وقعت السعودية اتفاقاً مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) لإنشاء مكتب إقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني الدولي ودعم جهود مكافحة الجريمة العابرة للحدود والإرهاب.
وجرت مراسم التوقيع في الرياض بحضور ممثلين من وزارة الداخلية السعودية ومسؤولين من الـ"إنتربول"، حيث وقع الاتفاق مساعد وزير الداخلية السعودي هشام الفالح، والأمين العام للمنظمة فالديسي أوركيزا.
يهدف المكتب الجديد إلى تنسيق الجهود الأمنية بين الدول الأعضاء في المنطقة وتعزيز عمليات تبادل المعلومات والتعاون في مواجهة التهديدات المشتركة. كما سيعمل المكتب بالتنسيق مع المؤسسات الأمنية الإقليمية، مثل مجلس وزراء الداخلية العرب، وشرطة دول مجلس التعاون الخليجي، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، لضمان تكامل الجهود وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة الأمنية.
مكتب إقليمي
تعود فكرة إنشاء المكتب إلى عام 2016 عندما طُرحت خلال اجتماع رؤساء الشرطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع للـ"إنتربول".
وفي أبريل (نيسان) 2018، أجمعت الدول العربية على اختيار السعودية لاستضافة المكتب، وهو ما أقر لاحقاً من قبل الجمعية العامة للـ"إنتربول" خلال اجتماعها في سانتياغو بتشيلي عام 2019.
وفي مايو (أيار) 2024، وافقت اللجنة التنفيذية للـ"إنتربول" على اتفاق الدولة المستضيفة، مما مهد الطريق نحو البدء بتنفيذ المشروع وفقاً للأسس القانونية والإدارية المتفق عليها.
ومن جانبه، أكد وزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، أن هذه الخطوة تعكس التزام السعودية دعم جهود الـ"إنتربول" منذ تأسيسها، مشيراً إلى أن الرياض كانت من الدول المؤسسة والداعمة للمنظمة، وتسعى من خلال هذا الاتفاق إلى تعزيز العمل الأمني المشترك وتحقيق مزيد من الاستقرار في المنطقة.
منظمة رائدة
تعد الـ"إنتربول" إحدى أبرز المنظمات الأمنية الدولية، إذ تأسست عام 1923 وتضم في عضويتها 195 دولة، وتهدف إلى تنسيق التعاون بين أجهزة الشرطة لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات والجرائم الإلكترونية. وتعمل الأمانة العامة للمنظمة على مدار الساعة، وتدير قاعدة بيانات دولية تتيح للأجهزة الأمنية في الدول الأعضاء الوصول إلى المعلومات اللازمة لتعزيز عمليات التحقيق والقبض على المطلوبين.
رغم دورها الحيوي في تنسيق التعاون الأمني، فإن الـ"إنتربول" لا تمتلك سلطة تنفيذ الاعتقالات أو إصدار أوامر التسليم القضائي، إذ تخضع هذه الإجراءات للتشريعات الوطنية لكل دولة. عند توقيف أي شخص في إحدى الدول الأعضاء، يتم ذلك وفق القوانين المحلية، ولا يلزم بالضرورة إبلاغ الـ"إنتربول" بهذه الخطوة.
أما في ما يتعلق بعمليات تسليم المطلوبين، فإنها تتم بناء على اتفاقات ثنائية بين الدول المعنية من دون تدخل مباشر من المنظمة.
تعتمد الـ"إنتربول" في تمويلها على المساهمات الحكومية التي تقدمها الدول الأعضاء، سواء كانت إلزامية أو تطوعية، مما يضمن استمرارية عملياتها وخدماتها في مجال مكافحة الجريمة الدولية وتعزيز التعاون الشرطي بين مختلف الدول.
يرأس المنظمة حالياً اللواء الإماراتي أحمد ناصر الريسي الذي انتُخب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 بثلثي أصوات الأعضاء. في ذلك الوقت، وأكد الأمين العام للـ"إنتربول" أن المنظمة تعمل وفق إجراءات واضحة لضمان استقلاليتها، مشدداً على أهمية التعاون بين أجهزة الشرطة العالمية لمواجهة تصاعد الجريمة الدولية في ظل التغيرات المتسارعة.