ملخص
فجوة تمويلية لم تعالجها البنوك في كل من قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل المستهلك، تسعى شركات التكنولوجيا المالية إلى ملئها.
تسعى حكومات دول الخليج إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل في ظل منافسة عالمية قوية، بينما تواصل صناديق الثروة السيادية توجيه استثمارات كبيرة إلى الأسواق الخارجية. وعلى رغم أن الجهود المبذولة لجذب رأس المال إلى المنطقة كانت تواجه تحديات كبيرة، فإن هناك مجالاً بدأ يلفت انتباه المقرضين العالميين وهو الإقراض الاستهلاكي.
ففي منطقة تشتهر بأسواقها الضخمة وميلها للسلع الفاخرة، رأت صناديق الائتمان الخاصة والبنوك العالمية فرصة مهمة لدخول هذه السوق، خصوصاً عبر تمويل الشركات الناشئة التي تركز على تقديم حلول في مجال المدفوعات والإقراض الاستهلاكي. وتشهد هذه الشركات طلباً متزايداً على القروض لتوسيع أعمالها ودعم توسعها، ما يفتح الباب أمام المستثمرين لتعزيز حضورهم في القطاع المالي الخليجي.
وفي السنوات الأخيرة، ظهرت شركات التكنولوجيا المالية Fintechs، المتخصصة في الإقراض الاستهلاكي وخدمات "اشتر الآن وادفع لاحقاً" لتوفير القروض للمستهلكين. وتعمل هذه الشركات على تجميع هذه القروض في محافظ، ثم الحصول على تمويل ديون مدعوم بهذه المحافظ. في حين تركز البنوك المحلية، التي تهيمن على منطقة الشرق الأوسط، على مجالات أخرى.
وقال المحامي والشريك في شركة "إي أند كيو شيرمان"، سليم ناثو، لـ"بلومبيرغ": "الاقتصاد مدفوع بشكل كبير بالمستهلكين والبنوك بصراحة ليست مستعدة للابتكار في هذه البيئة". واضاف: "لديهم تحفظ لا يسمح لهم بالإقراض في منصات التكنولوجيا المالية".
ومع ذلك، فإن هذه الشركات الناشئة تناسب شركات الائتمان الخاصة العالمية وبعض البنوك المغامرة التي تتطلع إلى التنويع بعيداً من الإقراض المؤسسي ونشر الأموال في المنتجات المضمونة. وتعد شركة "بلاكستون إنك" واحدة من الشركات التي تجمع رأس المال للاستثمار في سوق التمويل المدعوم بالأصول العالمية، والتي تقدر قيمتها بين 5 و10 تريليونات دولار.
وقال الشريك المؤسس لشركة الإقراض بضمان الأصول أفيلينيا كابيتال ليميتد Avellinia Capital Ltd، ماتياس دوكس ، لـ"بلومبيرغ"، إنه التقى بعدد من شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط، بما في ذلك شركة "بيهايف" Beehive، وهي منصة للإقراض من نظير إلى نظير، وشركة "إيراد" Erad، وهي شركة تقدم رأس المال للنمو للشركات الناشئة. من جانبهم رفض ممثلو شركتي "إيراد" و "بيهايف"، التعليق لـ"بلومبيرغ".
وكانت قد أغلقت شركة "تابي" Tabby، وهي تطبيق مالي محلي يتيح للمستهلكين تقسيم مشترياتهم إلى 4 دفعات شهرية من دون دفع أي فوائد أو رسوم، صفقة تمويل دين بقيمة 700 مليون دولار مع بنك جي بي مورغان تيس أند كو، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بينما أغلقت شركة "تمارا" Tamara تسهيلات خزينة بقيمة 400 مليون دولار في الشهر الذي سبقه.
فجوة تمويلية لم تعالجها البنوك
وقال دوكس: "لقد وجدنا بعض الفرص المثيرة للاهتمام في الشرق الأوسط، حيث توجد فجوة تمويلية لم تعالجها البنوك في كل من قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل المستهلك، والتي تسعى شركات التكنولوجيا المالية إلى ملئها".
لسنوات، تدفقت صناديق عالمية مثل "بلاك روك" و"بلاكستون" إلى منطقة الشرق الأوسط لجمع رأس المال، مستهدفة المستثمرين المدعومين من الدولة والمكاتب العائلية الكبيرة. ومع ذلك، لم تسجل الشركات الدولية الكثير من الأنشطة على مستوى الاستثمار المحلي حتى الآن، على رغم الجهود التي بذلتها الحكومات الإقليمية لتعزيز هذه الاستثمارات.
وكان قد شهد الشرق الأوسط عدداً محدوداً من صفقات وصناديق الديون الخاصة التي تراوحت قيمتها بين مئات الملايين من الدولارات، فمنذ عام 2020، تم جمع أقل من 500 مليون دولار في صناديق الائتمان الخاصة المخصصة للمنطقة، وفقاً لجمعية رأس المال الخاص العالمية GPCA.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح ناثو أن هناك عاملين رئيسيين أبقيا المستثمرين الدوليين بعيداً من الشرق الأوسط، الأول هو هيمنة البنوك المحلية والتي هي بدورها هيمنت على السوق وأزاحت المستثمرين الآخرين. والثاني هو حالة عدم اليقين الكبيرة في بعض القوانين.
ومع تراجع اهتمام البنوك المحلية بالتمويل الاستهلاكي، أصبحت هناك فرصة أكبر للاعبين العالميين للتدخل، ويبدو أن هذا النوع من الصفقات هو أحد النقاط المضيئة في ظل ندرة الفرص المتاحة.
تزايد اليقين القانوني
وأضاف ناثو أن المواقف تجاه الاستثمارات في المنطقة بدأت تتغير، خصوصاً مع تزايد اليقين القانوني في بعض الدول مثل السعودية، حيث بدأت بعض الشركات بفتح مكاتب في المنطقة، بينما تقوم شركات أخرى، مثل "بروكفيلد لإدارة الأصول"، بخطوات أبعد في جمع الأموال المخصصة للشرق الأوسط.
ووفقاً لـ"بلومبيرغ" زاد المستثمرون الدوليون من تمويل ديون المشاريع، حيث قدمت شركة "فرانسيسكو بارتنرز مانجمنت" في مايو (أيار) الماضي، 90 مليون دولار لشركة "بروبرتي فايندر" التي تتخذ من دبي مقراً لها، وذلك للمساعدة في تمويل عملية شراء من قبل مستثمر مؤسسي.
ومع ذلك، فإن الديناميكيات لم تتغير بشكل كامل في جميع أنواع الاستثمارات، حيث لا يزال اللاعبون المحليون يقودون معظم النشاط في السوق، وفقاً للمدير الإداري للأبحاث في رابطة رأس المال الخاص العالمية، جيف شلابينسكي.