ملخص
يحذر مبعوث فلسطين لدى الأمم المتحدة من جهود إسرائيل لتدمير وكالة الأونروا التي تملك 13 ألف موظف وتشرف على 125 مدرسة وأكثر من 135 مرفق صحي وملاجئ ومواقع لرعاية المدنيين الفلسطيين ويقول إن هذه الموارد تجعل الوكالة بمثابة "حكومة ظل في غزة"، وكشف عن مؤتمر دولي في نيويورك في يونيو المقبل لدعم تنفيذ حل الدولتين.
كشف مبعوث فلسطين إلى الأمم المتحدة رياض منصور في حوار مع "اندبندنت عربية" عن أن التحضيرات على قدم وساق لإقامة مؤتمر دولي لتسوية قضية فلسطين في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل، كأحد مبادرات "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"، مشيراً إلى أن السعودية وفرنسا تشرفان على الترتيبات التنظيمية وستترأسان المؤتمر.
وأوضح السفير الفلسطيني أن الاختيار وقع أخيراً على نيويورك، محضن الجمعية العامة، في محاولة لاستقطاب أكبر عدد من الدول المشاركة، ولدفع دول الجمعية العامة وأمينها إلى دعم أهداف الاجتماع، وقال "لو عقد المؤتمر في أوروبا أو دولة عربية ستثار الأسئلة حول الدول التي ستحضر أو تتخلف عن الحضور، لكن ارتأينا أن البيت الجامع للعالم هو الأمم المتحدة والدول غير المشاركة لا تستثني إلا نفسها".
وأردف المبعوث الفلسطيني أن "دول العالم أجمعت على حل الدولتين بما فيها الولايات المتحدة، ولا نريد أن نغني أغنية حل الدولتين بل تنفيذه على الأرض"، موضحاً أن فكرة مؤتمر تسوية القضية الفلسطينية في نيويورك نابعة من توصية محكمة العدل الدولية التي أقرت بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي وأوصت بإيجاد آليات دولية لإنهاء الاحتلال غير القانوني، ومؤتمر السلام سيسبق عقد الجمعية العامة في سبتمبر (أيلول) المقبل بهدف الدفع نحو حل الدولتين.
"الأونروا"... حكومة ظل
يقود السفير منصور بعثة المراقبة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة منذ 2005، وقام أخيراً بأدوار ضمن "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" الذي أعلنت السعودية إطلاقه في سبتمبر 2024، كما قاد مساعي بلاده للانضمام إلى الأمم المتحدة التي بدأت عام 2011 وتجددت في 2024، بعدما أعادت فلسطين تقديم طلبها، قبل أن تصطدم آمال "العضوية الكاملة" بالفيتو الأميركي في مجلس الأمن في أبريل (نيسان) العام الماضي.
ما يقلق السفير الفلسطيني هذه الأيام هو قانون الكنيست الإسرائيلي لحظر أنشطة وكالة "الأونروا" الذي يقترب من دخول حيز التنفيذ.
يسترسل منصور في توضيح الأسباب قائلاً إن "لدى الأونروا 13 ألف موظف وتشرف على 125 مدرسة وأكثر من 135 مرفق صحي وملاجئ ومواقع لرعاية المدنيين" وكل هذه الموارد تجعل الوكالة بمثابة "حكومة ظل في غزة، فهي الوكالة الوحيدة التي تنبع ولايتها من الجمعية العامة بشبه إجماع دولي، بالتالي فهي غير قابلة للاستبدال والتعويض وجهد إسرائيل لتدميرها جزء من جهدها لتدمير القضية الفلسطينية".
قصة العضوية الكاملة
وعن مساعي الانضمام إلى الأمم المتحدة، وهو ما لو تحقق بحسب الأميركي فرنسيس بويل الأستاذ في القانون الدولي، سيغير قواعد اللعبة، يرد منصور، "بويل صديق شخصي وهو يدرس في جامعة أوهايو ستيت وأنا درست في تلك الولاية، وأعرفه وأعرف ما كتب، وأقدر جهوده، لكن لديه شطحات غير عملية وغير واقعية نضعها جانباً إذ بتت بشأنها محكمة العدل الدولية في نهاية الأربعينيات أو الخمسينيات".
وأوضح أن "الحصول على العضوية يستلزم ثلاثة شروط، تقديم طلب إلى الأمين العام والحصول على توصية من مجلس الأمن ومن ثم التصويت في الجمعية العامة لقبول التوصية. بويل كتب في أحد كتبه أنه من المهم العودة لمحكمة العدل للسماح للجمعية العامة بتغيير قرار مجلس الأمن إذا استعمل الفيتو وهذا لم يتم وبتت المحكمة أنه لا يمكن منح العضوية إلا بعد استيفاء هذه الشروط".
وتابع، "قدمنا طلب العضوية الكاملة عام 2011، لكن اللجنة الفنية لم تمرره للتصويت، وتم الاكتفاء بمنحنا صفة مراقب. وفي العام الماضي، عدنا لمجلس الأمن لإعادة النظر في طلب العضوية، وحصلنا على 12 صوتاً مؤيداً، في حين امتنعت دولتان، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض"، مؤكداً أن البعثة ستطلب إعادة التصويت على طلب العضوية في مجلس الأمن.
ويقول "وعلى رغم الفيتو الأميركي، أصدرت الجمعية العامة قراراً مهماً يؤكد أن فلسطين تستوفي جميع شروط العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وبفضل هذا القرار، مُنحنا امتيازات إضافية، فانتقلنا من أماكن المراقبين إلى الجلوس بحسب الأحرف الأبجدية مع الدول الأعضاء. نحن الدولة الوحيدة التي تجلس مع الدول الأعضاء ولا يحق لها التصويت أو الترشح لعضوية المقاعد المنتخبة في مجلس الأمن. ومع ذلك، نستطيع الترشح لرئاسة الجمعية العامة أو أي لجان أخرى، وتقديم مشاريع قراراتنا مباشرة، وهذه من صلاحيات وامتيازات الدولة ذات العضوية الكاملة".
وبدأت المساعي الفلسطينية نحو العضوية بحسب السفير بعد القمتين الطارئتين العربية والإسلامية اللتين استضافتهما السعودية حول القضية الفلسطينية بعد اندلاع حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، وشهدت القمة العربية - الإسلامية المشتركة اعتماد دعم الطلب الفلسطيني للعضوية في الأمم المتحدة. ونتج من القمة تشكيل لجنة وزارية عربية - إسلامية بقيادة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وقادت اللجنة جهوداً دبلوماسية بالتواصل وزيارة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، من الصين إلى الولايات المتحدة، لإقناعها بدعم الموقف العربي والإسلامي.
وقال منصور إن الرياض قامت بدور محوري في اجتماعات نيويورك المتعلقة بفلسطين العام الماضي، مشيراً إلى أنه حضر لقاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في نيوريوك، وكان التركيز الأساسي على ملف العضوية الفلسطينية، وتثمن القيادة الفلسطينية هذا الجهد الذي أثمر في تشكيل "الائتلاف الدولي لحل الدولتين".
وأعرب السفير الفلسطيني عن سعادته بالتضامن الدولي مع قضية بلاده، قائلاً إن "الشعب الفلسطيني ليس يتيماً، فحلفاؤنا كثر".
وعن كواليس الفيتو الأميركي ضد طلب الانضمام، قال منصور إنهم لم يتفاجأوا بالقرار وحاولوا استباقه باجتماعات وخطابات من الجانب العربي تدعو واشنطن إلى عدم عرقلة الطلب، مضيفاً، "كنا نفضّل التعايش مع التصويت بالامتناع، لكن الولايات المتحدة بررت موقفها بأنه يجب أن يكون الانضمام إلى الأمم المتحدة في نهاية العملية السياسية وليس في بدايتها وبررته أيضاً بقرارات الكونغرس الرافضة للاعتراف بفلسطين". وعلى رغم الفيتو، يؤكد أن الجهود نجحت في إقناع دول أوروبية مثل إسبانيا وهولندا والنرويج بتغيير مواقفها ودعم الطلب الفلسطيني، فرأت هذه الدول أن هذه الخطوة ستضغط على الولايات المتحدة لدعم حل الدولتين.
ترقب لعودة ترمب
وعن تداعيات عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض في ضوء علاقته المتوترة مع السلطة الفلسطينية، خصوصاً بعد اعترافه عام 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، يقول منصور إن القرار يعتبر غير قانوني ويناقض قرارات مجلس الأمن التي أكدت بطلان ضم القدس الشرقية إلى إسرائيل وطالبت الدول بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لها.
وأضاف أنه على رغم أن ترمب حاول استخدام نفوذ دولته لدفع دول أخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة، فإن هذا المسعى واجه مقاومة دولية واضحة، ولم تنقل معظم الدول سفاراتها إلى القدس. وعلى رغم ثقل واشنطن السياسي، فشلت محاولاته في تغيير الإجماع الدولي الذي يدعم نقل السفارات إلى تل أبيب.
ورداً على تعيين ترمب شخصيات داعمة لإسرائيل مثل مايك هاكابي مبعوثه المقبل لإسرائيل الذي يدعو إلى ضم الضفة الغربية لإسرائيل، قال منصور إن "هاكابي لا يرسم سياسة أميركا تجاه إسرائيل، فهو نفسه قال إنه ينفذ سياسة ترمب. ونأمل في أن يقر ترمب بالتزامه القانون الدولي وينفذ وعوده بالسلام ووقف الحرب في غزة. الاختبار في السلوك والأفعال لا الأقوال، وإذا أقدم ترمب على أفعال مفيدة في هذا الاتجاه فلا هاكابي ولا غير هاكابي هو الذي سيقرر، من سيقرر هو الرئيس ترمب".