ملخص
كبار المستثمرين يغادرون السوق وبنك إسرائيل يحذر المصارف من تعرضها للقطاع الاقتصادي
يعيش قطاع الإسكان في إسرائيل واقعاً صعباً على خلفية الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتي ألقت بظلالها على صناعة البناء التي تأثرت بنقص حاد في العمالة المنخرطة كجنود احتياط في الحملة التي تشنها إسرائيل على جبهات غزة والضفة الغربية ولبنان، وإلغاء تراخيص عمل الفلسطينيين.
ترسم تقارير رسمية ملامح الوضع المعقد الذي يعيشه قطاع الإسكان في إسرائيل، إذ يكشف تقرير مكتب الإحصاء المركزي انخفاض أعمال البناء على أساس سنوي بنحو 10 في المئة، وتدني منح التراخيص الجديدة بنسبة اثنين في المئة، خلال الفترة ما بين أكتوبر 2023 وسبتمبر (أيلول) الماضي.
ويعد الفلسطينيون القوة الرئيسة في قطاع البناء داخل إسرائيل بنحو أكثر من 100 ألف عامل بناء، إلا أن تل أبيب تمنعهم من مواصلة النشاط منذ السابع من أكتوبر 2023، فيما وافقت الحكومة الإسرائيلية على استقدام آلاف العاملين الأجانب إلى البلاد بدلاً من الفلسطينيين.
تراجع تراخيص البناء
وبينما نزح سكان منطقتي غلاف غزة وشمال إسرائيل منذ أحداث السابع من أكتوبر وتصنيفهما منطقتي عمليات عسكرية وهو أمر يجعل من المستحيل مواصلة نشاط البناء هناك، فإن التقرير الإسرائيلي يلفت إلى أن 75 في المئة من أعمال البناء التي تعطلت كانت في مناطق الوسط وتل أبيب، فضلاً عن تراجع تراخيص البناء بنحو 44 في المئة هناك.
وخلال هذه الفترة صدرت تراخيص البناء لـ72180 شقة وكان مركز البلاد هو الأكثر جاذبية لرجال الأعمال على رغم ارتباطه أيضاً بالحرب الدائرة، فكان غالب التصاريح الصادرة خلال هذه الفترة داخل المناطق الوسطى من تل أبيب.
وخلال عام من الحرب، شيد مطورو العقارات 14150 شقة نتيجة هدم مبنى قائم وبناء مبنى جديد، وكان أكثر من نصفها (نحو 50.9 في المئة) داخل منطقة تل أبيب ونحو 25.3 في المئة داخل المنطقة الوسطى، فيما استحوذ جنوب البلاد على 18.7 في المئة.
القدس في صدارة البلدات
وجاءت القدس في صدارة البلدات التي بدأ فيها بناء أكثر من 2000 شقة خلال الـ12 شهراً الأخيرة بنحو 5790 شقة، ثم تل أبيب يافا (4820)، وأشدود (2540)، واللد (2510) ونتانيا (2190).
وخلال أكتوبر الماضي حذر بنك إسرائيل المركزي كبار المسؤولين في البنوك من تعرضهم لقطاعي البناء والعقارات، مؤكداً الحاجة إلى "إدارة الأخطار بعناية خلال هذه الفترة"، وفصل البنك متطلباته من البنوك من حيث تقييم الأخطار المحدث في هذا المجال، وفقاً لما ذكرته "بلومبيرغ".
وقدم تقرير مكتب الإحصاء المركزي لمحة عامة عن عمليات البناء التي بدأتها المستوطنات خلال الأعوام الأربعة الماضية، في ظاهر الأمر سجل معدل التغيير الأكثر دراماتيكية خلال هذه الفترة مقارنة بالعام السابق من حيث الزيادة في البناء مستوطنة ركسيم الحريدية 142.1 في المئة، وأوفاكيم 140.2 في المئة وفي كريات بياليك وعكا 107.9 في المئة وفي طبريا 101 في المئة، بينما المستوطنات التي تقلص البناء بها فكات بات يام 61 في المئة ورسلاخ بتراجع 48 في المئة والعفولة بـ27 في المئة.
نقص الأيدي العاملة
وينعكس الانخفاض في النشاط الذي ميز العام الماضي أيضاً في مدة اكتمال البناء، إذ يشير المكتب المركزي للإحصاء إلى أن متوسط مدة تشييد المبنى خلال هذه الفترة بلغ 28.3 شهر، وفي تقديره فإن الزيادة في مدة البناء ما بين ستة وثمانية أشهر بسبب نقص الأيدي العاملة.
وأمام تراجع في معدلات البناء زاد الطلب على العقارات في إسرائيل ودفع بدوره أسعارها صعوداً على نحو لافت، وبحسب ما يقول المطور العقاري يوفال رودريغ فإن البيانات تعكس بصورة أساس التغييرات المهمة التي حدثت على جانب التنفيذ ومحنة العاملين في الصناعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"على أرض الواقع، نرى أنه على رغم عودة الغالبية المطلقة من المواقع إلى هامش التنفيذ الذي كانت تتميز به في فترة ما قبل الحرب، فإن بعضها أدى إلى تأخير التسليم وبعض رواد الأعمال يؤخرون البدء في مشاريع جديدة بسبب نقص العمال، ويمكن ملاحظة ذلك أيضاً في حقيقة أن الانخفاض في منح تراخيص البناء أقل نسبياً من الانخفاض في بدء البناء، والمعنى أنه ليس كل رواد الأعمال الذين يحصلون على تصريح بناء يبدأون البناء على الفور" بحسب ما يضيف رودريغ في تصريح لصحيفة " كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية.
ارتفاع أسعار العقارات
ويقر المطور العقاري الإسرائيلي بارتفاع أسعار العقارات مشيراً إلى أن الطلب على الشقق الجديدة آخذ في الصعود، لذلك من المحتمل أن يستمر اتجاه ارتفاع أسعار الشقق مع تقلص الفجوة بين العرض الفعلي (الشقق الجديدة المخصصة للإشغال) ونمو الطلب.
أما رئيس اتحاد المقاولين "بوني هآرتس" راؤول سارجو فيقف ملياً أمام تلك البيانات باعتبارها تعبيراً صريحاً على الوضع الصعب في صناعة الإسكان الإسرائيلية، إذ يقول "مدة البناء تطول، والتأخير في تسليم الشقق أمر صعب للغاية، وأصبح هذا التأخير ظاهرة شائعة في وقت تزداد الفجوة بين الطلب والعرض كل عام، مع إضافة نحو 68 ألف أسرة جديدة إلى السوق في وقت جرى الانتهاء فقط من بناء 58 ألف وحدة سكنية، وهذا رقم خطر يشير إلى تزايد انخفاض العرض مقارنة بالحاجات والطلبات، مما قد يشير إلى ارتفاع أسعار الشقق مستقبلاً وارتفاع أسعار الإيجارات خلال الوقت الحاضر".
ويحمل رئيس اتحاد المقاولين في إسرائيل الحكومة مسؤولية تدهور حال القطاع، فهي من وجهة نظره "لا تفعل ما يكفي" وبرنامج أسعار المساكن وهو البرنامج الرئيس لوزارة البناء والإسكان جلب 4110 شقق فقط للأزواج الشباب هذا العام، وهو رقم لا يقترب حتى من الطلب على أرض الواقع، بحسب ما يقول.
وخلال الشهر قبل الماضي كشفت وزارة المالية الإسرائيلية عن مغادرة كبار المستثمرين سوق العقارات نتيجة غموض المستقبل الاقتصادي، وهو ما ظهر بصورة واضحة في هبوط حجم الصفقات المنفذة، إذ ذكرت الوزارة في استطلاع وفق صحيفة "غلوبس" أن نسبة صفقات "المستثمرين الكبار" راوحت ما بين 62 و72 في المئة خلال أبريل (نيسان) الماضي، من إجمال عدد مشتري الشقق للاستثمار، بينما بدأت هذه النسبة في التراجع منذ مايو (أيار) الماضي حتى بلغت 33 في المئة فقط خلال أغسطس (آب) الماضي.