ملخص
وعلى رغم تزايد شعبية بيتكوين فإن الآراء حول هذه العملة الرقمية تظل متباينة بصورة حادة
ارتفعت قيمة "بيتكوين" أخيراً لتتجاوز حاجز الـ100 ألف دولار للمرة الأولى، بدعم من تصريحات دونالد ترمب المؤيدة للعملات المشفرة. وقد أسهمت هذه التصريحات في تعزيز الطلب على العملة الرقمية، إذ تضاعفت قيمتها هذا العام، محققة زيادة تزيد على 50 في المئة منذ نتائج الانتخابات الأميركية.
وأظهرت أبحاث من يوغوف وهيئة الرقابة المالية (FCA) أن واحداً من كل ثمانية بالغين في بريطانيا يمتلك عملة مشفرة، بمعدل استثمار يبلغ 1842 جنيهاً استرلينياً (2.346 ألف دولار). وعلى رغم تزايد شعبية بيتكوين فإن الآراء حول هذه العملة الرقمية تظل متباينة بصورة حادة، إذ يسلط المؤيدون الضوء على العوائد المرتفعة، مستندين إلى النمو المذهل الذي حققته "بيتكوين" في السنوات الأخيرة.
أخطار التقلبات الشديدة لـ"بتكوين"
في المقابل أبدت جهات تنظيمية مثل هيئة الرقابة المالية قلقها من التقلبات الشديدة لـ"بيتكوين" وافتقارها إلى التنظيم، محذرة من أن الاستثمارات في العملات المشفرة قد تؤدي إلى خسارة كاملة للمستثمرين. وتوصي الهيئة بأن يكون المستثمرون على استعداد للتعامل مع هذه الأخطار الكبيرة.
ولمن يفكر في الاستثمار في "بيتكوين" من الضروري اتخاذ الحذر والتخطيط بعناية، مع الأخذ في الاعتبار الأخطار التي تنطوي عليها هذه العملة الرقمية.
ولا شك أن هناك تحولاً ملحوظاً في موقف المستثمرين تجاه "بيتكوين"، فحتى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي كان من منتقدي العملات المشفرة، غير رأيه بصورة كاملة. ففي عام 2021 وصف "بيتكوين" بأنه "احتيال"، لكنه في حملته الانتخابية لعام 2024 أعلن عن خطط لجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في العالم"، ويعكس هذا التحول الاتجاه الأوسع في قبول "بيتكوين" بصورة متزايدة، مع ارتفاع كبير في قيمته، مما يعزز جاذبيته بين المستثمرين. كما يعكس دعم ترمب العملات المشفرة الاهتمام المتزايد بها، على رغم المخاوف المستمرة حول تقلباتها وقلة تنظيمها.
ويشير هذا التغيير إلى التطور المستمر في المشهد المالي العالمي، إذ تواصل العملات المشفرة جذب الاستثمارات المؤسسية والفردية على حد سواء.
و"بيتكوين" هي أول عملة مشفرة (نوع من المال الافتراضي)، أنشئت في عام 2009، وهي تمثل أكثر من نصف سوق العملات المشفرة. وعلى عكس العملات التقليدية، لا تصدر العملات المشفرة عن بنك مركزي، بل يتم "استخراج" أو "تعدين" العملات عبر أجهزة الكمبيوتر بناءً على معادلة رياضية. وتتميز هذه العملات بوجود عدد محدود منها، وتُسجل المعاملات الخاصة بها على قاعدة بيانات مركزية تعرف باسم البلوك تشين (سلسلة الكتل).
وعلى رغم أن "بيتكوين" والعملات المشفرة الأخرى لا يمكن إنفاقها بطريقة العملات التقليدية نفسها، فإن هناك بعض المتاجر أو المقاهي التي قد تقبلها كوسيلة للدفع في نطاق محدود.
وقال بن ييرسلي، من شركة إدارة الثروات "فيرفيو إنفستينغ" لـ"التايمز"، "’بيتكوين‘ هو استثمار مضاربي تماماً، ولا يوجد شيء يدعمه فعلياً، ونصيحتي هي عدم شرائه، ولكن إذا قررت شراءه فلا تفعل ذلك بدافع الخوف من الفوات، خصوصاً عندما يكون في ذروة السوق".
كيفية شراء "بيتكوين"
وفي الماضي كان شراء وبيع "بيتكوين" أمراً معقداً، يتطلب إعداد "محفظة رقمية" خاصة والتداول يدوياً مع مستثمرين آخرين، ولكن الآن أصبح بإمكان أي شخص القيام بذلك عبر التطبيقات والمواقع الإلكترونية للمنصات التجارية مثل "كوين بيس" و"جيميني". كما تقدم البنوك الرقمية مثل "ريفولوت" خيار تداول العملات الرقمية.
ولتأسيس حساب على هذه المنصات، سيحتاج المشتري إلى تقديم معلومات شخصية وإثبات الهوية، وهناك بعض المنصات قد تطلب أيضاً أسئلة للتحقق من فهمك الأخطار المرتبطة بالعملات الرقمية.
وسيكون هناك عادة رسوم معاملات عند التداول أو تحويل محتويات محفظتك الرقمية إلى نقد، وواحدة من كبرى الشركات في مجال العملات الرقمية، "إيتورو"، تفرض رسوماً بنسبة واحد في المئة عند شراء أو بيع الأصول، واثنين في المئة عند تحويل العملات الرقمية.
كما سيحتاج المستثمرون الجدد إلى شراء "بيتكوين" نقداً باستخدام بطاقة خصم أو ائتمان. والخميس تجاوز سعر "بيتكوين" 78400 جنيه استرليني (100 ألف دولار)، ولكن يمكن للمشتري شراء أجزاء من العملة، إذ تسمح لك المنصات الرئيسة بالاستثمار بمبلغ صغير يصل إلى 10 جنيهات استرلينية (12.7 دولار)، أي ما يعادل 7.840 جزء من "بيتكوين".
سوق غير منظمة في بريطانيا
ولا تزال سوق العملات الرقمية غير منظمة في بريطانيا، مما يعني أن المستثمرين لن يكونوا قادرين على تقديم شكاوى إلى خدمة الوسيط المالي في شأن أي شركة للعملات الرقمية يودعون أموالهم فيها، ولن يحصلوا على تعويض من خلال نظام تعويض الخدمات المالية (FSCS) عن أي خسائر. ويضمن النظام الودائع تصل إلى 85 ألف جنيه استرليني (108.3 ألف دولار) لدى الشركات المنظمة إذا أفلست.
وفي حالة التفكير في الاستثمار في "بيتكوين"، يفضل التعامل مع شركة في الأقل خاضعة للرقابة من قبل الهيئة المالية البريطانية (FCA) في خدمات أخرى أو مدرجة في سجل الشركات الخاصة بالأصول الرقمية التابع لها، مثل "إيتورو" و"كراكن" و"ريفولوت". وللحصول على مكان في السجل، يجب أن تلتزم هذه الشركات معايير الامتثال التي وضعتها الهيئة، مثل قواعد مكافحة غسل الأموال، وستتخذ الهيئة إجراءات إنفاذ إذا اخترقت القواعد، وهذا يساعد في تجنب المواقع المجهولة التي قد تكون احتيالات للعملات الرقمية، وهي منتشرة في السوق.
وقال بين ييرسلي "إذا كنت ستشتري ’بيتكوين‘ تأكد من استخدام واحدة من الأسماء الكبيرة ومنصات التبادل الموثوقة، ومع ذلك يجب أن تكون مستعداً لخسارة كل أموالك".
من جانبه قال جاستن مودراي، الذي يدير شركة الاستشارات المالية كانديد "كن حذراً جداً في كيفية شراء وبيع ’بيتكوين‘. وستحتاج إلى استخدام منصة تبادل لتحويل الجنيه الاسترليني إلى ’بيتكوين‘ والعكس، وإذا اختفت تلك المنصة فمن المحتمل أن تختفي استثماراتك أيضاً".
تقلب الأسعار
أما في شأن ما إذا كان سعر "بيتكوين" سيستمر في الارتفاع، فقد أشار مودراي إلى أن العملات الرقمية تشتهر بتقلباتها الشديدة، وأن معظم المستثمرين العاديين سيعتمدون على استراتيجية الحظ لتحقيق أي مكاسب. وأضاف "الشيء الذي يميز ’بيتكوين‘ عن الاستثمارات التقليدية هو أنه ليس أصلاً حقيقياً".
وأضاف مودراي "عندما تشتري أسهماً في شركة يكون لديك بعض الأمان، لأن الشركة تولد تدفقات نقدية وتمتلك أصولاً، ولكن الاستثمار في العملات المشفرة هو مقامرة تعتمد على أن الطلب سيتجاوز العرض، وهو ما سيعتمد على ما إذا كانت العملات المشفرة ستصبح نظام دفع شائعاً لمنافسة النظام المصرفي التقليدي".
كما يعد الاستثمار في العملات الرقمية من الاستثمارات العالية الأخطار، إذ لا توجد ضمانات مماثلة لتلك التي توفرها الشركات التقليدية التي لديها أصول ملموسة وأرباح منتظمة.
وكان آخر انهيار للعملات الرقمية في عام 2022 بعد سلسلة من حالات فشل شركات العملات الرقمية الكبرى، مما أدى إلى خسارة المستثمرين مليارات الدولارات — وفي بعض الحالات، مدخراتهم بالكامل. وكانت قد فشلت "أف تي إكس" (FTX) التي كانت في يوم من الأيام أكبر منصة لتداول العملات الرقمية في العالم، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، مما دفع سعر "بيتكوين" إلى الهبوط من أكثر من 60 ألف دولار في نوفمبر 2021 إلى 15490 دولاراً في نوفمبر 2022.
وأشار جاستن مودراي إلى أن "عديداً من الارتفاعات والانخفاضات التي شهدناها كانت مجرد تكهنات، وقال إنه كلما زاد حماس الناس لشراء ’بيتكوين‘ ارتفع السعر، وعندما يحدث الذعر أو يبيع عديد من المستثمرين لتحصيل الأرباح ينخفض السعر، لذا فالمستقبل سيعتمد بصورة كبيرة على شهية الجمهور وتنظيم الحكومات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه أشار ليث خلف من شركة" إيجي بيل" لإدارة الثروات، للصحيفة، إلى أنه من المرجح أن يكون معظم من يحاولون كسب ثرواتهم عبر الاستثمار في "بيتكوين" قد فاتتهم الفرصة. وأوصى المستثمرين بأن لا يتجاوزوا تخصيص واحد إلى اثنين في المئة من إجمال محفظتهم الاستثمارية للعملات الرقمية.
في حين يعكس هذا التحذير واقعاً متزايداً من تقلبات السوق العالية في عالم العملات الرقمية، التي قد تكون أكثر عرضة للأخطار مقارنة بالاستثمار في الأصول التقليدية.
وأشار خلف إلى أن التوقيت هو العامل الحاسم في الاستثمار في "بيتكوين". وذكر أن "دورة الضجيج حول ’بيتكوين‘ قد تكون مثيرة إذا تمكنت من تحديد لحظة الخروج، لكنها ليست رائعة إذا اشتريت عند ذروة السوق ثم انخفضت الأسعار مرة أخرى".
وأضاف خلف أن الاستثمارات ذات الأخطار العالية والعائد المرتفع، مثل صناديق الاستثمار "سكوتيش مورغيج" و" فيديليتي تشينا سبيشال سيتيوويشنز"، قد تكون بديلاً جيداً، على رغم أنها ليست بديلاً مباشراً عن "بيتكوين". ونصح بأن المستثمرين يجب ألا يسعوا إلى المخاطرة لمجرد المخاطرة.
وأشار إلى أن معظم الناس يكونون مناسبين تماماً للاستثمار في محافظ متنوعة عالمياً، وأن الأخطار العالية يجب أن تقتصر على المستثمرين الأثرياء والمغامرين فحسب.
أما بالنسبة إلى الضرائب، فقد أكد خلف أن أرباح العملات الرقمية خاضعة لضريبة الأرباح الرأسمالية (CGT)، وأن الضرائب على هذه الأرباح قد ارتفعت في الموازنة الأخيرة. وأوضح أن دافعي الضرائب بمعدل ضريبة أساس سيدفعون 18 في المئة من الأرباح، بينما سيدفع الأفراد بمعدلات أعلى 24 في المئة.
ويتمتع الجميع بحد إعفاء سنوي من ضريبة الأرباح الرأسمالية (CGT) يصل إلى 3 آلاف جنيه استرليني (3.8 ألف دولار)، كما تعامل إدارة الإيرادات والجمارك البريطانية (HMRC) الأصول الرقمية مثل الأسهم، إذ تفرض رقابة شديدة على المستثمرين الذين يفشلون في الإبلاغ عن أرباحهم في إقراراتهم الضريبية الذاتية. ويجب تقديم الإقرارات الضريبية بحلول الـ31 من يناير (كانون الثاني) من كل عام للسنة الضريبية السابقة التي تنتهي في أبريل (نيسان) من كل عام.