Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشمال السوري... وعورة طريق العودة أصعب من كلفة النزوح

على رغم تقديم تركيا تسهيلات لهم لكن اللاجئين وجدوا أنفسهم بين العيش في خيام بالية أو إعمار بيوتهم المدمرة

حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من الظروف الصعبة في شمال غربي سوريا (اندبندنت عربية)

ملخص

يجزم رئيس رابطة اللاجئين السوريين مضر الأسعد في حديثه إلى "اندبندنت عربية" بأن سوريا غير مؤهلة اليوم لاستقبال بين 3 و4 ملايين نازح، يريدون العودة إلى الوطن بسبب حال الدمار والخراب وحاجة البنى التحتية إلى إعادة تأهيل، وكذلك نقص المعاهد والجامعات والمدارس ومحطات المياه والكهرباء.

يشهد الطريق الواصل نحو أقصى الشمال السوري حركة ازدحام كثيفة هذه الأيام، وعلى نحو غير مألوف لم تقتصر الحركة المرورية ذهاباً وإياباً على مركبات أهل المدينة وريفها، بل باشرت الوفود التدفق من شتى أنحاء البلاد بعد سقوط النظام منذ ثلاثة أسابيع.

ولم تشهد هذه المناطق ازدحاماً كهذا من قبل، إذ ظلت إدلب خارج السيطرة الحكومية لأكثر من عقد من الزمن، ومن إدلب مروراً بمناطق سرمدا والدانا في ريف المحافظة يمكن أن تقرأ علامات الارتياح على سكان هذه المدن أو من يصل إليها زائراً.

على طريق النزوح

تتوافد المركبات ذهاباً وإياباً تقل عائلات تحمل في قلوبها الشوق والحنين للوصول إلى مدنهم وقراهم بعد فراق مرير، منهم القادم من تركيا أو مناطق الشمال لزيارة أهله وأقاربه أو العودة إلى منزله بعد هجرة قسرية طاولت أعواماً طويلة، وآخرون يحملون الرغبة الجامحة لمعرفة ما حل بإدلب السورية، ويتجولون في مرافقها بعد حديث يسري عن تطور شهدته خلال الأعوام القليلة الماضية.

وعقد النظام السوري السابق خلال عام 2017 وبدعم روسي وإيراني اتفاقاً مع فصائل المعارضة بعد محاصرتها في حلب وحمص وغيرهما من المدن، يقضي بخروج آمن عبر ما يطلق عليه "الباصات الخضراء" التي نقلت كل من يرغب في النزوح إلى إدلب.

ومنذ ذلك الوقت ظلت هذه المدينة وريفها خارج سيطرة الحكومة، لتتبعها موجة هجرة قسرية ثانية حين تقدمت القوات النظامية خلال مارس (آذار) 2019 لتسيطر على ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، عبر حملة عسكرية قادها سهيل الحسن أو ما يطلق عليه (النمر) مما ألحق خراباً بها وزاد عدد النازحين، بينما وضعت غرفة عملية "ردع العدوان" بعد إسقاط النظام خلال الثامن ديسمبر (كانون الأول) الجاري الحسن على قائمة المطلوبين.

 

 

وعلى جانبي الطريق تنتشر المنشآت الصناعية والتجارية وقطع التبديل وحركة عمل واجتهاد من أصحابها لا تهدأ، وحول ما كانت عليه هذه المناطق الواصلة إلى إدلب وكيف يبدو الطريق اليوم مقارنة بطريق الأمس، قال سهيل عبدالجواد "طريق النزوح كان وعراً وقاسياً، أذكر أن السماء أغدقت علينا حين حللنا وأغرقت أمتعتنا، وهبت عاصفة هوائية اقتلعت الخيمة من مكانها، ضممت أولادي وعائلتي إلى تحت شجرة نقي أنفسنا المطر، ليلة لا تنسى قبل أن أكمل طريقي نحو تركيا حيث كان الاستقرار هناك، وكان الطريق حينها موحشاً وكئيباً وكنا نسير خلاله نحو مصير مجهول".

العودة والدمار

ضاقت الأرض بما رحبت على غالب النازحين في الشمال السوري بعد أعوام العيش في الخيام، لكنهم تمكنوا من التكيف مع كل الظروف الصعبة ولا سيما فصل الشتاء، وبالدخول إلى خيمة أحد النازحين من منطقة أبو الضهور محمد السوادي، استقبلنا وتحدث لـ"اندبندنت عربية" عن تفاصيل الشتاء القاسي قائلاً "وحده الصبر الذي جعلنا نقضي كل هذه الأعوام الطويلة، المطر نعمة لكنه يتحول هنا إلى نقمة بعد أن نغرق، كانت بداية ترحالنا في هذه المناطق صعبة للغاية وكنا نغرق من غزارة المياه المتدفقة، ولا نستطيع أن نوقف تدفقها".


ومع وصولنا إلى الدانا وتجولنا داخل مخيمات مترامية قرب سفوح الجبال أو بين حقول الزيتون لا تخفي حال النازحين التي يُرثى لها من ضنك العيش، ومشاعر البؤس الذي تختلج نفوسهم على رغم فرحتهم بانتصار الثورة، بينما ينتظرون بارقة أمل للعودة إلى بيوتهم وحقولهم.

ويروي الشاب عقبة مخزوم وهو أحد النازحين تفاصيل زيارته مدينته خان شيخون، ويصف ما رآه بأم العين من دمار البيوت والمدينة وفقدان مقومات الحياة بها وكأنها مدينة أشباح، قائلاً "المدينة تفتقد المدارس والمراكز الصحية ومقومات العيش، ونناشد الأمم المتحدة والدول الصديقة أن تثبت وقوفها إلى جانب الشعب السوري بالمساهمة في إعادة الإعمار عبر الحكومة الحالية، وتأهيل المستشفيات والمدارس والأفران وغيرها من الخدمات".

ويشاركه الرأي النازح لؤي نجم بعد أن أبدى فرحة كبيرة بانتصار الثوار، ومن خلاص البلاد من عائلة الأسد التي حكمت سوريا نحو 55 عاماً، وتابع "حين رجعنا لم نجد في بيتنا إلا جدراناً بعدما أجهز عليه الزلزال".

وكانت المنظمات الأممية ومنها برنامج الغذاء العالمي خفضت مساعدتها في شمال غربي سوريا بمقدار 70 في المئة خلال عام 2023، وسط خفض الدول الأعضاء والمشاركين في مؤتمر بروكسل مساعداتهم، وفي المقابل أعلن مسؤول برنامج الأغذية العالمي سامر عبدالجابر حاجة البرنامج إلى 250 مليون دولار خلال الأشهر الستة المقبلة لمساعدة 2.8 مليون شخص في سوريا، وأوضح عبر الموقع الرسمي للأمم المتحدة أن هذا التمويل ليس متوافراً حسب قوله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعمل برنامج الغذاء العالمي خلال 14 عاماً على مساعدة 5.5 مليون شخص، بينما ساعد نحو مليون شخص خلال العام الحالي، في وقت خصصت الدول المانحة في بروكسل نحو 8.1 مليار دولار على صورة منح وقروض لدعم السوريين المتضررين من الحرب.

وأثناء ذلك حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من الظروف الصعبة في شمال غربي سوريا، ولا سيما في مخيمات النازحين داخل إدلب وشمال حلب حيث يزيد الشتاء من صعوبة معاناة نحو 730 ألف شخص في الخيام، وتضررت 200 خيمة عائلية خلال الـ23 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري في أربعة مخيمات بسبب الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار، وسجلت المنظمات الأممية تسبب الفيضانات والرياح القوية منذ بداية العام الحالي في إتلاف 8 آلاف خيمة عائلية، بما في ذلك ألفا خيمة دمرت بالكامل داخل 260 مخيماً.

البنى التحتية

يجزم رئيس رابطة اللاجئين السوريين مضر الأسعد في حديثه إلى "اندبندنت عربية" بأن سوريا غير مؤهلة اليوم لاستقبال بين 3 و4 ملايين نازح، يريدون العودة إلى الوطن بسبب حال الدمار والخراب وحاجة البنى التحتية إلى إعادة تأهيل، وكذلك نقص المعاهد والجامعات والمدارس ومحطات المياه والكهرباء.

وأضاف الأسعد "يترقب النازحون السوريون في المخيمات العودة إلى مزارعهم ويتطلب الأمر بين ستة إلى سبعة أشهر، ما دامت تركيا أعطت مهلة للذين يريدون العودة إلى البلاد بالدخول والعودة إلى تركيا من أجل إعادة بناء منازلهم، إذ يدخل يومياً ما لا يقل عن 5 إلى 7 آلاف سوري".

 

 

وارتفع عدد المخيمات في الشمال السوري خلال العام الحالي بحسب منظمة "منسقو الاستجابة في سوريا" إلى نحو 1904 مخيمات، وتجاوز عدد القاطنين ما يناهز مليوني نازح نسبة الأطفال منهم نحو النصف والنساء 26 في المئة، أما نسبة ذوي الحاجات الخاصة وصلت إلى 2.91 في المئة.

مناشدات للبناء

في غضون ذلك تبلغ الكلفة الإجمالية لإعادة إعمار سوريا قرابة 400 مليار دولار وفق إحصاءات حكومية، إذ زادت أعباء زلزال السادس من فبراير (شباط) عام 2022 من تحديات الإعمار، في ظل الحصار الاقتصادي الذي عاشه الشعب السوري ووصول 90 في المئة من سكان البلاد إلى خط الفقر وفق تقديرات أممية، وترافق ذلك مع انهيار الاقتصاد السوري والعملة وشلل في حركة الإنتاج الصناعي والتجاري والزراعي.

ويشرح رئيس رابطة اللاجئين الأسعد عن أبرز التحديات التي خلفها نظام بشار الأسد والحليفين الروسي والإيراني، وكذلك حزب العمال الكردستاني في مختلف المحافظات السورية، وما ألحقه الطيران الروسي من دمار واسع في إدلب وحماة وحمص ودمشق والسخنة وتدمر، مضيفاً "أكثر من 70 في المئة من دير الزور مدمرة، ونأمل من الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي المساهمة في إعادة تأهيل البنى التحتية وإعادة الإعمار لوجود أزمة إنسانية غير مسبوقة".

وإلى ذلك تقدم الحكومة التركية حسب الأسعد، تسهيلات مثل إدخال اللاجئ السوري ما يريد من تركيا إلى سوريا مثل أثاث المنزل والمركبات، وهذا ما يسهل إعادة التأهيل، بينما ينتظر أصحاب الخيام فصل الصيف والانتقال إلى إعادة إعمار منازلهم وهدم خيمة اللجوء إلى غير رجعة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير