ملخص
في وقت سابق، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، "يجب على الاتحاد أن يجري تقييماً جماعياً ويتجنب بعض الأحداث التي تؤدي إلى تقارب بين الحكومة التونسية وروسيا".
يثير احتجاز السلطات الأمنية في تونس 11 سائحاً روسياً قرب الحدود مع الجزائر تساؤلات حول تداعيات هذه الحادثة على العلاقات بين موسكو والبلاد الواقعة في شمال أفريقيا.
وسجلت العلاقات التونسية - الروسية، قبل أشهر، تقارباً لافتاً جسدته بصورة واضحة زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى تونس حيث بحث مع مسؤولين رفيعي المستوى، في مقدمتهم، الرئيس قيس سعيد تطوير العلاقات بين البلدين.
وتعود واقعة احتجاز السياح الروس في تونس إلى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما كان هؤلاء بصدد القيام بزيارة إلى آثار رومانية في شمال البلاد، وقد اكتفت السفارة الروسية بالتعليق على هذا التطور بالقول قبل أيام إن "التحقيقات مستمرة مع هؤلاء" من دون أن تكشف أي تفاصيل عن التهم الموجهة إليهم.
تأثير في العلاقات
وأخيراً، ناشدت خطيبة أحد الروس المحتجزين في تونس الرئيس سعيد من أجل التدخل للمساعدة في إطلاق سراح خطيبها برفقة أصدقائه.
ونقلت وكالة أنباء "نوفوستي" عنها قولها في رسالة إلى الرئيس التونسي إن "مصير 11 مواطناً بين يديكم فخامة الرئيس، وإنني ألتمس بشدة مساعدتكم للإفراج السريع عن خطيبي وأصدقائي".
ويأتي هذا المستجد في وقت تسعى فيه روسيا إلى ترسيخ نفوذ واسع لها في شمال أفريقيا من خلال تونس وليبيا والجزائر، وذلك بالتوازي مع تعزيز حضورها في منطقة الساحل الأفريقي المتاخمة له.
وتعليقاً على ذلك، قال الباحث في الشأن الروسي ديميتري بريدجيه إن "احتجاز 11 مواطناً روسياً في تونس من دون توجيه تهم رسمية حتى الآن يحمل دلالات عدة، جيوسياسية وأمنية، وقد تؤثر في العلاقات بين موسكو وتونس، أولاً، تأتي هذه الحادثة في سياق وضع حساس دولياً وإقليمياً حيث تسعى روسيا إلى تعزيز وجودها في أفريقيا، بما في ذلك شمال أفريقيا، من خلال الاستثمارات الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية، وتونس، من جهتها، تتبنى سياسات خارجية متعددة التوازنات وتبحث عن شركاء اقتصاديين جدد في ظل أزماتها الاقتصادية"، وأوضح بريدجيه لـ"اندبندنت عربية" أن "هذا الاحتجاز قد يفسر على أنه إجراء أمني احترازي مرتبط بتوترات إقليمية أو مخاوف من استغلال الحدود الجزائرية - التونسية، التي تعد منطقة حساسة أمنياً، في أنشطة مشبوهة"، وبرأيه "ثانياً، إذا لم تحل القضية سريعاً وبشفافية، فقد تخلق توتراً دبلوماسياً بين البلدين. روسيا، التي تولي أهمية كبيرة لرعاية مواطنيها في الخارج، قد تعتبر التأخير أو غياب التوضيحات انتهاكاً غير مقبول، مما قد يدفعها إلى مراجعة استثماراتها أو دعمها السياسي لتونس"، وخلص بريدجيه إلى أنه "مع ذلك من غير المرجح أن تؤدي هذه الحادثة إلى قطيعة دائمة، إذ تدرك كل من تونس وروسيا أهمية التعاون المتبادل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تطور ملحوظ
ويأتي احتجاز الروس في وقت تقر فيه السلطات التونسية بأن العلاقات مع موسكو تشهد تطوراً ملحوظاً، وهو تطور انتقدته القوى الأوروبية الساعية إلى وقف تمدد روسيا في القارة السمراء في وقت سابق.
وقال وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية قبل أسابيع، إن "العلاقات بين تونس وروسيا تشهد تطوراً ملحوظاً على رغم أن هذه العلاقات قديمة وتعود إلى استقلال البلاد".
ومن غير الواضح ما إذا كانت حادثة احتجاز الروس ستؤثر في هذه العلاقات التي تشكل مصدر قلق حقيقي للقوى الغربية.
وفي وقت سابق نشرت وسائل إعلام أوروبية تقارير تتحدث عن هبوط طائرة روسية في مطار جربة التونسي الدولي على متنها عناصر من مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الخاصة.
وفي وقت سابق، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، "يجب على الاتحاد أن يجري تقييماً جماعياً ويتجنب بعض الأحداث التي تؤدي إلى تقارب بين الحكومة التونسية وروسيا".
شراكات واضحة
وعلى رغم أن خبر احتجاز الروس شأنه شأن احتجاز طالب دكتوراه فرنسي أثار، في وقت سابق، ضجة إعلامية في تونس، فإن السلطات لا تزال تنتهج تكتماً كبيراً إزاء التهم التي يواجهها هؤلاء المواطنون الروس.
واعتبر الباحث السياسي التونسي المقيم في فرنسا نزار الجليدي أن "ما يجمع بين تونس وروسيا في الأعوام الأخيرة أكبر بكثير من قصة احتجاز أشخاص أو المرور عبر كل ما هو قضائي واحتجاز أو تحقيقات. هناك شراكات أمنية وقضائية واضحة في هذا المجال بمفادها تستطيع تونس أن تحقق مع أي شخص مشتبه فيه بعد إعلام السلطة الرسمية وهذا ما تم في هذا الملف"، وتابع الجليدي في تصريح خاص "لا يمكن أن يهدد هذا الملف العلاقات بين روسيا وتونس لأن هؤلاء الأشخاص لا يملكون صفة دبلوماسية، ثانياً أعلمنا السفارة الروسية باحتجازهم، وأيضاً وزارة الخارجية، اللتين أبدتا موافقتهما على التحقيق معهم". وأبرز أن "ما يحدث أمر طبيعي، يمكن أن نرى روساً محتجزين في تونس ويُحقق معهم بصورة قانونية، أو تونسيين يُحتجزون في روسيا ويُحقق معهم، ولا يمكن أن تهدد مثل هذه الخطوات العلاقات بين البلدين".