ملخص
في ألمانيا التي تواجه ركوداً اقتصادياً للعام الثاني على التوالي، بات النموذج الصناعي على المحك. ويطالب شولتز بتليين قواعد المديونية لتحفيز الاستثمارات بغية إنعاش الاقتصاد، في حين تصر المعارضة المحافظة على تقييد المديونية، وفق ضوابط منصوص عليها في الدستور الألماني.
دخلت ألمانيا رسمياً في سباق انتخابي بعد قرار الرئيس فرنك فالتر شتاينماير حل البرلمان وتحديد الـ23 من فبراير (شباط) 2025 موعداً للانتخابات التشريعية المبكرة، في خضم أزمة اقتصادية تعصف بالبلد.
ويأتي هذا القرار لحملة انتخابية من شهرين بدلاً من سبعة أشهر لو لم يقدم موعد الانتخابات، نتيجة انهيار الائتلاف الحكومي للمستشار الاشتراكي-الديمقراطي أولاف شولتز.
وتشير نيات التصويت إلى فوز "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" بزعامة فريدريش ميرتس بنسبة 32 في المئة في الانتخابات، يليه حزب أقصى اليمين "البديل من أجل ألمانيا" بـ19 في المئة، ثم "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" بـ15 في المئة، فـ"الخضر" بـ13 في المئة، وفق متوسط مرجح لاستطلاعات الآراء صدر اليوم الجمعة.
حكومة ائتلافية
ونظراً إلى الوضع الراهن لموازين القوى، يقضي السيناريو الأكثر ترجيحاً للحكومة المقبلة بائتلاف قائم بين "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" و"الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، بعدما أعربت كل الأحزاب الألمانية عن رفضها التعاون مع "البديل من أجل ألمانيا".
وفي انتظار تشكيل الحكومة، ذكر الرئيس شتاينماير أن الديمقراطية الألمانية تبقى قائمة "حتى خلال الفترة الانتقالية".
ويتولى كل من الحكومة والبرلمان تصريف الأعمال حتى تشكيل توليفة جديدة. غير أن السلطة التنفيذية التي لا تملك غالبية يتعذر عليها إقرار مشاريع جديدة من دون دعم المعارضة.
انهيار الائتلاف الحاكم
وانهار الائتلاف الحكومي القائم منذ نهاية عام 2021 بين "الاشتراكيين الديمقراطيين" و"الخضر" وليبراليي "الحزب الديمقراطي الحر" خلال السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إثر إقالة شولتز وزير المال الليبرالي بسبب خلافات لا يمكن تجاوزها في السياسة الاقتصادية والموازنة.
وطرح المستشار الذي لم يعد يملك مذاك غالبية برلمانية تصويتاً على الثقة في البوندستاغ (البرلمان) خلال منتصف ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بغية سحب الثقة منه وإطلاق مسار الانتخابات المبكرة التي أكد شتاينماير موعدها اليوم.
أزمة عميقة
ويندرج هذا الإجراء النادر في تاريخ السياسة الألمانية في سياق أزمة عميقة تعصف بأكبر اقتصاد داخل أوروبا، كان في ما مضى مثالاً للاستقرار السياسي.
وقال شتاينماير خلال خطابه اليوم "يتطلب الاستقرار خصوصاً في ظل أوقات صعبة كهذه حكومة فعالة وغالبية جديرة بالثقة في البرلمان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعدَّ أنه من شأن الانتخابات المبكرة أن تسمح بجبه "تحديات هذه الحقبة"، وعلى رأسها "الوضع الاقتصادي المضطرب".
وفي ألمانيا التي تواجه ركوداً اقتصادياً للعام الثاني على التوالي، بات النموذج الصناعي على المحك.
ويطالب شولتز بتليين قواعد المديونية لتحفيز الاستثمارات بغية إنعاش الاقتصاد، في حين تصر المعارضة المحافظة على تقييد المديونية، وفق ضوابط منصوص عليها في الدستور الألماني.
ومن بين المسائل الأخرى التي تشغل بال الألمان، ذكر شتاينماير "الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا" و"مسائل ضبط الهجرة والاندماج والتغير المناخي".
الهجرة وهجوم ماغديبورغ
وأقامت أحزاب اليمين وأقصى اليمين رابطاً بين الهجرة والأمن والهجوم الذي استهدف خلال الـ20 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري السوق الميلادية في مدينة ماغديبورغ، وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من مئتين.
وعقب هذا الهجوم الذي نفذه لاجئ يحمل الجنسية السعودية ومعاد للإسلام في الـ50 من العمر، أقام حزب "البديل من أجل ألمانيا" تظاهرة في موقع الحادثة، مطالباً بـ"إغلاق الحدود" في وجه "المجانين المغتاظين الآتين من كل البلدان".
وكتب زعيم المحافظين فريدريش ميرتس في رسالة إلى متابعيه "نحن لا نريد مجرمين (محتملين) من هذا القبيل في بلدنا"، مشيراً إلى أن "عدد الجرائم الخطرة التي ارتكبها مهاجرون في ألمانيا يشهد ازدياداً منذ نحو 10 أعوام".
وتعهدت الحكومة الألمانية الرازحة تحت ضغوط متنامية بتحقيق سريع ودقيق للكشف عن ملابسات الحادثة، وعن أي تقصير قد يكون بدر من السلطات في تجنب الهجوم. ودعا أولاف شولتز الألمان إلى "التعاضد" في هذه المحنة.
وقال الرئيس الألماني في خطابه اليوم "لا مكان للكراهية والعنف في هذه الحملة الانتخابية" التي تمنى أن "تجرى بوسائل عادلة وشفافة".
وندد بـ"التدخل الخارجي" من دون تسمية روسيا التي غالباً ما تُتهم بتدبير حملات تضليل إعلامي للترويج لمرشحين يخدمون مصالحها في أوروبا. وانتقد صراحة شبكة "إكس" حيث يتم هذا التدخل بنظره "على نحو مفضوح" و"بشدة".