكورية الشمالية.
وأفاد تقرير لموقع "هيل" الأميركي، نقلاً عن خبراء، بأن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يخطط لقطع العلاقات بين روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، وذكر التقرير أنه من المتوقع أن يستخدم ترمب مزيجه المميز من التهديدات والعلاقات الودية، في سعيه إلى قطع الشراكة المتعمقة بين خصوم الولايات المتحدة.
وأضاف التقرير أن ترمب يتصرف بعدائية مع حلفائه الأوروبيين و"ناتو" لأنه يلومهم على اعتمادهم الكبير على الدعم العسكري الأميركي.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقائه نظيرته الكورية الشمالية تشوي سونغ هوي في موسكو أن "معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة" مع بيونغ يانغ تهدف إلى تحقيق الاستقرار في شمال شرقي آسيا، مردفاً أن العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية وصلت إلى مستوى غير مسبوق خلال الأعوام الأخيرة بفضل جهود الرئيس فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
وأعلنت تشوي سونغ هوي من جانبها أن بلادها ستواصل تطوير ترسانتها النووية الاستراتيجية مع الوضع المتأزم في شبه الجزيرة الكورية، مشددة على أن الجيش الروسي سيحقق النصر في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وأن بيونغ يانغ تقف بثبات إلى جانب موسكو.