ملخص
منذ عام 2016 تشهد سوق الصرف في مصر تغيرات كبيرة تزامنت مع إعلان الحكومة عن تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي بدأ بتحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار (التعويم). فخلال الأعوام الماضية خفض الجنيه المصري خمس مرات فقد خلالها نحو 84.6 في المئة من قيمته أمام الورقة الأميركية الخضراء.
على رغم الخسائر المتتالية للجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، توقع بنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس" أن يبدأ الجنيه المصري في الانتعاش أمام الدولار الأميركي أوائل عام 2025، مع تراجع سلسلة من تدفقات المحافظ الخارجية الموسمية.
وأوضح أن ذلك الانخفاض يشير إلى مرونة أكبر في الجنيه المصري الذي شهد فترات طويلة من الاستقرار، بعد أن فرضت السلطات خلال مارس (آذار) 2024، رابع خفض لقيمته منذ أوائل عام 2022.
ومنذ عام 2016 تشهد سوق الصرف في مصر تغيرات كبيرة تزامنت مع إعلان الحكومة عن تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي بدأ بتحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار (التعويم). فخلال الأعوام الماضية خفض الجنيه المصري خمس مرات فقد خلالها نحو 84.6 في المئة من قيمته أمام الورقة الأميركية الخضراء.
وتشير البيانات إلى أن سعر صرف الدولار أمام العملة المصرية قفز من مستوى 7.80 جنيه قبل أول خفض نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 إلى نحو 50.75 جنيه حالياً.
وتشير هذه الأرقام إلى أن متوسط الزيادة في سعر صرف الدولار بلغ أكثر من 550 في المئة خلال الأعوام الثمانية الماضية، بمتوسط زيادة سنوية بأكثر من 68 في المئة.
المستثمرون يفضلون جني الأرباح
في تقرير "غولدمان ساكس" قال المتخصص في الشأن الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك فاروق سوسة، إن "السبب وراء تراجع الجنيه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري كان في عمليات استرداد سندات الخزانة قصيرة الأجل، والتي صدرت خلال وقت سابق من هذا العام، إذ اختار المستثمرون جني الأرباح نهاية العام".
وذكر أن هذا يؤدي إلى انخفاض معدلات تجديد المراكز، خصوصاً أن وزارة المالية قاومت حتى وقت قريب رفع العائدات في المزاد من أجل إبقاء كلفة الاقتراض منخفضة.
وتابع، لكن مع احتمال أن يبدأ البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة المرتفعة خلال الربع الأول عام 2025، فمن المتوقع إصدار مزيد من السندات بما في ذلك سندات الخزانة طويلة الأجل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال سوسة إن "هذا من شأنه أن يمنح المستثمرين فرصة لإعادة دخول السوق المحلية، وهو ما من شأنه أن يدعم الجنيه المصري"، مشيراً إلى أن أداء العملة المصرية يخضع لمراقبة دقيقة من قبل المستثمرين الساعين إلى تحقيق عوائد مرتفعة، ومن قبل صندوق النقد الدولي الذي يريد للعملة أن تعكس بدقة العرض والطلب.
وبالفعل، تخطط الحكومة المصرية لإصدار أول صكوك سيادية مقومة بالجنيه في السوق المحلية بدءاً من العام المالي 2025/2026، إذ قالت مصادر مطلعة إن الخطوة تهدف إلى تمويل الاستثمارات العامة من خارج الموازنة العامة، وتأتي خلال وقت تبدأ فيه الجهات الحكومية إعداد موازناتها للعام المالي المقبل.
الدولار يقترب من 51 جنيهاً
وخلال التعاملات الأخيرة تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار في البنوك المحلية، ليصل إلى مستوى قياسي جديد للمرة الأولى عند 50.90 جنيه مقابل الدولار.
وسجل سعر بيع الدولار 50.90 جنيه في بنوك "أبوظبي الإسلامي" و"تنمية الصادرات" و"الشركة المصرفية" و"الأهلي المتحد" و"قطر الوطني"، بينما سجل 50.87 جنيه في "المصرف العربي".
أما في بنكي "الأهلي المصري" و"القاهرة" فبلغ سعر بيع الدولار 50.86 جنيه وفي بنك "مصر" 50.85 جنيه، في حين سجل أقل سعر للبيع لدى بنك "أبوظبي التجاري" عند 50.27 جنيه.
ومقابل التوقعات الإيجابية لبنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس"، تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي ليصل إلى مستوى 56.26 جنيه خلال العام المالي 2024/2025، ثم يواصل الصعود إلى نحو 58.39 جنيه خلال العام المالي التالي، ثم يرتفع إلى 59.46 جنيه خلال العام المالي 2026/2027، ليستقر عند مستوى 59.67 جنيه لعامين متتاليين حتى عام 2029.
وفي الوقت ذاته لا يمكن فصل خسائر الجنيه مقابل الدولار عن الخسائر التي تواجه عملات الأسواق الناشئة مقابل الورقة الأميركية الخضراء منذ بداية العام الحالي، فمنذ بداية عام 2014 بلغت خسائر الجنيه مقابل الدولار نحو 39 في المئة.
الجنيه المصري يفقد 84 في المئة من قيمته
في ما يتعلق بتحركات الدولار الأميركي مقابل الجنيه، خسر الجنيه نحو 84 في المئة من قيمته خلال الأعوام الثمانية الأخيرة.
وفي أول قرار تعويم عام 2016 وبخلاف السعر الاسترشادي الذي حدده البنك المركزي المصري عند مستوى 13 جنيهاً للدولار، ارتفع سعر الصرف ليسجل زيادة 131 في المئة بعدما قفز سعر الدولار إلى 18 جنيهاً خلال ديسمبر (كانون الأول) 2016، مقابل 7.80 جنيه قبل قرار "التعويم" خلال نوفمبر 2016.
وظلت السوق في حال هدوء حتى عام 2022، إذ قرر البنك المركزي المصري خلال مارس 2022 خفض قيمة الجنيه من 15.77 جنيه مقابل الدولار إلى 19.7 جنيه، بتراجع 25 في المئة.
أما الخفض الثالث فكان خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2022، إذ خفض الجنيه من 19.7 جنيه للدولار إلى 24.7 جنيه للدولار بتراجع 25.4 في المئة، فيما كان الخفض الرابع خلال يناير (كانون الثاني) 2023، بعدما خفض الجنيه من 24.7 جنيه للدولار إلى 32 جنيهاً للدولار بتراجع 30 في المئة.
وكان الخفض الأخير خلال مارس الماضي حينما قرر البنك المركزي المصري خلال اجتماع استثنائي زيادة أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس، وسمح لسعر صرف الجنيه أن يتحدد وفق آليات السوق. وعقب صدور القرارات قفز سعر صرف الدولار إلى مستوى يتجاوز 45.30 جنيه، مواصلاً صعوده ليسجل نحو 50.75 جنيه في الوقت الحالي.