ملخص
أثر انقطاع الكابلات في أوائل عام 2024 على ما يصل إلى 70 في المئة من حركة البيانات بين أوروبا وآسيا
حتى الأسبوع الماضي، حينما تعرض كابلان للألياف الضوئية في بحر البلطيق للانقطاع، لم يكن أحد يدرك مدى هشاشة بريطانيا أمام أي عمليات تخريب تستهدف شبكة الإنترنت.
توجهت الشكوك حول الحادثة الأخيرة إلى سفينة صينية تدعى "يي بينغ3"، التي كانت تبحر فوق الكابلين الرابطين بين فنلندا وألمانيا، وبين السويد وليتوانيا، في نفس الفترة التي وقع فيها الانقطاع.
وعلى رغم أن الأضرار الناتجة عن هذه الحادثة كانت محدودة، فإن الوضع يثير القلق، فبريطانيا جزيرة، وإذا انقطعت خطوط الحياة الرقمية التي تربطها بالعالم الخارجي، فقد تجد نفسها عاجزة عن الاستمرار.
صحيفة "ديلي ميل"، وضعت سيناريو مرعباً قد يؤدي إلى انهيار البلاد في غضون يومين فقط وتصورته كالتالي:
حالة حرب
يبدأ الهجوم في وقت يكون فيه معظم الناس نائمين فلا انفجارات، ولا صفارات إنذار، ولا تحذيرات طارئة، تدخل بريطانيا حالة حرب، لكنها لا تدرك ذلك بعد.
في مركز التنصت الإلكتروني التابع لأجهزة الأمن في تشيلتنهام، يستمر فريق المراقبة الليلية في أداء مهامه، متتبعاً الاتصالات في الصين، إذ تكون الساعة هناك منتصف الصباح في بكين وشنغهاي.
يلحظ أحد محللي البيانات، الذي لم يستطع النوم، وميضاً على خريطة بحر الشمال، ويشير هذا الوميض إلى انقطاع في الاتصالات بين بريطانيا وساحل ألمانيا، ربما نتيجة تلف أحد كابلات الألياف الضوئية تحت الماء التي تنقل البيانات الرقمية بين أوروبا وبريطانيا.
مثل هذه الانقطاعات ليست غير مألوفة فهي تحدث حول العالم بسبب عوامل طبيعية كالهزات الأرضية والنشاط البركاني، أو بسبب السفن التي تسحب مراسيها، وأحياناً بسبب هجمات من كائنات بحرية.
في الـ18 شهراً الماضية، تزايدت هذه الحوادث بصورة ملحوظة، ووفقاً لشركة الاتصالات العملاقة "آر أي تي أن"، فأثر انقطاع الكابلات في أوائل عام 2024 على ما يصل إلى 70 في المئة من حركة البيانات بين أوروبا وآسيا، وهو ما يقارب ثلاثة أضعاف المعدل السابق.
وتعتمد بريطانيا على نحو 60 كابلاً بحرياً لنقل البيانات، وكل منها بحجم خرطوم مياه، لكنها قادرة على حمل 95 في المئة من حركة الإنترنت في البلاد بوقت قياسي. ولا يُشكل انقطاع كابل واحد أزمة كبرى، إذ تحول البيانات بسهولة عبر كابلات أخرى. وحتى إذا انقطعت أربعة أو خمسة كابلات فيمكن أن يسبب ذلك تأخيراً أو إزعاجاً، لكن البلاد تستطيع تجاوز الأزمة، أما إذا تعرض عدد أكبر للانقطاع، فالأمر يستحق القلق.
وأثناء محاولة المحلل فهم سبب الانقطاع، يحدث خلل آخر، وينقطع كابل آخر في نفس المنطقة، وتلتفت محللة البيانات إلى ساعتها وتتساءل عما إذا كان عليها إيقاظ رئيس القسم لإبلاغه بالأمر.
في هذه الأثناء، كانت التحذيرات التي أطلقها قبل سبعة أعوام النائب البريطاني ريشي سوناك، الذي صعد نجمه لاحقاً بسرعة نيزكية، تتردد في ذهنها، ففي عام 2017، أعد تقريراً حول هشاشة الإنترنت في بريطانيا قال فيه، "إن أسوأ سيناريو لفقدان الاتصال قد يكون كارثياً للغاية".
يتجاوز كل التوقعات
خلال الساعات الخمس التالية، يجرى قطع ثلاثة كابلات إضافية، جميعها في بحر الشمال، وقبل الساعة التاسعة صباحاً بقليل، يحدث انقطاع آخر، هذه المرة في خط الأنابيب عبر الأطلسي الذي يربط بريطانيا بكورنوال. هذا الهجوم غير المسبوق يتجاوز كل التوقعات، تاركاً أجهزة الاستخبارات البريطانية "GCHQ"، غير قادرة على استيعاب حجم الكارثة التي ستتفاقم خلال اليومين التاليين.
تبدأ الفوضى في الظهور أولاً في المطارات، إذ تختفي لوحات معلومات الطيران فجأة، وفي غضون دقائق، تصدر رسائل تحذيرية تقول، "نحن نواجه مشكلات واسعة النطاق في تكنولوجيا المعلومات على مستوى الشبكة بالكامل... فرقنا تعمل على تحديد السبب الجذري للمشكلة."
يحاول المسافرون استخدام هواتفهم المحمولة للدخول إلى مواقع شركات الطيران، لكنهم يواجهون رسائل خطأ تفيد بأن الخوادم غير متاحة، وفي المحلات المعفاة من الرسوم الجمركية والمقاهي، تفشل أجهزة الدفع اللاسلكية في العمل، وسط اعتذارات الموظفين قائلين، "يبدو أن النظام بطيء بعض الشيء اليوم."
لكن الحقيقة أن هذه العبارة تُردد في جميع أنحاء البلاد، إذ يبدأ الملايين في ملاحظة أن هناك مشكلة أكبر، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، يتزايد الجدل حول سؤال واحد: هل الإنترنت بطيء لدى الجميع؟".
اجتماع "كوبرا" الطارئ
في مقر الحكومة البريطانية، يجتمع مجلس الطوارئ "كوبرا" لمناقشة الأزمة، وكان رئيس الوزراء ووزير الدفاع أُبلغا بالهجوم قبل ثلاث ساعات من قبل الأدميرال السير توني رادكين، رئيس أركان الدفاع.
ويتحدث الأدميرال السير بن كي، اللورد البحري الأول، عن الإجراءات التي اتُخذت قائلاً، "جرى تكليف جميع السفن البحرية الملكية وطائرات الاستطلاع التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني بمطاردة السفن المعادية التي تقطع الكابلات، وحددنا ثلاث سفن بالفعل."
وأعلنت البحرية الفرنسية والسويدية انضمامها للمهمة بعد تعرض الدول الإسكندنافية أيضاً لانقطاع كبير في الإنترنت، ويُشتبه في أن غواصات معادية تُنفذ الهجمات في المحيط الأطلسي.
حجم الأضرار
تبلغ رئيسة أجهزة الاستخبارات البريطانية آن كيست بتلر، الوزراء بأن عدد الكابلات التي تعرضت للتخريب ارتفع إلى 12، مما أدى إلى شلل شبه كامل للسفر الدولي من وإلى بريطانيا، ورغم استمرار عمل البورصة، فإن البنوك تتعرض لاضطرابات كبيرة، مما ينذر بكارثة اقتصادية.
وأثناء حديثها، تصل أخبار عن انقطاع كابلين إضافيين، ويسأل زعيم المعارضة رئيس الوزراء السير كير ستارمر بقلق، "كم عدد الكابلات التي يجب أن تُقطع قبل أن ينقطع الإنترنت تماماً؟".
ترد بتلر بثقة "هذا غير ممكن، بعض أنظمتنا تعتمد بالكامل على الكابلات الأرضية"، لكنها تضيف تحذيراً "أي خدمة مرتبطة بالعالم الخارجي، مثل شبكة سويفت المصرفية أو خدمات التخزين السحابي، تظل معرضة للخطر."
الأقمار الاصطناعية
يسأل رئيس الوزراء ستارمر، "هل يمكننا الاعتماد على الأقمار الاصطناعية، ما مدى إمكانية تحويل الشبكة إلى اتصالات مدارية منخفضة؟".
وينظر المتخصصون في تكنولوجيا المعلومات إلى بعضهم البعض بقلق، قبل أن يجيب أحدهم "من الناحية النظرية، يمكننا تحويل نحو خمسة في المئة فقط من الشبكة إلى الأقمار الاصطناعية".
أما روسيا فتنفي مسؤوليتها عن الهجوم، بينما يدعو المتحدث باسم الحكومة البريطانية الجمهور إلى تقليل استخدام الإنترنت لتجنب التحميل الزائد على الشبكة، وبدلاً من ذلك، يتضاعف نشاط وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يتبادل المستخدمون تقارير عن الانقطاعات وتكهنات حول الجهة المسؤولة عن الهجوم.
ومن ثم يتصدر وسم ما الذي يحدث (#whatsgoingon) ما الذي قوائم الـ"ترند" بسرعة، يليه وسم آخر ما الذي يحدث فعلياً (#whatsREALLYgoingon)، إذ تبدأ نظريات المؤامرة بالانتشار كالنار في الهشيم.
وفي خطاب بثه من "داونينغ ستريت"، وصف رئيس الوزراء الهجوم بأنه "غير مسبوق" وناشد المواطنين التحلي بالهدوء، لكنه لا يكشف عن العدد الفعلي للكابلات التي تعرضت للتخريب، التي تجاوزت 20 كابلاً، إذ تمتد الانقطاعات في اتجاه الشمال شرقاً وغرباً، في حين أن كابلات القناة الإنجليزية لا تزال سليمة.
كرر رئيس الوزراء مناشدته للناس عدم النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الطلب يبدو غير ضروري في هذه المرحلة، إذ أصبحت الخوادم الدولية لمواقع مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تيك توك" غير قابلة للوصول، والخوادم المحلية في بريطانيا تعاني من ضغط شديد. بفضل أقمار "ستارلينك" التابعة لإيلون ماسك، كما لا يزال موقع "إكس" يعمل، مما أثار نظرية مؤامرة أخرى تزعم أن أغنى رجل في العالم وراء التخريب.
تعطلت شبكة التخزين الرقمية التابعة للخدمة الصحية الوطنية البريطانية الرقمية (NHS England Digital) التي تعتمد بصورة كبيرة على خدمات السحابة الدولية، كما تعطل النظام الإلكتروني لإدارة سلسلة التوريد "في الوقت المناسب"، الذي يتحكم في تدفق الوقود والإمدادات الغذائية إلى المتاجر في جميع أنحاء البلاد.
تحولت جلسة اجتماع الطوارئ "كوبرا" التي عُقدت صباحاً إلى غرفة عمليات عسكرية مستمرة، على رغم أن الهجوم لم يُعلن رسمياً بوصفه عملاً حربياً، لأن هوية المهاجم لم تُحدد بعد.
تمكنت البحرية الملكية من اعتراض ثلاث سفن في بحر الشمال يُشتبه في تورطها بقطع الكابلات، ومع ذلك، يمنع القانون البحري صعود البحرية البريطانية على متنها، إذ إنها مملوكة للصين وترفع أعلام بنما.
في هذه الأثناء، يستمر التخريب بوتيرة متسارعة، مع أكثر من 25 انقطاعاً، بمعدل انقطاع جديد كل نصف ساعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع عجز الطائرات والرادارات عن تحديد مواقع السفن المسؤولة، يعتقد خبراء البحرية أن التخريب بواسطة غواصات، وربما باستخدام مركبات تحت الماء يجري التحكم فيها عن بعد.
ويسأل وزير الدفاع جون هيلي بغضب "هل تقصدون أن الطائرات المسيرة تحت الماء هي من تقطع كابلاتنا؟ كم عددها؟ وكيف يمكننا إيقافها؟"، لكن الإجابة على هذه الأسئلة تظل مجهولة.
بعد نصف ساعة من إصدار رئيس الوزراء الإذن لقوات مشاة البحرية الملكية البريطانية بالصعود على متن إحدى السفن المشتبه فيها، تأكد أن طاقمها روسي.
في الوقت نفسه، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بعدم وجود أدلة مباشرة تربط الهجمات بروسيا، وفي سياق آخر، استشهدت الهيئة ببيان صادر عن وزارة الصحة في غزة التي تديرها "حماس"، يشير إلى احتمال تورط إسرائيل في الهجمات.
توقفت قناة "سكاي نيوز" عن البث، فيما استمرت "بي بي سي" في البث التلفزيوني، لكن خدمة "آي بلير" تعطلت، إلى جانب منصتي "نتفليكس أمازون" و"برايم فيديو"، فيما سيستمر موقع "أمازون" بالعمل جزئياً، إلا أن عمليات الشراء غير منتظمة. سيتمكن المستخدمون في جنوب شرقي إنجلترا واسكتلندا من إنجاز بعض العمليات بنجاح، مقارنة بالمستخدمين في شمال وغرب إنجلترا.
انتشار فيروس إلكتروني
الخميس 8:15 صباحاً، توقفت خدمة الأخبار التلفزيونية لقناة "بي بي سي"، في حين استمر بث إذاعة راديو الرابعة، وروسيا طالبت بالإفراج الفوري عن بحارتها، مصحوبة بمطالبة باعتذار رسمي، وفي غضون ذلك، فقدت إيرلندا بأكملها الاتصال بالإنترنت، وتعرضت الكابلات في القناة الإنجليزية للتخريب.
أصبح أكثر من نصف خوادم الإنترنت في بريطانيا خارج الخدمة بعد الاشتباه في انتشار فيروس إلكتروني، وأصبح التلفزيون عبر الكابل غير متاح، بينما لا تزال إشارات البث الفضائي والأرضي تعمل، وبدأت شبكات الهواتف المحمولة في الانهيار بسبب الضغط الهائل من المستخدمين الذين يحاولون الاتصال بالإنترنت عبر هواتفهم.
بعد 30 ساعة من بدء الهجوم، انتشرت الفوضى بصورة تجعل استيعاب حجم الأضرار مستحيلاً على المسؤولين الحكوميين والصحافيين والمسؤولين الأمنيين، وجميع قطاعات المجتمع تأثرت بما فيها الخدمات الحكومية، إذ أصبح هناك شلل شبه كامل في العمل الحكومي بسبب اعتماد معظم الموظفين على العمل عن بُعد، وتأثرت الشركات حيث توقف عدد من الأنشطة التجارية، وكذلك المستشفيات، إذ تفتقر إلى القدرة على الوصول إلى سجلات المرضى الرقمية المخزنة على خوادم بعيدة، وكذلك الإنترنت إذ إن 90 في المئة من المواقع الإلكترونية أصبحت غير متاحة، لوجود خوادمها خارج بريطانيا.
سيتأثر النقل، بتوقف القطارات بسبب تعطل نظام الإشارات المرتبط بالإنترنت، وكذلك الخدمات المالية إذ ستتجمد مدفوعات البطاقات والخدمات المصرفية عبر الإنترنت، وتعليق التداول في بورصة لندن.
التداعيات اليومية
ستتوقف الأجهزة المنزلية الذكية مثل العدادات الذكية وأجراس الأبواب المرتبطة بالإنترنت، وكذلك التوصيلات المنزلية إذ ستتأخر الشحنات ولم يعد بالإمكان تتبعها، كما أن خدمات التطبيقات مثل خدمات "أوبر" ومحادثات الفيديو عبر "فيس تايم" ستصبح غير متوفرة.
سيكشف الهجوم عن هشاشة البنية التحتية الرقمية في بريطانيا، وعمق اعتمادها على الاتصالات الدولية، ومع غياب حلول واضحة حتى الآن، تستمر الأزمة في التأثير على كافة مناحي الحياة.
في خطاب جديد من "داونينغ ستريت"، يعلن رئيس الوزراء حالة الطوارئ الوطنية، ويُطلب من المواطنين تجنب استخدام وسائل النقل العام ونقل الأخبار إلى الجيران الذين يعتمدون على الاتصالات الرقمية للحصول على المعلومات عبر التلفاز أو الراديو، كما يحذر من أن الشرطة ستتعامل بحزم مع أي حوادث نهب.
إصلاح عاجل
11:35 صباحاً، تمكنت عملية مشتركة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، تعمل على مدار الساعة، من تحديد أول نقطة قطع وإجراء إصلاح عاجل، لكن النتائج كانت صادمة، فالكابل لا يزال معطلاً، ويبدو أنه قطع في أكثر من مكان، وربما تقطيعه إلى أجزاء صغيرة أشبه بـ"سجق الألياف الضوئية".
في حين أن الإصلاح على هذا النطاق، حتى في كابل واحد، لم يسبق أن جُرب من قبل، وبالنظر إلى أن 35 من أصل 60 كابل اتصال في بريطانيا قطعت، فإن الأزمة تبدو أكبر بكثير مما كان يُعتقد.
وحتى إذا جرى إصلاح كابل واحد (وهو ما قد يستغرق 15 يوماً على الأقل)، فإن استبدال الكابلات بالكامل قد يستغرق شهوراً، وأيضاً هناك احتمال كبير بأن الطائرات البحرية من دون طيار ستعيد تخريبها بمجرد إصلاحها.
1:58مساءً، انفجار يهز "Slough Trading Estate" أكبر مركز بيانات في أوروبا، الذي يعالج نحو 380 ميغاواط من تحميل البيانات، بما في ذلك جزء كبير من شبكة المصارف في لندن.
وبعد 25 دقيقة من الانفجار، يبلغ الأمين الدائم للخزانة جيمس باولر وزيرة الخزانة راشيل ريفز أن بعض سجلات البنوك قد تكون فقدت بصورة لا يمكن استعادتها، على الأقل حتى استعادة الروابط الدولية، وهذا يعني أن ملايين الأشخاص قد فقدوا مدخراتهم وحساباتهم الجارية في لحظة واحدة"
ترد الوزيرة بغضب "هذا مستحيل. لا بد أن هناك نسخاً احتياطية"، وجاء الرد، "كانت تلك النسخ الاحتياطية يا وزيرة."
3:01 مساءً، اندلاع حريق في برج سكني في منطقة ميدلاندز، مع تعطل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بخدمة الطوارئ 999، استغرق الأمر أكثر من 40 دقيقة لإطلاق الإنذار، ولم تصل إلا ست شاحنات إطفاء للتعامل مع الحريق الذي ترك مئات الناجين بلا مأوى.
في الوقت نفسه، بدأت انقطاعات الكهرباء تضرب نصف البلاد مع انهيار شبكة الكهرباء الوطنية.
نشر الجيش
3:43 مساءً، يصدر رئيس الوزراء أوامر بنشر الجيش لدعم قوات الشرطة المجهدة، التي تحاول احتواء أعمال النهب الجماعية.
في جميع المدن الكبرى تقريباً، بدأت الحشود في اقتحام محلات الـ"سوبر ماركت" والأسواق، لكن هذه ليست أعمال سرقة عشوائية كما يحدث في حالات الشغب المعتادة، فالهدف الرئيس هو الطعام.
تقول إحدى السيدات، "أنا لست لصة، وهي تملأ حقيبة سيارتها بعلب وأكياس، لكن لا توجد طريقة لدفع ثمن أي شيء. والرفوف شبه فارغة. ماذا لو لم يعد هناك طعام؟ عليّ أن أفكر في أطفالي."
5:11 مساءً، تحت جنح الظلام، تتجول العصابات في الشوارع علناً وهي تحمل المناجل والسكاكين، وفي مدن مثل بريستول وغلاسكو وبرمنغهام، سُمعت أصوات إطلاق نار، ومع تعطل كاميرات المراقبة وعدم وجود شرطة المرور، أصبحت شوارع المدن والطرق السريعة مسرحاً لسباقات السيارات.
في الوقت نفسه، استهدف اللصوص محلات المجوهرات والمنازل المحمية بأسوار حديدية.
في غضون يومين فقط، انزلقت بريطانيا إلى حال من انعدام الفوضى، والنظام المالي منهار، والمدخرات أصبحت في مهب الريح، والأمن مفقود، والجريمة أصبحت هي القاعدة، والخدمات العامة معطلة، والمجتمع يعاني شللاً شبه كامل، وهو ما يدعو الوضع للتساؤل: هل ستتمكن بريطانيا من استعادة النظام، أم إن هذه مجرد بداية لانهيار أعمق؟