Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محمد بن سلمان وماكرون يدعوان إلى انتخاب رئيس في لبنان

الرئيس الفرنسي في مهمة تثبيت الشراكة مع السعودية

تحمل زيارة الرئيس الفرنسي للرياض عناوين عريضة منها أزمات الشرق الأوسط والشرق الأوروبي (واس)  

ملخص

أعد للرئيس الفرنسي برنامجاً حافلاً، ومن أنشطته زيارة المسار رقم "4" لـ"مترو الرياض"، وحضور الجلسة الأخيرة من المنتدى الاقتصادي المشترك السعودي - الفرنسي، ومؤتمر "كوكب واحد"، وملتقى آخر عن المياه، فضلاً عن زيارة الدرعية ولقاءات ثقافية متنوعة.

في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط واستمرار الحرب الروسية - الأوكرانية التي ألقت بظلالها على أوروبا، وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السعودية في "زيارة دولة" تستمر ثلاثة أيام، يشارك خلالها في قمة "المياه الواحدة".


واستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قصر اليمامة بالرياض الرئيس الفرنسي والوفد المرافق له. وعقد الجانبان لقاءً موسعاً بحضور عدد من المسؤولين في الجانبين. ووفقاً للوكالة الرسمية في البلاد (واس) "أجريت مراسم استقبال رسمية لفخامته". وتأتي الزيارة بدعوة من ولي العهد كفرصة لتعزيز الشراكة الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، من الاقتصاد والدفاع إلى الملفات السياسية الإقليمية والدولية.

تعزيز التعاون

وجرى خلال اللقاء الموسع استعراض العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا، والجهود التنسيقية المشتركة لتعزيز أوجه التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وبحث فرص استثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقق المصالح المشتركة، إلى جانب بحث المستجدات الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك والجهود المبذولة تجاهها.

وشهد ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي مراسم توقيع مذكرة تفاهم في شأن تشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين الحكومة السعودية والحكومة الفرنسية، وقعها من الجانب السعودي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود ومن الجانب الفرنسي وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان نويل بارو.

من جانبه، قال قصر الإليزيه في بيان فجر اليوم الثلاثاء إن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين "ستمكن من زيادة التعاون وتحقيق إنجازات ملموسة في كل المجالات، سواء الدفاع أو انتقال الطاقة أو الثقافة أو التنقل بين البلدين أو تنظيم أحداث كبرى".

واتفق الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي بصورة خاصة، وفقاً للبيان، "على العمل معاً للتحضير لقمة العمل في شأن الذكاء الاصطناعي التي ستعقد في أوائل فبراير (شباط) في باريس".

انتخاب رئيس للبنان

ودعا ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي خلال اجتماعهما في الرياض إلى انتخاب رئيس للبنان، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية فجر اليوم الثلاثاء.

وفي ختام اليوم الأول من زيارة دولة يقوم بها ماكرون إلى السعودية، قال قصر الإليزيه في بيان إن الزعيمين "دعوَا إلى إجراء انتخابات رئاسية في لبنان بهدف جمع اللبنانيين وإجراء الإصلاحات اللازمة لاستقرار البلد وأمنه".

وأضاف البيان أن الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي شددا على أنهما "سيواصلان الجهود الدبلوماسية الرامية لتعزيز وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان".

وناقش الرئيس الفرنسي مع ولي العهد السعودي الوضع الإقليمي إلى جانب جهود وقف التصعيد الدائر في سوريا، وفقاً لما ذكره قصر الإليزيه.

 

والزيارة وفقاً لقواعد البروتوكولات الدبلوماسية هي الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات، ولها مراسم وبرامج خاصة، إذ تعد من أهم صور الاتصالات الدولية. وكانت آخر "زيارة دولة" فرنسية إلى السعودية أجراها الرئيس الراحل جاك شيراك في عام 2006.

 

وقالت الرئاسة الفرنسية، "ستكون زيارة الدولة هذه فرصة لتعزيز الشراكة بين فرنسا والسعودية". وأشارت إلى أن الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي يعتزمان بشكل خاص "تعميق التعاون في المجالات الاستراتيجية"، مثل الدفاع والأمن ونقل الطاقة والاتصال، إضافة إلى التكنولوجيا المالية والسيبرانية والذكاء الاصطناعي.

وأعد للرئيس الفرنسي برنامج حافل، ومن أنشطته زيارة المسار رقم "4" لـ"مترو الرياض"، وحضور الجلسة الأخيرة من المنتدى الاقتصادي المشترك السعودي - الفرنسي، ومؤتمر "كوكب واحد"، وملتقى آخر عن المياه، فضلاً عن زيارة الدرعية ولقاءات ثقافية متنوعة.

ويخصص الأربعاء المقبل لزيارة العلا التاريخية شمال غربي البلاد التي تشارك فرنسا في تطوير بعض مشاريعها، وأنشأت لذلك هيئة خاصة يترأسها في الوقت الحاضر وزير الخارجية السابق جان إيف لو دريان، وهو في الوقت عينه مبعوث ماكرون الشخصي إلى لبنان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التوافق السعودي - الفرنسي

وفي سياق الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إلى الرياض قال المحلل السياسي سلطان السعد إن "فرنسا تهدف إلى تعزيز دورها وفاعليته في الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أن ما تحاول فعله الدبلوماسية الفرنسية في المنطقة هو التعاون مع القوى المؤثرة لاحتواء الأزمات ومنعها من الخروج عن دائرة السيطرة، لافتاً إلى أنه لن ينجح من دون الدور السعودي الذي يتفق مع الجانب الفرنسي في أن المنطقة تحتاج إلى التهدئة بصورة كبيرة. 

 

 

ويرى المحلل السعودي في حديثه مع "اندبندنت عربية" أن فرنسا تبحث عن مسار دبلوماسي لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وتجنب مزيد من التصعيد مع إيران، وكذلك الملف اللبناني الذي يحتل أهمية كبيرة بالنسبة إلى الفرنسيين تاريخياً. وذكر أن "الفرنسيين مهتمون سياسياً وتاريخياً بالشام ولبنان الأساس والمنطلق"، معتبراً أن التوافق السعودي - الفرنسي يؤكد أن الفراغ الرئاسي في لبنان غير مقبول، ولا بد من اتفاق اللبنانيين على بناء مستقبلهم، ومساعدة الدولة اللبنانية على فرض سيادتها على أرضها. وتابع أن الزيارة ستبحث في تعزيز الشراكات الاقتصادية بين البلدين ودخول مزيد من الشركات الفرنسية السوق السعودية والاستفادة من الفرص الكبيرة التي تتيحها رؤية السعودية 2030.

وقال المتخصص في الشؤون الدولية إن "أوروبا تنظر إلى عودة ترمب للبيت الأبيض بقلق، مما يجعلها تفكر في تعزيز شراكاتها العالمية بصورة مستقلة تجنباً للمفاجآت"، مضيفاً أن قيادة فرنسا الكتلة الأوروبية تهدف إلى التعامل مع قضايا العالم بصورة مستقلة تجنباً لمزيد من التصعيد، لا سيما في الشرق الأوسط.

العلاقات الفرنسية - الخليجية

وبدأت بوادر العلاقات بين الرياض وباريس في 1926 عندما أرسلت فرنسا قنصلاً مكلفاً الأعمال الفرنسية لدى السعودية، ثم أنشأت لاحقاً بعثة دبلوماسية في جدة عام 1932، وتوالت خطوات إرساء العلاقات، إذ دخلت مرحلة جديدة ومتميزة عقب زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز لفرنسا في 1967 ولقائه الرئيس الفرنسي شارل ديغول، وفق ما ذكرته الوكالة السعودية الرسمية (واس).

من جانبه أوضح المتخصص في الشأن الفرنسي طارق وهبي أن "العلاقة بين فرنسا ودول الخليج تمتد بجذورها إلى فترة الرئيس شارل ديغول، حين شهدت تلك الفترة توثيق العلاقات الواضحة والبناءة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي".

وذكر وهبي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن العلاقات تجلت بصورة لافتة في التسعينيات، عندما لعبت فرنسا دوراً محورياً في التحالف العسكري لتحرير الكويت في عمليات عسكرية عرفت خلال تلك الفترة بـ"عملية داغيت".

وأضاف المحلل اللبناني، "الرئيس ماكرون يسير على النهج نفسه معتمداً وضوحاً سياسياً في تعاونه الوثيق مع دول الخليج، لا سيما السعودية، وبرز هذا التعاون في دعم فرنسا التحالف العربي في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، والمشاركة في اللجنة الخماسية لدعم لبنان، والدور الفرنسي البارز بعد الاستعداد السعودي لتمويل تجهيزات للجيش اللبناني".

وحول زيارة الرئيس ماكرون إلى الرياض ذكر وهبي أنها "تعكس التقدير الفرنسي للقيادة في السعودية والدور السعودي الكبير في دعم عملية السلام في المنطقة". وتوقع وهبي أن الزيارة "ستجدد اتفاقات التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والعسكرية والثقافية"، مضيفاً أن "ملفات لبنان واليمن والسودان ستأخذ حيزاً على طاولة النقاشات السياسية".

سياسة فرنسا

وفي سياق الحديث عن إدارة الرئيس ماكرون قال وهبي إنه منذ بداية ولايته الثانية، "واجه الرئيس الفرنسي سلسلة من الأزمات التي ألقت بظلالها على السياسة الخارجية الفرنسية"، وبدأت هذه التحديات بأزمة جائحة كورونا، تلتها احتجاجات "السترات الصفراء"، ثم الانقلابات السياسية في دول الساحل الأفريقي التي لحقت بها تشاد أخيراً، التي "أخرجت فرنسا من موقعها الريادي على الصعيدين السياسي والاقتصادي الذي كانت تلعبه في تلك المنطقة"، لافتاً إلى أن فرنسا خسرت دورها في هذه الدول التي لا تزال في إطار المجموعة الفرنكوفونية على رغم أن معظم هذه الدول ما زالت تعتمد اللغة الفرنسية لغة رسمية لها.

وأضاف المحلل السياسي اللبناني أن "كل ذلك يبرهن أن السياسة الخارجية الفرنسية أخفقت في تدعيم هذا الجسر الثقافي والاقتصادي في حوض الدول التي كانت ضمن الاستعمار الفرنسي، لكنها لا تزال تستقطب الطلبة من هذه الدول الأفريقية". ولهذا يرى أن فرنسا الآن تسعى إلى الدفع بالاتحاد الأوروبي ليصبح اللاعب الأساس في السياسة الدولية، بدلاً منها ليصبح هو اللاعب الأول، ومن ثم تستطيع أن تعيد باريس جزءاً من تاريخها القديم من دون أن توصف بالاستعمارية الجديدة.

جهود فرنسية

وتحمل زيارة الرئيس الفرنسي للرياض عناوين عريضة منها أزمات الشرق الأوسط والشرق الأوروبي، من الحرب الروسية - الأوكرانية التي قاربت عامها الثالث، والهجوم الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة وجنوب لبنان.

وتعد باريس داعماً رئيساً للبنية السياسية والاقتصادية اللبنانية، ونظمت في الـ24 من أكتوبر الماضي "المؤتمر الدولي لدعم لبنان" في محاولة جديدة من باريس للتأثير في مستقبل هذا البلد في ظل الحرب التي تدور في جنوب لبنان.

وفي ما يتعلق بالموقف الفرنسي من الأزمة اللبنانية قال المتخصص طارق وهبي إن "علاقة فرنسا بلبنان ثابتة"، لافتاً إلى أن الرئيس ماكرون جسد هذا الثبات من خلال مواقف عدة كان أبرزها زيارته بيروت في أغسطس (آب) 2020، عقب انفجار مرفأ بيروت، مضيفاً أن فرنسا عملت على تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وطرحت حلولاً للأزمة المالية التي تفاقمت بعد انهيار العملة الوطنية، إلا أنه "على رغم ذلك فإن جهود فرنسا تلك لإسناد لبنان لم تنجح".

التبادل التجاري

يذكر أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا بلغ 43.3 مليار ريال (11.5 دولار) عام 2022، محققاً نمواً 41 في المئة مدعوماً بزيادة الصادرات السعودية لفرنسا بنسبة 80 في المئة، وفق وكالة الأنباء السعودية (واس).

ويربط البلدين اتفاق أمني في مجال قوى الأمن والدفاع، إذ تعد فرنسا واحداً من أهم شركاء السعودية في مجالي الثقافة والتسليح، وبخاصة في الأسلحة البحرية والجوية، فقد تزايدت أخيراً الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين السعوديين والفرنسيين بصورة ملحوظة، ووفق الوكالة الرسمية فإن التعاون العسكري مع باريس يتركز في مجالات التدريب الأمني وتسليح القوات البرية والبحرية والجوية في السعودية.

وكانت الرياض قد وقعت عدداً من الاتفاقات العسكرية مع باريس فيما أجرت محادثات في أكتوبر الماضي لشراء مقاتلات من طراز "رافال"، إذ أكدت صحيفة "لاتريبيون ديمانش" الفرنسية أن السعودية تواصلت مع شركة "داسو" للحصول على عرض أسعار لشراء 54 طائرة "رافال".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات