Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران وسوريا الجديدة... هل انتهى "عهد الساحات"؟

محللون يتوقعون معركة استنزاف طويلة مع النظام الحالي عبر دعم الخلايا النائمة بدعوى حماية الشيعة أو بعمليات تخريب لزعزعة الاستقرار

مقر السفارة الإيرانية في دمشق بعد سقوط نظام الأسد (اندبندنت عربية)

ملخص

تقلص الدور الإيراني والروسي فور سقوط العاصمة السورية بيد القوات الثورية التي تقاطرت من كل حدب وصوب، من جنوب سوريا أو من الشمال، في عملية خاطفة وسريعة أطلق عليها "ردع العدوان".

ليس معروفاً بعد خطة العهد الجديد في العاصمة دمشق على رغم موقفها الحاسم تجاه أكثر الحلفاء صداقة لنظام بشار الأسد "طهران وموسكو" بعد إمدادهما له بالدعم اللوجيستي والمالي وصولاً إلى الدعم العسكري في سياق قمع فصائل المعارضة والقوات المتمردة على الحكم قبل عقد من الزمن.

في الأثناء تقلص الدور الإيراني والروسي فور سقوط العاصمة السورية بيد القوات الثورية التي تقاطرت من كل حدب وصوب، من جنوب سوريا أو من الشمال، في عملية خاطفة وسريعة أطلق عليها "ردع العدوان"، وعلى أثر دخول حلب تمكنت قوات غرفة العمليات المشتركة وعمادها "هيئة تحرير الشام" من شق الطريق إلى دمشق بعد مرورها بحمص وحماة.

وتفيد المعلومات المتوافرة بنقل عناصر من "الحرس الثوري" الإيراني عبر قاعدة "حميميم" الجوية في اللاذقية غرب سوريا إلى جانب قادة عسكريون من النظام السابق، بينما أخلت القوات الروسية كل قواعدها ونقاطها بصورة تامة، واقتصر وجودها على قاعدتي "اللاذقية" و"طرطوس" المطلتين على البحر المتوسط.

إلى غير رجعة

في تطور جديد أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية وفاة موظف في سفارتها بدمشق متأثراً بجراح ناجمة عن هجوم مسلح استهدفه قبل نحو أسبوع، وأعرب المتحدث باسم الوزارة إسماعيل بقائي عن وفاة الموظف المحلي في السفارة الإيرانية داوود بيطرف متأثراً بإصابة ناجمة عن استهدافه من قبل عناصر إرهابيين أطلقوا النار على سيارته في دمشق، وفق تصريح نقلته وكالة "مهر" الإيرانية أمس السبت 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

وقال المتحدث الإيراني، إن موظف السفارة تعرض للاستهداف الأحد الماضي، واكتشف جثمانه وتم التعرف عليه وجرى نقله إلى البلاد أخيراً، ملقياً بمسؤولية الحادثة على كاهل الحكومة السورية الانتقالية لتحديد ومحاكمة ومعاقبة مرتكبي "الجريمة".

 

وأكدت معلومات خلو مقر السفارة الإيرانية لدى دمشق من كادرها الدبلوماسي والإداري أثناء اقتحام الثوار مدينة دمشق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) ليلة هرب بشار الأسد خارج البلاد عبر قاعدة "حميميم" في رواية تحدثت عن نقل أموال وقطع نقد أجنبي على مدار أيام سبقت هربه.

في المقابل أكدت السفارة الإيرانية لدى دمشق عدم وجود مرافق أو ممتلكات في مبناها أثناء الهجوم على المقر، وبحسب منشور على حساب السفارة الرسمي بمنصة "إكس" فقد نفت ما أشيع عن سرقة 42 مليون دولار موجودة في مقر السفارة، وعدت تلك المعلومات في سياق "الإشاعة".

وكان التعاون الإيراني - السوري بدأ يتنامى حتى ذروته منذ اندلاع الصراع الأهلي في سوريا عام 2013، إذ أرسلت طهران بداية مستشارين عسكريين من "الحرس الثوري" الإيراني وفصائل تابعة لها من جنسيات أجنبية وعربية، منها عراقية ولبنانية وأفغانية وغيرها، بعشرات آلاف المقاتلين، إضافة إلى الدعم التقني والفني والاستخباراتي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في غضون ذلك يعتقد الباحث في العلاقات الدولية مصعب أرناؤوط، أن الملف الإيراني طوي إلى غير رجعة بعد تسلم الثوار وخصوصاً هيئة تحرير الشام سدة الحكم في سوريا إثر معارك طاحنة في الشمال السوري. وتابع، "لقد اعترف الإيرانيون بخروج سوريا من (محور المقاومة) وسبقها جنوب لبنان، ويمكن الحديث عن قوة عسكرية قد تسحق الحوثيين بتعاون أميركي وغربي، فالمشروع الأميركي ينجح في تفتيت أذرع (محور المقاومة) خصوصاً في سوريا، إذ كانت محطة على الطريق بين إيران ولبنان وحركة (حماس)".

ولا يستبعد الباحث السوري دخول إيران في معركة استنزاف مع النظام السوري الجديد عبر دعم الخلايا النائمة من منطلق حماية الطائفة الشيعية والعلوية في جبال الساحل، أو تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب في دمشق وحلب عبر دعم مجموعات لزعزعة الاستقرار في سوريا.

وعلى رغم انخفاض القوات الإيرانية بصورة ملحوظة على خلفية الاشتباك المباشر بين تل أبيب وطهران وقصف السفارة الإيرانية لدى دمشق ومصرع أمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصرالله، تراجع الحضور العسكري إلى حدود قياسية، خصوصاً مع فتح ما يسمى معركة "وحدة الساحات" تضامناً مع حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وإلى ذلك دمرت القوات الإسرائيلية قطاع غزة وجففت حركات المقاومة في الأراضي الفلسطينية والسورية، ومنها الفصائل الموالية لإيران وأبرزها "حزب الله".

أحاديث المؤامرة

وسجل مركز "جسور" للدراسات خريطة للحضور الأجنبي في سوريا ومنها الإيراني منذ منتصف عامي 2023 و2024، إذ تراجع عدد المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا من 570 إلى 529 موقعاً، وعلى رغم هذا بقيت طهران صاحبة الانتشار الأكبر في الأراضي السورية مقارنة ببقية القوى الأجنبية المنتشرة في سوريا، إذ تمركزت جيوش أجنبية (روسيا، أميركا، إيران، تركيا، والتحالف الدولي) في مواقع نفوذ على امتداد الساحة السورية.

 

ولم تعط الحكومة الجديدة في دمشق إلى الآن موافقتها للطيران الإيراني على العبور من طهران إلى بيروت عبر الأجواء السورية مما اضطر الطائرات للالتفاف عبر الأجواء التركية، وهو مما أدى إلى إطالة مدة السفر، وفق الإعلامي والمعارض السوري لنظام الأسد أيمن عبدالنور الذي يرى في اغتيال الإيراني داوود رسالة ستؤخر فتح السفارة الإيرانية وجلب عناصر "الحرس الثوري".

ويشرح أن داوود بيطرف الذي شغل منصب مدير حوزة دمشق، وسابقاً مسؤول مرقد السيدة رقية في دمشق، اغتيل في 15 ديسمبر (كانون الأول) بإطلاق رصاص عليه بينما يقود مركبته، وهو وأمثاله منحتهم طهران جوازات سفر دبلوماسية على أساس أنهم موظفون في السفارة.

وكانت "اندبندنت عربية" من أوائل وسائل الإعلام التي دخلت منطقة السيدة زينب في ريف العاصمة دمشق، وتجولت في أرجاء المدينة التي تضم أبناء الطائفة الشيعية، وزارت مرقد السيدة زينب في المدينة، ونقلت الحياة الطبيعية في المكان وسط مخاوف لدى أبناء المنطقة من وجود عناصر للنظام الإيراني تسعى إلى افتعال حوادث، لا سيما في محيط مقام السيدة الذي يتمتع بحماية من قبل هيئة تحرير الشام.

 

من جهة مقابلة، أدلى المرشد الإيراني على خامنئي بتصريحات في 11 ديسمبر (كانون الأول) الجاري تعهد فيها باستعادة سوريا، واصفاً سقوط بشار الأسد بأنه نتيجة مؤامرة أميركية وإسرائيلية مشتركة، وإشارة ضمنية إلى الدور التركي الداعم للنظام الجديد.

ورداً على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تحدث عن نقل 4 آلاف عنصر إيراني من سوريا إلى إيران، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إسماعيل كوثري، إن العناصر التي نقلت بواسطة روسيا لم تبلغ هذا الرقم، موضحاً في سياق تصريحات صحافية لوسائل إعلام ناطقة بالفارسية، أنه كان من ضمن هؤلاء مواطنون لبنانيون وأفغان ومن دول أخرى ينفذون مهام استشارية في سوريا.

إلى ذلك لقي 15 مستشاراً عسكرياً إيرانياً مصرعهم في المعارك الأخيرة بسوريا، ولم تنسحب هذه القوات إلا في اللحظات الأخيرة قبل السقوط، وبحسب البرلماني الإيراني كوثري فإن هذا الانسحاب المتأخر جاء من أجل مساندة الجيش السوري النظامي على أمل أن يصمد، بحسب قوله مستدركاً "لكننا رأينا أن الجيش لم يصمد، ولا حتى بشار الأسد".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير