Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العرب وسوريا الجديدة

تحررها من الطغيان وهيمنة روسيا وإيران يجب ألا يستبدل بنفوذ تركي يفرض الولاء لأردوغان

دعوات إلى الإسراع بالحضور العربي في سوريا الجديدة للإسهام في تشكيل مستقبلها كواجب لا منّة (أ ف ب)

ملخص

تئن سوريا اليوم من خراب ودمار خلفه الطاغية الهارب بشار الأسد ونظامه، وتتعرض لضربات مستمرة وتعديات على سيادتها من قبل إسرائيل، وعلى العرب المسارعة إلى تضميد جراحها والإسهام في إعادة بنائها وعدم تركها عرضة لمطامع الآخرين في وقت عوزها وفاقتها.

في عام 2003 اجتاحت الولايات المتحدة الأميركية العراق وأسقطت طاغيته صدام حسين في أيام قليلة، فهرب صدام حسين وتخفى شهوراً داخل العراق، ثم ألقت عليه القوات الأميركية القبض مختبئاً داخل جحر تحت الأرض في ديسمبر (كانون الأول) 2003، فحوكم علناً ثم أعدم بنهاية عام 2006.

كان العرب يتفرجون على ما يجري في العراق بعيد سقوط حكم الطاغية صدام حسين، وكانت إيران قد تسربت بميليشيات شيعية - سياسية تابعة لها، فسلمت أميركا حكم العراق لهذه الميليشيات التي لا تزال حتى اليوم، وغالبيتها تدين بالولاء والتبعية علناً لطهران وللمرشد العام لإيران السيد علي خامنئي، وقد حاول العرب متأخرين التأثير في سير المشهد العراقي لكنهم تأخروا كثيراً، وكانت "الطيور قد طارت بأرزاقها"، وانتشرت صور الخميني والخامنئي في العراق طولا وعرضاً، وصارت إيران تتباهى بأن العراق تابع لها، تعيّن رئيسه ورئيس وزرائه وبرلمانه، وتستنزف خيراته وتبيع منتجاتها في أسواقه وتغرقها بالمخدرات من دون قيود، وتغسل أموال نفطها المهرب عبر مصارفه وتقمع عبر ميليشياتها من طالب من شباب العراق بوطن أو صرخ "إيران برا برا"، فقتلت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أكثر من 800 شاب وشابة عراقيين، احتجوا على أوضاع بلادهم المتدهورة بسبب الاحتلال الإيراني لها.

في الثامن من ديسمبر الجاري هرب طاغية سوريا بشار الأسد إلى موسكو بعد أن ترك البلاد تسيل دماً وألماً وجروحاً، وخلف وراءه خرائب لمدن كانت حواضر عربية، مثل دمشق وحلب وحماه وحمص وغيرها، واليوم يسيطر الثوار على البلاد وتتشكل سوريا الجديدة أمام أعين العرب وهم يتفرجون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مساء أمس وصل إلى مطار دمشق المهدم والمغلق وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يرافقه رئيس الاستخبارات التركي الحالي، ويذكر أن السيد هاكان فيدان كان رئيساً للاستخبارات التركية العامة قبل أن يتبوأ منصبه كوزير للخارجية، ويسميه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "كاتم أسراره". والوزير التركي هو أول مسؤول دولي يصل إلى سوريا الجديدة بعد أربعة أيام فقط من هرب بشار الأسد وسقوطه وسيطرة الثوار الهشة على سوريا، أي أن المسؤول التركي وصل في الوقت المناسب باكراً ليسهم في تشكيل سوريا الجديدة قبل أن "تطير الطيور بأرزاقها".

ويناشد الحريصون ضرورة الإسراع بالحضور العربي في سوريا الجديدة للإسهام في تشكيل مستقبلها كواجب لا منّة، فتحرّر سوريا من الطغيان و هيمنة روسيا وإيران يجب ألا تستبدل بهيمنة تركية تفرض الولاء لأردوغان.

سوريا اليوم تئن من خراب ودمار خلفه الطاغية المعتوه الهارب بشار الأسد ونظامه، وتتعرض لضربات مستمرة وتعديات على سيادتها من قبل إسرائيل، وعلى العرب المسارعة إلى تضميد جراحها والإسهام في إعادة بنائها وعدم تركها عرضة لمطامع الآخرين في وقت عوزها وفاقتها، وعلى دول الخليج ومصر والأردن والمغرب، بالدرجة الأولى، التعجيل بالحضور على الساحة السورية وفتح قنوات باكرة للحوار مع الثوار، للمباركة بسقوط الطغيان والتعزية بمآسي بشار الأسد ونظامه، والمشاركة في أفراح انبلاج فجر الحرية، والمساندة لتجاوز كوارث المرحلة الأسدية المشؤومة، وقد تواردت أنباء وقت كتابة هذه المقالة عن دعوة أردنية عاجلة إلى العرب للاجتماع في عمّان والتباحث حول تطورات الأوضاع في سوريا، ولعلها بداية لصحوة عربية باكرة تستهدف ألا تقع سوريا تحت الهيمنة التركية، مثلما هيمنت إيران على العراق بعد سقوط صدام حسين.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء