ملخص
تأتي الزيارة غداة سلسلة قرارات واسعة النطاق اتخذتها السلطات الجديدة، تشمل حل كل الفصائل المسلحة ومن بينها "هيئة تحرير الشام" التي كان يتزعمها الشرع، إضافة إلى الجيش والأجهزة الأمنية القائمة في العهد السابق، وإلغاء العمل بالدستور وحل مجلس الشعب وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود.
هنأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان اليوم الخميس أحمد الشرع غداة تعيينه رئيساً انتقالياً لسوريا بعد نحو شهرين على الإطاحة ببشار الأسد.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن العاهل السعودي وولي عهده بعثا "برقية تهنئة، لفخامة الرئيس أحمد الشرع، رئيس الجمهورية العربية السورية الشقيقة، بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية".
وتمنى الملك سلمان للشرع "التوفيق والنجاح في قيادة بلدكم الشقيق نحو مستقبل مزدهر يحقق تطلعات الشعب السوري".
الحاجة الماسة
من ناحية أخرى، شدد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على "الحاجة الماسة" لتشكيل حكومة جامعة في سوريا، وذلك خلال لقائه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع الخميس في دمشق، بحسب بيان صادر عن الديوان الأميري القطري.
وأورد البيان "شدد أمير قطر على الحاجة الماسة لتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري لتوطيد الاستقرار والمضي قدماً في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية والازدهار".
وناقشت الدوحة ودمشق "إطاراً شاملاً" لإعادة إعمار سوريا، كما أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وذلك خلال زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الخميس إلى البلاد، هي الأولى لرئيس دولة بعد نحو شهرين من الإطاحة بالأسد.
وقال الشيباني خلال مؤتمر صحافي مع وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي "ناقشنا في اجتماعات اليوم إطاراً شاملاً للتعاون الثنائي في ما يتعلق بإعادة الإعمار".
وأضاف "غطت مناقشاتنا قطاعات حيوية بما في ذلك البنية التحتية وضمان استعادة أسس المجتمع والاستثمار والخدمات المصرفية وتمهيد الطريق للتعافي الاقتصادي والصحة والتعليم".
وأعلن الوزير القطري من جهته، أن بلاده ستستمر "في تقديم الدعم المطلوب على كافة الصعد الإنسانية والخدمية وأيضاً في ما يتعلق بالبنية التحتية والكهرباء".
وأضاف "مشاريعنا كثيرة وما تحدث به سمو الأمير مع فخامة الرئيس هي مجالات كثيرة: ما هو متصل بالجانب الإنساني وما هو متصل أيضاً بالجانب التنموي والشراكة الثنائية الاقتصادية بين البلدين".
ووصل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اليوم الخميس إلى دمشق، في أول زيارة لرئيس دولة لسوريا غداة تعيين أحمد الشرع رئيساً انتقالياً، وبعد نحو شهرين على الإطاحة ببشار الأسد.
وكتب الديوان الأميري على "إكس"، "سمو الأمير يصل إلى العاصمة دمشق في زيارة رسمية إلى الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وفي مقدمة مستقبليه (...) أحمد الشرع رئيس الجمهورية العربية السورية".
وأمير قطر هو أول رئيس دولة يزور دمشق منذ أن أطاح تحالف فصائل مسلحة على رأسها "هيئة تحرير الشام" ذات التوجه الإسلامي، ببشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول).
زيارة تاريخية
وأكدت السفارة السورية في قطر في وقت سابق لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأمير سيلتقي أحمد الشرع خلال "زيارة تاريخية تتناول التعاون والدعم في قطاعات عدة".
تأتي الزيارة غداة سلسلة قرارات واسعة النطاق اتخذتها السلطات الجديدة، تشمل حل كل الفصائل المسلحة ومن بينها "هيئة تحرير الشام" التي كان يتزعمها الشرع، إضافة إلى الجيش والأجهزة الأمنية القائمة في العهد السابق، وإلغاء العمل بالدستور وحل مجلس الشعب وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود.
ورحب الوزير القطري الخميس بهذه الإجراءات. وقال "نشكركم على الإعلان الذي قمتم به البارحة بانتهاء مرحلة الثورة والانتقال إلى مرحلة تأسيس الدولة".
وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، الذي زار دمشق منتصف يناير (كانون الثاني)، أعلن أن بلاده ستقدم الدعم الفني اللازم "لإعادة تشغيل البنى التحتية اللازمة" في سوريا. وقال إن قطر ستوفر لسوريا 200 ميغاواط من الكهرباء على أن تزيد الإنتاج تدريجاً.
دعم مالي
وبحسب مصدر دبلوماسي في الدوحة، فإن قطر تدرس خططاً مع دمشق لتوفير أموال لزيادة أجور القطاع العام في سوريا.
وإثر وصول السلطة الجديدة إلى دمشق بقيادة أحمد الشرع بعد الإطاحة بالأسد، كانت قطر ثاني دولة بعد تركيا أعادت فتح سفارتها في دمشق.
وأغلقت الدوحة بعثتها الدبلوماسية في دمشق واستدعت سفيرها في يوليو (تموز) 2011، بعد أشهر من اندلاع حركة احتجاجية ضد الأسد تحولت إلى نزاع دام بعدما واجهتها السلطات بالقمع. وشكلت قطر داعماً رئيساً للمعارضة السياسية والعسكرية في سوريا خلال فترة النزاع الذي اندلع في عام 2011.
على العكس من دول عربية أخرى، لم تستأنف قطر العلاقات الدبلوماسية مع سوريا في عهد الأسد الذي عاد للحاضنة العربية وشارك في القمة العربية في مدينة جدة في مايو (أيار) 2023.
وأجرى وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني زيارة إلى الدوحة مطلع يناير التقى خلالها رئيس الوزراء القطري.
حركة دبلوماسية
ويعد أمير قطر أرفع مسؤول يزور دمشق منذ وصول السلطة الجديدة إلى الحكم.
لكن دمشق شهدت حركة دبلوماسية نشطة في الأسابيع الأخيرة، حيث توالت الزيارات من موفدين غربيين، مثل وزير الخارجية الفرنسي والتركي ووزيرة الخارجية الألمانية، إضافة إلى موفدين عرب للقاء الشرع.
واستقبل الشرع هذا الأسبوع وفداً من موسكو التي كانت حليفاً وثيقاً للأسد.
واستأنفت الخطوط الجوية القطرية في وقت سابق من يناير أولى رحلاتها إلى مطار دمشق.
وكانت قطر عرضت المساعدة "لاستئناف" مطار دمشق عملياته و"ضمان صيانته خلال المرحلة الانتقالية"، وفق ما أفاد مسؤول قطري وكالة الصحافة الفرنسية الشهر الماضي.
مؤتمر باريس
في سياق آخر، أظهرت وثيقة أن الشيباني سيحضر مؤتمراً في باريس في الـ13 من فبراير (شباط) المقبل يهدف إلى تنسيق التحرك الإقليمي والدولي لدعم المرحلة الانتقالية في بلاده.
وذكرت الوثيقة التي أرسلت للأطراف المدعوة إلى حضور المؤتمر واطلعت عليها "رويترز" أن وزراء خارجية دول من المنطقة من بينها السعودية وتركيا ولبنان سينضمون إلى شركاء غربيين من بينهم الولايات المتحدة.
كما أشارت إلى أن الاجتماع يهدف إلى تنسيق الجهود لتحقيق انتقال سلمي يضمن سيادة سوريا وأمنها، وكذلك حشد جهود دول الجوار والشركاء الرئيسين لسوريا لتنسيق المساعدات والدعم الاقتصادي إلى جانب مناقشة العدالة الانتقالية ومكافحة الإفلات من العقاب.
ولم تؤكد وزارة الخارجية الفرنسية بعد حضور الشيباني.