Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذا ما تتوقعه الأسواق بعد توقف الغاز الروسي إلى أوروبا

محللون لـ "اندبندنت عربية": القرار كان متوقعاً والتساؤل حالياً حول البديل الجديد وجهوزية البنية التحتية والعبور

توقف إمدادات الغاز الروسي سينعكس على أوروبا سلبا خلال الفترة المقبلة ( اندبندنت عربية )

ملخص

ويُنهي إغلاق أقدم طريق لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا عقداً شهد توتراً للعلاقات بسبب استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم عام 2014، إذ يعود طريق العبور للحقبة السوفياتية.

قررت روسيا إيقاف صادراتها من الغاز الطبيعي عبر خطوط أنابيب تمر من أوكرانيا إلى أوروبا، بعد انقضاء أجل اتفاق العبور في أول أيام العام الجديد، وفشل موسكو وكييف في التوصل إلى اتفاق لمواصلة التدفقات.

وقال محللون في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" إن القرار سيحمل تبعات على جميع الأطراف، سواء أوروبا وروسيا، وأيضاً أوكرانيا التي تتقاضي مبالغ على عبور الغاز من خلال أراضيها، إلا أنهم يرون أن هناك ترتيباً بين أوكرانيا وأوروبا بخصوص القرار الذي كان متوقعاً.

ويُنهي إغلاق أقدم طريق لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا عقداً شهد توتراً للعلاقات بسبب استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم عام 2014، إذ يعود طريق العبور للحقبة السوفياتية.

حدث تاريخي 

وقال وزير الطاقة الأوكراني جيرمان جالوشينكو في بيان "أوقفنا عبور الغاز الروسي وهذا حدث تاريخي، فروسيا تخسر أسواقها وستتكبد خسائر مالية، وقد اتخذت أوروبا بالفعل قرار التخلي عن الغاز الروسي".

وكان من المتوقع وقف تدفقات الغاز في ظل الحرب التي بدأت في فبراير (شباط) 2022، إذ أصرت أوكرانيا على أنها لن تمدد الاتفاق وسط الصراع العسكري، وقال مصدر في القطاع إن "غازبروم" افترضت العام الماضي أن الغاز لن يمر عبر أوكرانيا، والذي يمثل ما يقارب نصف إجمال صادرات الغاز الروسية عبر خطوط أنابيب إلى أوروبا.

ولا تزال روسيا تصدر الغاز عبر خط أنابيب "ترك ستريم" في قاع البحر الأسود، حيث يحوي الخط فرعين أحدهما للسوق المحلية التركية والآخر لتزويد العملاء في وسط أوروبا مثل المجر وصربيا بالغاز.

البحث عن بدائل

من جهته قال المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي إنه لن تكون هناك تأثيرات جراء تلك القرارات الأخيرة في أسعار الغاز، لأن التعاقدات في هذه السوق بعيدة المدى بنحو 10 أو 15 عاماً، ولذلك لا تتأثر الأسعار بهذه الأحداث بصورة وقتية.

وأكد الحرمي أن هذا القرار يعطي الاتحاد الأوروبي الفرصة للبحث بصورة جادة حتى عام 2027 عن بدائل للغاز الروسي التي تستورده من موسكو حالياً، مشيراً إلى أن من البدائل المتوافرة أمام الاتحاد الأوروبي هي الاتجاه مع بدء النصف الثاني من عام 2025 لزيادة واردات الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة الأميركية وقطر.

ويرى المتخصص في الشؤون النفطية على الريامي أن خطوة إيقاف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا كانت متوقعة، خصوصاً من قبل الدول الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول التي أخذت في الاعتبار هذا الإجراء من قبل، مما جعل الدول الأوروبية تحتاط عبر زيادة حجم المخزونات بصورة كبيرة تقترب من مستوى 100 في المئة تقريباً، خلافاً لاعتمادهم على الغاز الأميركي على رغم سعره المرتفع وكمياته المحدودة.

وأضاف الريامي أن البنية الأساس في أوروبا لاستقبال السفن غير متوافرة بصورة كبيرة في الوقت الراهن، لكنها لا تزال تحت الإنشاء وبحاجة إلى شهور وأعوام حتى تستطيع أوروبا أن تستغني بصورة كاملة عن الغاز الروسي، لكنها في النهاية مسألة وقت.

ويلفت الريامي في حديثه إلى أن من المتوقع التوصل إلى حلول مع أوكرانيا وتوقيع اتفاق جديد، إذ إن توقف الإمدادات أمر صعب وليس في مصلحة أوروبا، وقد يستمر إرسال الغاز الروسي من طريق البحر وعبر بحر الشمال، لكن المشكلة في دولة الممر أوكرانيا، مضيفاً "يمكن استيعاب كميات من الغاز القطري أو العُماني على سبيل المثال، لكن أسعار كلا الصنفين مرتفعة مما يؤثر في الاقتصادات الأوروبية، ويؤثر بصورة مباشرة في الشعوب الأوروبية إثر ارتفاع فاتورة الكهرباء وصعود التضخم، ويتعين هنا الوصول إلى حل يقضي باستمرار تدفق الغاز الروسي الرخيص إلى أوروبا".

تأثيرات متوقعة 

بدوره قال مدير المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن صادق الركابي، إن رفض أوكرانيا نقل واردات الغاز الروسية للاتحاد الأوروبي سيؤثر في الطرفين، إذ إن الجانب الروسي بهذا الأمر خسر السوق الأوروبية التي كانت تستورد قرابة 40 في المئة من حاجاتها عام 2021 من روسيا، وتراجعت إلى 10 في المئة في العام الماضي قبل أن تتوقف الإمدادات بصورة كاملة حالياً.

وأضاف الركابي أن الجانب الأوروبي سيكون عليه أن يدفع كلفة إضافية أولاً لزيادة مخزونات الغاز الآن، ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كانت المخزونات من الغاز امتلأت إلى مستوى 90 أو 95 في المئة، وهي مستويات كافية شرط وجود عوامل أخرى مثل ألا يكون الشتاء طويلاً وألا تكون هناك انقطاعات في الإمدادات البديلة لتعبئة هذه الخزانات أو المخزونات.

ولفت الركابي إلى أن سياسة الاتحاد الأوروبي تقوم على ضرورة أن تكون هذه المخزونات ممتلئة لقرابة 90 في المئة بحلول نوفمبر من كل عام، موضحاً أن هذه المخزونات تشكل قرابة ثلث حاجة الاتحاد الأوروبي من الغاز.

وأشار الركابي إلى أن هذا يعني أن على الاتحاد الأوروبي الآن أن يستجيب لطلبات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب باستيراد مزيد من الكميات من الغاز الأميركي، والعمل أيضاً على توسعة موانئ استقبال الغاز المسال عبر إعادة تأهيل بعض الموانئ في كرواتيا على سبيل المثال.

وتابع الركابي، "لذا سنكون في إطار زيادة الغاز المسال المستورد من قطر، إضافة إلى انتظار عملية التوسعة في أنابيب الغاز القادمة من الجزائر إلى جنوب أوروبا، وهذا الأمر أيضاً يجب ألا نغفل فيه أن أوكرانيا أعادت فتح سفارتها في دمشق، وأن هذا قد يكون له عامل سياسي لكن له عاملاً اقتصادياً أيضاً، لأن الخطة التي كانت في الماضي تتحدث عن إمدادات الغاز من الشرق الأوسط عبر الأنابيب إلى أوروبا قد تكون أوكرانيا أحد الفاعلين الأساس في إعادة طرحها مرة أخرى خصوصاً بعد تغير النظام السوري، وبالتالي فهذا سيكون أيضاً عامل إمدادات مستقرة للغاز في حال توفيرها من قطر أو منطقة الخليج مروراً بسوريا ثم إلى جنوب أوروبا مروراً بتركيا، وقد يكون هذا الاتفاق مستقبلياً لكنه طُرح حالياً".

وقال الركابي إن الأمر سيغير خريطة الطاقة في المستقبل لأن قطع الغاز الروسي عن أوروبا يعني أنه سيتعين على روسيا أن تجد بدائل في آسيا، ونحن نتحدث عن خريطة جديدة للطاقة وإمكان تعزيز النفوذ الروسي وسط وشرق آسيا. 

ولفت الركابي إلى أن "هذا من شأنه أن يعزز الانقسام ليس فقط السياسي في الخريطة الدولية وإنما التجاري أيضاً، إذ سيكون له أثر في تغير سلاسل الإمداد لأنه سيعزز العلاقات التجارية بين جانبين، فسيكون لدينا الجانب الشرقي مدعوماً بروسيا والصين والجانب الغربي مدعوماً بسياسة الرئيس ترمب والاتحاد الأوروبي".

ويتخوف الركابي من آثار ذلك على الاقتصاد العالمي الذي يعاني ضعفاً في النمو وقد يؤدي إلى مزيد من التضخم ويعوق البنوك المركزية في خفضه، وستكون له انعكاسات أيضاً على المستهلكين في أوروبا ممن سيشعرون بارتفاع فاتورة الطاقة. 

وأضاف، "نحتاج مزيداً من الوقت لتوسعة الموانئ لاستقبال الغاز ومزيد من الاستثمارات بما يحقق استقلالية للاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة، وهذا سيدفع روسيا إلى العدول عن سياستها السابقة".

قرار متوقع 

ومن جانبه أوضح عضو جمعية الاقتصاد الأميركية الدكتور علي الحازمي أن هناك ترتيباً بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي بخصوص القرار الروسي الذي كان متوقعاً، مشيراً إلى أن هناك انخفاضاً ملحوظاً منذ نهاية عام 2020 حتى نهاية 2023 من نسبة 40 إلى 20 في المئة، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي لديه بدائل لحل هذا الاشكال مثل الخطوط الأخرى من الولايات المتحدة وسلوفاكيا وتركيا، مؤكداً أنه في الوقت الراهن لن تكون هناك تأثيرات كبيرة في المدى القريب بسبب القرار الذي اتخذته روسيا اليوم على أسعار الغاز.

رد المفوضية الأوروبية

ومن جهتها قللت المفوضية الأوروبية من تأثير وقف روسيا صادرات الغاز عبر أوكرانيا، مؤكدة استعدادها لهذا القرار.

وأكد متحدث باسم المفوضية أن وسط وشرق أوروبا يمكن أن يتلقى الغاز غير الروسي عبر طرق بديلة بسبب البنية التحتية المرنة، ومع توقف متوقع أصبحت أوروبا مستعدة للاعتماد على الغاز غير الروسي بفضل قدرات استيراد الغاز المسال المعززة وطرق الإمداد البديلة عبر وسط وشرق أوروبا.

بدائل أخرى

وكثف الاتحاد الأوروبي جهوده لتقليل اعتماده على الطاقة الروسية بعد اندلاع الصراع العسكري في أوكرانيا عام 2022 من خلال البحث عن مصادر بديلة، كما جهزت باقي الدول التي لا تزال تشتري الغاز الروسي مثل سلوفاكيا والنمسا إمدادات بديلة.

وأصبحت مولدوفا التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي من بين الدول الأكثر تضرراً، وقالت إنها ستضطر إلى اتخاذ تدابير لتقليل استخدامها الغاز بمقدار الثلث.

حرمان "غازبروم" من القدرة على التصدير

وقالت شركة "غازبروم" الروسية في بيان عبر "تيليغرام" إنه "بسبب رفض الجانب الأوكراني مراراً وبكل وضوح تجديد هذه الاتفاقات فقد حُرمت 'غازبروم' من القدرة الفنية والقانونية على توريد الغاز عبر الأراضي الأوكرانية بدءاً من يناير (كانون الثاني) 2025"، مضيفة أن "الغاز الروسي لا يورد عبر الأراضي الأوكرانية".

وفيما استغرقت روسيا والاتحاد السوفياتي السابق نصف قرن للحصول على حصة رئيسة من سوق الغاز الأوروبية بلغت 35 في المئة، لكن حرب أوكرانيا قضت على كل ذلك بالنسبة إلى شركة "غازبروم".

خسائر أوكرانيا

وذكرت وزارة الطاقة الأوكرانية أن مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا "توقف لمصلحة الأمن القومي"، وبذلك ستخسر كييف نحو 800 مليون دولار سنوياً تمثل قيمة رسوم تدفعها روسيا، كما ستخسر "غازبروم" نحو 5 مليارات دولار قيمة مبيعات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأُغلقت معظم طرق نقل الغاز الروسي إلى أوروبا ومن بينها خط "يامال-يوروب" عبر روسيا البيضاء وخط "نورد ستريم" عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا والذي تعرض للتفجير عام 2022، وقد نقلت الطرق المختلفة مجتمعة كمية قياسية بلغت 201 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوروبا عام 2018، وشحنت روسيا حوالى 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا عام 2023، انخفاضاً من 65 مليار متر مكعب عندما بدأ آخر تعاقد عام 2020 مدة خمسة أعوام. 

تأثير بالغ في أوروبا

ويأتي التوقف المتوقع في الإمدادات التي تخدم سلوفاكيا ومجموعة من الدول الأوروبية الوسطى مع استعداد المنطقة لمواجهة طقس متجمد خلال يناير الجاري، كما أن المخزونات تُستنزف بسرعة أكبر من المعتاد مما يجعل تحقيق أهداف التخزين للموسم المقبل أكثر صعوبة.

وتضغط سلوفاكيا من أجل استمرار تدفق الغاز، إذ هدد رئيس الوزراء روبرت فيتسو بقطع إمدادات الكهرباء عن أوكرانيا إذا توقفت الشحنات، محذراً من أن إيقاف نقل الغاز عبر أوكرانيا سيكون له تأثير بالغ في دول الاتحاد الأوروبي وليس روسيا.

وأشار فيتسو إلى أن توقف عبور الغاز قد يكلف سلوفاكيا مئات الملايين من اليوروات بسبب فقدان عائدات العبور وزيادة كلفة استيراد الغاز من مصادر أخرى، وأن تداعيات هذه الخطوة لن تقتصر على بلاده فقط بل ستشمل أيضاً ارتفاعاً في أسعار الغاز والكهرباء في جميع أنحاء أوروبا، مما سيضيف أعباء اقتصادية على دول الاتحاد الأوروبي.

ارتفاع أسعار الغاز

وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023 قبيل توقف تدفق الغاز الروسي عبر أوكرانيا مع بداية العام الجاري وانتهاء اتفاق العبور بين البلدين، فارتفعت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي تسليم فبراير بـ 4.5 في المئة أمس الثلاثاء ليصل إلى 50 يورو لكل ميغاوات في الساعة للمرة الأولى منذ أكثر من عام.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز