Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستضغط الصين على حكومة "طالبان" لحماية مواطنيها في باكستان؟

تنفي إسلام آباد مشاركة بكين في العملية العسكرية في بلوشستان المعلن عنها أخيراً

المصالح الصينية في مرمى أهداف أعمال العنف التي يقوم بها الانفصاليون البلوش (أ ف ب)

ملخص

يشتكي البلوش من صمت وسائل الإعلام الدولية ومنظمات حقوق الإنسان عن تفاقم وضع اللاجئين منهم في أفغانستان. ويصرون على أنه على مدى العقدين الماضيين هاجر عدد كبير من البلوش إلى أفغانستان بسبب تصرفات الجماعات المسلحة البلوشية والجيش الباكستاني.

شهدت هجمات التنظيم الإرهابي "جيش تحرير بلوشستان" على قوات الأمن الباكستانية والمواطنين الصينيين، زيادةً خلال الآونة الأخيرة. ويُعتقد أن هذا التنظيم يتواجد في أفغانستان بجانب حركة "طالبان" الباكستانية.
وبدأت هذه الهجمات تسبب قلقاً ليس للإدارة الباكستانية فقط بل لبكين أيضاً، إذ تشير التقارير إلى أن الصين أثارت قضية تواجد المسلحين البلوش في أفغانستان مع الإدارة الأفغانية.
وترجح الصين التحرك الصامت على الدبلوماسية العلنية لحل خلافاتها الإقليمية بخلاف باكستان التي تضطر إلى توجيه أصابع الانتقاد بشكل مباشر، وهذا ما نراه في إسلام آباد أيضاً، حيث تحافظ الصين على اتصالاتها مع وسائل الإعلام دائماً من دون أن تختلط معهم في المناسبات المعلنة. لكن الأمر المهم الذي نترقبه الآن هو كيف ستواجه الحكومة الأفغانية الضغط المزدوج من إسلام آباد وبكين.
من جانب آخر، يواصل "جيش تحرير بلوشستان" استهداف المصالح الصينية في باكستان بحجة أن حصة الشعب البلوشي في مشاريع مثل "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" (CPEC) ضئيلة إضافة إلى أنه تتم فيها إساءة استخدام الموارد المحلية.
ويعتقد الخبراء أنه في حال عدم احتواء "جيش تحرير بلوشستان" سريعاً فإن ذلك قد يؤثر في علاقات أفغانستان مع الصين وإيران وباكستان، لذا ليس مستغرباً أن حكومة طالبان وعدت الصين بالنظر في الأمر بطريقة "ودية".

علاقة البلوش بـ"طالبان"

تحتمي حركة "طالبان" الباكستانية داخل الأراضي الأفغانية بسبب الارتباط الأيديولوجي والتقارب التنظيمي مع "طالبان" الحاكمة في أفغانستان، لكن لماذا يلجأ الانفصاليون البلوش إلى أفغانستان على رغم أنهم ينطلقون من مبدأ قومي بخلاف "طالبان" التي تبرر أفعالها على أسس دينية؟
أحد هذه الأسباب على ما يبدو هو أن عدوهما مشترك وهي الدولة الباكستانية، إذ تم الكشف عن اتصالات بين كلا الجماعتين الإرهابيتين في عام 2012، لكن يبدو أن التعاون بينهما زاد في الآونة الأخيرة. ودعم زعيم "طالبان الباكستانية" نور ولي محسود، العمليات المتطرفة للمسلحين البلوش أكثر من مرة، كما أصدرت الحركة مقاطع فيديو باللغة البلوشية لكسب دعم الشعب البلوشي.
وبجانب هذه العلاقة المنفعية فإن طرد الانفصاليين البلوش من أفغانستان ليس بالأمر الهين لأسباب جغرافية وديموغرافية وتاريخية. وتشترك مقاطعة بلوشستان في حدود طويلة مع أربع مقاطعات في أفغانستان هي هلمند وقندهار ونمروز وزابول. وتُقدر نسبة عدد السكان البلوش في أفغانستان بـ 2 في المئة فيما يبلغ إجمالي عددهم نحو 600 ألف نسمة، ويتحدث غالبيتهم اللغة البلوشية ويتمركزون في مقاطعة نيمروز المحاذية لبلوشستان الباكستانية.


البلوش الغاضبون

وتُعتبر المقاطعات الأفغانية التي يقطنها البلوش معقلاً لحركة "طالبان"، لا سيما مقاطعتي هلمند ونمروز التي لم تتمكن حتى قوات التحالف من السيطرة عليها بشكل كامل.

ويرجع تاريخ إقامة البلوش الغاضبين من باكستان في أفغانستان إلى عقود، إذ اضطر أكثر من 50 ألف شخص إلى الفرار إلى الأراضي الأفغانية إبان العملية العسكرية التي شنتها إسلام آباد في بلوشستان في عام 2006، وفقاً لأرقام لجنة حقوق الانسان الباكستانية. ويشتكي البلوش من صمت وسائل الإعلام الدولية ومنظمات حقوق الإنسان عن تفاقم وضع اللاجئين منهم في أفغانستان. ويصرون على أنه على مدى العقدين الماضيين هاجر عدد كبير من البلوش إلى أفغانستان بسبب تصرفات الجماعات المسلحة البلوشية والجيش الباكستاني.
من ناحية أخرى، لا توجد آلية لتسجيل اللاجئين البلوش في أفغانستان، لكن وفق تقدير متحفظ لجأ ما لا يقل عن 7 آلاف أسرة إلى مقاطعات أفغانية مختلفة بسبب العمليات العسكرية في أجزاء مختلفة من بلوشستان. وفرّ نحو 80 ألف من البلوش إلى أفغانستان في عقد السبعينيات، لكنهم يخشون على سلامتهم بعد عودة "طالبان" إلى السلطة. وتقول الأحزاب البلوشية واللاجئون البلوش إن الاستخبارات الباكستانية والمجموعات التابعة لها متورطة في الهجوم عليهم داخل الأراضي الأفغانية.


سردية الدولة

وعلى رغم الاتهامات، فإن الحكومة الباكستانية ترى أن سبب التمرد المستمر في بلوشستان هو بإيعاز من الدول الأخرى، لأن بعض القوى الأجنبية لا تريد السلام في بلوشستان، كما تزعم الحكومة أن ثلة قليلة من زعماء القبائل وأتباعهم يقفون بجانب الانفصاليين بخلاف الغالبية التي تريد العيش بسلام.

وبخلاف ما تدعي الحكومة فإن الحقيقة هي أن هناك فراغاً سياسياً في بلوشستان في وقت ينأى فيه معظم زعماء بلوشستان عن المشاركة في العملية السياسية. ويعتقد محللون أن "القيود التي تفرضها الدولة على السياسة أو النضال السلمي صدت جميع السبل السلمية أمام الشباب البلوش لرفع أصواتهم، بل يتم القبض عليهم لمجرد عقد اجتماع أو مؤتمر صحافي. ويرى القوميون البلوش أن الدولة استخدمت القوة بوجه مطالب البلوش منذ اليوم الأول بدلاً من فهم موقفهم والتعامل مع قضاياهم بطريقة سلمية. ويؤكد هذا الموقف ما قامت به الحكومة الباكستانية أخيراً من إغلاق الطرق ومنع الناس من الوصول إلى جوادار خلال مسيرة "راجي ماتشي" البلوشية السلمية التي نظمتها لجنة الوحدة البلوشية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


جدوى العملية العسكرية

وفي ظل تدهور الوضع الأمني في بلوشستان وزيادة وتيرة هجمات الانفصاليين، أعلنت اللجنة العليا الباكستانية التي تنظر في المسائل الأمنية للحكومة أخيراً عن عملية واسعة وشاملة في بلوشستان. وفي حين لم يتم إعطاء تفاصيل العملية وطبيعتها إلا أنه من الممكن أن تُستخدَم فيها تقنيات الحرب الإلكترونية المتقدمة والطائرات من دون طيار إلى جانب القوات البرية.
وفي بيان صدر أخيراً من كبير وزراء بلوشستان مير سرفراز بوجتي، يتحدث فيه عن تحديد الأهداف قبل انطلاق العملية العسكرية محذراً الانفصاليين من أن العملية ستشمل استهداف معاقل المتطرفين. ويعتقد أن القوات الجوية قد تشارك في العمليات أيضاً إذا لزم الأمر.
وستستهدف العملية المعلن عنها أخيراً المناطق الجبلية حيث توجد ملاجئ للمقاتلين البلوش إضافة إلى مرافقهم ومعسكرات التدريب التابعة لهم. وتشير الحقائق الميدانية إلى أن العملية يجب أن تقتصر على العمليات المبنية على المعلومات الاستخبارية فقط بدل أن تتحول إلى عملية واسعة.

مشاركة صينية؟

من جانب آخر، هناك أنباء غير مؤكدة عن مشاركة الصين في هذه العملية إلا أن باكستان نفت جميع التقارير التي تحدثت عن تولي الصينيين زمام الأمور، وأكدت أنه "مهما كان الإجراء الذي سيتم اتخاذه في باكستان لوقف الهجمات الإرهابية من المسلحين الانفصاليين، فإن قوات الأمن الباكستانية هي من تقوم بذلك.
وأجرت القوات الباكستانية قبيل إطلاق العملية تدريبات حربية مع القوات الصينية في منطقة بابي بإقليم خيبر بختونخوا، حيث يتم التركيز على عمليات مكافحة الإرهاب. وتهدف هذه التدريبات التي تستمر لمدة أسبوع على استهداف القدرات العملياتية للمسلحين بالاعتماد على التكتيكات والاستخبارات والتكنولوجيا المتقدمة.
أخيراً، يتفاقم التحدي الذي يشكله المتطرفون لباكستان يوماً بعد يوم ويصبح أكثر خطراً، وقد أثبتت التجارب في التعامل مع الإرهاب خلال العقود الماضية في بلوشستان وخيبر بختونخوا أن استخدام القوة وحدها ليس كافياً لإنهاء التطرف، بل يجب وضع استراتيجية إصلاحية شاملة لاستعادة أبناء الشعب الغاضبين إلى كنف الوطن. فهل ستفعل الحكومة ذلك أم ستستمر في تجاربها الفاشلة؟

نقلاً عن اندبندنت أوردو

المزيد من تقارير