Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا ليست بالسهولة التي يتصورها ترمب

يقول الرئيس الأميركي إنه يخطط لاستخدام الضغط الاقتصادي والنفوذ المالي للولايات المتحدة بهدف إجبار روسيا على القبول باتفاق ينهي غزوها لأوكرانيا

أبدى كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والزعيم الروسي فلاديمير بوتين استعدادهما لإجراء محادثاتٍ مع ترمب لكن بشروطٍ ومطالب مختلفة (أ ف ب/غيتي)

ملخص

ترمب يخطط لاستخدام العقوبات والضغط الاقتصادي لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنه يواجه تحديات معقدة، منها المطالب الإقليمية لبوتين، والضمانات الأمنية لكييف، في ظل نشوء تحالف معادٍ لواشنطن بين روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية

ثبت أن الوعود التي قطعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل الانتخابات، بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة - وقبل تنصيبه الرسمي - كانت مجرد تعهدات جوفاء. 

وبحسب تصريحات كيث كيلوغ المبعوث الخاص لترمب إلى أوكرانيا وروسيا، فقد أصبح الهدف الجديد للإدارة الأميركية هو السعي إلى تحقيق وقفٍ لإطلاق النار بين موسكو وكييف في غضون 100 يوم. 

وعلى رغم هذه التصريحات، تظل التفاصيل المتعلقة بطريقة تحقيق هذا الهدف قليلةً وغامضة. وفيما يبرر السيد الجديد للبيت الأبيض تحفظه عن الكشف عن خططه بأنه قد يضعف موقفه التفاوضي، يرى منتقدوه أن كلامه هو مجرد غطاء لعدم وجود رؤيةٍ واضحةٍ لديه لحل النزاع.

في غضون ذلك، أبدى كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والزعيم الروسي فلاديمير بوتين استعدادهما لإجراء محادثاتٍ مع ترمب، لكن بشروطٍ ومطالب مختلفة بالنسبة إلى كل منهما لتحقيق السلام. 

في ما يأتي، تستعرض "اندبندنت" العوامل الرئيسة المؤثرة التي تجعل من فرص التوصل إلى اتفاق سلامٍ بين موسكو وكييف أمراً صعباً وبعيد المنال.

العقوبات

بعد يومين فقط من تنصيب دونالد ترمب، قدم الرئيس الأميركي لمحةً أولية عما ينوي أن يفعله في هذا الملف.

فقد كتب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تروث سوشال" الخاص به: "إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فلن يكون أمامي من خيارٍ سوى فرض ضرائب ورسومٍ جمركية وعقوبات على جميع السلع التي تبيعها روسيا للولايات المتحدة وللدول المشاركة الأخرى".

وأضاف ترمب قائلاً: "يمكننا أن نتعامل مع هذا الأمر بالطريقة السهلة أو الصعبة"، مشيراً إلى أن "الطريقة السهلة دائماً هي الأفضل".

وكانت وكالة "بلومبيرغ" قد ذكرت قبل نحو أسبوع أن الإدارة الجديدة في البيت الأبيض بدأت بالفعل صياغة استراتيجيتها الخاصة بفرض عقوباتٍ على روسيا. وتتضمن هذه الخطة إما تقديم تخفيفٍ محدد للعقوبات على منتجي النفط الروس لتحفيز المفاوضات، أو تكثيف العقوبات وتوسيع نطاقها لزيادة الضغوط.

وبعد الكلام المتكرر على مسألة التعرفات الجمركية، من غير المستغرب أن يعتمد دونالد ترمب - المعروف بمقاربته العملانية والتجارية للأمور - خيار استخدام القوة المالية للولايات المتحدة، لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. إلا أن نجاح هذه الاستراتيجية لا يزال غير مؤكد.

في المقابل، يبدو أن الاقتصاد الروسي قد استوعب وطأة العقوبات الغربية طيلة فترة الصراع، إلا أن التأثيرات طويلة الأجل المترتبة عن الإبقاء على اقتصادٍ متأهب وموجهٍ بالكامل نحو الاستعداد للحرب، قد تكون محفوفةً بالأخطار.

مع ذلك، فإن الضغوط الإضافية التي يمارسها الرئيس الأميركي الجديد، في أعقاب حزمة العقوبات القاسية على روسيا بشكلٍ خاص التي كان قد أقرها الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في الأيام الأخيرة له في منصبه، قد تدفع بفلاديمير بوتين إلى إعادة النظر في نهجه بشكلٍ أكثر جدية.

تنازلات عن الأراضي

تسيطر روسيا في الوقت الراهن على ما يقرب من 19 في المئة من أراضي أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم وأجزاء من مناطق لوهانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون. وفي الوقت نفسه، تحتفظ أوكرانيا بالسيطرة على جزءٍ صغير من منطقة كورسك الحدودية الروسية.

في المؤتمر السنوي الأخير الذي عقده فلاديمير بوتين في نهاية العام الماضي، طالب الزعيم الروسي أوكرانيا بالانسحاب من المناطق الأربع المتنازع عليها [المذكورة أعلاه]، ودعا الغرب إلى رفع جميع العقوبات عن بلاده.

وفي حين أن القادة الأوروبيين أكدوا باستمرار رفضهم هذا الاحتمال لأنه يُعد بمثابة مكافأةٍ لروسيا على احتلالها واستيلائه على الأراضي الأوكرانية، بدا الرئيس دونالد ترمب أكثر انفتاحاً على هذا الطرح.

وكان نائبه جي دي فانس قد اقترح إقامة منطقةٍ منزوعة السلاح تشرف عليها قواتٌ مدعومة من الغرب، في وقتٍ أصر ترمب على أن أي من القواتٍ الأميركية لن تشارك في مهماتٍ في المنطقة.

ومع ذلك، فإن العقبات لا تزال قائمة. فقد أوضح الكرملين أنه لا يريد وجوداً لقواتٍ تابعة لـ "حلف شمال الأطلسي" (ناتو) بالقرب من القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية المحتلة. والواقع أن الزعيم الروسي كان قد برر غزوه لجارته بزعم أن حلف "الناتو" كان يحاول التوسع في اتجاه روسيا أكثر مما ينبغي.

وفي حين أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد يكون مستعداً للتنازل عن بعض الأراضي، فمن غير المرجح أن يوافق على التخلي عن تلك التي لا تزال خارج سيطرة روسيا، بما فيها الكثير منها في المناطق الأربع التي يطالب بها فلاديمير بوتين. وعلى نحوٍ مماثل، لن يقبل الزعيم الروسي بوجود قواتٍ أوكرانية في منطقة كورسك.

في الوقت نفسه، تواصل القوات الروسية التقدم في شرق أوكرانيا. وقد يتساءل البعض عن السبب الذي قد يدفع ببوتين إلى وقف تقدمه العسكري، في وقتٍ تحرز فيه قواته تقدماً ميدانياً، على رغم أن الخسائر التي تتكبدها كبيرة.

الضمانات الأمنية

من المرجح أن تكون مسألة الضمانات الأمنية من أكثر القضايا إثارةً للانقسام. فقد باءت المحاولات السابقة لإنهاء الصراع في العامين 2014 و2015 - على أثر الغزو الروسي الأول لأوكرانيا - بالفشل، كما كانت الحال مع الكثير من الجهود اللاحقة.

وفي هذا الإطار، يسود اقتناعٌ واسع النطاق بأن فلاديمير بوتين لا يمكن الوثوق به في الالتزام بوقفٍ لإطلاق النار، ويخشى البعض أنه قد يستغل أي فترة توقفٍ للقتال لإراحة قواته وإعادة تنظيمها قبل شن هجومٍ آخر على أوكرانيا.

أما كييف فتنظر إلى عضويتها في حلف "الناتو" على أنها ضمانة في وجه أي غزوٍ مستقبلي قد تشنه روسيا على الأراضي، باعتبار أن البند الخامس يلزم جميع الدول المنضوية فيه بالدفاع عن أي دولةٍ عضو تتعرض للهجوم. إلا أن دونالد ترمب استبعد ذلك.

وفي ما يتعلق بموقف بوتين، فإنه لا يرفض تطلعات كييف إلى الانضمام إلى حلف "الناتو" فحسب، بل يطالب أوكرانيا أيضاً بأن تصبح دولةً محايدة، وبأن تقلص حجم قواتها المسلحة بشكلٍ كبير. وهذا من شأنه أن يحرم أوكرانيا فعلياً من حقها السيادي في اختيار تحالفاتها، ويجعلها أكثر عرضةً للهجمات الروسية في المستقبل.

انطلاقاً من ذلك، تصر كييف على أن تحصل من الولايات المتحدة على ضماناتٍ أمنية، مشيرةً إلى أن الضمانات الأوروبية وحدها غير كافية.

وقد طلب الرئيس زيلينسكي من الرئيس الأميركي ترمب تزويد بلاده بمزيدٍ من الأسلحة، لكن على شكل قروض. واقترحت في المقابل بعض الأطراف أن يقوم ترمب بتسهيل تحويل نحو 300 مليار دولار أميركي (240 مليار جنيه استرليني) من الأصول الروسية المجمدة، إلى كييف، لتمكينها من تسليح نفسها.

تحالف روسيا مع الصين وإيران وكوريا الشمالية

يتمثل الاختلاف الرئيس بين الولاية الأولى والثانية للرئيس ترمب، في ما يتعلق بصياغة السياسة الخارجية، في كيفية التعامل مع التحالف المتزايد بين الدول المعادية للولايات المتحدة.

فقد أصبحت الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية أكثر تلاحماً من أي وقتٍ مضى، بحيث قامت هذه الدول بمساعدة بعضها البعض على تجاوز العقوبات المفروضة عليها، وعملت على دعم الحروب التي تخوضها كل منها، كما سعت إلى إبعاد دولٍ أخرى عن دائرة النفوذ الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة.

من هنا، قد يعمل الرئيس الأميركي على تقويض هذه التحالفات بهدف تقليص الدعم المقدم للحرب التي تشنها روسيا، أو قد يسعى إلى ممارسة ضغوطٍ على هذه الدول لوقف مصادر التمويل عن فلاديمير بوتين.

© The Independent

المزيد من تحلیل