ملخص
يعود نواف سلام اليوم الثلاثاء إلى بيروت، وفق رئاسة الجمهورية، آتياً من لاهاي، على أن يلتقي رئيسي الجمهورية والبرلمان فور وصوله. ويتوقع أن يتوجه إثر ذلك بكلمة إلى اللبنانيين.
أعرب الرئيس اللبناني جوزاف عون أمس الإثنين عن أمله في أن يكون تشكيل الحكومة الجديدة سريعاً وسلساً.
وكان الرئيس اللبناني كلف القاضي نواف سلام تشكيل حكومة جديدة بعد استشارات نيابية نال بموجبها سلام تأييد غالبية أعضاء البرلمان في تطور يؤكد التغيير الكبير الحاصل في المشهد السياسي اللبناني نتيجة تراجع موقع "حزب الله" الذي كان يتحكم بمفاصل الحياة السياسية في البلاد.
وامتنع "حزب الله" وحليفته حركة "أمل" اللذان كان نوابهما آخر من زار القصر الجمهوري للتشاور مع الرئيس عن تسمية رئيس حكومة. وأدلى رئيس كتلة "حزب الله" النيابية محمد رعد بتصريح بدا "إقراراً واضحاً" بالخسارة، لكنه أكد على تمسك حزبه بالمشاركة في الحكومة.
ونقلت قناة "العربية" معلومات مفادها أن الثنائي الشيعي (حركة "أمل" و"حزب الله") يعد أنه "تعرض لخديعة سياسية من العيار الثقيل، إذ إن الرئيس نجيب ميقاتي نام رئيساً للحكومة الى أن حصلت المفاجأة الكبرى"، بحسب توصيفه.
وقال عون في دردشة مع الصحافيين بعد انتهاء المشاورات في البهو الخارجي للقصر الجمهوري إن "التكليف قرار النواب"، وإنه "يحترم هذا القرار"، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية.
ولا يعني تكليف رئيس حكومة جديد أن ولادة هذه الحكومة ستكون قريبة، إلا أن عون قال، "انتهينا من الخطوة الأولى، والخطوة الثانية هي التأليف، وإن شاء الله يكون سلساً وفي أسرع وقت". وأضاف، "نملك فرصاً كبيرة جداً من خلال مساعدة الخارج لنا، وقد انتهيت للتو من محادثة مع رئيسة الوزراء الإيطالية التي أبلغتني أنهم ينتظروننا، ولكن يجب أن نذهب وقد شكلنا حكومة".
والتقى عون كذلك الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي أمل أن "تكون هناك تشكيلة وزارية سريعة تستجيب لكل ما هو مطلوب لبنانياً"، وفق تصريحات نقلتها الرئاسة في بيان.
وغالباً ما استغرق تشكيل الحكومات في لبنان أسابيع أو حتى أشهراً بسبب الانقسامات السياسية العميقة.
تأييد 84 نائباً
وجاء تكليف سلام، وهو دبلوماسي مخضرم يترأس محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعد أربعة أيام على انتخاب جوزاف عون رئيساً.
وإثر انتهاء الاستشارات أعلن المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير في بيان أن رئيس الجمهورية "استدعى القاضي نواف سلام لتكليفه تشكيل الحكومة، علماً أنه موجود حالياً خارج البلاد، ومن المقرر أن يعود" اليوم الثلاثاء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحصل سلام على تأييد 84 نائباً في مقابل تأييد تسعة آخرين لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، بينما امتنع 35 نائباً عن التسمية، وفق الرئاسة.
وبحسب الدستور اللبناني يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة استناداً إلى نتائج الاستشارات النيابية، وفي الممارسة يكلف رئيس الجمهورية المرشح الذي ينال العدد الأكبر من الأصوات.
ودعمت سلام كتل معارضة لـ"حزب الله" ونواب مستقلون، إضافة إلى كتلتي الزعيم الدرزي وليد جنبلاط و"التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، حليف "حزب الله" في العهد السابق.
جعجع: لا توجد محاولات إقصاء
وفي مقابلة مع قناة "الحدث" بثت بعد تسمية سلام قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الخصم الشرس لـ"حزب الله"، والذي سمت كتلته سلام "ذهب النواب وقاموا بتسمية من يريدون دون ضغوط من أحد... لا توجد محاولات إقصاء". وقال جعجع، "هناك مشروع سياسي تقدم على مشروع آخر... سنكمل ونحاول أن نترجم ما نؤمن به سياسياً".
تغييرات حقيقية
وقال الباحث والأستاذ الجامعي علي مراد لوكالة الصحافة الفرنسية إن "التفاف قوى سياسية ومن خلفيات مختلفة حول سلام يعكس التغييرات الحقيقية التي يعيشها لبنان" على وقع التغيرات المتسارعة في الداخل وفي المنطقة. وأضاف أن تسمية سلام بمثابة "إعادة اعتبار لمنطق الإصلاح ومنطق السيادة".
واعتبر المحلل السياسي كريم بيطار أن ما قد يقلق "حزب الله" إزاء سلام هو "أنه قانوني ملتزم للغاية بسيادة القانون واحترام المؤسسات، وكانوا يميلون إلى اعتباره ربما مفرطاً في الميل نحو الغرب".
ويعود سلام اليوم الثلاثاء إلى بيروت، وفق رئاسة الجمهورية، آتياً من لاهاي، على أن يلتقي رئيسي الجمهورية والبرلمان فور وصوله. ويتوقع أن يتوجه إثر ذلك بكلمة إلى اللبنانيين.
تحديات كبرى
وتنتظر الحكومة المقبلة تحديات كبرى أبرزها إعادة الإعمار بعد الحرب الأخيرة بين "حزب الله" وإسرائيل التي دمرت أجزاءً في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في عام 2006، والذي من بنوده ابتعاد "حزب الله" عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها. ومن التحديات أيضاً تنفيذ إصلاحات ملحة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من خمس سنوات من انهيار غير مسبوق.
وقالت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان ساندرا دو وال أمس الإثنين بعد تسمية سلام، "من المشجع أن نرى الأمور تسير قدماً في لبنان. نأمل أن يتم تشكيل حكومة سريعاً لإطلاق الإصلاحات الملحة وإعادة إحياء مؤسسات الدولة لصالح جميع اللبنانيين".