ملخص
تمثل صادرات النفط السعودية إلى كوريا الجنوبية نسبة 36 في المئة من واردات سيول النفطية من الخارج
كررت السلطات في كوريا الجنوبية تعهداتها دعم الأسواق والاقتصاد لتفادي الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ إعلان الرئيس المخلوع الأحكام العرفية في تحدٍّ للبرلمان المنتخب، ثم عزله وعزل الرئيس الموقت بعده، ومع محاولات إلقاء القبض على الرئيس السابق جاءت أزمة تحطم طائرة "بوينغ" في مطار جنوب البلاد ومقتل نحو 170 راكباً لتضيف إلى الوضع الهش في البلاد، مما أدى إلى تذبذب السوق واضطرار الحكومة إلى التدخل في السوق.
ويشير غالب التحليلات من شركات الاستشارات والاقتصاديين في البنوك الاستثمارية إلى أن التأثير الأكبر للأزمة السياسية في كوريا الجنوبية سيكون على القطاع المالي، إضافة إلى قطاع السياحة والطاقة. ومع أن ذلك من شأنه أيضاً أن يؤثر في الصادرات، خصوصاً من أشباه الموصلات والمنتجات الإلكترونية، إلا أن هذه الأخيرة تتأثر أكثر بتراجع الطلب العالمي وتعديلات سلاسل الإمداد أكثر من الأزمة السياسية.
ومنذ بداية الأزمة نهاية العام الماضي تدخل البنك المركزي والسلطات الحكومية الأخرى لإعادة التوازن إلى الأسواق، سواء بضخ السيولة أو بتمديد إعفاءات ضريبية لتشجيع الاستهلاك المحلي. مع ذلك تشهد كوريا الجنوبية خروجاً لأموال المستثمرين في ظل تراجع الثقة في الاقتصاد مع استمرار الأزمة السياسية في البلاد. وبما أن غالب تجارة كوريا الجنوبية مع دول الخليج وشمال أفريقيا تتركز على استيراد سيول للطاقة وتصديرها للسلع، فإن احتمالات تضرر تلك العلاقات يظل ضعيفاً جداً في الوقت الراهن.
إجراءات جديدة
مع بداية العام أعلنت الحكومة في سيول عن إجراءات جديدة للحفاظ على توازن السوق وتخفيف تأثير الأزمة السياسية في الاقتصاد. ومن منتصف يناير (كانون الثاني) الجاري ستطبق خطة جديدة أعلنتها الحكومة قبل أيام تسمح بالتداول على العملة الكورية، وون، مباشرة من قبل المستثمرين الأجانب خصوصاً لعمليات التجارة الخارجية، إلى جانب تمديد إعفاءات من الضرائب والرسوم.
من شأن ذلك أن يقلل تأثير تبعات الوضع السياسي على الاقتصاد، خصوصاً التجارة الخارجية التي تمثل جانباً مهماً من الاقتصاد الكوري. مع ذلك خفضت الحكومة في سيول توقعاتها لنمو الاقتصاد هذا العام إلى نسبة 1.8 في المئة من النسبة التي قدرها البنك المركزي عند اثنين في المئة. وكان اقتصاد كوريا الجنوبية حقق نمواً بنسبة 2.1 في المئة في المتوسط عام 2024.
تتركز أهمية نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة إلى علاقات كوريا الخارجية على مدى استيرادها للطاقة، فمع تباطؤ النشاط الاقتصادي يقل الطلب الكوري على الطاقة، وبما أن سيول تستورد تقريباً كل حاجاتها من الطاقة، فإن اعتمادها على دول الخليج في غاية الأهمية. وعلى رغم أن كوريا زادت وارداتها من النفط والغاز من الولايات المتحدة أخيراً، فإنها ما زالت تعتمد على استيراد القدر الأكبر من دول الخليج، خصوصاً النفط من السعودية.
علاقات الطاقة
تمثل صادرات النفط السعودية إلى كوريا الجنوبية نسبة 36 في المئة من واردات سيول النفطية من الخارج، تليها الإمارات بنسبة 11 في المئة، ثم الكويت والعراق بنسبة 10 في المئة لكل منهما، وقطر بنسبة 6 في المئة. وكانت نسبة واردات النفط إلى كوريا الجنوبية من دول مجلس التعاون الخليجي عام 2016 تمثل 87 في المئة من إجمالي الواردات النفطية، لكن تلك النسبة انخفضت عام 2023 إلى 73 في المئة، لكن تظل كوريا تعتمد في ثلاثة أرباع حاجاتها النفطية على الواردات من الدول الخليجية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بالنسبة إلى لغاز الطبيعي، تعد قطر ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال إلى كوريا الجنوبية، تليها سلطنة عمان وأستراليا، وتمثل صادرات قطر من الغاز إلى كوريا نسبة 21 في المئة من حاجات سيول، بينما تصدر سلطنة عمان ما يصل إلى نسبة 10 في المئة من واردات الغاز الكورية.
في مقابل واردات الطاقة تصدر كوريا الجنوبية سلعاً لدول الخليج تراوح ما بين الإلكترونيات والسيارات، إضافة إلى ذلك تعتمد شركات كورية كبرى على مشروعات إنشاء وبنية تحتية في دول الخليج وشمال أفريقيا. وشكلت مشروعات الإنشاءات لشركات كوريا الجنوبية في دول مجلس التعاون الخليجي نسبة 60 في المئة من أعمالها الخارجية، لذا نجد أن الميزان التجاري بين كوريا الجنوبية ودول مجلس التعاون الخليجي يشهد عجزاً لمصلحة دول الخليج وصل العام قبل الماضي إلى 50 مليار دولار. وبحسب آخر أرقام متوافرة بلغ حجم التبادل التجاري بين كوريا الجنوبية ودول مجلس التعاون الخليجي الست عام 2022 أكثر من 102 مليار دولار.
في نهاية عام 2023 وقع مجلس التعاون الخليجي اتفاقية تجارة حرة مع كوريا الجنوبية بهدف زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري. وتقضي الاتفاقية بخفض هائل على الرسوم والجمارك في التبادلات السلعية بينهما إلى جانب إزالة كثير من معوقات الاستثمار البيني والمشترك.
وإلى جانب النفط والغاز والتبادل السلعي هناك تعاون تكنولوجي بين كوريا الجنوبية وعدد من دول الخليج أهمه إسهام كوريا في بناء أربع محطات نووية لتوليد الطاقة في الإمارات، علاوة على أن عدداً من دول المنطقة تسعى إلى الاستفادة من التقدم التكنولوجي في كوريا الجنوبية، خصوصاً في مجال أشباه الموصلات لتوطين التكنولوجيا في الخليج.