Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا نعرف عن منفذ هجوم "الدهس" في ألمانيا؟

مصادر سعودية تحدثت عن مشاركتها برلين معلومات كان يمكن أن تجهض العملية لو أُخذت بجدية

تداول الكثيرون حساب المتهم على السوشيال ميديا للدلالة على ميوله المتطرفة (اكس)

ملخص

وفقاً لتقارير إعلامية أبرزها من صحيفة "دير شبيغل" وموقع "الصحافة الفرنسية"، حذرت السعودية السلطات الألمانية ثلاث مرات من ميول عبدالمحسن المتطرفة

شهدت مدينة ماغدبورغ الألمانية أمس حادثة دهس مأسوي في سوق عيد الميلاد، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص في الأقل وإصابة العشرات إصابات متفاوتة بعضها عالي الخطورة. وقاد المهاجم سيارته لمسافة 400 متر وسط حشد من الناس، في هجوم وصف بأنه صادم ومروع.

المشتبه فيه طبيب سعودي يدعى طالب عبدالمحسن يبلغ من العمر 50 سنة. وصل إلى ألمانيا عام 2006 وحصل على حق اللجوء والإقامة الدائمة، وعمل كطبيب متخصص في الطب النفسي بولاية ساكسونيا أنهالت وعاش داخل مدينة بيرنبورغ القريبة من ماغدبورغ. وعلى رغم نشاطه المعادي للإسلام وفق السلطات الألمانية، فإنها تقول إنه ليس لديه سجل مسبق يشير إلى ارتباطه بالتطرف، على رغم أن تحقيقات لاحقة كشفت عن آرائه المثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تداولها السعوديون على نطاق واسع.

تجاهل ميول متطرفة

ووفقاً لتقارير إعلامية أبرزها من صحيفة "دير شبيغل" وموقع "الصحافة الفرنسية"، حذرت السعودية السلطات الألمانية ثلاث مرات من ميول عبدالمحسن المتطرفة. وأشارت إلى تهديدات صريحة نشرها على منصة "إكس" تضمنت تحذيرات بإقدامه على أعمال عنف، ومع ذلك لم تعد السلطات الألمانية تلك التهديدات خطرة وأغلقت التحقيقات.

وذكرت قناة "العربية" أن سيدة سعودية تواصلت العام الماضي مع السلطات الألمانية محذرة من خطط عبدالمحسن لاستهداف مدنيين، غير أن تلك التحذيرات لم تحظَ بالاهتمام اللازم، مما أثار انتقادات واسعة للحكومة الألمانية التي وصفت تقصيرها في التعامل مع التحذيرات بأنه "فرصة ضائعة" لتفادي المأساة.

وفي هذا السياق تفاعل السعوديون على منصة "إكس" بصورة لافتة مع الحادثة باعتبارها تظهر جانباً مما سموه "النفاق الغربي"، فالشخص المتهم واحد من مجموعات عدة استغلت التوجهات الغربية ضد الرياض خلال وقت من الأوقات، لاستقطاب المناوئين لها تحت لائحة "اللجوء الإنساني والسياسي"، فيما يغلب على طيفهم الواسع نوازع التطرف أو معاداة الإسلام والقيم الاجتماعية والدينية التي تصنف ضمن المشترك الإنساني، وفقاً لكم هائل من التعليقات رأت أن "السحر انقلب على الساحر"، فهم يعتقدون أن استضافة أشخاصاً مثل طالب كان الغرض منه التوظيف السياسي على حد قولهم، في إشارة ضمنية إلى أن على ألمانيا وكندا وبريطانيا مراجعة ذلك النمط من الكيد السياسي.

وقال المحامي عبدالرحمن اللاحم إنه "بعد جريمة طالب عبدالمحسن الإرهابية، بلغوا الداخلية الكندية عن الإرهابي الخامل عمر عبدالعزيز وأرسلوا لهم مقاطعه التي تدعم ’داعش‘ حفاظاً على أرواح الأبرياء، لا سيما أنه لم يدن الحادثة الإرهابية، بلغوا حتى لا تتكرر هذه الجريمة الإرهابية في كندا... فكروا بالأبرياء العزل".

حديث التناقضات واللعنات المتلاحقة

وتداول المغردون مقطع حوار سابق مع وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير الذي انتقد فيه ازدواجية الغرب في التعامل مع المصنفين من جانب السعودية متطرفين، باعتبارهم ضحايا. وقال لمحاوره "سوف أعطي مثالاً على ذلك وأخبرني عن هذا النفاق، في التسعينيات كان لدينا دعاة متطرفون يدعون للجهاد... تعرضنا لانتقادات بسبب وجود دعاة متطرفين في المملكة العربية السعودية ينشرون الكراهية، وعندما اعتقلناهم تعرضنا لانتقادات كذلك لأننا حرمناهم من حرية التعبير".

وأضاف "اللعنة إذا اعتقلناهم واللعنة إذا لم نتخذ موقفاً، هل تريدهم أن ينشروا الكراهية أو هل تريد منهم أن يتوقفوا؟ لا يمكنك فعل الأمرين وهذا هو النفاق الذي نواجهه".

وفي هذا الصدد أبدى الكاتب السعودي الكبير عبدالرحمن الراشد دهشته من استضافة الدول الغربية أناساً يناقضون سياساتها وينقلبون أعداء لها. وقال تعليقاً على تجاهل برلين تحذيرات الرياض إزاء المتهم "من المفهوم لماذا يستقبل الغرب ملايين اللاجئين لأنه يحتاج إليهم كقوة عاملة، لكن المتطرفين بينهم يتسببون في تنامي الغضب المحلي ضدهم، أياً كانت هوياتهم وخلفياتهم".

ولفت في منشور له على منصة "إكس" إلى أنه خلال العام الحالي وحده استقبلت بريطانيا 77 ألف طلب لجوء، معظمها من دول صديقة مثل باكستان التي جاء منها 9500 طلب "بينهم دعاة انفصال وحركيون! بعضهم تحت ذرائع سياسية لكن أكثرهم يبحث عن فرص معيشية أفضل. والمفارقة أن بين هؤلاء متطرفين كارهين للبلد التي يلجأون إليها ولا يشبهونها، مثلاً هولندا". وأشار إلى أن الغرب لم يتعلم من تجربته السابقة مع بعض أقطاب الشيوعية، إذ "كان يعتقد أن إيواءهم سيقض مضجع روسيا القيصرية ليتضح لاحقاً أنهم أسهموا في ظهور الشيوعية أكبر عدو للغرب في تاريخه"، أمثال ماركس ولينين وريدريك إنجلز.

خلفية المنفذ وآراؤه المثيرة للجدل

عبدالمحسن عُرف في ألمانيا كأحد أبرز المعارضين للسعودية في مجتمع المنفى، وأسهم في مساعدة طالبي اللجوء وبخاصة النساء وفقاً للتقارير الغربية، كما كان ناشطاً في أوساط الجالية المعادية للإسلام وعبر عن آرائه في عدة منصات إلكترونية ومقابلات صحافية. وصف نفسه بأنه "ملحد" وندد بما سماه "أسلمة ألمانيا". وبحسب صحيفة Tagesschau"" فإنه كان داعماً لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، وأبدى رغبته في تأسيس أكاديمية لدعم الملحدين السابقين بالتعاون مع الحزب.

صرح حاكم ولاية ساكسونيا أنهالت راينر هاسيلوف بأن المؤشرات الأولية تشير إلى أن الهجوم كان من تخطيط وتنفيذ فردي، مستبعداً وجود شبكة دعم وراء عبدالمحسن. وأضاف أن دوافع الهجوم تحمل أبعاداً سياسية، مشدداً على أن الوضع الأمني في المدينة تحت السيطرة.

وأثار تجاهل التحذيرات انتقادات لاذعة في وسائل الإعلام الألمانية، التي شددت على أن الهجوم كان يمكن تجنبه إذا تم التعامل بجدية مع الشكاوى السابقة. وتداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق لحظة توقيف عبدالمحسن بعد الحادثة، وسط دعوات لمراجعة سياسات التعامل مع التهديدات الأمنية.

تضامن سعودي وتعاون وتساؤل

من جهتها دانت الحكومة السعودية الهجوم وعبرت عن تعازيها لأسر الضحايا. وأبدت استعدادها للتعاون مع السلطات الألمانية في التحقيقات، مؤكدة أن التحذيرات التي أرسلت سابقاً لم تلق اهتماماً كافياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الهجوم أثار تساؤلات واسعة حول فعالية سياسات الهجرة والاندماج في ألمانيا، وكذلك عن أهمية التعاون الدولي في مواجهة التهديدات الأمنية المحتملة.

وأعرب السفير السعودي لدى برلين الأمير عبدالله بن خالد بن سلطان عن "خالص التعازي والمواساة للشعب الألماني ولأسر ضحايا الحادثة التي وقعت في ماغدبورغ، وأتمنى الشفاء العاجل للمصابين. نحن ندين جميع أعمال العنف، ونقف بقوة مع الشعب الألماني".

لكن ناشطين سعوديين تداولوا أسماء عدد من الأشخاص الذين يعتقدون أنهم يشاركون منفذ الهجوم الأفكار نفسها، وإن اختلفت الاتجاهات ما بين يسارية وإسلاموية، فيما وظف آخرون المناسبة لدعوة الهاربين للعودة إلى بلادهم، التي قالوا إنها دائماً ما كانت تستقبل أبناءها بصدر رحب إذا تراجعوا عن أخطائهم. وغالباً ما تناصر جمعيات حقوق الإنسان الدولية هؤلاء باعتبارهم ضحايا حرية التعبير، لكن الرياض دائماً ما ترد برفض التدخل في شؤونها وأن "أهل مكة أدرى بشعابها".

ابن "جبل القارة"

وعلمت "اندبندنت عربية" أن منفذ الهجوم نشأ في إحدى قرى الهفوف في الأحساء، تدعى "القارة"، التي أثار في وقت سابق سخط سكانها، إثر أفكاره في التحريض ضد قيم الدين، وأعراف المنطقة المسالمة المعروفة بعلاقاتها الممتدة مع الرياض. إلى جانب أنه يصنف من السادة الذين يذكرون انتماءهم إلى نبي المسلمين، مما عزز رفض توجهاته بين محيط عائلته، وفق المقربين منهم. واستنكرت العائلة قبل بضع سنوات توجهاته في بيان أوضحت فيه أنها "ترفض بشدة كل الأفكار المنحرفة والضالة التي طرحها، وتبرأ إلى الله ونبيه الكريم وإلى كافة المسلمين من أقواله وسلوكه المشين وتعديه على الدين الإسلامي الحنيف"، فيما قابل خطاب العائلة يومئذ بالاستهزاء.

وأخذت القرية اسمهما من جبل "القارة" التاريخي، الذي يعد أحد معالم الأحساء الجاذبة للسياح، إذ يعود تشكّله وفق المصادر التاريخية السعودية إلى ما قبل 2.5 مليون سنة، وتحيط به أربع قرى تاريخية، هي: التويثير والدالوة والتهيمية والقارة التي أخذ الجبل منها اسمه. ويطل الجبل على مساحات واسعة من النخيل والبساتين والقرى، فيما يتكون هو من حجر جيري ذي طبقات ملونة أظهرتها عوامل التعرية، وعلى رأسه تلة صخرية ضخمة، يطلق عليها اسم المشيقر، ولرأس الجبل تاريخ قديم يعود لعصر ما قبل الإسلام، فكان منزلًا لملوك كندة، وذُكر في أشعار الشاعر امرؤ القيس.

وأسهمت كهوف ومغارات جبل القارة في تعزيز شهرته، وجعله وجهة أثرية وسياحية، إذ يحتوي على 12 مغارة مختلفة الأشكال والأطوال، وتتميّز ببرودة جوّها الداخلي، وتبقى الحرارة في حدود 20 درجة مئوية، حتى في أحرّ أيام الصيف عندما تتجاوز الحرارة في خارجها الأربعين درجة مئوية.

من "مسلم سابق" إلى متطرف!

وبحسب مقابلة سابقة مع المتهم أجراها مع صحيفة فرانكفورتر روندشاو، قال العبد المحسن إنه تعرّض "للتهديد بالقتل بسبب ارتداده عن الإسلام". ونشط في مساعدة طالبي اللجوء السعوديين خصوصا من النساء، بحسب ما يقول سعوديون عرفوه في الخارج.

وفي حديث أجرته معه الوكالة الفرنسية في أواخر العام 2022 في إطار إعداد تقرير عن ظروف تواجهها نساء سعوديات أو أفراد من مجتمع الميم خارج المملكة، عرّف العبد المحسن عن نفسه بأنه "سعودي ملحد"، وكال سيلا من الشتائم للدين الإسلامي.
وقال يومها إنّ "هؤلاء الشباب لا يهربون فقط من أنظمة الحكم في السعودية، هؤلاء الشباب خصوصا الفتيات يهربن من الإسلام"، معتبرا أنّ "التربية الإسلامية المتشددة سبب كافة مشاكل المسلمين خصوصا النساء".
ولم يخف الرجل مواقفه المناهضة للإسلام عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهو أسّس منظمة "إكس مسلم" (مسلم سابق).
ولم تحدد السلطات بعد دوافع المشتبه به الذي تمّ توقيفه إثر الهجوم. وأفادت وسائل إعلام ألمانية بأنّ له صلات مع اليمين المتطرّف في البلاد وكان معروفا بين المهاجرين السعوديين.
وعلى صفحته الخاصة على منصة إكس، يضع العبد المحسن صورة بندقية كصورة غلاف ويعرّف عن نفسه بأنه ينتمي إلى "المعارضة العسكرية السعودية". وفي منشور يعود الى 21 أغسطس (آب) الماضي، كتب "هل هناك طريق للعدالة في ألمانيا من دون أن تفجر سفارة ألمانية أو تذبح مواطنين ألمان عشوائيا؟".
وكان قد كتب سابقا أنّ "ألمانيا تطارد طالبات اللجوء السعوديات داخل وخارج ألمانيا لتدمير حياتهن"، وأنّ "ألمانيا تريد أسلمة أوروبا"، كما أدرج عبر حسابه على إكس رابطا لمنتدى الكتروني ورد في صفحته الأولى "نصيحتي: لا تطلب اللجوء في ألمانيا".
وأشار الحاجي إلى أنّ العبد المحسن كان "منبوذا" في أوساط الجالية السعودية في ألمانيا.
 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير