Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يدفع حفتر ثمن انفتاحه على تركيا لاحقا؟

يرى مراقبون في أنقرة ورقة أميركية هدفها زعزعة الوجود الروسي في أفريقيا انطلاقاً من ليبيا

جانب من لقاء الأمين العام للقيادة العامة الفريق أول خيري التميمي مع الملحق العسكري التركي الجديد لدى ليبيا العقيد بحار إلقاي بريل، بمقر القيادة العامة بالرجمة (صفحة التميمي على فيسبوك)

ملخص

يرى متابعون للملف الليبي أن الانفتاح التركي على شرق ليبيا، ظاهره متمحور حول الإعمار وملايين الدولارات المرصودة له، فتركيا تحاول منافسة الشركات المصرية والإيطالية من أجل دعم اقتصادها المتراجع بصورة واضحة، لكن باطنه سياسي أمني.

أبدى رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة أخيراً تخوفه من عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وقال خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي بسويسرا إن "ترمب سيدعم أطرافاً أمنية ليبية معينة "في إشارة منه إلى معسكر الرجمة شرق ليبيا، الذي يقوده المشير خليفة حفتر. وتعود تخوفات الدبيبة إلى ثناء ترمب على جهود حفتر في "مكافحة الإرهاب" خلال الـ19 من أبريل (نيسان) 2019، أي بعد 15 يوماً من شن الأخير هجومه على العاصمة طرابلس.
ويشاطر مراقبون تخوف الدبيبة من إمكانية أن يميل ترمب إلى معسكر الشرق الليبي، مما سيؤدي إلى اختلال ميزان القوى المحلية في البلد المنقسم منذ عام 2011، وبخاصة أن الولايات المتحدة يهمها تقليص حجم الوجود الروسي في المنطقة الأفريقية انطلاقاً من ليبيا، في حين يرى آخرون أن أميركا لن تتحرك بطريقة مباشرة في ليبيا بل من طريق حليفها التركي، الذي بدأ دوره يتعاظم في الشرق الليبي ضمن إطار مقاربة دبلوماسية جديدة جاءت من رحم أحد أهداف السياسة الخارجية التركية، والمتمثلة في العودة إلى البلدان التي كانت تحت حكم السلطنة العثمانية.

وسيط أميركي 

وفي السياق، رأى الباحث المصري المتخصص في العلاقات الدولية وشؤون المغرب العربي علاء فاروق "أن الانفتاح التركي على الشرق الليبي، ظاهره متمحور حول الإعمار وملايين الدولارات المرصودة له، فتركيا تحاول منافسة الشركات المصرية والإيطالية من أجل دعم اقتصادها المتراجع بصورة واضحة، لكن باطنه سياسي أمني". وأضاف فاروق أن "العين الأولى لتركيا ذات بعد اقتصادي، وظهرت خلال الزيارة الأولى لمدير عام صندوق التنمية وإعادة الإعمار بلقاسم حفتر (نجل خليفة حفتر) إلى تركيا لإذابة الجليد بين أنقرة ومعكسر شرق ليبيا، أما البعد الآخر لهذا الانفتاح التركي على معسكر الرجمة فله علاقة بتطبيع العلاقات الكاملة مع الدولة المصرية، باعتبار أن انفتاح تركيا على جميع الأطراف يعد أحد شروط إتمام عملية التطبيع بين القاهرة وأنقرة". 
وواصل قائلاً إن "التواصل الدبلوماسي التركي مع معسكر حفتر يأتي في إطار قيام تركيا بدور الوسيط المقبول غربياً"، موضحاً أن "أنقرة تقوم بدور الوساطة الأميركية بالوكالة، باعتبار أن الولايات المتحدة تثق جيداً بالدور التركي في الملف الليبي، على اعتبار أن تركيا اللاعب الحقيقي الذي يمكن أن يعتمد عليه البيت الأبيض في منافسة التمدد الروسي بل وحتى طرده. ويعود ذلك لجملة من العوامل أولها أن تركيا صديق موثوق لواشنطن، وثانياً تعلم تركيا جيداً كيف تلاعب الروس وهذا أمر سبق وحدث في الملف السوري. والعامل الثالث العلاقات القديمة التي تربط تركيا بروسيا مما يجعلها ناجحة في عملية التفاوض مع موسكو، وبخاصة في مسألة وجودهم داخل شرق ليبيا المطل على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، حيث تتمركز قوات حلف ’ناتو‘، وهي مسألة تقلق الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين". 


انكماش روسيا 

ورجح المتخصص في العلاقات الدولية "تعاظم الدور التركي في قادم الأيام مقابل انكماش روسي في شرق ليبيا تحت مظلة الاقتصاد والإعمار، ولكنه في الحقيقة يأتي تلبية لتوجهات إدارة ترمب التي ستفتح المجال أكثر لتركيا ليكون لها ثقل في توسيع مساحة وجودها داخل ليبيا لتكون المنافس الأول لروسيا".
ويتوقع فاروق أن "تكون تركيا الوسيط الذي يمكن الاعتماد عليه للتخلص من مشروع الفيلق الأفريقي الروسي، الذي تعول عليه روسيا للانطلاق والتوسع أكثر في أفريقيا، إذ تنسج الولايات المتحدة علاقة تركيا الجديدة مع مصر للتنسيق في شرق ليبيا، وربما سيكون الاعتماد على مصر وتركيا كدولتين إقليميتين فاعلتين في الملف الليبي للتخلص من الوجود الروسي".
وقال إن "الدور التركي سيتعاظم في قادم الأيام تحت شعار الاقتصاد ولكن هدفه سيكون سياسياً وأمنياً، واتضح ذلك بعد زيارة الملحق العسكري التركي الجديد العقيد بحار إلقاي بريل خلال الـ15 من يناير (كانون الثاني) الجاري، واجتماعه مع أمين عام القيادة العامة الفريق خيري التميمي وأبناء حفتر المسيطرين على شرق ليبيا وجنوبها".

اقرأ المزيد

حليف أساس

في المقابل، عدَّ مدير منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام إبراهيم ناصر أن "روسيا تغلغلت في الصحراء والساحل الأفريقي، وتقليص تمددها لن يكون بالأمر الهين، وبخاصة أن الأنظمة الحاكمة في أفريقيا تنظر إلى روسيا كحليف أساس حام لها يمكنه أن يلعب دوراً مهماً في تماسك الأنظمة، وهو أمر ينطبق على تشاد وبوركينا فاسو والنيجر ومالي، من ثم روسيا من خلال وجودها العسكري وتنسيقها الأمني والاستخباراتي تعد حصناً للأنظمة المذكورة مما سيجعل من روسيا صاحبة النفوذ الأقوى في أفريقيا". وصرح بأن "هناك معلومات تقول إنه من المتوقع أن تذهب القواعد العسكرية الروسية في سوريا إلى تركيا لتديرها بالتنسيق مع الإدارة السورية الجديدة". 


ساحة صراع 

وتوقع ناصر أن تكون ليبيا "إحدى الساحات التي ستشهد صراعاً غربياً مع روسيا وتركيا، على اعتبار أن الولايات المتحدة ترى أن تحييد روسيا في منطقتي الصحراء والساحل الأفريقي بدءاً من ليبيا يشكل أولوية بالنسبة إليها، بالتنسيق مع المكونات الليبية المحلية التي يتوقع أن تتحالف معظمها مع روسيا، وبخاصة أن حفتر يسيطر على الشرق والجنوب الليبي لذلك تعول روسيا عليه كمحطة أخيرة لها في المتوسط، وبخاصة أن قطعاً بحرية روسية انتقلت من سوريا إلى الشرق الليبي بعد سقوط نظام الأسد". وأضاف أن "ليبيا مهمة في استراتيجية روسيا الأفريقية، من ثم يُحتمل أن تشهد مداً وجزراً خلال الفترة المقبلة بين موسكو وأنقرة و’ناتو‘ المتمركز في الضفة الجنوبية للمتوسط القريبة من سواحل الشرق الليبي، حيث تتمركز روسيا أيضاً، لذا تحاول تركيا أن تثبت أن روسيا لا تمثل بديلاً للغرب بكل المقاييس، والتعامل معها يأتي من باب المصالح فحسب، لذلك بدل التشبيك العسكري والعملي معها يفضل أن يتم التنسيق مع الغرب، لأن روسيا في النهاية لم تقدم للأسد أي دعم قبل سقوطه". وأوضح أن "هذا الأمر دفع حفتر إلى الانفتاح على المقاربة التركية"، محذراً من كلفة هذا الأمر بالنسبة إلى معسكر الشرق، "لأن هذا الأمر سيقوي الحضور التركي شرق ليبيا التي ستغلب في ما بعد حليفها التقليدي المتمثل بقوات القطب الغربي الليبي"، مبيناً أن "ملامح الصراع بدأت تظهر للعلن وبخاصة بعد زيارة وفد ليبي من حكومة الدبيبة إلى دمشق، حيث بدأ تنسيق أمني مع الإدارة السورية الجديدة مما دفع حفتر إلى التحرك بسرعة والتوجه إلى عقد لقاءات مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي يملك علاقات قوية مع تركيا".

المزيد من متابعات