Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستخدم إسرائيل قضية "حماية الدروز" لضمان إقامة منطقة عازلة؟

"كان الأجدر بتل أبيب أن تهتم بحقوق أبناء هذه الطائفة الموجودين على أرضها والذين يعانون التفرقة والتمييز"

أعلنت تل أبيب استعدادها لتقديم كل مساعدة للدروز والأكراد في سوريا (أ ف ب)

ملخص

ما حقيقة مطالبة دروز سوريا بالانضمام إلى إسرائيل؟

من السويداء رسالة وصلت حتى مقام النبي الخضر مروراً بالجولان: سوريا ستبقى الوطن الأم لجميع دروزها.

تتعالى في إسرائيل أصوات تطالب بحماية أبناء الطائفة الدرزية في سوريا لا سيما بعد سقوط الأسد وسيطرة الفصائل المسلحة، وتضج صفحات وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام بحملة تروج لمنشورات وفيديوهات مصورة من قبل أشخاص دروز من داخل الخط الأخضر تعكس موقف البلدات الدرزية في سوريا كالسويداء والحضر، وهم يطالبون بضمها إلى إسرائيل رافضين البقاء في سوريا خشية تعرضهم لملاحقات واعتداءات بعد انهيار النظام.

التعليقات تفاوتت بين من يرى أن الهدف من نشر هذه الحملة تنفيذ خطة تضمن لإسرائيل مزيداً من السيطرة على الأرض السورية ورسم خريطة حدود جديدة لكامل خط الدفاع الذي تم تحديده وفق اتفاق فصل القوات عام 1974، ومن يرى أن هناك خشية حقيقية لدى الدروز لا بد من التعامل معها بجدية.

هذه الأصوات تعالت بعد أن صرح أكثر من مسؤول إسرائيلي بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير أمنه يسرائيل كاتس وقيادات في الجيش بأن تل أبيب على استعداد لتقديم كل مساعدة للدروز والأكراد في سوريا، وأن إسرائيل تهتم لمصلحة هذين المكونين الأساسيين.

الإسرائيليون من مسؤولين ووسائل إعلام وأمنيين لم يتركوا فرصة إلا وأثاروا فيها ملفي الدروز والأكراد في سوريا، وسرعان ما بدأت قضية أمن الدروز وحمايتهم تتسلل أيضاً بين مجموعات في مختلف المناطق سواء في سوريا أو الجولان وحتى داخل الخط الأخضر في إسرائيل، لتثير خلافات ونقاشات لا سيما من قبل رافضين لهذه الحملة من أبناء الطائفة والذين يعدون أنه "إجراء يخدم خطط إسرائيل للسيطرة على سوريا".

 

يوم السبت، ومع تصاعد حملة الترويج للأصوات الداعية إلى ضم دروز سوريا إلى إسرائيل، برز موقف لدروز سوريا يؤكد إصرارهم على الانتماء لسوريا الأم. ومن مقام النبي الخضر في كفرياسيف داخل الخط الأخضر دعا الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف الشيوخ الدروز وأبناء الطائفة إلى اجتماع، للوقوف أمام هذه الحملات والدعوة للتوقف عن بث فيديوهات أو تصريحات تتعلق بمستقبل دروز سوريا.

وكان الأهم في الاجتماع عرض "الموقف الحقيقي" لدروز سوريا أمام الذي نقله الشيخ أبو سلمان حكمت الهجري الرئيس الروحي لطائفة الموحدين من السويداء عبر الهاتف، ليحسم الموقف قائلاً "سوريا الأم ستبقى الوطن لأبنائها جميعاً والدروز طائفة من ضمن طوائف سوريا". وقال الشيخ الهجري متوجهاً للحضور "نحن هنا في السويداء والحضر وفي كل مكان في سوريا الوطن، متلزمون بالوحدة الوطنية في سوريا من دون إشعار الطائفية..."، وأضاف متوجهاً في حديثه للرئيس الروحي في إسرائيل موفق طريف وجميع الحضور "نحن أبناء طائفة واحدة، لكن هنا في سوريا وضعنا مختلف عنكم. نحن هنا أبناء سوريا ووجودنا هنا هو وجود مدني وحضاري وليس طائفياً، سوريا كانت وستبقى الوطن الأم لكل أبنائها ونحن جزء لا يتجزأ من أبنائها".

وكان الشيخ الهجري نشر فيديو قال فيه "ما يهمنا اليوم هو بناء سوريا، البيت الداخلي لنا جميعاً، سنكون فيه نحن السوريين همنا بناء دولة تتلاءم وتطلعاتنا كسوريين وطموحنا ونركز على الدولة المدنية".

الخطة الإسرائيلية خلف ترويج الضم لإسرائيل

إثارة الفيديوهات التي أظهرت مطالبة مجموعات من الدروز في سوريا بضمهم لإسرائيل، جاءت تزامناً مع لقاء عقد بين الشيخ موفق طريف ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لمناقشة التطورات الأخيرة في سوريا وتأثيرها في الطائفة الدرزية داخل الشرق الأوسط.

ما نقل عن هذا الاجتماع أن الشيخ طريف شدد على ضرورة حفظ وتثبيت الأمن في المناطق الدرزية جنوب سوريا، ومنع وصول المنظمات المتطرفة إليها.

ووعد نتنياهو الشيخ طريف بالتزام إسرائيل تجاه الطائفة الدرزية معتبراً أن الدروز مركب مركزي في استتباب الأوضاع الأمنية في سوريا، وفق نتنياهو.

عضو الكنيست السابق عبدالله أبو معروف والناشط في لجنة المبادرة الدرزية وضد تجنيد الدروز في الجيش الإسرائيلي، اعتبر أن "زوبعة شبكات التواصل الاجتماعي تأتي خدمة لأهداف إسرائيلية" مبرزاً تباين المواقف والانتماءات السياسية داخل الدروز في إسرائيل، قائلاً "لا شأن لإسرائيل بالتدخل بالسوريين سواء دروز أو غيرهم، إنهم قادرون لوحدهم على مواجهة ظروفهم ووضعيتهم في سوريا وأينما كانوا، وكل ما تثيره الحكومة الإسرائيلية والأصوات التي تتبنى موقفها هو أمر لا يمكن الحديث عنه من دون ربطه باحتلال الجولان والتآمر ضد سوريا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد أبو معروف أن "هذا الترويج الإسرائيلي ربما يكون محاولة من تل أبيب لجس النبض وإشعال الفتنة لتخريب الوضع القائم في ظل الفوضى التي تشهدها سوريا من قصف ودمار، وهو وضع يتطلب نزع فتيل الطائفية وليس إشعاله".

ويشير عبدالله أبو معروف إلى خطورة وتداعيات ما يشهده ملف دروز سوريا على مخطط إسرائيل قائلاً "إسرائيل منذ أعوام طويلة تخطط لإقامة خط شريط عازل بين الحضر والسويداء، وهو خط يؤمن منطقة عازلة بين الجولان الذي تسيطر عليه إسرائيل باتجاه الحضر والسويداء ودرعا جنوب سوريا نحو الأردن، وتريد إسرائيل أن تكون هذه منطقة عازلة للدروز، واليوم وجدت تل أبيب الفرصة المناسبة لتنفيذ هذا المخطط تحت غطاء حماية الدروز".

مصلحة إسرائيل ترويج ملف الدروز

ومن الجولان تعالت الأصوات الداعية إلى وقف الفتنة وأكد سكان هذه المنطقة أنهم و"إن طال الاحتلال الإسرائيلي سيبقى الجولان سورياً، وسيبقى انتماء كل سوري سواء في الجولان أو ما بعد خط وقف إطلاق النار في العمق السوري للوطن سورياً".

الباحث والناشط الاجتماعي تيسير مرعي من سكان مجدل شمس في الجولان يعتبر أن "إثارة الموضوع وكأن دروز سوريا يشعرون بالخوف بعد انهيار نظام الأسد وسيطرة الفصائل المسلحة، هو أمر لا أساس له بل إنه مجرد إثارة لأهداف خاصة تحقق مطامح إسرائيل". وأعرب عن استغرابه لما تكرره إسرائيل حول حرصها على الدفاع عن حقوق الدروز في سوريا أو حمايتهم، "كان الأجدر بإسرائيل أن تهتم بحقوق الدروز المواطنين عندها، الذين يعانون تمييزاً وعدم حصولهم على حقوقهم"، وتابع "سواء الدروز أو الأكراد أو المسيحيون أو غيرهم، جميعهم كانوا وسيبقون جزءاً من الدولة السورية، والتخوف الذي شهدناه من قبل مجموعات أو أفراد من داخل إسرائيل نابع من أن إسرائيل دولة مبنية على الانتماء الديني كدولة يهودية بينما سوريا هي دولة لكل مواطنيها".

ويلفت إلى أنه "من أجل أن تكون سوريا قوية وقادرة على إعادة السيطرة على كل أراضيها، يجب أن تكون دولة ديمقراطية تضمن الحقوق المتساوية لكل مواطنيها، وطبعاً الدروز جزء من مواطنيها ولا شك أنهم سيحصلون كغيرهم على حقوق متساوية، وسيكونون قادرين على الدفاع عن حقوقهم كأية شريحة أخرى في سوريا من دون تدخل إسرائيل أو أي طرف خارجي آخر".

 

ويرى مرعي أن استمرار إسرائيل هذه الفترة في الترويج للدروز في سوريا يكمن في أن مصلحتها تأجيج الصراعات والخلافات بالتالي لن يطالب أحد باسترجاع الجولان، وليس صدفة إعلان نتنياهو قبل أسبوع عدم تنازله عن الجولان وأنه سيبقى إلى الأبد تحت السيادة الإسرائيلية".

إسرائيل لا تريد سلاماً مع سوريا، يقول مرعي "لو أنها تريد حقاً السلام لكانت هذه فرصة حقيقية لشرق أوسط جديد بدل العبث بأمنها وتنفيذ عمليات عسكرية والتوغل في أراضيها وإلحاق الدمار في محاولة للسيطرة وفرض الشروط، هذا كله سيعمق الخلافات والصراعات مع من سيتولى النظام في سوريا".

لا يفهمون سوى القوة

ويكمل مرعي حديثه "المشكلة أن إسرائيل تعتمد أسلوب التعامل بالقوة في الشرق الأوسط، وهذا طبعاً لأن في إسرائيل أنفسهم لا يفهمون إلا القوة. لكن إسرائيل لا تستطيع من خلال ما تفعله اليوم وتخطط وتفكر به أن تصل إلى وضع سلام، فهي تريد أن تواصل سيادتها وتعزيز وجودها في الجولان وأيضاً في منطقة عازلة، على رغم أنه في الوضعية الحالية على إسرائيل أن تختار إما أن تواصل الاحتلال والظلم وإما السلام المبني على المساواة والحقوق والاعتراف بحقوق الآخرين، ولكن"، يضيف وهو شبه متأكد بأن ذلك "لن يتحقق لأن إسرائيل تدرك أنه لن يكون هناك سلام مع سوريا من دون إعادة الجولان".

ويتساءل تيسير مرعي "منذ متى كانت إسرائيل واحة المساواة وكأن قلبها على دروز سوريا والأكراد، كان الأجدر بها أن تمنح مواطنيها الدروز أولاً حقوقهم، لكن إسرائيل"، يؤكد مرعي "تحاول خلق الفوضى في سوريا وتريد إضعاف سوريا، وليس صدفة أنها قصفت معاهد أبحاث علمية، وليس صدفة اغتيال علماء وخبراء في سوريا فإسرائيل تطمح وتخطط لزرع بذور الحرب المقبلة، لأن كل ما تفعله اليوم يؤكد أنها لا تريد السلام ولا تبحث عنه، وما تفعله سيجعل الحكومة السورية المقبلة تفكر بحماية نفسها والتسلح ومد يدها لدول أخرى مثل روسيا وإيران وتعزيز قدراتها، والأكيد أن سوريا في نهاية الأمر ستتعافى وستعود تطالب في الجولان".

المزيد من متابعات