Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السوق السعودية بين عام قاحل وآخر حافل بالتفاؤل

أداء سيئ في 2024 وسط توترات المنطقة وتذبذب أسعار النفط والتردد العالمي في قرار الفائدة

أداء السوق في 2024 كان محاطاً بأزمات خارجية ألقت بظلالها على السوق المحلية (اندبندنت عربية)

ملخص

لم تكن الأرقام في 2024 تحفل بالإنجازات مثلما كان العام الذي سبقه، إلا أن النمو الاقتصادي في عام 2025 يشير إلى عام حافل ينتظر الأسهم السعودية التي يبدو أنها ستكون على موعد مع انطلاقة جديدة أكثر استقراراً، في حال أصابت التوقعات التي رسمت صورة أفضل للاقتصاد العالمي.

لم تكن السوق المالية السعودية (تداول) في أفضل حالاتها في عام 2024، إذ بالكاد خرجت من الأداء السالب قبل جلسة من نهاية العام، بينما شهدت أداء إيجابياً خلال عام 2023، إذ أغلق المؤشر العام للسوق الرئيسة عند مستوى 11967.39 نقطة، مقارنة بـ10478.46 نقطة في نهاية عام 2022، مسجلاً ارتفاعاً قدره 1488.93 نقطة، أي 14.21 في المئة، بينما تغلق العام الحالي عند 12 ألف نقطة بصعود لا يذكر عن العام السابق، إلا أن السوق تظهر مرونة في مواجهة التحديات، مع توقعات بنمو مستدام في عام 2025. ويعتمد ذلك على الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، والاستفادة من الفرص المتاحة ضمن "رؤية 2030"، إذ يظل التنويع الاقتصادي وتحفيز الاستثمارات من الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار والنمو في المستقبل، كما أنه يصنع فارقاً بالنسبة إلى المستثمرين.

القيمة السوقية والتداول

ويرى أستاذ المالية الدكتور محمد القحطاني، أن السوق في 2024 لم تختلف كثيراً عن العام السابق، إلا أنها بالتأكيد مرت بظروف جيوسياسية أكثر قساوة وصعوبة، خصوصاً أن التوتر والنزاع في المنطقة وصل إلى حد كبير، فضلاً عن التردد الواسع الذي ساد حول أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي المتوقع، مضيفاً بأن أرقام العام السابق يمكن أن تعطي صورة عن الأرقام في العام الحالي، إذ بلغت القيمة السوقية للأسهم المصدرة بنهاية عام 2023 نحو 11.259 تريليون ريال (3.002 تريليون دولار)، بزيادة نسبتها 13.98 في المئة مقارنة بنهاية عام 2022. في المقابل، شهدت القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة انخفاضاً بنسبة 21.9 في المئة، إذ بلغت 1.333 تريليون ريال (355.50 مليار دولار) في مقابل 1.708 تريليون ريال (455.48 مليار دولار) في العام الذي سبقه. وعلى رغم هذا الانخفاض في قيمة التداول ارتفع إجمالي عدد الصفقات المنفذة بنسبة 6.96 في المئة، ليصل إلى 94.02 مليون صفقة مقارنة بـ87.90 مليون صفقة في العام السابق، أما إجمالي عدد الأسهم المتداولة، فشهد انخفاضاً طفيفاً بـ0.79 في المئة، إذ بلغ 83.03 مليار سهم في مقابل 83.69 مليار سهم في العام السابق.

وأشار إلى أن أداء السوق في 2024 كان محاطاً بأزمات خارجية ألقت بظلالها على السوق المحلية، فضلاً عن التأثيرات التي تركتها في الأسواق المؤثرة كأسواق النفط والغاز والعقار والأعمال اللوجستية وغيرها، فيما ينظر إلى عام 2025 بتفاؤل أكثر وسط توقعات بنمو اقتصادي أكبر محلي وعلى مستوى العالم.

تخمة اكتتابات

من جانبه أشار المصرفي بدر السالم إلى أن عدد الاكتتابات في السوق سجل رقماً تاريخياً ببلوغه أكثر من 88 طلب اكتتاب، قسم منها اكتتب بالفعل وقسم لا يزال ينتظر الإدراج (بين التأكيد والإلغاء)، مما يعكس الثقة المستمرة في السوق وجاذبيتها للمستثمرين، علاوة على أن السوق مستمرة في جذب الطروحات الجديدة، ويأتي ذلك فيما تستعد السوق السعودية لعام جديد متخم بالاكتتابات العامة الأولية، إذ وافقت هيئة السوق المالية على خمسة اكتتابات في السوق الرئيسة حتى الآن لم تكشف بعد عن نشرة الإصدار الخاصة بها، معظمها قد يبدأ إجراءات الطرح خلال الربع الأول، وبحد أقصى في الربع الثاني من العام المقبل، مؤكداً بأن قائمة الاكتتابات يعززها بيع أسهم شركات تابعة لـ"صندوق الاستثمارات العامة"، مما يعطي ثقة متزايدة في قدرة الاقتصاد المحلي على الاستمرار في النمو وتحقيق عوائد مجزية للشركات العاملة فيه، وهو شعور يحتاج إليه المستثمر للدخول والاطمئنان لمزيد من الاستثمار.

تضاعف النمو الاقتصادي

وحول النمو الاقتصادي أكد مدير مكتب مؤسسة "إنيرجي غروب" في الخليج سامح الزيد أن السوق المالية السعودية حققت أداء إيجابياً في عام 2024 على رغم كل الظروف التي مرت بها أسواق المال على المستوى العالم، إذ حظيت السوق المحلية بالثقة المتزايدة للمستثمرين والإصلاحات المستمرة التي تهدف إلى تعزيز جاذبية السوق ورفع كفاءتها، وعلى رغم التحديات المتمثلة في انخفاض قيمة التداولات، إلا أن النمو في المؤشر العام وزيادة القيمة السوقية ولو بصورة بسيطة إلا أنهما يشيران إلى توجهات إيجابية ومستقبل واعد للسوق المالية السعودية.

وأضاف أن معظم التقارير الاقتصادية، تتوقع تضاعف النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى أكثر من 4.4 في المئة خلال عام 2025، ولعل التقرير الصادر عن مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" ومعهد المحاسبين القانونيين للمستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط (في الربع الرابع من العام الحالي) توقع أن يبلغ النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط نحو 2.1 في المئة في عام 2024، على أن يتسارع بقوة إلى 3.7 في المئة في عام 2025، مما يعطي مرونة القطاعات غير المرتبطة بالطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ من المتوقع أن تنمو بنسبة 4.2 في المئة هذا العام وبنسبة 4.4 في المئة في 2025.

أداء السوق بين عامين

ويرى المستشار المالي سالم الزهراني أن السوق المالية السعودية (تداول) شهدت خلال عام 2024 تحولات ملاحظة، متأثرة بعوامل اقتصادية محلية وعالمية، وكانت البداية جيدة، ففي الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، ارتفع مؤشر "تاسي" بنسبة 3.6 في المئة، مدفوعاً بإعلانات الشركات عن نتائجها الربعية وتوزيعات الأرباح، إضافة إلى استقرار أسعار النفط بالقرب من مستوى 80 دولاراً للبرميل، إلا أنه شهد تراجعاً وتذبذباً بعد ذلك واستمر حتى نهاية العام، وأن النصف الأول من عام 2024 أغلق فيه مؤشر السوق الرئيسة (تاسي) عند مستوى 11679.50 نقطة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 1.92 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وبلغت القيمة السوقية للأسهم المصدرة نحو 10.05 تريليون ريال (2.67 تريليون دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع اقتراب نهاية العام، تتجه الأنظار نحو التوقعات المستقبلية لعام 2025، في ظل استمرار تنفيذ "رؤية 2030" والمبادرات الاقتصادية المرتبطة بها، مما يعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي.

العوامل المؤثرة

وفي شأن أداء السوق في عام 2025 يرى المستشار المالي الدكتور إحسان إسماعيل أن تأثر أداء السوق يرتبط بعوامل عدة، أبرزها أسعار النفط: بوصفها مصدراً رئيساً للإيرادات، وكان لتقلبات أسعار النفط تأثير مباشر في السوق، يأتي بعدها السياسات النقدية العالمية، إذ التوقعات بخفض أسعار الفائدة من البنوك المركزية، خصوصاً مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي، لها تأثير في توجهات المستثمرين، إضافة إلى الإدراجات الجديدة، وشهدت السوق إدراجات جديدة، مما أسهم في زيادة التنوع وجذب مزيد من الاستثمارات، وزيادة حجم التداول.

محفزات النمو والتحديات

وأضاف إسماعيل أن التوقعات متباينة في شأن أداء السوق في عام 2025، إذ تشير بعض التقارير إلى إمكان تحقيق نمو يصل إلى 15 في المئة، مدفوعاً بالاستقرار الجيوسياسي في المنطقة، ويعزز هذا أيضاً توقع وزارة المالية نمو الاقتصاد بنسبة 4.6 في المئة، مع تسجيل عجز في الموازنة بنحو 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال إن من المتوقع أن تسهم عوامل عدة في تعزيز أداء السوق، منها الاستثمارات الحكومية، مع استمرار الإنفاق على المشاريع التنموية ضمن "رؤية 2030"، واتساع تنويع الاقتصاد مع التركيز على تطوير قطاعات غير نفطية، مما يقلل الاعتماد على النفط، تسارع الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية.

المستثمرون والتحديات

وأشار مدير الاستثمار والعمليات في مؤسسة المال العائلية عبدالخالق محفوظ إلى أنه على رغم التوقعات الإيجابية للسوق في عام 2025، إلا أنه قد تواجهها تحديات، أبرزها: تقلبات أسعار النفط، إذ استمرار التذبذب في أسعار النفط قد يؤثر في الإيرادات والموازنة، الأمر الثاني: التوترات الجيوسياسية، إذ إن أي تصاعد في التوترات قد يؤثر سلباً في ثقة المستثمرين، التي في العادة تكون هشة في الظروف غير المستقرة، الأمر الثالث: التغيرات في السياسات النقدية العالمية، ولا يمكن إغفال هذا الأمر الذي يشكل القلق الأول لأسواق المال، إذ تؤثر في تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات.

وأمام هذه التحديات التي تتوافق عليها معظم أسواق المال تتفق استراتيجيات المستثمرين، وفي ظل هذه المعطيات ينصح بتنويع المحافظ الاستثمارية لتقليل الأخطار المرتبطة بتقلبات السوق، ومتابعة المستجدات الاقتصادية والتفاعل مع التغيرات في السياسات المالية والنقدية، وكذلك التركيز على القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والسياحة.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة