ملخص
سيطرة المعارضة السورية على حلب كشفت عن تراجع قوة نظام الأسد وداعميه روسيا وإيران و"حزب الله"
في تطور مفاجئ، استعادت المعارضة السورية المسلحة مدينة حلب في هجوم سريع شكل ضربة موجعة لنظام الأسد وحلفائه الرئيسين، روسيا وإيران و"حزب الله".
وسلط تقرير في "وول ستريت جورنال" الضوء على هذا الانتصار وكيف أعادت النزاعات الإقليمية تشكيل ميزان القوى في سوريا، تاركة نظام الأسد في موقف هش وسط تغيرات جيوسياسية واسعة في الشرق الأوسط.
ولفت التقرير إلى المفارقة الكبيرة في سير المعارك، إذ سيطرت المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" (وهي جماعة لا تزال مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل واشنطن رغم تبروئها من تنظيم القاعدة) المدعومة من تركيا خلال أيام قليلة فحسب، في تناقض حاد مع المعركة الطويلة التي خاضها النظام لاستعادة حلب عام 2016.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستخدمت المعارضة تكتيكات متقدمة ومسيرات حربية مستوحاة من تجارب الحرب في أوكرانيا، وركزت على تقديم صورة أكثر اعتدالاً وشمولية لكسب دعم محلي ودولي، إذ حث القائد العسكري للهيئة أبو محمد الجولاني أتباعه الإسلاميين السنة على تجنب إيذاء الشيعة والأقليات الأخرى، والحفاظ على النظام في المدينة.
تقهقر "حزب الله" وضعف إيراني
وذكر التقرير أن ضعف "حزب الله" الذي كان يعد القوة القتالية الأكثر فاعلية لدعم نظام الأسد لعب دوراً كبيراً في خسارة النظام لحلب. وتعرض الحزب لخسائر فادحة بعد إعادة نشر قواته من سوريا لمواجهة إسرائيل عقب هجوم "حماس" خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهي مواجهة أدت إلى سقوط كامل قيادات الحزب تقريباً وتدمير ترسانته العسكرية وشل قدراته العملياتية بصورة كبيرة.
هذه المواجهة مع إسرائيل تركت فراغاً عسكرياً في سوريا وكشف عن أن قوات الأسد تفتقر إلى التدريب والانضباط لمواجهة قوى المعارضة المتجددة، مما أدى بالنتيجة إلى انسحاب فوضوي من حلب.
وواجهت إيران، الداعم الآخر لنظام الأسد، انتكاسات كبيرة أيضاً. فقد أسفرت الضربات الإسرائيلية في سوريا ولبنان عن مقتل قيادات بارزة في "الحرس الثوري"
الإيراني وتدمير بنى تحتية عسكرية حيوية. وكانت المواجهة الصاروخية المباشرة الأولى بين إيران وإسرائيل كارثية بالنسبة إلى طهران، إذ تسببت في تآكل نفوذها العسكري وهيبتها الإقليمية.
روسيا تستنزف بسبب أوكرانيا
وأشار التقرير إلى تدهور قدرة روسيا على دعم نظام الأسد بصورة كبيرة بسبب استنزاف مواردها العسكرية في أوكرانيا. فقد أضعفت الحرب الطويلة روسيا عسكرياً واقتصادياً، مما جعل ضرباتها الجوية في سوريا قليلة التأثير في تقدم المعارضة.
وتعكس هذه التطورات تقلص النفوذ الروسي في سوريا مقارنة بطموحاته السابقة في الشرق الأوسط. واغتنمت المعارضة الفرصة لدعوة روسيا لإعادة النظر في دورها، وبثت مشاهد تظهر مقتل جنود روس وتمزيق لوحات تحمل صور بوتين والأسد.
تركيا تعزز نفوذها ومكاسب إسرائيلية
ولفت التقرير إلى بروز تركيا كقوة رئيسة مستفيدة من ضعف خصومها. وعلى رغم انتقادات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإسرائيل بسبب حرب غزة، فإن دعمه لقوى معارضة لـ"حزب الله" والنظام السوري يتماشى بصورة غير مباشرة مع مصالح إسرائيل، مما يعكس مقاربة براغماتية تركية للتعامل مع التحديات الإقليمية.
وتعد إسرائيل التطورات الأخيرة في حلب مكسباً استراتيجياً، إذ أجبرت إيران و"حزب الله" على تشتيت انتباههما ومواردهما بعيداً من الصراع المباشر معها.
تراجع دور الأسد ومرحلة جديدة في النزاع السوري
وسط هذه التحولات يجد بشار الأسد نفسه في موقف ضعيف، وعلى رغم محاولاته لترميم العلاقات مع دول الخليج والحفاظ على هدوء نسبي خلال النزاعات الأخيرة، فإن نظامه لا يزال يعاني ضغوطاً متزايدة.
وتعد خسارة حلب ضربة رمزية وعسكرية لمكانته في سوريا ونقطة تحول في الحرب السورية المستمرة. ومع تراجع قوات الأسد وحلفائه تبدو موازين القوى في سوريا تتحرك بعيداً من النظام لمصلحة لاعبين جدد، وبخاصة تركيا.
وخلص التقرير إلى أن التطورات الأخيرة تعكس الترابط العميق بين النزاعات الإقليمية، إذ تؤثر معارك غزة وأوكرانيا ولبنان على الوضع السوري، مما يعيد تشكيل التحالفات ويغير خريطة المنطقة الجيوسياسية.