Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تدرس أساليب هرب روسيا من العقوبات استعدادا للصراع مع تايوان

قد يستهدف الغرب احتياطات بكين من النقد الأجنبي البالغة 3.3 تريليون دولار في حال اندلاع الحرب

مسؤولون روس يقدمون لبكين دروساً يمكن الاستفادة منها في حال الحرب مع تايوان والعقوبات الغربية (أ ف ب)

ملخص

العقوبات المالية الغربية الشاملة قد تضع 3.7 تريليون دولار من أصول واحتياطات البنوك الصينية بالخارج في خطر

منذ بداية حرب أوكرانيا قدمت الصين دعماً ملموساً للاقتصاد الروسي من خلال شراء النفط وتزويده بمنتجات تراوح ما بين الأجهزة الإلكترونية الدقيقة والغسالات، وفي المقابل استفادت بكين من هذا الوضع بصورة استراتيجية، إذ رأت في الحرب فرصة لدراسة واقعية حول كيفية التحايل على العقوبات الغربية.

ووفقاً لما كشفت عنه صادر مطلعة لصحيفة "وول ستريت جورنال" أنشأت الصين مجموعة بين الوكالات في الأشهر التي أعقبت الحرب الروسية على أوكرانيا لبحث تأثير العقوبات وإصدار تقارير دورية للقيادة الصينية. وتهدف هذه المجموعة إلى استخلاص الدروس حول كيفية التخفيف من آثار العقوبات، خصوصاً إذا أدى الصراع حول تايوان إلى فرض عقوبات مماثلة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين الصينيين يزورون موسكو بصورة دورية للقاء ممثلين عن البنك المركزي الروسي ووزارة المالية ووكالات أخرى تعمل على مواجهة العقوبات الغربية.

في حين تعكس هذه الجهود التي لم يسبق الإبلاغ عنها الطبيعة المتغيرة للاقتصاد العالمي، إذ أصبح الفصل بين السياسات الاقتصادية والاستراتيجية الجيوسياسية أكثر ضبابية.

ويتوقع أن تتفاقم هذه الاتجاهات في ظل ولاية رئاسية ثانية محتملة لدونالد ترمب الذي يخطط لتعزيز استخدام التعريفات الجمركية كأداة للتفاوض والإكراه في العلاقات الدولية.

الاقتصاد الروسي يظهر مرونة

على رغم صمود الاقتصاد الروسي بصورة مفاجئة خلال حرب أوكرانيا بدأت تظهر عليه أخيراً علامات جديدة على التصدع تحت تأثير الضغوط الغربية، إذ انخفض الروبل الروسي الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياته منذ الأيام الأولى للصراع بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات مصرفية جديدة.

ويرجع جزء كبير من هذه المتانة الاقتصادية إلى صادرات النفط الروسية وتعميق التعاون مع الصين، إذ يسعى قادة البلدين إلى تحدي النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، ويوضح إنشاء مجموعة الدراسة الصينية مدى عمق هذا التعاون، مشيراً إلى أن دعم بكين لموسكو لم يكن في اتجاه واحد فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مدير مركز "كارنيغي روسيا أوراسيا" ألكسندر جابوف للصحيفة "بالنسبة إلى الصينيين تعد روسيا مختبراً عملياً لمعرفة كيفية عمل العقوبات وكيفية إدارتها. فهم يدركون أنه إذا حدثت حال طوارئ في تايوان، فإن الأدوات التي ستستخدم ضدهم ستكون مشابهة".

الصين والتحضير لسيناريو متطرف

ومع ذلك أكد أشخاص مقربون من دوائر صنع القرار في بكين أن مجموعة الدراسة لا تعني بالضرورة أن الصين تستعد لغزو، وأوضحوا أن الهدف هو التحضير لـ"السيناريو المتطرف" المتمثل في صراع مسلح وما يترتب عليه من تداعيات اقتصادية.

من جانبها قالت وزارة الخارجية الصينية "تلتزم الصين دائماً بإجراء تبادلات وتعاون طبيعي مع جميع دول العالم، بما في ذلك روسيا، على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة".

فيما لم يصدر أي تعليق من البنك المركزي الروسي أو وزارة المالية الروسية في شأن الموضوع. وأحد المجالات التي تثير قلق الصين بصورة خاصة هي احتياطاتها من النقد الأجنبي التي تتجاوز 3.3 تريليون دولار، وهي الأكبر في العالم، ودفعت الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لتجميد الأصول الروسية في الخارج بعد حرب أوكرانيا بكين إلى البحث بصورة أكثر نشاطاً عن طرق لتنويع مخزونها بعيداً من الأصول المقومة بالدولار، مثل سندات الخزانة الأميركية.

وفي إشارة إلى الاهتمام المتزايد بأخطار العقوبات المرتبطة بالاحتياطات، قام الزعيم الصيني شي جينبينغ بزيارة نادرة إلى إدارة الدولة الصينية للنقد الأجنبي في خريف عام 2023، وفقاً لأشخاص مقربين من صنع القرار في بكين. وقال هؤلاء الأشخاص إن شي أثار خلال الزيارة مسألة كيفية حماية الاحتياطات الصينية من التأثيرات المحتملة للعقوبات الغربية.

وتتولى المجموعة الصينية المشتركة بين الوكالات المعنية بالعقوبات الروسية تقديم تقاريرها إلى نائب رئيس الوزراء الصيني المسؤول عن الشؤون الاقتصادية والمالية، هي ليفينغ.

ويمتلك ليفينغ خطاً مباشراً مع شي، وهو المهندس الرئيس لاستراتيجيات الصين لتحصين اقتصادها من العقوبات الغربية.

وقال شخص مطلع على جهود الصين للتواصل مع روسيا في شأن العقوبات "بكين مهتمة عملياً بكل شيء من طرق التحايل على العقوبات إلى جميع أنواع الفوائد الإيجابية، مثل الحوافز لتطوير الإنتاج المحلي".

علاقة تجارية غير متوازنة بين روسيا والصين

ازدهرت العلاقة بين روسيا والصين منذ بداية الحرب الأوكرانية، وبلغ حجم التجارة الثنائية العام الماضي رقماً قياسياً بلغ 240 مليار دولار، مدعوماً بمبيعات النفط الروسي. ووفقاً لبيانات مقدمة من مزود البيانات الروسي "أوتوستات"، فإن نحو 60 في المئة من السيارات المبيعة حديثاً في روسيا هي سيارات صينية.

لكن العلاقة بين روسيا والصين كانت غير متوازنة، ففي حين تمثل الصين نحو ثلث التجارة الإجمالية لروسيا، تشكل موسكو جزءاً صغيراً من تجارة الصين، فيما يعتمد جزء كبير من صادرات روسيا على النفط والغاز الطبيعي، اللذين يمكن للصين الحصول عليهما من مصادر أخرى.

هذا يعني أنه إذا انقلبت الأدوار، لن تتمكن موسكو من تقديم القدر نفسه من الدعم للاقتصاد الصيني، ولهذا السبب، وجه شي جينبينغ المسؤولين لتعزيز التجارة وتعميق العلاقات الاقتصادية مع روسيا، بهدف تحقيق "محرك داخلي" أكبر للعلاقة، وفقاً لأشخاص مطلعين على صنع القرار في بكين.

وفي حين فرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات على الصين، بما في ذلك قيود التصدير على أشباه الموصلات المتقدمة والتدابير ضد شركة الاتصالات العملاق "هواوي"، فإن الأزمة في شأن تايوان قد تؤدي إلى حرب اقتصادية من نوع مختلف.

ومن شأن العقوبات المالية الشاملة من الغرب أن تعطل النظام المالي للصين وتعرقل التجارة وتضع 3.7 تريليون دولار من أصول واحتياطات البنوك الصينية في الخارج في خطر، وفقاً لتقرير صدر العام الماضي عن المجلس الأطلسي ومراكز أبحاث مجموعة "روديوم".

اقرأ المزيد