ملخص
منذ توليها السلطة تنفذ الإدارة الحاكمة الجديدة في سوريا حملات أمنية في مناطق عدة بهدف القبض على فلول النظام السابق.
أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 10 عناصر من فصائل سورية موالية لتركيا اليوم السبت خلال اشتباكات مع قوات يقودها الأكراد شمال البلاد، بينما قتل تسعة أشخاص في انفجار سيارة مفخخة.
وقال المرصد إن 10 عناصر من فصائل "الجيش الوطني" الموالية لأنقرة قتلوا في اشتباكات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة وتشن هجمات في جنوب وشرق مدينة منبج، حيث تدور أعمال عنف منذ أسابيع.
وأضاف المرصد الذي يتخذ مقراً في بريطانيا، أن تسعة أشخاص بينهم عدد غير محدد من المقاتلين الموالين لتركيا قتلوا "إثر انفجار آلية ملغمة قرب موقع عسكري" في مدينة منبج، من دون أن يحدد الجهة التي تقف وراء الانفجار.
من جهتها، قالت منظمة الخوذ البيضاء السورية للدفاع المدني إن ثلاثة مدنيين قتلوا وجرح ستة مدنيين آخرين بعضهم بجروح بالغة، إثر انفجار السيارة المفخخة في منبج، مضيفة أن الحصيلة غير نهائية وأن الانفجار أدى إلى "اندلاع حريقين في المكان وفي مشغل للخياطة، وتهدم في المباني المجاورة".
أما قوات سوريا الديمقراطية فقالت في بيان اليوم، إن مقاتليها استهدفوا أمس الجمعة عدة مواقع تسيطر عليها فصائل موالية لتركيا في منطقة منبج.
"مجزرة ضد العلويين"
قتل 10 أشخاص في الأقل بإطلاق نار من مسلحين هاجموا ليل الجمعة مواطنين علويين في محافظة حماة وسط سوريا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم السبت، بينما سُجل مقتل شخص كان تابعاً لقوات موالية للنظام السابق أثناء الاحتجاز.
وقال المرصد "ارتكب مسلحون مجزرة راح ضحيتها 10 مواطنين في قرية أرزة في ريف حماة الشمالي التي يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية" التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ونقل المرصد السوري عن مصادر قولها إن المسلحين "طرقوا أبواب منازل في القرية وأطلقوا الرصاص على المواطنين من أسلحة فردية مزودة بكواتم صوت، قبل أن يلوذوا بالفرار إلى جهة مجهولة".
وأفاد مدير المرصد رامي عبدالرحمن وكالة الصحافة الفرنسية، بأن من بين القتلى "طفلاً وامرأة مسنَّة"، وأشار إلى أن المسلحين "كانوا من السُّنة، والقتل وقع على أساس طائفي".
من جهتها، نقلت صحيفة "الوطن" السورية عن مصدر أمني في حماة، قوله إن "قوات الأمن العام (التابعة للإدارة الجديدة) تطوق منطقة أرزة بحثاً عن المجرمين الذين قتلوا عدداً من المواطنين في القرية"، مشيرة إلى أن من بينهم "ضباطاً ومجندين سابقين".
وسيطرت فصائل معارضة تقودها "هيئة تحرير الشام" على دمشق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024 بعد نحو أسبوعين من هجوم مباغت بدأته من معقلها في شمال غربي سوريا، وإثر ذلك، فر الأسد الذي كان يقدم نفسه كحام للأقليات في بلد ذي غالبية سنية.
وأنهى سقوط بشار حكم آل الأسد الذي امتد أكثر من خمسة عقود، بداية مع حافظ ولاحقاً مع نجله.
ومنذ إطاحة الأسد تصاعدت أعمال العنف ضد العلويين في مناطق مختلفة من البلاد، خصوصاً في الوسط والغرب.
وأفاد المرصد السوري في يناير (كانون الثاني) الجاري بمقتل ثلاثة مدنيين من العلويين على أيدي مسلحين غير سوريين في قرية عين الشرقية الساحلية في ريف محافظة اللاذقية بغرب البلاد، مما أثار غضباً و"احتقاناً كبيراً" في أوساط السكان.
وتشير إحصاءات المرصد السوري إلى أن العمليات الانتقامية بعد سقوط نظام الأسد بلغت منذ مطلع عام 2025 في مختلف المحافظات 105 عمليات، قتل خلالها 228 شخصاً بينهم خمس سيدات وطفل واحد.
وفاة أثناء الاحتجاز
في الموازاة أعلنت السلطات السورية اليوم السبت أن شخصاً تم توقيفه على خلفية انتسابه إلى مجموعات رديفة للقوات الحكومية في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، توفي أثناء الاحتجاز، مؤكدة فتح تحقيق في "تجاوزات" قام بها عناصر الأمن.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مدير "إدارة الأمن العام" في حمص أن دورية منها أوقفت في الـ29 من يناير (كانون الثاني) الماضي، "لؤي طلال طيارة الذي كان يعمل ضمن صفوف الدفاع الوطني في مدينة حمص، وذلك لعدم تسوية وضعه القانوني وحيازته أسلحة غير مصرح عنها"، مضيفاً أنه "تم نقله إلى مركز الاحتجاز تمهيداً لإحالته إلى القضاء".
وتابع أنه أثناء احتجازه "وقعت تجاوزات من قبل بعض العناصر الأمنية المكلفة بنقله، مما أدى إلى وفاته على الفور"، مؤكداً فتح "تحقيق رسمي" وتوقيف "جميع العناصر المسؤولة وإحالتهم إلى القضاء العسكري".
وشدد على أن "هذه الحادثة يتم التعامل معها بجدية مطلقة، ولن يكون هناك أي تهاون في محاسبة المسؤولين".
وأوضح "المرصد السوري" لحقوق الانسان أن طيّارة قضى جراء "ضربة بأداة حادة على رأسه بعد مضي 24 ساعة على توقيفه".
ومنذ توليها السلطة، نفّذت السلطات الأمنية سلسلة حملات أمنية هدفت لملاحقة "فلول النظام" السابق. وتخللها توقيف مئات ممن لم يسوّوا أوضاعهم مع السلطات الجديدة، في المقابل أفاد سكان ومنظمات بحصول انتهاكات تتضمن مصادرة منازل أو إعدامات ميدانية.
وحفلت أعوام حكم الأسد بممارسات مثل الاعتقالات التعسفية والعنف والتعذيب في السجون، ضمن ممارسات هدفت للقضاء على أي شكل من أشكال المعارضة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" اليوم، عن مدير إدارة الأمن العام التزام السلطات "التام بحماية حقوق المواطنين وصون كرامتهم، وأن جميع الإجراءات القانونية ستُتخذ لضمان العدالة والشفافية، وسيتم الإعلان عن نتائج التحقيق فور انتهائه"، مشدداً على أن "أي انتهاك للقانون لن يُسمح به تحت أي ظرف".
وشدد المسؤول الذي لم يُذكر اسمه، على أنه "لا يجوز لأية جهة أو فرد أن يتصرف خارج إطار القانون، ونحن نؤكد أن العدالة ستأخذ مجراها بالكامل، بغض النظر عن هوية الشخص المعني أو انتمائه السابق، وأن حماية المجتمع تتطلب الالتزام الصارم بالإجراءات القانونية".
إلى ذلك، نقلت مجموعة السلم الأهلي، وهي إحدى مجموعات المجتمع المدني، في بيان أن عائلة طيّارة أبلغت بوفاته "جراء أعمال تعذيب من عناصر منفلتة".
ودانت المجموعة "هذه الجريمة"، معتبرة أنها "ليست مجرد اعتداء على فرد بل اعتداء على قيم الإنسانية والكرامة والحق في الحياة".
وطالبت السلطات بتحمّل "المسؤولية القانونية والأخلاقية" من خلال "تفعيل دور القضاء" و"ضبط العناصر المنفتلة"، و"منع الإفلات من العقاب" و"ضمان الشفافية".
وأشار المرصد إلى أنه وثّق "مقتل 10 أشخاص في سجون إدارة العمليات العسكرية خلال الفترة من الـ28 من يناير الماضي إلى الأول من فبراير (شباط) الجاري من مختلف مناطق ريف حمص، الذين تعرضوا للاعتقال في حملات أمنية ومداهمات متفرقة".