Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل غير "الزلزال السوري" شروط التسوية في اليمن؟

أحيا سقوط نظام بشار الأسد الآمال بتنفيذ سيناريو مماثل في مناطق الحوثي والعودة لصنعاء

لعل اللافت أن خطابات قادة الميليشيات المدعومة من إيران ظلت منذ مطلع أحداث سقوط نظام الأسد تستبعد ضمنياً تكرار السيناريو السوري في اليمن (أ ف ب)

يترقب الشارع اليمني ما الذي ستفضي إليه تحركات الحكومة الشرعية النشطة في الرياض بالتزامن مع سلسلة لقاءات مكثفة مع سفراء كل من السعودية والولايات المتحدة ودولة الإمارات وفرنسا والمملكة المتحدة، في حين أعلنت جماعة الحوثي المسلحة، الثلاثاء، استعدادها لتوقيع "خريطة الطريق فوراً".

ويعيش اليمنيون حال انتظار غير مسبوقة لما ستؤول إليه التطورات الجارية بعد أن أحيت الأحداث السورية الآمال بتنفيذ سيناريو مماثل في بلادهم والعودة لمنازلهم الكسيرة في صنعاء، استغلالاً لحال الانهيار التي تعيشها الأذرع الإيرانية في المنطقة العربية بما فيها ميليشيات  الحوثي.

ولعل اللافت أن خطابات قادة الميليشيات المدعومة من إيران ظلت منذ مطلع أحداث سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري تستبعد ضمنياً وصراحة، تكرار السيناريو السوري في اليمن بالقول "إن اليمن ليس سوريا" وإن محاولة التجريب ستؤدي إلى هزيمة قاسية بحق من يسعى إلى ذلك. إلا أن الواقع الجديد الذي آلت إليه الأوضاع في دمشق دفع الحوثيين إلى التأكيد على جاهزيتهم للسلام بصورة فورية عقب أعوام من "المماطلة والشروط التي لا تنتهي".

ومع تهاوي الأذرع الإيرانية في المنطقة واحدة تلو الأخرى وانحسار مشروعها، لم تجد الجماعة بداً من الاعتراف بالورطة التي تعيشها والإقرار بأنها "تمر بمرحلة خطرة" مع حديثها عن ترتيبات لشن تصعيد عسكري ضدها، بعد ورود تقارير عن التحضير لعمليات عسكرية ضدها برية وجوية عقب تواتر التصريحات عن تحضيرات لإسرائيل والولايات المتحدة بالانتهاء من شن هجوم واسع يستهدفها، وانحسار محور إيران مع تصاعد مخاوف الحركة المسلحة من مصير مشابه لنظام الأسد الذي يمثل ضلعاً آخر من مربع المحور الإيراني في المنطقة العربية.

الشروط لم تعُد هي

ويرى الخبير العسكري والعميد في الجيش اليمني محمد الكميم أن الميليشيات تنحني أمام العواصف وتتخذ من أي اتفاق أو هدنة تكتيكاً لتخفيف الضغط الشعبي والرسمي والدولي ضدها بالتزامن مع حال ضغط وانهيار وانكشاف ونقص في المقاتلين.

وأمام هذه المعطيات، يقول الكميم إن "العقل والمنطق لا يقبلان ببقاء الاقتراحات السابقة التي تتضمن أي مكاسب للميليشيات في ظل المتغيرات الحاصلة وحال الاجتثاث الذي تعيشه الميليشيات الإيرانية في كل مكان"، ولهذا "ندرك أن الحوثي اليوم قد يقبل بأي خريطة وبأي تسوية، بل سارع لطلب التوقيع عليها كما سارع للتوقيع على اتفاق ستوكهولم عندما كانت قواتنا المشتركة تطرق أبواب مدينة الحديدة ومينائها عام 2018، بالتالي نؤمن بأن أي اتفاق لن ينفذ ولدينا اقتناع بأن الشرعية لن تذهب إلى التوقيع على أي اتفاق لا يضمن انسحاب الميليشيات من العاصمة وكل المناطق وتسليم سلاحها". ويعتبر أن "الحوثي اليوم في أضعف مراحله إلا أنه يجيد الخداع والمناورة، والتسويات اليوم لم تعُد مجدية وفق مستجدات الأوضاع التي تغيرت تماماً وإن تم التوقيع فهو تأجيل إضافي للحرب".

الهرب للتسوية

يضيف الكميم أن "الحوثي يرضخ للسلام حتى يجد فرصة لجمع أوراقه وصفوفه ثم ينقلب عليه ونحن خبرنا سلوكه منذ ظهوره العلني عام 2004 ولهذا هم يبادرون للسلام كهروب إلى الأمام من الضغط المتزايد الذي بات يضيق بهم من كل اتجاه".

وفي تدليل على حديث الكميم عن رضوخ جماعة الحوثي نتيجة الشعور بالانكماش والضغط الذي تعانيه من الاتجاهات كافة، أكد القيادي في الجماعة عبدالكريم الحوثي خلال اجتماع مع قياداتها الأمنية أن المرحلة الخطرة هذه تحتاج إلى رفع مستوى اليقظة والشعور بالمسؤولية لإفشال ما أسماها "المؤامرات الخبيثة" التي تحاك ضدهم.

وإعلان الحوثيين الرضوخ لصوت السلام صرح به حامل صفة "وزير الخارجية" في حكومتهم غير المعترف بها دولياً جمال عامر خلال لقائه مدير مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن في صنعاء محمد الغنام ومستشاره الاقتصادي ديرك أومتزيغت.

وقال عامر إن "موقف صنعاء واضح ولا يحتمل أي لبس في شأن استعدادها الفوري للتوقيع على خريطة الطريق باعتبارها المدخل لبدء عملية التسوية السياسية في اليمن". وكشف المسؤول الحوثي عن خشية جماعته من تأخير توقيع الاتفاق في ظل الضغط الشعبي المتنامي للشرعية بإطلاق عملية عسكرية تستعيد ما بقي من البلاد من قبضة الميليشيات، ولهذا أشار إلى أن الحديث عن "تجميد خريطة الطريق في الوقت الحالي هو استجابة للضغوط الأميركية"، وهو رد حوثي على طرح قطاع واسع من اليمنيين بتجاوز شروط التسوية المطروحة سابقاً والاتجاه لـ"الحسم الكامل" كما جرى في سوريا.

وفيما راح الحوثيون يسوقون للتسوية السياسية بلغة ناعمة على غير العادة، ذهب قطاع آخر إلى التهديد باستخدام القوة في خطابات تبادل الأدوار التي يتضح منها، وفق مراقبين، الرضوخ لتنفيذ خريطة الطريق للحل السياسي الذي اقترحته كل من السعودية وعمان قبل عامين، والتهديد في الوقت نفسه، مما كشف عن مستوى التوتر الذي يعتري الجماعة باستعراض قوتها المسلحة التي تدعي تطورها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير الذي عدّه مراقبون متشنجاً ومرتبكاً "جندنا مئات الآلاف" في محاولة معتادة لإخافة الخصوم الذين يحيطون بالجماعة من كل اتجاه.

وقلل عضو مجلس الحكم للجماعة محمد علي الحوثي من التطورات الجارية واعتبرها مجرد "حرب نفسية ضد الشعب اليمني"، وأضاف أمس "نحن في مرحلة خفض التصعيد، وإذا تجدد العدوان، فلن يرى أمامه إلا الرجال الثابتين الواقفين الصامدين".

وعقب ماراثون طويل من المشاورات، أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في ديسمبر (كانون الأول) عام  2023 خريطة طريق للحل السياسي في اليمن، قال إنها جاءت عقب محادثات مكثفة حولها في السعودية وإيران والإمارات وسلطنة عمان ودول أخرى تشتمل على سلسلة من البنود، من بينها التزام الأطراف المعنية تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.

وفي تصريح سابق لمصدر حكومي إلى "اندبندنت عربية" كشف عن مسودة البنود التي تتضمن إجراءات إنسانية وسياسية، وفي مقدمها تمديد الهدنة الإنسانية وفتح مطار صنعاء أمام رحلات أوسع واستئناف تصدير النفط من الموانئ اليمنية وتوحيد العملة وصرف مرتبات الموظفين العموميين والعسكريين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ومناطق سيطرة حركة الحوثي والسماح للحكومة الشرعية باستئناف تصدير النفط والغاز وإطلاق سراح الأسرى. وأضاف أن "خريطة الطريق ستنشئ آليات للتنفيذ وستعد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة".

وكانت اتهامات للحوثيين بالمماطلة في توقيع الاتفاق وفرض شروط جديدة لتنفيذه.

وتداولت وسائل إعلام أن طلب الشرعية للرعاة الدوليين اختصرته في شرطين للموافقة على التوقيع على خريطة الطريق، هما إعلان الحوثيين الانسحاب من صنعاء وتسليم أسلحتهم والتحول إلى حزب سياسي.

ضغط أميركي

وخلال الأيام الأخيرة، تحدثت أنباء متطابقة عن سياسة ضغط جديدة مارستها الشرعية والولايات المتحدة تتمثل في طلب طرد قادة الميليشيات من عدد من البلدان التي يقيمون فيها مثل سلطنة عمان والعراق.

وذكرت مصادر إعلامية أن أميركا طلبت من سلطنة عمان طرد قيادات الحوثيين الموجودين على أراضيها ومن بينهم وفد الجماعة المفاوض بقيادة محمد عبدالسلام، إضافة إلى طلب مماثل للعراق، فيما لم يتأكد الخبر الذي يتردد حتى الآن من طرف رسمي.

وتشير تقديرات إلى أن نحو 100 شخص من جماعة الحوثيين يقيمون في سلطنة عمان.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ دعا الأربعاء الماضي جميع أطراف الصراع إلى الدخول الجاد في تنفيذ خريطة الطريق التي أُعلن عنها قبل نحو عام.

ومنذ نحو عامين ونصف تشهد جبهات القتال في اليمن حالاً من التهدئة للحرب التي اندلعت قبل 10 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات المجاورة لها.

المزيد من تقارير