Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان يحتضن ولاية الجزيرة بعد استعادة الجيش ود مدني

الشرطة تنتشر في الشوارع والمستشفيات تدخل الخدمة وجهود مكثفة من الأجهزة المدنية لعودة المياه والكهرباء

تنفست ولاية الجزيرة السودانية الصعداء بدخول الجيش مطلع هذا الأسبوع إلى عاصمتها مدينة ود مدني (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

أعلنت رئاسة قوات الشرطة الشروع في اتخاذ الترتيبات اللازمة لعودة الخدمات الشرطية بصورة كاملة إلى مدينة ود مدني، مؤكدة العمل على إعادة كامل الأمن والاستقرار إلى أحياء المدينة، وتنظيفها من مخلفات الحرب وآثار الخراب التي خلفتها ميليشيات "الدعم السريع".

بعد أكثر من عام تحت قبضة قوات "الدعم السريع" من الانتهاكات والفظائع والتشريد، تنفست ولاية الجزيرة السودانية الصعداء بدخول الجيش مطلع هذا الأسبوع إلى عاصمتها مدينة ود مدني.

وإزاء الدمار والتخريب الذي عطل معظم مرافق الحياة الخدمية الحيوية تتطلع الولاية إلى النهوض من تحت رماد الحرب وخرابها من جديد ومغادرة محطة الصدمة والمأساة، لتبدأ خطوات وترتيبات متسارعة لتأمين مدن وقرى الولاية وإعادة تطبيع الحياة، حتى يتمكن سكانها من غسل أحزانهم والتهيؤ لمواجهة تحديات مرحلة ما بعد التحرير.

تمشيط وتأمين

عقب إعلان الجيش الدخول إلى المدينة وطرد قوات "الدعم السريع" منها، وصل الفريق أول شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة، نائب القائد العام للجيش إلى مدينة ود مدني وتفقد الكباشي مقر قيادة الفرقة الأولى بالمدينة.

وأكد الكباشي، لدى مخاطبته حشداً من المواطنين استمرار الجيش في تطهير كل شبر من البلاد من "ميليشيات آل دقلو الإرهابية"، وأن السودان سينتصر بشعبه على كل المخططات التي تحيكها بعض دول الإقليم والمنظمات الداعمة للتمرد.

في الأثناء بدأت قوات الجيش عمليات تمشيط واسعة في محيط المدينة والقرى التي حولها، وتمكنت قوات الجزيرة من التقدم وبسط سيطرتها على مناطق القريقريب والعيكورة وأربجي وأبو عشر، الواقعة على شريط الطريق القومي الرابط بين ود مدني والخرطوم.

وأوضحت مصادر عسكرية، أن الجيش والقوات المساندة له باتوا يسيطرون على كل بوابات عاصمة الولاية وأمنوا كل الطرق والمداخل في المحاور الغربية والجنوبية والشرقية، وقطعوا كل طرق إمداد قوات "الدعم السريع" من الخرطوم والجزيرة وسنار.

ملاحقات وتطهير

وأشارت المصادر، إلى أن مواصلة عمليات ملاحقة بعض جيوب قوات "الدعم السريع" التي تحولت إلى جزر معزولة مشتتة في بعض مناطق الولاية مما يسهل مطاردتها وتطهير أرض الولاية منها، وبخاصة المجموعات المختبئة في بعض قرى شريط الطريق القومي الرابط بين مدينة ود مدني والعاصمة الخرطوم.

وأكد بيان للشرطة، أنه وفقاً لدورها كجزء من المنظومة الأمنية الوطنية ستظل تساند الجيش وكافة القوات النظامية لحماية أرض السودان وشعبه، وجددت قوات الشرطة التزامها بمواصلة العمل من أجل ترسيخ الأمن والسلام، مناشدة المواطنين مواصلة دعمهم للجيش والأجهزة النظامية الأخرى.

تطبيع متسارع

وبينما تتابع القوات النظامية إزالة الأجسام الغريبة والمتفجرة، شرعت فرق صيانة شبكات الاتصال ومهندسو الكهرباء في أعمال الصيانة اللازمة لإعادة الخدمات.

من جانبها أعلنت رئاسة قوات الشرطة الشروع في اتخاذ الترتيبات اللازمة لعودة الخدمات الشرطية بصورة كاملة إلى مدينة ود مدني، مؤكدة العمل على إعادة كامل الأمن والاستقرار إلى أحياء المدينة، وتنظيفها من مخلفات الحرب وآثار الخراب التي خلفتها ميليشيات "الدعم السريع".

ومن داخل مكتبه بمقر حكومة الولاية بود مدني كشف والي ولاية الجزيرة المكلف، الطاهر إبراهيم الخير، عن خطة عاجلة لمعالجة آثار الدمار والتخريب اللذين لحقا بمرافق الولاية ومؤسساتها تمهيداً لتطبيع الأوضاع وتهيئة البيئة الموائمة اللازمة لعودة المواطنين إلى المدينة في أسرع وقت ممكن.

تدخلات عاجلة

وأعلن وزير الصحة الاتحادي، هيثم محمد إبراهيم، الترتيب لإرسال فريق من الإدارة العامة للطوارئ ومكافحة الأوبئة إلى الولاية مع قوات الدفاع المدني، إلى جانب تدخلات عاجلة وأخرى طويلة المدى لتوفير كل المعينات للعودة الآمنة للمواطنين إلى ولاية الجزيرة، إضافة إلى المناطق المحررة بولاية الخرطوم.

 

 

وأكد المدير العام للصندوق القومي للتأمين الصحي فاروق نورالدائم، العمل على استعادة الخدمات الصحية بالولاية وعزم الصندوق الدفع بإمدادات دوائية عاجلة وإقامة أيام علاجية لمجابهة الطوارئ، إلى جانب نقل مقر التأمين الصحي من مدينة المناقل العاصمة الموقتة إلى العاصمة الأصيلة ود مدني.

وأوضح مدير الصندوق الفرعي بالولاية، الأمين حسين عمر، التزام الفرع بتنفيذ توجيهات الرئاسة بإعادة إعمار ما دمرته الحرب، مثنياً على دعم المدير العام لتسهيل انسياب الخدمات وإعادة إعمار الفرع.

قوافل للدعم

على صعيد متصل دشن وزير الداخلية المكلف خليل باشا سايرين، أول قافلة للدعم والمؤازرة من الوزارة دعماً لمواطني ولاية الجزيرة، تحوي كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية والأدوية.

أوضح سايرين، لدى مخاطبته تحرك القافلة، أن مواطني مدينة ود مدني الذين صمدوا وصبروا على الأذى والإرهاب والجوع يستحقون الدعم والمؤازرة، إلى جانب القوات التي حققت الانتصار على الميليشيات المتمردة.

أضاف الوزير، أن الانتصار الذي تحقق باستعادة عاصمة ولاية الجزيرة يؤكد الرمزية التاريخية والوطنية لمدينة ود مدني العريقة المعروفة بمدينة الفن والجمال والرياضة والاقتصاد، مشيداً بعزيمة وإصرار وثبات أبطال الجيش السوداني بكل إرثه التاريخي وخبراته المتراكمة المدعومة بالتدريب العملي والتأهيل العلمي بالإستراتيجيات العسكرية بالكليات والمعاهد العسكرية الوطنية.

واعتبر وزير الداخلية، أن استعادة مدينة ود مدني تجسد عودة الروح للوطن الكبير، ومؤشر على بدء انهيار الميليشيات المتمردة وتوالي الانتصارات حتى تحرير كامل الأراضي السودانية.

تحدي الإعمار

في السياق اعتبر الأمين العام لمؤتمر الجزيرة، المبر محمود أن التحدي الأول الآن هو تأمين كل المناطق المحررة وتمشيطها وتنظيفها من مخلفات الحرب والمتفجرات والألغام وجمع السلاح من أيدي بعض المواطنين، فضلاً عن استعادة الخدمات الكهرباء والمياه النظيفة والاتصالات كمهمة شاقة تتطلب تضافر كل جهود أبناء الولاية كافة، لافتاً إلى وجود لجان متخصصة تعنى بمرحلة إعادة الإعمار بعد التدمير الممنهج الذي تعرضت له البنية التحتية الخدمية والإنتاجية بالولاية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت المبر إلى التحدي الكبير المرتبط بإعادة الإعمار هو أولويات عودة الحياة من الخدمات الأساسية من جديد، بالنظر إلى التخريب والنهب الواسع الذي لحق بقطاع المياه، حيث دُمرت الآبار وسُرقت جميع ألواح الطاقة الشمسية والمضخات المشغلة لها، إلى جانب نهب وتدمير 150 مستشفى عاماً و32 مستشفى مرجعياً إلى جانب تحطيم الصروح التعليمية (الجامعات) وخروج كل القطاع الزراعي بالولاية عن الخدمة.

ملاحقات قانونية

أعلن أمين مؤتمر الجزيرة بداية تفعيل أعمال اللجان الحقوقية والقانونية للوقوف ميدانياً على حجم الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات في حق المواطنين بالولاية ومواصلة جهودها في ملاحقة أذيالها عبر دوائر التقاضي المحلية والدولية، مشيراً إلى وضع تصور ورؤية لكتابة عقد اجتماعي ينظم علاقة الولاية مع مناطق السودان وشعوبه المختلفة لضمان عدم تكرار الأحداث التي شهدتها الولاية مجدداً.

وتابع "دخول الجيش إلى مدينة ود مدني يعني انتهاء عام من الأحزان والجرائم والانتهاكات الممنهجة التي ارتكبتها قوات (الدعم السريع) ضد المواطنين العزل بقرى ومدن الولاية المختلفة"، معتبراً فرحة المواطنين وتدافعهم العفوي احتفاء بتحرير المدينة انعكاساً طبيعياً لحجم الألم والمعاناة اللذين قاسوهما طوال "عام من الاحتلال"، بكل ما رافقه من انتهاكات على نطاق واسع تم خلالها تهجير 5 ملايين مواطن من منازلهم تحولوا إلى لاجئين خارجياً ونازحين بدور الإيواء ومعسكرات النزوح.

قلق وتحذيرات

من جانبه حذر منتدى الجزيرة للحوار المدني الديمقراطي، من الانجرار وراء الرغبات المنفلتة تحت أية دعاوي، مطالباً بعدم المساس بالناشطين في غرف الطوارئ والتكايا الذين عانوا وكابدوا وتحدوا كل ظروف القهر والتنكيل من الميليشيات من أجل توفير ما أمكن من غذاء ودواء ومياه شرب ومواساة العالقين.

وناشد بيان للمنتدى، السلطات الإسراع في توفير الأمن واستعادة الخدمات الصحية والنظام التعليمي والمياه والكهرباء والاتصالات وتوصيل المساعدات الإنسانية المتوقفة منذ اقتحام الميليشيات للولاية، إلى جانب تأهيل قنوات الري بمشروع الجزيرة وتمكين المزارعين من استئناف الزراعة.

وطالب المنتدى، بالسماح لبعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بدخول الولاية للتقصي حول كافة الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في حق مواطني الجزيرة، إضافة إلى تأهيل المرافق الشرطية والمحاكم والنيابات لضمان سيادة حكم القانون، مبدياً قلقه إزاء الأخبار التي راجت خلال الأيام الماضية حول عمليات اغتيال واعتقالات ببعض المناطق شرق الجزيرة.

ملاذ إنساني

في الأشهر الأولى لاندلاع الحرب بالخرطوم وتعطل الحياة في العاصمة، استقبلت ولاية الجزيرة أعداداً كبيرة من النازحين، وباتت عاصمتها ود مدني ملاذاً للفارين ومركزاً لإدارة العمليات الإنسانية التجارية والإدارية حيث استقبلت ما يقارب نصف مليون شخص فارين من الاشتباكات المسلحة في الخرطوم.

 

 

وتبلغ مساحة الولاية حوالى 25.549 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ عدد سكان الولاية حوالى 7 ملايين نسمة يتوزعون على 3835 قرية و2150 كمبو (مجمع سكني صغير) منتشرة في ثماني محليات بالولاية.

وتتميز ولاية الجزيرة بموقعها الجغرافي الحيوي وسط البلاد، وتحدها ولايات الخرطوم شمالاً، وسنار جنوباً، والقضارف شرقاً والنيل الأبيض من جهة الغرب، مما أكسبها موقعاً إستراتيجياً مميزاً ووضعاً حيوياً بربطها بين أجزاء السودان، إلى جانب كونها ولاية زراعية كبرى جعلتها مؤثرة اقتصادياً.

السقوط الصادم

وشَكل سقوط ولاية الجزيرة المفاجئ في أيدي قوات "الدعم السريع" في ديسمبر (كانون الأول) 2023، صدمة للسودانيين ونقطة تحول كبيرة في الصراع، إذ حوَّل الولاية إلى رمز لتداعيات الحرب المستمرة منذ ما يقارب العامين، وقلب سقوطها حياة الملايين من سكانها رأساً على عقب، ونتيجة الانتهاكات والمجازر الواسعة النطاق التي ارتكبتها تلك القوات في حق معظم مدن الولاية وقراها، حيث تم تهجير وإجبار حوالى 5 ملايين من السكان يمثلون مئات آلاف من الأسر على الفرار من قراهم ومنازلهم، نحو المناطق الآمنة شمالاً وشرقاً بينما واجه حوالى مليونين ممن علقوا وسط الصراع داخل الولاية أوضاعاً إنسانية سيئة.

وارتُكبت مجازر عدة في حقهم، أبرزها مجزرة قرية ود النورة التي راح ضحيتها ما يزيد على 400 شخص إلى جانب أعمال عنف جنسي إضافة إلى مجزرة قرية قوز الناقة التي قتل فيها أكثر من 40 مدنياً بينهم نساء وأطفال وإصابة آخرين، وقرية العدناب التي قتل فيها حوالى 23 مواطناً مع عشرات الإصابات.

وكانت الحملة الانتقامية التي شنتها قوات "الدعم السريع" وما تبعها من مجازر في شرق الجزيرة بعد انشقاق قائدها أبو عاقلة كيكل وانضمامه لصفوف الجيش، من أبشع وجوه الانتهاكات التي شهدتها الولاية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير