ملخص
متخصص في الشأن العسكري حذر من خطورة وجود مقاتلي نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ليبيا، باعتبار أنهم ما زالوا يتمتعون بقوة قتالية من الأقرب أن توظفها روسيا لتقويض وقف إطلاق النار بين الشرق والغرب الليبي، وأيضاً لتعزيز وجودها في أفريقيا.
يبدو أن سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد لن يلقي بظلاله على الداخل فحسب، إذ بدأت تلوح في الأفق تخوفات من حدوث تغيرات جيوسياسية وإقليمية، ربما تنعكس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الأنظمة السياسية العربية وبخاصة الهشة منها، إذ قال مركز الدراسات الأمنية والعسكرية في ليبيا إن بلاده مهيأة محلياً وإقليمياً ودولياً لاندلاع حرب جديدة بين القطبين الشرقي والغربي، في ظل تنامي النفوذ الروسي في أفريقيا انطلاقاً من الشرق والجنوب الليبي الذي يقع تحت سيطرة قائد قوات الجيش الليبي في المنطقة الشرقية المشير خليفة حفتر.
طبول الحرب
المتخصص في الشأن العسكري العقيد عادل عبدالكافي حذر من تحول ليبيا إلى ساحة حرب داخلية ودولية، ستأتي على جميع دول المنطقة الأفريقية التي تعاني جل أنظمتها هشاشة أمنية وسياسية، مما يستدعي تصدي الدول الغربية نظراً إلى قرب ليبيا من الساحل الجنوبي لقارة أوروبا.
عبدالكافي حذر من دخول مقاتلي نظام الأسد إلى ليبيا باعتبارهم ملاحقين من قبل عناصر المعارضة السورية التي تولت زمام الحكم، متوقعاً أن تفقد روسيا مواقعها بصفة أكبر في سوريا على خلفية دعمها لنظام الرئيس السوري المخلوع في جميع عملياته العسكرية ضد المعارضة السورية التي أطاحته.
وأضاف أن المعارضة السورية ستركز على إنهاء الوجود الروسي على أراضيها بدءاً بتقليصه ثم الانتقال إلى المرحلة التي ستنهي وجودهم تماماً، لا سيما في ظل السقوط الآلي لجميع الاتفاقات التي أبرمتها روسيا مع نظام الأسد، مما سيدفع موسكو لاتخاذ خطوات عدة أولاها إيجاد موطئ قدم لعناصرها وعتادها في ليبيا والسودان، وذلك عبر نقل عتادها العسكري من قواعد طرطوس وحميميم في سوريا إلى كل قواعد الجفرة وبراك الشاطئ والخروبة والقرضابية المحاذية لسرت (تتوسط الغرب والشرق الليبي)، والأخيرة ستتخذها كقاعدة عمليات لنقل إمدادات السلاح وعناصر الفيلق الروسي الأفريقي لتعزيز وجوده في دول الساحل والصحراء وغرب ووسط أفريقيا.
مقاتلو الأسد
وأكد العقيد عادل عبدالكافي أن روسيا في حاجة إلى تعزيز القوتين النيرانية والقتالية لعناصرها حتى تتمكن من بسط نفوذها في القارة السمراء، لذلك ستلجأ إلى ضم العناصر الأمنية السورية (التابعة لنظام الأسد) لتتحول بذلك ليبيا إلى مركز لاستقطاب العناصر البشرية، إذ من المتوقع أن يرتفع عدد عناصر الفيلق الروسي الأفريقي إلى ما يقارب 45 ألف عنصر من جنسيات مختلفة، لكن هذه المرة ستتحول نواة تشكيل الفيلق الأفريقي الروسي إلى عناصر "سورية بشارية"، وهي عناصر أمنية لديها قدرة عالية على القتال ونهب الثروات وجميعها صفات مطلوبة في صفوف مرتزقة الفيلق الأفريقي الروسي، مما يجعل ليبيا في خطر اندلاع صراع مسلح خلال أي وقت بين القطبين الغربي والشرقي سيطاول أيضاً كلا من جمهورية أفريقيا الوسطي والسودان وعدداً آخر من الدول الأفريقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال عبدالكافي إن التمدد الروسي في أفريقيا يحتاج إلى أسلحة متطورة غير تلك التي تركت في حقبة القذافي، موضحاً أنه مع استقدام روسيا لمقاتلي بشار إلى ليبيا ستنقل أيضاً طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي وصواريخ مضادة للدروع والتحصينات. ونوه بأن روسيا بدأت فعلياً في عملية نقل جزء من عتادها العسكري نحو ليبيا وذلك من طريق رحلات جوية هبطت مباشرة في قاعدتي براك الشاطئ والجفرة العسكرية على مدى الأسابيع الماضية، التي سبقت انهيار نظام الأسد.
وأكد أنها جلبت حالياً عناصر من مقاتلي نظام الأسد وأيضاً عناصر روسية على درجة عالية من القتال، إذ كانت تابعة لـ "فاغنر" سابقاً المعروفة حالياً بالفيلق الأفريقي الروسي، وهي التي كانت تقاتل بهم روسيا المعارضة السورية لدعم بقاء الأسد.
وبيَّن أن بقايا مقاتلي نظام الأسد سيتواصل نقلها جواً إلى القواعد العسكرية الروسية في ليبيا ليعاد بعدها نشرهم في دول الساحل والصحراء الأفريقية، منوهاً بأن الأسلحة التي تجلبها روسيا من سوريا هي فقط لتعزيز قدراتها القتالية في ليبيا كموقع استراتيجي يقابل قواعد الناتو جنوب المتوسط، وأيضاً لدعم العمليات العسكرية في الدول الأفريقية نظراً إلى أن هذه الدول تشكل موارد ثروات ستعزز خزائن روسيا، لتوسيع رقعة انتشارها في أفريقيا.
وحذر المتخصص في الشأن العسكري من خطورة وجود مقاتلي نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ليبيا باعتبار أنهم ما زالوا يتمتعون بقوة قتالية، من الأقرب أن توظفها روسيا لتقويض وقف إطلاق النار بين الشرق والغرب الليبي، وأيضاً لتعزيز وجودها في أفريقيا من طريق استخدام المجالس العسكرية وتحريكها لإلغاء الاتفاقات العسكرية الدولية، على غرار ما حدث للقوات الفرنسية والأميركية في النيجر وتشاد.
وأوضح أنه مع خروج القوات الفرنسية والأميركية من بوركينافاسو ونيجيريا وغيرهما من الدول الأفريقية، أصبحت روسيا في حاجة إلى عدد أكبر من عناصر الفيلق الأفريقي الروسي لملء هذا الفراغ، وأمنياً لا يوجد أمامها أفضل من بقايا عناصر الأسد الذين سيضخون دماء جديدة في الفيلق الأفريقي الروسي، مما سينتج منه توسع في التمدد الروسي في ليبيا وبقية دول أفريقيا.
رحلات مدنية
المحلل السياسي المقرب من المعسكر الشرقي محمد قشوط قال إن التقارير التي تتحدث عن نقل معدات عسكرية روسية من سوريا إلى ليبيا غير دقيقة، مؤكداً أن معسكر الرجمة اعتاد على مثل تلك الاتهامات. ونوه بأن هذه المعلومات تأتي ضمن الصراع الأوروبي الروسي على أفريقيا انطلاقاً من ليبيا، بحكم التعاون العسكري الكبير بين روسيا والمشير خليفة حفتر.
وتابع أن التعاون العسكري بين القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية بالشرق وروسيا معلوم وليس مخفياً، ونقطة الوصل بينهما هي قاعدتا طرطوس وحميميم داخل سوريا في إطار التعاون العسكري وتبادل الخبرات، وهو تعاون لا يتعدى مستوى تبادل الخبرات الأمنية والإمدادات العسكرية، بحسب قوله.
ونفي نقل أية شحنات أسلحة من سوريا إلى ليبيا خلال فترة سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، موضحاً أنه لم تأت أية رحلات من سوريا إلى الشرق الليبي محملة بعتاد عسكري للجيش الليبي الذي تربطه اتفاقات تعاون عسكري رسمي مع دول معروفة للجميع مثل مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا، منوهاً بأن الجيش الليبي يتحصل على إمداداته من خلال هذه القنوات الرسمية المعلنة. وتابع أنه بالفعل توجد رحلات مدنية على خطوط أجنحة الشام بين ليبيا وسوريا منذ أكثر من عامين، بعد فتح الخط الجوي لكنها رحلات مدنية خالصة بعيدة من أية شبهة تهريب أسلحة أو أية عناصر أمنية تحت مسمى المرتزقة.