Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علم الهيئة إلى جانب العلم السوري الجديد أثار قلقا على مستقبل البلاد

أظهرت حكومة البشير مرونة تجاه المطالبات الشعبية بتوحيد الرمز الوطني

سوريون يرددون الشعارات ويلوحون بالعلم الجديد أثناء تجمعهم لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأموي في دمشق، الجمعة 13 ديسمبر 2024 (أ ب)

ملخص

تتفق غالبية الأصوات على أنه من المبكر الحكم على سوريا الجديدة، وأن الفوضى حتى الآن تعتبر أقل من المتوقع بكثير بالنسبة إلى الأيام الأولى من سقوط حكم دكتاتوري استمر حكمه لأكثر من 60 سنة بالحديد والنار، مع حرب طاحنة دامت أكثر من 13 عاماً، إضافة إلى السرعة التي سقط بها النظام.

إطلالة واحدة لعلم آخر إلى جانب علم سوريا الجديدة كانت كفيلة بخلق موجة من الاعتراض، فالمعارضة متيقظة والأهم أنها واعية وتراقب عمل "هيئة تحرير الشام" وفرق العمليات والحكومة الجديدة بعين الساعي إلى تأمين التغيير الحقيقي، وليس استبدال الأسماء فحسب، إذ انتشرت رسائل بعد ظهور علم الهيئة (راية التوحيد) بجانب العلم الجديد، تدعو رئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير إلى أن يعمل كرئيس حكومة لكل السوريين بكل أطيافهم، وبذلك تكون لراية "الهيئة" مكانها في مقر الهيئة وليس على طاولة رئاسة الوزراء.

العلم الجامع

وأجمعت غالبية السوريين على أن العلم الوحيد المتفق عليه هو علم الاستقلال الذي يجمع كل السوريين، وأنه كما أثار سابقاً حفيظة السوريين وجود أعلام ذات صبغة حزبية أو دينية أو دينية سياسية إلى جانب علم الدولة في أماكن لا يجب أن يوجد فيها، كذلك فعل علم "الهيئة"، ومن هنا بدأت حملات على منصات التواصل الاجتماعي، حملت إحداها عنوان "الدين بينك وبين ربك والوطن للجميع"، للتأكيد على الإرادة المشتركة في الوصول إلى "سوريا حرة معتدلة متطورة تتسع لجميع أطياف المجتمع السوري".

فاليوم يمثل سوريا الحرة علم الاستقلال، أو علم الجمهورية السورية الأولى الذي اعتمد كعلم رسمي للبلاد عندما نالت استقلالها، وهو عبارة عن ثلاثة أشرطة أفقية متوازية ملونة من الأعلى للأسفل بالأخضر والأبيض والأسود، وضمن المستطيل الأبيض في الوسط ثلاث نجوم خماسية حمراء اللون، ويجمع تحت ألوانه ونجومه الثلاث كل أطياف الشعب السوري، إذ يمثل اللون الأخضر الخلافة الراشدة والأبيض الدولة الأموية ويرمز اللون الأسود للدولة العباسية، أما النجوم الحمراء الثلاث فكانت تمثل ثلاث مناطق في سوريا، وهي حلب ودمشق ودير الزور، ثم تغيرت معانيها عام 1936 بعد ضم سنجق اللاذقية وجبل الدروز إلى سوريا، لتمثل النجمة الأولى حلب ودمشق ودير الزور والثانية جبل الدروز والثالثة تمثل سنجق اللاذقية.

وبقي "العلم الأخضر" معتمداً حتى إعلان الوحدة بين سوريا ومصر وإنشاء الجمهورية العربية المتحدة عام 1958، ليعود اليوم معلناً استقلال سوريا من سياسة الاستبداد والإقصاء.


آراء عامة

وفي جولة سريعة على آراء الشارع السوري، يؤكد بعض منهم أنها فترة عرضية تشتعل فيها حماسة الثورة لدى كل الأطراف بعد ما يزيد على 60 سنة من الاستبداد، وسيتغير كل شيء بعد استقرار الأوضاع، بينما يقول بعضهم الآخر أن لا علم لسوريا الدولة اليوم سوى علم الاستقلال، مضيفاً "لم نتخلص من علم حزب البعث كي نضع أعلاماً جديدة إلى جانب العلم الجامع للسوريين"، بينما يذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، قائلين "ستذهب سوريا إلى غير عودة إن استمروا هكذا"، وأنه لا يقوم بلد يرفع فيه أكثر من علم، وأن وضع علم الجماعة في اجتماع "حكومة الإنقاذ" يعد بداية غير موفقة، مطالبين بألا تنهى عن خلق وتأتي بمثله، والانتباه إلى أن ما وصلت إليه سوريا كان بسبب أصحاب الفكر الإقصائي الذي حيد وحارب وعاقب كل من حاول أن يدلي برأي مخالف للحزب الواحد.
على الجهة الأخرى نسمع آراء من قبيل أن "القصة لا تستحق كل هذا السجال، فقد قال رسول الله: أفضل ما قلت أنا والنبيين من بعدي لا إله إلا الله"، ويوافقه آخر أن "راية التوحيد ليست كأي راية، فهي الراية التي ستبقى إلى قيام الساعة"، بينما يعرب آخرون أن الغالبية الساحقة من شعب سوريا مسلمون، فأين الخطأ في رفع راية التوحيد؟ وأن الصورة التي تصل اليوم عن الإسلام ورموزه مغلوطة والدين الإسلامي بعيدة كل البعد من هذه الصورة، وفي خضم هذه المناقشات يأتي صوت المعارضة والنخب السورية أكثر وضوحاً وعقلانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تفاعل المؤثرين

وكتبت الممثلة السورية يارا صبري، وهي واحدة من أوائل الناشطين في الحراك السياسي، في منشور على "فيسبوك"، "كانت أهم مشكلاتنا في الانتماء إلى العلم القديم منذ البداية هو وضع صورة بشار الأسد عليه والتلويح به في كل المناسبات، مما أدى إلى انقسام السوريين بصورة حادة، الآن هناك كثير من السوريين سيقبلون شكل العالم الجديد كبداية مرحلة جديدة، آملين أن نكون مجتمعين تحت رايته بكل مشاربنا وانتماءاتنا على تنوعها، ومن دون أن نشارك معه أي رمز أو دلالة فيها إقصاء لأحد"، وتتابع صبري "من أجل هذا قامت ثورتنا من أجل تحقيق العدالة والحرية والحفاظ على سوريتنا المتنوعة من دون منة من أحد، جميلة هي قيم التسامح بين الطوائف والأديان، ولكن الأجمل والأحق هي المواطنة والحقوق المتساوية للجميع، هذه سوريا التي نحب أن تكون، لا نريد رايات أخرى تعبر عن سوريا غير العلم، لا طائفية ولا حزبية ولا دينية مع الاحترام للجميع".

في السياق يقول الصحافي السوري ماجد العجلاني في "ستوري" على "إنستغرام"، إنه "باعتبار أن حرية الرأي هي عنوان الفترة المقبلة من سوريا يحق لنا أن نسأل عن سبب وجود علم يحمل رمزاً دينياً إسلامياً في مكان وطني، متفائلون خيراً بمستقبل سوريا، لكن من دون أية صبغة دينية لأي طرف، لا لأي حكم ديني، لا لأي شعار ديني، سوريا وعلم سوريا فقط لا غير".
ومنا هنا جاءت الدعوات إلى كل السوريين ألا يكبروا أحداً وألا ينحازوا لفكر إقصائي، لأنهم بذلك سيسهمون في خلق طاغية آخر وسيصنعون من القيادة الجديدة نسخة ثانية عن سابقتها من خلال السماح بتكرار الأخطاء الفادحة السابقة في حق فئات الشعب كله، وبذلك سيكرر التاريخ نفسه مره أخرى.


إبداء مرونة

وما يبدو بصورة واضحة إلى الآن هو أن القيادة تصغي باهتمام لانتقادات الشارع السوري ومطالبه، ومنذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها العلم إلى جانب علم الدولة الجديدة تواصلت "اندبندنت عربية" بهذا الخصوص مع صحافيين وجهات على تواصل مع "هيئة تحرير الشام"، وكان الجواب أنه تمت مناقشة موضوع العلم بصورة فعلية مع الوعد بحل المسألة خلال أيام بعد إنهاء مجموعة من الترتيبات الداخلية.
ولاحت أولى البشائر بعد ظهور البشير في لقاء تلفزيوني وخلفه العلم السوري الجديد فقط، ربما في رسالة تشير إلى أن المطالب كلها تؤخذ في الاعتبار وأن الحكومة والقيادة ككل لديها من المرونة ما يكفي لكي تتعامل مع أي مطلب شعبي تحت راية أن سوريا اليوم للجميع، كما أوقف بث الأناشيد الدينية على شاشه التلفزيون السوري الرسمي. وفي السياق ذاته قررت "الإدارة الذاتية" رفع علم الاستقلال فوق جميع مناطق سيطرتها شمال سوريا وشرقها، بعد سنوات من رفع شعاراتها الخاصة فوق مراكزها في هذه المناطق.
في سياق متصل تتفق غالبية الأصوات على أنه من المبكر الحكم على سوريا الجديدة، وأن الفوضى حتى الآن تعتبر أقل من المتوقع بكثير بالنسبة إلى الأيام الأولى من سقوط حكم دكتاتوري استمر حكمه لأكثر من 60 سنة بالحديد والنار، مع حرب طاحنة دامت أكثر من 13 عاماً، إضافة إلى السرعة التي سقط بها النظام. هذه العوامل مجتمعة كانت لتمهد لفوضى أكبر بكثير مما حصل فعلياً، لذا ما زال الحكم مبكراً جداً على مستقبل السلطة السياسية وصورة سوريا في المرحلة المقبلة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات