Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصدع داخل معسكر "الرجمة" الليبي فهل سببه التمدد الروسي؟

متخصصون يقولون إنها "مجرد تشويش على قوات حفتر" وآخرون يؤكدون أن سببها الأساس "خلافات بين صدام والزادمة"

تقرير يوضح أن هذه التطورات كشفت عن وجود صراعات داخلية وتنافس نفوذ بين مختلف قيادات معسكر "الرجمة" (أ ف ب)

ملخص

يؤكد بعض المراقبين أن الدور القادم في إعادة الهيكلة سيأتي على كتيبة "سبل السلام" التي تتمركز في أقصى الجنوب الشرقي الليبي للتخلص من بعض قادتها، حتى تضخ بها دماء جديدة موالية لأبناء حفتر بالكامل، وأن هناك قوات أمنية بعيدة من الأنظار بدأت تتشكل في الوقت الحالي في المنطقة الجنوبية سيكون انتماؤها الكامل لمراجع والزادمة.

انتشرت معلومات أمنية تفيد بوجود تصدعات بين معسكر "الرجمة" وجناحه العسكري الجنوبي، إذ أكدت مواقع محلية اعتقال مؤسس كتيبة "طارق بن زياد" اللواء عمر مراجع، من قبل قوة عسكرية تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، على خلفية تواصله مع سيف الإسلام القذافي، ابن الرئيس السابق معمر القذافي وأحد المرشحين للانتخابات الرئاسية في ليبيا التي كان من المزمع تنظيمها أواخر عام 2021.

معلومات أكدها آمر قوة الإسناد بعملية "بركان الغضب" ناصر عمار، الذي قال في صفحته على "فيسبوك" إن عقد التحالف بين معسكر "الرجمة" وجناحه العسكري الجنوبي يبدو أنه قد انفرط، بخاصة بعدما داهمت الشرطة العسكرية، أيضاً، منزل آمر كتيبة 128 مشاة حسن الزادمة في منطقة السيدة عائشة ببنغازي، وقال إن الجنوب الليبي على صفيح ساخن بسبب خلافات بين معسكر "الرجمة" وجناحه الجنوبي على خلفية سحب نجل حفتر، الفريق الركن صدام حفتر، الرتب والأسلحة من قبيلة أولاد سليمان الذين سبقت ترقيتهم من طرف الزادمة.

تصدعات سابقة

وتحدث تقرير سابق لوكالة "نوفا الإيطالية" منتصف الشهر الجاري عن توترات وخلافات في صلب قوات حفتر، بسبب قرار قضى بإعادة هيكلة لواء رئيس كان له ثقل كبير في المنطقة الجنوبية، وإقصاء قيادات محلية بارزة.

التقرير أوضح أن هذه التطورات كشفت عن وجود صراعات داخلية وتنافس نفوذ بين مختلف قيادات معسكر "الرجمة"، بخاصة بعدما أصدر خليفة حفتر قراراً يقضي بإعادة تسمية "اللواء 128 مشاة"، الذي كان يعتبر قوة أساساً في معسكره بمنطقة فزان جنوب البلاد ليصبح "اللواء 15 مشاة ميكانيكي".

خطوة اعتبرتها وكالة "نوفا" الإيطالية تقليصاً واضحاً لنفوذ "اللواء مشاة 128"، الذي يترأسه حسن الزادمة، قرار ولد من رحم الخلافات بين الزادمة وصدام نجل حفتر، على خلفية الوجود الروسي المتزايد في المنطقة، بخاصة في القواعد الجوية الليبية جنوباً، إذ أكدت وكالة "نوفا" تعرض عناصر تابعة للزادمة لحوادث "مهينة" من قبل القوات الروسية، وحسب "نوفا" الإيطالية فإن الهدف الرئيس من هذه الإجراءات بسط سيطرة حفتر وأبنائه على منطقة فزان، مقابل تقليص نفوذ القيادات المحلية (مراجع والزادمة) التي لا تتماشى مع التوجيهات.

أوراق محروقة

المتخصص في الشأن الأمني العقيد عادل عبدالكافي أكد في تصريح خاص أن صدام حفتر أرسل تعزيزات عسكرية إلى الجنوب في محاولة منه لإخضاع وإرجاع الجنوب تحت سيطرته، موضحاً أن الجناح الجنوبي لمعسكر "الرجمة" في طريقه إلى التفكك بسبب تشكل جماعات مسلحة مضادة لـ"الرجمة" بالمنطقة الجنوبية، جاءت نتيجة الصراعات على الأموال والولاءات.

وعزا أسباب هذه التطورات إلى حدوث حملة اعتقالات لقيادات بارزة قادت بدورها إلى انشقاقات ونزاعات حادة في صفوفهم، مما دفع معسكر "الرجمة" إلى إرسال قوة لتقليم أظافر المعارضين ولاستعادة السيطرة التي سيترتب عنها مواجهات عسكرية مستقبلاً ستنهي قبضة "الرجمة" جنوباً، وفق رأيه.

وتابع المتخصص في الشأن الأمني أن خطة حفتر تهدف إلى زرع عناصر جديدة موالية لأبنائه في كتيبة طارق بن زياد، لضمان وجودهم في فزان مقابل عزل مؤسسها الزادمة، مبيناً أن الانشقاقات بدأت منذ تسلم أبناء حفتر زمام الأمور العسكرية، حين بدأ نفوذ صدام وخالد يتنامى في شرق وجنوب ليبيا في محاولة منهما للهيمنة على جميع التشكيلات العسكرية، لذلك تخلصا من كثير من القيادات التي بني عليها معسكر "الرجمة" لتنظيم صفوفهم من جديد، بخاصة منها العناصر التي شاركت في حرب طرابلس أو في حرب بنغازي، لأنها أصبحت بالنسبة إليهم مجرد أوراق محروقة على غرار مراجع والزادمة الذي ارتبط اسمه بأطراف دولية كانت فرضته على خليفة حفتر منذ فترة.

وقال إن القيادات العسكرية المذكورة سلفاً محسوبة على رموز النظام السابق وبخاصة نجل القذافي، سيف الإسلام القذافي، الذي يصول ويجول في المنطقة الجنوبية، موضحاً أن حفتر استشعر خطر هذه العناصر على أبنائه فسارع إلى التخلص من الرتب العسكرية الكبيرة ودفع بعناصر جديدة داخل معسكره، في محاولة منه لتكون هذه العناصر العسكرية الشابة تحت هيمنة وقبضة أبنائه لتوريث الحكم العسكري لعائلته.

وقال عبدالكافي إن الدور القادم في إعادة الهيكلة سيأتي على كتيبة "سبل السلام" التي تتمركز في أقصى الجنوب الشرقي الليبي للتخلص من بعض قادتها، حتى تضخ بها دماء جديدة موالية لأبناء حفتر بالكامل، مما سيدفع بالجناح الجنوبي لـ"الرجمة" إلى الانفصال التام عن معسكر حفتر، منوهاً بأن هناك قوات أمنية بعيدة من الأنظار بدأت تتشكل في الوقت الحالي في المنطقة الجنوبية سيكون انتماؤها الكامل لمراجع والزادمة، إلى أن يأتي الوقت للإعلان عن وجودها بصفة رسمية في الجناح الجنوبي ليخرج بذلك من قبضة "الرجمة"، مما ستنتج منه صراعات داخلية في المعسكر.

وأرجع عبدالكافي توهج فتيل التصدعات إلى إقصاء كل من الزادمة ومراجع من الاستثمارات في المنطقة الجنوبية التي استحوذ عليها أبناء حفتر حين ارتفع صوت الزادمة الرافض هذا الأمر.

اقرأ المزيد

غياب المسار العسكري

وحول إمكانية استغلال حكومة "الوحدة الوطنية" (غرب) التصدعات في معسكر الرجمة (شرق) وضم هذه القيادات إلى صفها عبر جلبها إلى طرابلس، قال عبدالكافي إنه لا ينصح بهذا الأمر لأن "هذه القيادات عبارة عن أوراق محروقة".

واستدرك قائلاً إن "حكومة الوحدة الوطنية ليس من ضمن أهدافها أي اتجاه إلى المسار العسكري، بل إنها تحاول أن تبتعد نهائياً عن أي مسار عسكري حتى في ما يخص مرتزقة الفيلق الأفريقي الروسي لم نجد أي طلب دعم دولي للتعامل مع الوجود الروسي على الأراضي الليبية، مما يدل على أن العمل على الملفات العسكرية ليس من ضمن أهداف ومشاريع حكومة عبدالحميد الدبيبة".

ووصف المتخصص في الشأن الأمني غياب الاهتمامات العسكرية عن قائمة أهداف "الحكومة الوطنية" ورئاسة الأركان والمجلس الرئاسي بـ"الخلل الكبير"، قائلاً إنه لا توجد أي سياسة واضحة لمعالجة إشكالات أمنية كهذه، إذ أتت فرص كثيرة لاسترجاع المنطقة الجنوبية ولكن الحكومة بطرابلس لم تحرك ساكناً لاستغلالها.

قرارات نافذة

يذكر أنه لم يصدر لحد اللحظة أي رد رسمي من القوات المسلحة العربية الليبية على هذه الأخبار والتقارير الدولية التي تؤكد وجود تشققات داخل معسكر "الرجمة"، لذا حاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع متخصصين بالشأن الليبي مقربين من معسكر "الرجمة" على غرار الباحث السياسي محمود الكاديكي، الذي أكد أن "كلام العقيد المحسوب على المعسكر الغربي عادل عبدالكافي عن إرسال الفريق الركن صدام حفتر قوة عسكرية إلى الجنوب الليبي للجم الزادمة وعناصره غير صحيح، بل مجرد عمليات عسكرية لقوات الجيش الليبي بالمنطقة الشرقية في إطار تأمين وتفقد الحدود البرية الجنوبية لا غير".

وقال الكاديكي إن التحركات العسكرية في الجنوب التي تحدث عنها عبدالكافي تأتي فقط في إطار تنفيذ التعليمات الصادرة من رئيس أركان القوات البرية الفريق الركن صدام حفتر لتأمين المنطقة الحدودية والمواقع الاستراتيجية، إذ كلفت كتيبة "سبل السلام" بتأمين مطار وقاعدة السارة الجوية جنوب غربي مدينة الكفرة الحدودية مع تشاد.

وفي ما يخص انتشار معلومات عن استغناء حفتر عن قادة عسكريين يحملون رتباً عالية على خلفية عدم ولائهم لأبنائه، قال الكاديكي إن "هذا القرار يأتي في إطار ضخ دماء شابة في صلب الجيش الليبي في المنطقة الشرقية"، مؤكداً أن معسكر "الرجمة" تعود على انتشار إشاعات كهذه منذ عام 2014، متى "عكف حفتر على إعادة تنظيم صفوف قواته في شكل جيش منظم متكامل الوحدات؟".

وتساءل الكاديكي إذا كان معسكر "الرجمة" يشهد تصدعات فلماذا نرى توافداً لمسؤولين دوليين إليه؟ إذ قام أمس الأحد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا نيكولا أورلاندو بزيارة إلى مدينة بنغازي، بحث فيها مع المشير خليفة حفتر سبل مساهمة الاتحاد الأوروبي في حل الأزمة السياسية وآليات مكافحة الفساد والانقسام في ليبيا، وتحسين إدارة الحدود الجنوبية، وأهمية الوصول إلى مؤسسات موحدة وشرعية وإجراء انتخابات وطنية.

وتابع أنه قبل نحو أسبوعين اجتمع الملحق العسكري التركي الجديد العقيد بحار إلقاي بريل في بنغازي بمدير مكتب القيادة العامة الفريق أول خيري التميمي وأبناء المشير خليفة حفتر، لبحث الجهود لتعزيز التعاون العسكري بين القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية العربية وتركيا.

ونوه الباحث السياسي المقرب من معسكر الرجمة بأن التصدعات التي يتحدثون عنها تأتي نتيجة فشلهم في التغلغل داخل القوات المسلحة، وهي مجرد محاولة لابتزاز القادة العسكريين لمعرفة ما يحدث في المطبخ الداخلي للقوات المسلحة العربية الليبية، فكل القرارات الصادرة من القوات المسلحة هي قرارات نافذة تنفذ فوراً، وآخرها قرار تأمين القاعدة العسكرية "السارة" للحفاظ على حدود ليبيا من المهاجرين غير الشرعيين والجماعات الإرهابية.

المزيد من تقارير