ملخص
أمضى الرئيس المنتهية ولايته معظم أيامه الأخيرة في السلطة محاولاً تلميع إرث تضرر من جراء قراره الترشح لولاية ثانية على رغم تقدمه في السن.
نبه الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الأربعاء على الأخطار التي تحيق "بروح أميركا"، مع استعداده لتوجيه خطابه الوداعي إلى الأمة قبل عودة الجمهوري دونالد ترمب لسدة الرئاسة.
ويوجه الديمقراطي البالغ 82 سنة خطابه الساعة 20:00 بالتوقيت المحلي (01:00 ت غ) من المكتب البيضوي في البيت الأبيض، ويتوقع أن يستعرض خلاله إنجازات ولايته.
قبل الخطاب وجه بايدن رسالة إلى الشعب الأميركي تضمنت انتقاداً ضمنياً لترمب.
روح أميركا على المحك
وجاء في الرسالة "لقد ترشحت للرئاسة لأني كنت على قناعة بأن روح أميركا على المحك، هويتنا كانت على المحك، وما زال الأمر كذلك".
وأضاف "التاريخ بين أيديكم، القوة بين أيديكم، فكرة الولايات المتحدة بين أيديكم، ما علينا سوى أن نحافظ على إيماننا وأن نتذكر من نكون".
وقال بايدن إن الولايات المتحدة أقوى مما كانت عليه قبل أربع سنوات عندما كانت "في خطر"، بعد ولاية ترمب التي اتسمت بالفوضى وجائحة كوفيد، وما سماه "أسوأ هجوم على ديمقراطيتنا منذ الحرب الأهلية".
أدى بايدن اليمين الدستورية بعد أيام فقط على هجوم مناصرين لترمب في السادس من يناير (كانون الثاني) على مقر الكونغرس الأميركي، في محاولة لمنع المصادقة على نتائج الانتخابات التي خسرها الملياردير الأميركي أمام منافسه الديموقراطي.
ولم يذكر ترمب بالاسم، لكن كلماته تضمنت استعادة لخطابات سابقة قال فيها إنه قرر الترشح في انتخابات 2020 لأن "روح" الولايات المتحدة في خطر بسبب ترمب ومناصريه.
قائمة الإنجازات
وقال بايدن إنه طلب من البيت الأبيض أيضاً إصدار قائمة مطولة بما وصفها بأنها إنجازات إدارته، في قضايا تتراوح من الاقتصاد إلى الرعاية الصحية والمناخ.
وشدد على أن الولايات المتحدة لديها "أقوى اقتصاد في العالم" وبصدد خفض التضخم، على رغم أن الغضب الشعبي من غلاء المعيشة شكل عاملاً رئيساً في خسارة الديمقراطيين للانتخابات.
أمضى الرئيس المنتهية ولايته معظم أيامه الأخيرة في السلطة محاولاً تلميع إرث تضرر من جراء قراره الترشح لولاية ثانية على رغم تقدمه في السن.
وأجبر بايدن على الانسحاب من السباق في يونيو (حزيران) الماضي بعد مناظرة كارثية في مواجهة ترمب البالغ 78 سنة الذي حقق فوزاً ساحقاً على نائبة الرئيس كامالا هاريس، لكنه شدد على أن "خدمة هذه الأمة لأكثر من 50 عاماً كان أكبر امتياز في حياتي".
يأتي توجيه بايدن الخطاب الوداعي بعد يومين فقط على خطاب السياسة الخارجية الذي وجهه الإثنين، وقال فيه إنه ترك الولايات المتحدة أقوى على الساحة العالمية.
وإخفاقات أيضاً
لكن بايدن لم يتمكن من معالجة الانقسامات في البلاد بالطريقة التي كان يأمل فيها، أو وقف تراجع الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، لقد أثبت أنه صاحب إنجاز سياسي موقت يتمثل في هزيمة ترمب عام 2020، والآن تعهد الرئيس الجمهوري المنتخب بالتراجع عن كثير مما أنجزته الإدارة الديمقراطية.
وقال ديفيد أكسلرود، وهو مستشار للرئيس السابق باراك أوباما، "كل ما أراد جو بايدن أن يتذكره الناس من أشياء عظيمة فعلها من أجل هذا البلد، في الأقل خلال الأمد القريب، طغت عليه قراراته السيئة المتعلقة بالترشح"، وأضاف "لقد أصبح رئيساً تاريخياً عندما هزم ترمب، لذا فمن الواضح أن حقيقة أن ترمب عاد للظهور وعاد للسلطة أقوى مما كان عليه عندما غادر، هي خاتمة غير سعيدة للقصة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن الإرث يتحدد على المدى الطويل، وأضاف المسؤول "بالمعايير التاريخية، لم يمر وقت يذكر منذ الانتخابات. لقد حقق هذا الرئيس السجل التشريعي الأكثر أهمية منذ عهد ليندون جونسون في الستينيات، وستظهر الفوائد التي لا رجعة فيها لهذه القوانين على مدى عقود من الزمن".
وقال السناتور كريس كونز، وهو حليف قديم، إن بايدن واجه أزمة اقتصادية وأزمة صحة عامة وأزمة ديمقراطية في أعقاب اقتحام أنصار ترمب لمبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 عندما تولى منصبه في ذلك العام.
وكانت البلاد تواجه أزمات، وقال كونز "كان التعافي بعد هذا الوباء أعظم إنجازاته".
الإحباط العام
وأشرفت إدارة بايدن على توزيع لقاحات كوفيد والتعافي الاقتصادي الذي انتصر على توقعات الركود، حتى مع ارتفاع التضخم واستمرار ارتفاع الأسعار، مما أثار غضب الناخبين في شأن إدارته الاقتصادية.
واستغل الجمهوريون الإحباط العام في انتخابات العام الماضي، وأذكوا حالة الغضب في شأن ارتفاع الأسعار باتهامات للديمقراطيين بأنهم نخبة منفصلة عن الناخبين من الطبقة العاملة، بينما ألقوا باللوم على المهاجرين في زيادة الأسعار، على رغم عدم وجود أدلة تدعم ذلك.
وقالت هايدي شيرهولز، رئيسة معهد السياسة الاقتصادية، "لا يمكنك إزالة أثر أربعة عقود ونصف عقد من انعدام المساواة المتزايد ببضع سنوات من النتائج الاقتصادية الجيدة للغاية والتغييرات السياسية، لكن أحد أهم الأشياء الأساسية التي فعلوها هو التعافي الذي صنعوه على نطاق سمح بانتعاش قوي للوظائف".
أفغانستان وإسرائيل
يستشهد بايدن، الذي قضى أكثر من ثلاثة عقود في مجلس الشيوخ الأميركي وثماني سنوات كنائب للرئيس أوباما قبل أربع سنوات في الرئاسة، برد غربي موحد على حرب روسيا مع أوكرانيا، وتعزيز التحالفات، والانسحاب الأميركي من أفغانستان باعتبارها إنجازات رئيسة في السياسة الخارجية.
ومع ذلك، توفي 13 جندياً أميركياً في أثناء الانسحاب الفوضوي من أفغانستان في أغسطس (آب) 2021، ولم تتعاف شعبية بايدن أبداً من هذا الأمر.
وأدى دعمه القوي لإسرائيل، التي قتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين رداً على الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل، إلى انقسام الحزب الديمقراطي، وتضررت سمعة بايدن لدى اليسار.
وقال فينسنت ريجبي، وهو مستشار سابق للأمن القومي لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إن بايدن سيظل في الأذهان إلى الأبد باعتباره رئيساً "موقتاً"، على رغم إنجازاته القوية في إعادة بناء الثقة في الولايات المتحدة بعد فترة ولاية ترمب الأولى.
وأضاف "سنرى كيف سينظر إليه التاريخ بعد خمسة أو 10 أو 15 عاماً من الآن، لكنه سينظر إليه على أنه الرئيس (الذي تولى) بين رئاستي ترمب، أمسك بالخيط، لكن ترمب عاد".
الخطاب الوداعي
وأصبح الخطاب الوداعي تقليداً للرؤساء الأميركيين عند مغادرتهم منصبهم.
الرئيس الأول للولايات المتحدة جورج واشنطن وجه في رسالة في عام 1796 الخطاب الوداعي الأشهر على الأرجح، عندما رفض البقاء لولاية ثالثة ودعا إلى الوحدة الوطنية.
وأعيد إحياء هذا التقليد في القرن الـ20 في عصر الراديو والتلفزيون، وكان هاري ترومان أول من فعل ذلك من المكتب البيضوي في عام 1953.