Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح لندن في رسم خريطة طريق لإنهاء الأزمة الليبية؟

غُيبت روسيا والصين عن اجتماعات "ويلتن بارك" التي استمرت ثلاثة أيام

تساؤلات حول أسباب تغييب أطراف الصراع الليبي عن اجتماع لندن (أ ف ب)

ملخص

هناك من يعتبر أن بريطانيا تحركت للحفاظ على المصالح الأميركية التي يهددها التمدد الروسي ‐ الصيني في ليبيا

هبت رياح الدبلوماسية البريطانية لكسر الجمود السياسي في ليبيا، وذلك بعد اجتماع عقد على مدى ثلاثة أيام في لندن، حضرته دول غربية وعربية عدة من بينها بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا وفرنسا ومصر وغيرها، بينما غُيبت أطراف الصراع الليبي وأُقصي كل من روسيا والصين عن هذا اللقاء، الذي وصفته المبعوثة الأممية بالنيابة إلى ليبيا ستيفاني خوري بـ"التشاوري"، وقالت عبر حسابها على منصة "إكس"، "من المشجع أن ألمس الدعم الدولي لجهود الأمم المتحدة لوضع ليبيا على مسار مستدام نحو الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة".

وشهد اجتماع "ويلتن بارك" الذي اختتم الجمعة الماضي، انتقادات حول أسباب تغييب أطراف الصراع الليبي، إذ اعتبر بعض المراقبين أنه بمثابة سعي إلى عزل الليبيين عن قضيتهم، بينما ركز آخرون على تغييب روسيا والصين، محذرين من الرد الروسي - الصيني في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي مساء السبت، إن "أي جهود دولية تغيب عنها المؤسسات الليبية تفرغ النتائج من شرعيتها وإمكانية تنفيذها"، وتابع "نرحب بالمبادرات الجادة في إطار الثوابت المحددة بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تمهد للانتخابات في 2025"، مؤكداً أن "ما جاء في قرار مجلس الأمن وعلى رأسه تحديد مرجعية الاتفاق السياسي، يمثل الإطار الفعال للمرحلة المقبلة".

إقصاء سيقابله رد

وحول إمكانية نجاح لندن في رسم خريطة طريق جديدة تنهي الأزمة الليبية، قال المحلل السياسي محمد امطيريد، "لقد تمكنت لندن من قيادة هذا الاجتماع وجمعت عدداً من الدول المتداخلة في ليبيا بطريقة مباشرة، ويبدو أن قراراته ستكون ذات مدى بعيد، لأنه يعمل بصورة منفصلة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وستتبنى جامعة الدول العربية قراراته"، ونوه بأنه عندما تكون روسيا معارضة لمخرجات تطرحها أميركا أو بريطانيا أو أية دولة غربية، تُختار دول أعضاء في جامعة الدول العربية لأخذ قرار بديل عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وموضحاً أن مخرجات اجتماع لندن ستكون نافذة بضغط فرنسي - أميركي - بريطاني - إيطالي، لتقويض الوجود الروسي في المنطقة الأفريقية وعلى رأسها ليبيا.

أضاف المحلل السياسي المتخصص في الشأن الليبي، أن روسيا سترد على هذا الإقصاء بطريقة أو بأخرى، فبمجرد محاولة إحالة مخرجات هذا الاجتماع البريطاني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لأخذ الصبغة القانونية، ستعرقل موسكو هذه المخرجات، وستنهج على منوالها الصين أيضاً لأنهما من بين الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولديهما حق الفيتو لرفض أي مخرج دولي فيه تضارب مع مصالحهما، لا سيما في ظل تفاقم عجز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمام قضايا إقليمية ودولية عدة، وبخاصة في الشرق الأوسط وأولاها الإشكالية الليبية التي أصبحت تتقاذفها رياح المصالح الدولية.

لجنة حوار جديدة

وقال امطيريد إن اجتماع لندن حول ليبيا أوضح لنا مدى انقسام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على نفسه، إذ ثبت أنه عاجز عن تكليف مبعوث أممي جديد إلى ليبيا منذ استقالة المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا عبدالله باثيلي. ورأى أن الاجتماع يسعى إلى خلق "مسار سياسي جديد" مع البعثة الأممية للدعم في ليبيا التي تقودها ستيفاني خوري، والتي "اتضح أنها تتحرك وفق إملاءات أميركية، باعتبار أن واشنطن هي من حفز الأطراف المتداخلة في الشأن الليبي وتحديداً حلفاءها، مثل فرنسا وإيطاليا وبريطانيا لعقد هذا الاجتماع من دون حضور روسي وصيني".

وأكد أن غياب روسيا والصين (دول ذات ثقل عسكري واقتصادي في ليبيا) عن هذا الملتقى المعني بالشأن الليبي أخرج المجهودات الدولية من قبة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى التصرفات الفردية للدول، وهو ما يوضح حجم المشكلة داخل أروقة مجلس الأمن. وشدد على أن اجتماع لندن بغياب روسيا والصين قد أخرج الملف الليبي من رحاب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى أميركا التي أصبحت تتحكم فيه عبر بوابتين، بوابة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي تقودها الأميركية ستيفاني خوري وبوابة بريطانيا التي اجتمعت مع أطراف غربية وعربية على رأسها مصر وتركيا. وكشف المتخصص بالشأن الليبي عن أن هناك مقترحات عدة، باستضافة لجنة الحوار المقبل، وهو دليل واضح على أن مخرجات هذا الاجتماع البريطاني هدفها الذهاب إلى لجنة حوار جديدة، محورها الرئيس تشكيل حكومة موقتة من جديد تقود البلاد نحو انتخابات وطنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عجز أميركي

وتغييب الصين وروسيا على وجه الخصوص "دليل على أن الولايات المتحدة أصبحت عاجزة أمام قوة الفيتو الروسي داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لذلك عمل المخطط الأميركي على تحفيز حلفائه للذهاب بعيدا من قرارات مجلس الأمن، فإقصاء روسيا والصين عن اجتماع لندن، قرار فردي قادته الولايات المتحدة، وهو رسالة أيضاً تفيد بأنه سيتم إبعاد الصين وروسيا عن أي مشاورات قادمة"، بحسب المحلل السياسي محمد امطيريد، معتبراً أن الانقسام الدولي سيخنق أكثر المصالح الروسية لأن هذه الخطوة تأتي قبل استلام إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهماتها الجديدة في الـ20 من الشهر القادم.

وتابع أن هذا الاتفاق سيدخل طور التنفيذ على رغم أنه لم يقع الإعلان عن مخرجاته، وبين امطيريد أن "لندن قادت هذه المحادثات بصورةها المعتاد لأن لقاء ‘ولتن بارك‘ ليس اجتماعها الأول للبحث في الملف الليبي فهناك اجتماعات عقدت سابقاً في 2018 و2019 وحتى 2020 وشهدت مشاركة دول عدة، لكن يبدو أن اجتماع لندن هذه المرة أمني أكثر منه سياسي، وهو ما يجعل الأمن القومي للدولة الليبية على المحك".

زعماء القبائل

الباحث الإستراتيجي السوداني بمنصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام، محمد تورشين، قال إن اجتماع لندن من المحاولات الدولية الأكثر جدية لحل الأزمة الليبية ولكن ما يجعل فرصة تطبيق مخرجاته أقل حظاً هو أن الجانب البريطاني يصنف دوماً بالمنحاز للشق الغربي (حكومة طرابلس) ما سيدفع أطراف الصراع في الشرق الليبي للتحفظ على كثير من الأشياء، تحفظ سينعكس سلباً على مستقبل الحوار السياسي وآلياته.

واستبعد تورشين تحقيق أي نتائج ملموسة لحوار سياسي سيولد من رحم المجتمع الدولي وذلك لتداخل المصالح الدولية هناك، معتبراً أن الفرقاء الليبيين بحاجة إلى وسيط ليبي - ليبي على قدر من الاستجابة من قبل الأطراف الليبية المتصارعة، وأن الجهات التي من الممكن أن تكون وساطتها مقبولة هي شيوخ القبائل، وبخاصة شيوخ الجنوب الليبي تحديداً لأن الجنوب بقي بعيدا من الصراع على عكس الشرق والغرب الليبي.

وقت مناسب

"يبدو أن الاهتمام البريطاني بالقضية الليبية جاء عقب دخول الأتراك والروس هناك، فلاشك أن الغرب بحاجة ماسة للنفط والغاز الليبيين بخاصة بعد الأزمة الأوكرانية واختيار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدخول في حرب الغاز مع الدول الأوروبية التي تستورد كميات كبيرة من هذه المادة الضرورية سواء للحياة اليومية لمواطنيها أو لصناعاتها"، هكذا علق السياسي الليبي  أشرف بودوارة على اجتماع لندن حول ليبيا، معتبراً أن "هذه المبادرة البريطانية هدفها الرئيس الحد من التوغل الروسي في ليبيا  أكثر منه انتشال ليبيا من مستنقع المراحل الانتقالية، بخاصة أن ليبيا دولة عبور من القارة الأفريقية نحو القارة العجوز بشاطئ يمتد على أكثر من 1900 كيلومتر مع أوروبا".

وقال بودوارة إن "بريطانيا تحركت في هذا التوقيت للحفاظ على مصالحها ومصالح حلفائها، فليبيا غنية بحقول النفط والغاز وهناك مصالح سياسية وجغرافية واقتصادية مهمة مع أميركا والاتحاد الأوروبي تضمن إبرام اتفاقات للتنقيب عن الغاز والبترول وتطوير الصناعات النفطية، خصوصاً مشروع الغاز الطبيعي في غرب ليبيا وشرقها وحقول النفط في جنوبها، والتصدير إلى الأسواق الأميركية والأوروبية القريبة، لكن هذا يتطلب أن تكون ليبيا مستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على المدى البعيد، أمر دفع بريطانيا للتحرك لكسر جمود الواقع الليبي".

ونصح بودوارة المجتمع الدولي بإعادة تركيز الاهتمام الدولي على دعم الرجوع إلى دستور عام 1951 لأنه يعد أفضل وسيلة لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي لضمان تدفق إمدادات النفط والغاز إلى الأسواق الأميركية والأوروبية، بدلاً من دعم المعرقلين أو دعم حكومات موقتة ومراحل انتقالية مُسكنّة قد تدخل البلد في حروب أخرى وفساد وتهريب وغسيل أموال.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير