ملخص
هناك سيناريوهات عدة واضحة تتبلور في المعركة الدائرة حالياً بين الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا، والحكومة السورية التي تواجه نقصاً واضحاً في أعداد العناصر العسكرية
عزز الجيش السوري مواقعه العسكرية في محيط مدينة حماة بوسط البلاد، وفقاً لما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك عقب التقدم المفاجئ لفصائل السورية المسلحة وسيطرتها على معظم أحياء مدينة حلب، في هجوم مباغت وصفه رئيس النظام السوري بشار الأسد بأنه سيواجه بـ"الدحر".
وأشار المرصد إلى أن حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، أصبحت خارج سيطرة النظام للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع، بعد استيلاء هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة على كافة الأحياء التي كانت خاضعة للنظام.
وشنت هيئة تحرير الشام، المعروفة سابقاً بجبهة النصرة، هجوماً واسع النطاق منذ الأربعاء الماضي، يعد الأشد عنفاً منذ سنوات، ما مكنها من التقدم والسيطرة على عشرات البلدات والقرى في محافظات حلب وإدلب وحماة المجاورة.
يقول الأكاديمي والمحلل السياسي التركي فراس أوغلو في رسالة صوتية إلى "اندبندنت عربية" إن التطورات الأخيرة في سوريا جاءت بوتيرة متسارعة ومفاجئة للجميع، موضحاً، "لم يكن أحد يتوقع هذا السيناريو حتى في اليوم الأول، لكن تغيرت الأمور سريعاً في اليوم الثاني، ومع اليوم الثالث تبدو الأوضاع آخذة في التوسع بصورة كبيرة".
وأضاف أوغلو أن هناك سيناريوهات عدة واضحة تتبلور في المعركة الدائرة حالياً بين الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا، والحكومة السورية التي تواجه نقصاً واضحاً في أعداد العناصر العسكرية. وربط هذا النقص بالقصف الإسرائيلي الذي استهدف ميليشيات مدعومة من إيران، إضافة إلى انسحاب واسع لعناصر "حزب الله" من سوريا باتجاه الحدود مع إسرائيل واشتباكها معها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن هذا التحول قد يعكس غياب الدعم البشري القوي الذي كان يعتمد عليه النظام السوري سابقاً، في وقت تبدو فيه روسيا ملتزمة الصمت، مما قد يشير إلى حالة من التهدئة السياسية بين موسكو وأنقرة.
أوضح الأكاديمي التركي أن الوضع في سوريا يشهد تصاعداً في التوتر، مشيراً إلى أن العلاقات بين تركيا وروسيا تبدو هادئة على رغم التعقيدات، وفقاً لبيان المتحدث باسم الخارجية التركية. وأكد أن إيران عبر تصريحات وزير خارجيتها، لم تعد التصعيد الحالي مرتبطاً بتركيا، بل وصفته بأنه جزء من مخطط أميركي، وهو ما يعكس تبايناً في مواقف الأطراف الدولية. وأضاف أن تركيا قد تكون قدمت "ضوءاً أخضر" ضمنياً للعمليات العسكرية بهدف الضغط على النظام السوري، لا سيما فيما يتعلق بنقل الأسلحة إلى "حزب الله" وتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو هدف مشترك بين دول عربية عديدة وتركيا. كما أشار إلى احتمال وجود مقايضات بين روسيا والولايات المتحدة في الملف السوري على خلفية تطورات النزاع الأوكراني.
وأشار المحلل إلى أن المشهد الحالي قد يفضي إلى سيناريو دبلوماسي يجمع الفصائل السورية المسلحة والنظام السوري في محادثات مستقبلية، لكن يبقى العنصر الأهم خارج هذه الحسابات حتى الآن، وهو قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركياً، التي قد تلعب دوراً محورياً في مستقبل المنطقة.
وختم فراس أوغلو بالقول إن الأزمات الاقتصادية المتفاقمة في المنطقة من تركيا إلى لبنان والأردن وحتى مصر قد تدفع الأطراف المتصارعة إلى إعادة ترتيب أوراقها سعياً إلى تحقيق استقرار اقتصادي، مع الإشارة إلى أن الأطراف المختلفة بما فيها "قسد" تسعى إلى إثبات قوتها على الأرض في انتظار ما ستكشف عنه التطورات المقبلة.
Listen to "قراءة في سيناريوهات المعركة السورية" on Spreaker.