ملخص
بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان خلال 60 يوماً تنتهي في 26 يناير، في مقابل انسحاب عناصر "حزب الله" إلى ما وراء نهر الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني وقوات الـ"يونيفيل" في الجنوب الذي سيصبح منطقة خالية من السلاح باستثناء الشرعي منه.
على بعد أقل من يومين على انتهاء مهلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار كاملاً بين بيروت وتل أبيب، أعلنت إسرائيل رسمياً اليوم الجمعة أن الانسحاب التدريجي لقواتها من جنوب لبنان "سيتواصل" بعد انقضاء الـ60 يوماً المنصوص عليها في الاتفاق الذي ينتهي بعد غد الأحد، متهمةً لبنان بعدم احترام التزاماته "بشكل كامل".
وفي أول تعليق رسمي على المسألة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان، إن "انسحاب الجيش الإسرائيلي مشروط بانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان وتطبيق الاتفاق بشكل كامل وفعال، فيما ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني".
وأضاف، "بما أن اتفاق وقف إطلاق النار لم ينفّذ بعد بشكل كامل من جانب لبنان، فإن عملية الانسحاب المرحلي ستتواصل بالتنسيق التام مع الولايات المتحدة".
واشنطن وتمديد وقف النار
في سياق متصل، قالت الولايات المتحدة اليوم الجمعة إن تمديد وقف إطلاق النار في لبنان أمر ضروري بشدة وإنها سعيدة ببدء الجيش الإسرائيلي الانسحاب من المناطق الوسطى من البلاد.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، بريان هيوز، "إن جميع الأطراف تشترك في هدف ضمان عدم قدرة ’حزب الله‘ على تهديد الشعب اللبناني أو جيرانه. ولتحقيق هذه الأهداف، هناك حاجة ملحة إلى تمديد وقف إطلاق النار لفترة قصيرة ومؤقتة". وأضاف "نحن سعداء ببدء قوات الدفاع الإسرائيلية الانسحاب من المناطق الوسطى، ونواصل العمل بشكل وثيق مع شركائنا الإقليميين لإتمام التمديد".
الجيش الإسرائيلي يواصل
ويواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في جنوب لبنان حيث أحرق اليوم الجمعة عدداً من المنازل في بلدتي بني حيان وعيترون ونفذ تفجيرات عنيفة في بلدة رب ثلاثين، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الجيش لن ينسحب بعد غد الأحد والحكومة طلبت من الإدارة الأميركية تأجيل الانسحاب شهراً إضافياً.
وفي التفاصيل أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة عقدت اجتماعاً مساء أمس الخميس استمر حتى منتصف الليل، لكنها لم تتوصل إلى قرار في شأن إذا ما كانت ستسحب قواتها من جنوب لبنان بحلول الـ26 من يناير (كانون الثاني) الجاري كما ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، أو تطلب رسمياً تأجيل الانسحاب لـ30 يوماً إضافية. وعلى رغم ذلك سيحافظ الجيش الإسرائيلي على انتشاره الحالي جنوب لبنان، وسيكون على أهبة الاستعداد لأي سيناريو أو تصعيد، "وسيرد بصورة قاسية وفورية على أي خروقات من حزب الله"، بحسب "القناة 14 الإسرائيلية".
إسرائيل تشكو "بطء" الجيش اللبناني
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان خلال 60 يوماً في مقابل انسحاب عناصر "حزب الله" إلى ما وراء نهر الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني وقوات الـ"يونيفيل" في الجنوب الذي سيصبح منطقة خالية من السلاح باستثناء الشرعي منه.
غير أن تل أبيب تشكو الانتشار "البطيء" للجيش اللبناني في المنطقة الحدودية مما يؤخر انسحاب قواتها، ووفق صحيفة "تايمز أوف إسرايل"، قال مسؤولون في الجيش إنهم ما زالوا يعثرون على مخازن أسلحة لـ"حزب الله" في الجنوب، وإن الجيش اللبناني يساعد "حزب الله" في بعض المواقع.
وفي هذا السياق قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية دافيد مينسر للصحافيين أمس، إن "هناك تحركات إيجابية، إذ حل الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل محل قوات حزب الله، مثلما ينص الاتفاق". لكنه أضاف "أوضحنا أيضاً أن هذه التحركات لا تتم بالسرعة الكافية، وهناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به"، مؤكداً أن إسرائيل تريد استمرار اتفاق الهدنة.
ولم يرد مينسر بصورة مباشرة على أسئلة حول إذا ما كانت إسرائيل طلبت تمديد الاتفاق، كما لم يوضح إذا ما كانت القوات الإسرائيلية ستبقى في لبنان بعد انتهاء مهلة الـ60 يوماً.
#عاجل تدمير مسارات أنفاق تحت الأرض ومصادرة مخزونات كبيرة للأسلحة ومنصات إطلاق قذائف صاروخية في وادي السلوقي في جنوب لبنان
تواصل قوات اللواء 769 بقيادة الفرقة 91 عمليات التمشيط لتطهير المنطقة في جنوب لبنان من التهديدات مع الحفاظ على التفاهمات بين إسرائيل ولبنان.
خلال نشاط… pic.twitter.com/EECORqBlW9— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) January 24, 2025
موقف ترمب
بدورها نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول رفيع قوله، إن "التقييم هو أن إسرائيل لن تنسحب من كل جنوب لبنان، وعلى أية حال إذا بقينا، فسيكون ذلك بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب".
غير أن الأنباء من واشنطن تشير إلى أن ترمب يعارض تمديد الاتفاق ويريد تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي في آنه، وفق ما أفادت به إذاعة الجيش الإسرائيلي، لكن المحادثات في هذا الشأن مستمرة وقد تبقى قائمة حتى اللحظات الأخيرة لانتهاء مهلة الاتفاق.
ونقل موقع "والا" الإسرائيلي عن مصادر مطلعة على المسألة، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته جدعون ساعر يجريان محادثات مع الولايات المتحدة ودول أوروبية لتوضيح الموقف الإسرائيلي في شأن الانسحاب من جنوب لبنان، وسط مخاوف من رد فعل أميركي إذا لم يتم الانسحاب الإسرائيلي.
بدورها أفادت صحيفة "هآرتز" بأن باريس وواشنطن تبحثان طلب تل أبيب تأجيل انسحاب قواتها مع مسؤولين إسرائيليين ولبنانيين، ونقلت الصحيفة عن مصدر قوله إن فرنسا لا تعارض التأجيل إذا تم بموافقة جميع الأطراف.
وفي المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أمس إن إسرائيل أنهت الأعمال القتالية وتسحب قواتها من لبنان، وإن الجيش اللبناني توجه إلى مواقع مخازن الذخيرة التابعة لـ"حزب الله" ودمرها، لكنه أشار إلى أنه لا يزال ينبغي بذل مزيد لتعزيز وقف إطلاق النار، وأضاف "هل انتهينا؟ لا. سنحتاج إلى مزيد من الوقت لتحقيق النتائج".
"حزب الله" يحذر
وذكر مصدر سياسي لبناني رفيع المستوى لـ"رويترز" إن الرئيس اللبناني جوزاف عون أجرى اتصالات مع مسؤولين أميركيين وفرنسيين، لحث إسرائيل على استكمال الانسحاب ضمن الإطار الزمني المحدد.
وقالت الحكومة اللبنانية للوسطاء الأميركيين إن عدم انسحاب إسرائيل في الموعد المحدد قد يعقد انتشار الجيش اللبناني، مما سيوجه ضربة للجهود الدبلوماسية والأجواء المتفائلة في لبنان منذ انتخاب عون رئيساً في التاسع من يناير.
وسط كل هذه الأنباء رفض "حزب الله" أي تعديل لاتفاق وقف إطلاق النار، وقال في بيان أمس، "بعض التسريبات التي تتحدث عن تأجيل العدو لانسحابه والبقاء مدة أطول في لبنان، لن يكون مقبولاً أي إخلال بالاتفاق والتعهدات".
وأضاف البيان أن حدوث أي تأجيل يستدعي "من الجميع وعلى رأسهم السلطة السياسية في لبنان، وبالضغط على الدول الراعية للاتفاق، إلى التحرك بفعالية ومواكبة الأيام الأخيرة للمهلة، بما يضمن تنفيذ الانسحاب الكامل وانتشار الجيش اللبناني حتى آخر شبر من الأراضي اللبنانية وعودة الأهالي لقراهم سريعاً".
كما جاء في البيان أن "أي تجاوز لمهلة 60 يوماً يعتبر تجاوزاً فاضحاً للاتفاق وإمعاناً في التعدي على السيادة اللبنانية، ودخول الاحتلال فصلاً جديداً يستوجب التعاطي معه من الدولة بكل الوسائل والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية بفصولها كافة، لاستعادة الأرض وانتزاعها من براثن الاحتلال".
السفارة الإماراتية تفتح أبوابها
من جهة أخرى، أعلنت الإمارات الجمعة إعادة فتح سفارتها في لبنان بعدما أغلقت أبوابها منذ عام 2021، بحسب ما أفادت وكالة انباء الامارات الرسمية (وام).
وقالت الوكالة إن "سفارة دولة الإمارات في بيروت أعادت ممارسة مهامها بشكل رسمي".
ونقل المصدر نفسه عن عمر عبيد الشامسي وكيل وزارة الخارجية قوله إن "إعادة افتتاح السفارة تمثل خطوة مهمة ضمن دفع التعاون بين البلدين إلى آفاق جديدة، ما يعكس التزام دولة الإمارات بدعم الاستقرار والتنمية في لبنان".
وسحبت الإمارات دبلوماسييها من لبنان في 2021 تضامنا مع السعودية، بعد تصريحات لوزير الإعلام اللبناني الأسبق جورج قرداحي انتقد فيها تدخل التحالف العسكري الذي تقوده الرياض في اليمن.
وكان الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون لتهنئته بانتخابه، مؤكداً دعم بلاده "لأمن لبنان واستقراره".