Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شكوك حول قدرة ترمب على أن يكون "إمبراطور الطاقة"

شركات النفط والغاز الأميركية تضع في حساباتها معادلة قوى العرض والطلب داخل الأسواق

يسعى ترمب إلى خفض عجز الموازنة الأميركية إلى ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (اندبندنت عربية)

ملخص

يستهدف ترمب، كما قال هو بنفسه "هيمنة عالمية على أسواق الطاقة"، وفي هذا السياق ستعمل إدارته على تخصيص مزيد من الأراضي الفيدرالية والأحواض البحرية للتنقيب والاستكشاف وإنتاج الطاقة، وستسهل الموافقة على تصاريح الغاز الطبيعي المسال

كما هو معروف عنه، لا يحبذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التفكير الاستراتيجي ولا الأمور المعقدة، إنما يفضل الشعارات البسيطة، ولخص له مرشحه لتولي وزارة الخزانة سكوت بيسنت أهدافه الرئيسة بعبارة "ثلاث ثلاثات".

فهو يريد خفض عجز الموازنة الأميركية إلى ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويرغب أيضاً في زيادة النمو الاقتصادي إلى النسبة نفسها سنوياً، كذلك يسعى إلى زيادة إنتاج أميركا من النفط والغاز بما يعادل 3 مليون برميل يومياً بحلول عام 2028.

وإذا كان الهدفان الأول والثاني ضمن السياسات الاقتصادية والمالية للحكومة الفيدرالية، فإن الهدف الأخير ليس في متناول يد الإدارة الأميركية، إذ إن إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة تقوم به شركات الطاقة الكبرى، وهي شركات خاصة تعتمد في استراتيجياتها على وضع السوق ومعادلة العرض والطلب والأسعار والعائد وهامش الربح، على عكس كثير من الدول النفطية الأخرى التي تنتج فيها شركات وطنية يمكن للحكومة تحديد سعتها الإنتاجية بحسب الاحتياطات الموجودة وأيضاً متطلبات السوق.

وتتبنى إدارة ترمب المقبلة وتيرة مزيد من الحفر واستخراج الطاقة من دون أي قيود كتلك التي فرضتها إلى حد ما إدارة الرئيس جو بايدن الحالية.

هدف صعب التحقق

ويستهدف ترمب، كما قال هو بنفسه "هيمنة عالمية على أسواق الطاقة"، وفي هذا السياق ستعمل إدارته على تخصيص مزيد من الأراضي الفيدرالية والأحواض البحرية للتنقيب والاستكشاف وإنتاج الطاقة، وستسهل الموافقة على تصاريح الغاز الطبيعي المسال.

وستشكل إدارة ترمب ما يسمى "مجلس الطاقة الوطني" ومهمته إلغاء القيود الإدارية وقواعد التنظيم بما يسمح للشركات بمزيد من الحفر والإنتاج والتوزيع.

بالطبع سيؤدي هدف زيادة إنتاج الطاقة إلى المساعدة في تحقيق الأهداف الأخرى، فزيادة الصادرات من النفط والغاز، خصوصاً الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا الذي زاد منذ تخلي أوروبا عن الغاز الروسي ضمن العقوبات على موسكو بسبب حرب أوكرانيا، تقلل من فجوة العجز التجاري الأميركي، وعائدات الضرائب على شركات الطاقة ستزيد مما يحسن وضع الموازنة، ويمكن أيضاً لإدارة ترمب تشديد العقوبات أكثر على إيران من دون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المشتقات في محطات البنزين الأميركية، إضافة إلى أن زيادة إنتاج الغاز الطبيعي يمكن أن تسهم في توفير الطاقة الهائلة التي تحتاج إليها مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

على أية حال، يبدو كل ذلك تطوراً إيجابياً إذا تحقق هدف زيادة إنتاج الطاقة بهذا القدر، لكن تحليل مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير يرى أن وصول ترمب إلى أن يكون إمبراطور الطاقة في العالم صعب المنال.

وصحيح أن شركات الطاقة الأميركية زادت إنتاجها بقوة خلال الأعوام الأخيرة، خصوصاً منذ حرب أوكرانيا ليصل الإنتاج الأميركي من النفط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 13.5 مليون برميل يومياً من نحو 11.5 مليون برميل يومياً قبل حرب أوكرانيا، لكن ذلك المسار قد لا يستمر.

ونتيجة عمليات الاندماج والإفلاس في الشركات الصغيرة التي كانت تتولى إنتاج النفط الصخري منذ العقد الماضي، أصبح الإنتاج في يد مجموعة صغيرة من الشركات الكبرى، وكانت تلك الشركات الصغيرة هي المسؤولة عن استمرار زيادة الإنتاج الأميركي، إلى أن أدى فائض الإنتاج في الأسواق العالمية وانهيار الأسعار إلى خروجها من السوق.

ويبدو بحسب كثير من المحللين في أسواق الطاقة إن "فورة" إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة انتهت الآن.

الشركات والسوق

وتتفادى شركات الطاقة الكبرى استراتيجيات تحمل مخاطرة كبيرة، وحملة أسهمها يريدون دوماً عائدات كبيرة على أسهمهم، مما يعني ضرورة تقليل كلفة الإنتاج، وهكذا، وبحسب مسح للاحتياط الفيدرالي الأميركي في كنساس سيتي، فإن شركات النفط الصغرى لن تتشجع على الدخول في مزيد من مشاريع الإنتاج، ما لم تصل أسعار النفط إلى 89 دولاراً للبرميل في المتوسط، بالتالي، ومع سعر الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) أقل من 70 دولاراً للبرميل حالياً، يبقى هدف زيادة الإنتاج بعيد المنال الآن.

ومن أسباب الفشل المحتمل لهدف إدارة ترمب الهيمنة على سوق الطاقة العالمية وزيادة الإنتاج بهذا القدر الهائل، غير استراتيجيات الشركات الكبرى التي تستهدف الاستثمار في ما يحقق العائد وليس لتحقيق أهداف الإدارة الفيدرالية، وضع السوق العالمية، فهناك أيضاً فائض كبير بالفعل من المعروض النفطي في السوق جعل تحالف "أوبك+" يؤجل قرار التخلي عن خفض الإنتاج إلى العام المقبل، ولدى دول "أوبك" احتياط إنتاج كبير غير مستغل، يمكن أن يجعلها تضخ مزيداً من النفط للحفاظ على نصيبها من السوق العالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كل ذلك في وقت يتباطأ نمو الطلب على النفط، فقد خفضت "أوبك" قبل أيام توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط، بسبب التباطؤ الواضح في نمو الاقتصادات الكبرى المستهلكة للطاقة.

لذا، توقعت هيئة معلومات الطاقة الأميركية الرسمية ألّا يزيد إنتاج النفط الأميركي أكثر من 0.6 مليون برميل يومياً حتى عام 2028 (خُمس ما تستهدفه إدارة ترمب)،  وقبل أسبوع، خفضت شركة "شيفرون" ثاني أكبر شركة طاقة أميركية خطط الإنفاق الاستثماري للعام المقبل 2025.

أيضاً، ستعمل إدارة ترمب المقبلة على خفض الضرائب والرسوم على شركات الطاقة لتشجيعها على زيادة الإنتاج، مثل علاوة تسرب غاز الميثان التي فرضتها إدارة بايدن، لكن معظم المحللين يرون أن ذلك لن يفيد سوى شركات صغيرة.

ويقدر المحللون في بنك "سوسييتيه جنرال" الاستثماري بأن كل خطط خفض الضرائب على شركات الطاقة قد لا تزيد الإنتاج أكثر من 200 ألف برميل يومياً.

التركيز على الغاز

وتخطط إدارة ترمب أيضاً لتسريع إصدار التصاريح لإنشاء خطوط الأنابيب، مما يساعد بعض الآبار النائية على الدخول في شبكة التوزيع، إلا أن تحليل المجلة وآراء الخبراء يقللان من أهمية هذه الخطوة، ويذكّر هؤلاء بتجربة سابقة في فترة رئاسة دونالد ترمب الأولى حين توسعت في إصدار التصاريح لكن بواسطة موظفين جدد قليلي الخبرة، مما أدى إلى إلغاء معظمها بدعاوى قضائية.

ربما يكون التفكير في زيادة إنتاج الغاز أسهل كثيراً من الحديث عن زيادة إنتاج النفط بهذا القدر الكبير (في الأقل نظرياً)، فمنذ حرب أوكرانيا عام 2022، زاد إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى أوروبا بقوة، إذ تقدر شركة "رايستاد إنرجي" بأن تزيد قدرة التصدير الأميركية إلى 22.4 مليار قدم مكعبة يومياً بحلول عام 2030، من 11.3 مليار قدم مكعبة يومياً عام 2023، بزيادة 1.9 مليون برميل يومياً من المكافئ النفطي.

إلا أن تلك التوقعات تبدو مغرقة في التفاؤل بحسب المحللين الذين خلصت "إيكونوميست" إلى تجميع آرائهم، كما أن هيئة معلومات الطاقة الرسمية لا تتوقع زيادة في إنتاج الغاز أكثر من 0.5 مليون برميل يومياً من المكافئ النفطي عن إنتاج هذا العام.

ويتعين وجود حافز عملي للشركات لزيادة الإنتاج غير رغبة إدارة ترمب وتسهيلات التصاريح والرسوم، فبحسب مسح الاحتياط الفيدرالي لكنساس سيتي، ستتشجع الشركات على زيادة الإنتاج إذا وصل سعر الغاز الطبيعي إلى 4.24 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، إلا أن المنتجين لا يتوقعون زيادة الأسعار خلال العامين المقبلين إلى أكثر من 3.33 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية عن مستواها الحالي عند ثلاثة دولارات.

وصحيح أن الطلب على الغاز مرشح للنمو أكثر، إلا أن هناك مشاريع في طور الإنتاج قريباً في أستراليا وقطر وغيرها من البلدان، وهكذا تبدو طموحات ترمب ومرشحه لتولي وزارة الخزانة في إدارته مغرقة في التفاؤل، خصوصاً في ما يتعلق بالهيمنة على أسواق الطاقة العالمية.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز