Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التخلص من القمامة في مصر عمل شاق

تتعدد أساليب التخلص منها بين طرق آمنة تشمل إعادة التدوير والمقالب والمدافن وغير آمنة مثل الحرق

عملية التخلص الكامل من القمامة مستحيلة في مصر (رويترز)

ملخص

جزء من القمامة يبقى في الشوارع، وآخر يحرق، بينما يتعامل بعض الحيوانات مع النفايات بوصفها مصدراً غذائياً، وكميات فائقة من القمامة في مصر لا تجمع بسبب محدودية الكفاءة في الجمع والنقل، فكيف تتخلص مصر من القمامة؟

لا تزال الأربعينية سارة مجدي، المقيمة بأحد الأحياء الشعبية في القاهرة، تعاني يومياً تراكم القمامة أمام منزلها، وما يتبع ذلك المشهد من حرقها من الجيران للتخلص منها. تقول "الدخان الناتج من الحرق يؤثر بصورة مباشرة في صحة أطفالي، بخاصة ابني الصغير الذي يعاني الربو. الوضع أصبح لا يطاق".

لجأت سارة إلى صفحتها على "فيسبوك" لتسرد ما تعانيه هي وأسرتها من مشكلات صحية بسبب هذه العادة، بعد أن فشلت محاولاتها في وقف التخلص غير الآمن من المخلفات في محيط سكنها، لافتة إلى أنها "عندما نبهت جيراني بضرورة تجنب هذه الأساليب، أخبروني أن الحرق هو الخيار الوحيد بسبب تراكم النفايات".

ما سردته الأم المصرية يعكس واقعاً يعايشه ويلمسه أعداد فائقة من سكان المناطق المكتظة في مصر، مما يثير معه التساؤل حول فعالية طرق التخلص من القمامة ومدى الالتزام بها.

5 نقاط رئيسة للفرز

بدوره يقول عزت نعيم، أحد أبناء جامعي القمامة في منشية ناصر، الذي ينتمي إلى أسرة تعمل جميعها في هذا المجال، "نحو 60 في المئة من القمامة في القاهرة تفرز من جامعي القمامة، إذ ترسل نفايات القاهرة إلى خمس مناطق رئيسة، أكبرها منشية ناصر". وهذه المنطقة ليست مجرد "مقلب للزبالة" كما يشاع، بل هي منظمة في عملية الفرز.

ويضيف نعيم، الذي ورث المهنة عن والده، "القمامة تجمع من مناطق أخرى محددة، مثل عزبة النوار التي تخدم عين شمس والزيتون والمطرية، وتتجه أيضاً إلى أرض اللواء التي تخدم الجيزة، ومنطقة طرة التي تخدم المعادي والخليفة ودار السلام، وكذلك الـ15 من مايو التي تخدم مناطق أخرى مثل حدائق حلوان"، مضيفاً "نفرز المواد مثل الورق والكرتون والبلاستيك والحديد والقماش، وتباع هذه المواد لإعادة تدويرها".

في رأي نعيم، عملية التخلص الكامل من القمامة مستحيلة في مصر، وستظل منتشرة ما لم تعمل البلديات على جمعها بصورة فعالة، بخاصة في المناطق العشوائية والنائية التي تحتوي على مخلفات غير قابلة للتدوير، إذ لا يهتم أحد بجمعها بسبب عدم غناها، وإذا لم تنقل إلى مقالب صحية، يخلص منها بطرق غير آمنة.

 

كما أن المعوقات التي تقف حائلاً أمام إتمام عمليات جمع القمامة متعددة، يشرح نعيم "جمع طن من القمامة يحتاج إلى توفير أربعة عمال، إضافة إلى سيارة نقل، وهي كلفة كبيرة، بخاصة عندما تكون المناطق المستهدفة لا تحتوي قمامتها على مواد قابلة لإعادة التدوير، مما يؤدي إلى عدم الاهتمام بتنظيف المناطق العشوائية وتراكم القمامة فيها"، مشيراً إلى أن "أكبر مشكلة تكمن في صناديق القمامة الكبيرة التي انتشرت في الشوارع، إذ يفرز النباشون منها ما يريدونه، ثم يلقي المخلفات غير المفيدة على الأرض".

وفي يوليو (تموز) من العام الماضي، تقدم أيمن محسب، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه إلى وزيري التنمية المحلية والبيئة، في شأن مواجهة انتشار المقالب العشوائية للقمامة وإعداد خطة لرفعها والتخلص منها. وأشار محسب في طلبه إلى أن الشارع المصري لا يزال يعاني انتشار هذه المقالب العشوائية في المناطق السكنية، مؤكداً أنها تشكل خطراً على الصحة العامة، إذ تعد بيئة خصبة لانتشار الميكروبات والأمراض، فضلاً عن تأثيرها السلبي في الشكل الحضاري للشارع.

الحلول المنطقية تكمن، وفق نعيم، في جمع القمامة من المصدر، أي من شقق المواطنين، "المدافن الصحية تبعد نحو 50 كيلومتراً عن المدينة، وعندما نصل إليها نجد الصناديق امتلأت مجدداً". ويقدر نعيم أن هناك مليون زبال (جامع قمامة) في القاهرة الكبرى، منهم نحو 300 ألف في منشية ناصر فقط.

تخلص غير آمن

يتفق أحمد خيال، المسؤول السابق عن ملف القمامة بوزارة البيئة، مع الرأي السابق، ويشرح أن "جزءاً من القمامة يبقى في الشوارع، وآخر يحرق، بينما يتعامل بعض الحيوانات مع النفايات بوصفها مصدراً غذائياً"، مضيفاً أن "كميات فائقة من القمامة في مصر لا تجمع بسبب محدودية الكفاءة في الجمع والنقل"، مشيراً إلى أنه "في الأقل 30 في المئة من القمامة لا يتم جمعها، وفي القاهرة وحدها، إذا كانت الكمية تصل إلى 10 آلاف طن يومياً، فإن 20 في المئة منها يمكن أن تبقى من دون جمع، ما يعادل نحو 2000 طن".

وبلغت كمية المخلفات البلدية في مصر 76.6 ألف طن يومياً، تصدرت القاهرة والجيزة والقليوبية النسب الأعلى، فيما جرى تدوير 15.2 ألف طن يومياً، وكانت القاهرة والدقهلية الأكثر تدويراً بـ23 في المئة و12.8 في المئة على التوالي في 2022، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويؤكد خيال أن "من المستحيل جمع 100 في المئة من القمامة في مصر"، موضحاً "بعض النباشين يفرزون المواد القابلة لإعادة التدوير، لكن كفاءة الجمع تظل ضعيفة، في المناطق الشعبية يضطر الناس إلى حرق القمامة، بسبب عدم وجود بدائل للتخلص منها، وهذا يشكل خطراً كبيراً على الصحة".

 

وفقاً لتقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري في يونيو (حزيران) من العام الماضي، فإن مصر تضم 28 مصنعاً لإعادة التدوير، مع خطة لزيادة العدد إلى 56 مصنعاً.

وأضاف خيال "يجمع أكثر من نصف نفايات محافظة القاهرة بواسطة القطاع غير الرسمي، الذي يشمل نحو 50 ألف معالج نفايات و150 ألف جامع وفارز نفايات وتاجر وسائق شاحنة. وتتم إعادة تدوير نحو 80 في المئة من نفايات القاهرة، بما في ذلك 290 ألف طن من البلاستيك سنوياً، كما تحتل مصر المرتبة الـ14 عالمياً من حيث معدلات إعادة التدوير لعام 2023".

يعود خيال ويؤكد أن "إدارة القمامة في مصر تحتاج إلى تمويل كبير، وإمكانات عالية لجمعها ونقلها وتدويرها والتخلص منها بصورة آمنة، وهو أمر يتطلب كثيراً من الجهود والموارد"، متسائلاً عن دور الرقابة الحكومية على الشركات المسؤولة عن جمع القمامة، "هل تقوم الجهات الرقابية بمراقبة الشركات المكلفة بجمع النفايات بصورة فعالة؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قمامة فقيرة

ويعزو عادل شكري، الذي يدير إحدى الجمعيات لرفع المخلفات وقضى حياته في مهنة جمع القمامة، مشكلة تراكم النفايات إلى غياب الإدارة الفعالة في جمع القمامة وسلوك المواطنين، مشيراً إلى أن الشركات العاملة في هذا المجال تواجه صعوبات في تغطية جميع المناطق بسبب ارتفاع الكلف المرتبطة بالنقل والعمالة.

ويشرح شكري "إزالة القمامة من المناطق الشعبية صعبة بسبب الاكتظاظ السكاني، والمخلفات فيها ليست غنية، لذلك لا نستفيد منها"، مشيراً إلى أن "القمامة تتراكم في هذه المناطق طوال اليوم من دون جمع منتظم"، معتبراً وجود ضرورة في تقنين أوضاع جامعي القمامة بحصولهم على دعم أكبر من الشركات التي استغنت عن عدد كبير من المتعهدين، وفرض قوانين تلزم المواطنين بعدم إلقاء القمامة في الشوارع.

 

ونوقشت هذه الأزمة تحت قبة البرلمان المصري في يونيو 2022 حينما تقدمت آمال رزق الله، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة ضد وزير التنمية المحلية، في شأن عدم تطبيق عقوبات إلقاء القمامة بالشوارع، مما تسبب بدوره في تفاقم الظاهرة، واعتبرت في طلبها أن هذه المشكلة تؤرق المصريين، على رغم صدور قوانين لمواجهة مشكلة القمامة وإلقاء المخلفات في الشوارع.

وينهي شكري حديثه، "نتخلص من القمامة في مقالب مخصصة مثل شبرمنت و15 مايو، والحرق انخفض بصورة كبيرة لكنه لا يزال مستمراً في بعض الأماكن، ولا يوجد نظام فعال في جمع القمامة، إذ يجري فرز القمامة وترك ما ليس له قيمة، بالتالي تظل القمامة موجودة طوال الوقت".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات