Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

"عوزي" الرشاش الصغير الأكثر شهرة في إسرائيل والعالم

استخدم من قبل 90 دولة وبيع كثير منه إلى الشرطة والجيش

في أعقاب يونيو 1967، تجاوزت إسرائيل مرحلة التصنيع العسكري بغرض الاستخدام الذاتي نحو تصدير أسلحتها إلى مناطق نزاع عدة حول العالم (أ ف ب)

ملخص

نجاح سلاح "عوزي" على نطاق واسع في القتال الفعلي من قبل قوات الجيش الإسرائيلي أثناء المعارك خلق اعترافاً عالمياً بـه وأصبح أكثر مدفع رشاش مبيعاً في العالم الغربي، إذ استخدم من قبل 20 جيشاً حول العالم لأنه صغير الحجم وذو كفاءة تقنية عالية بمعدل إطلاق 1200 رصاصة في الدقيقة وبسعة 22 طلقة بمدى يصل إلى 200 متر.

ليس غريباً او مستهجناً في الضفة الغربية أن يتجول مستوطنون إسرائيليون من مختلف الأعمار، في الشوارع وبالقرب من المستوطنات وبعض القرى الفلسطينية حاملين أسلحة، فحمى تسليح المستوطنين التي شرعت بها إسرائيل قبل سنوات طويلة، وتزايد على يد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي قدم تسهيلات كبيرة للمستوطنين للحصول على أسلحة، تجاوزت السلاح الخفيف والمسدسات ورشاش "عوزي" الشهير الذي كان منتشراً بكثافة بين أيديهم خلال فترة التسعينيات إلى أسلحة رشاشة، بل وأطلق مستوطنون قبل عامين طائرة مسيرة باتجاه تجمع للبدو في شرق بيت لحم، وقبلها أحرقوا منازل مواطنين في الضفة الغربية بقنابل حارقة كانت بحوزتهم، في حين تزايد الإقبال على مراكز التدريب على استخدام السلاح، وحصل آلاف الإسرائيليين على سلاح لأول مرة.
ولم يكُن مصمم السلاح الألماني الإسرائيلي أوزييل (عوزي) غال الذي نشأ مع والدته في مزرعة مليئة بالتحف وبعض الأسلحة القديمة في فايمار بألمانيا، على دراية أن اسمه سيغزو معظم دول العالم. فمهارته في صيانة الأسلحة التي أظهرها فور انضمامه إلى قوات البالماخ (قوات المشاة السرية التابعة للهاجاناه) عام 1943 مكنته من تصميم مدفع رشاش صغير الحجم، اقتبس بعضاً من أسس صناعته وتشغيله من سلاح تشيكي يحمل اسم "M23/25"، إلا أن مميزات الرشاش الإسرائيلي الذي طوره غال بكتلة الكتف القابلة للطي ووزن خفيف لم يتجاوز 3.5 كيلوغرام في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، كانت كفيلة بجذب انتباه قادة الجيش الإسرائيلي حينها وإرساله إلى العمل في الصناعات العسكرية الإسرائيلية لمواصلة تطويره. وبعد أكثر من عامين من التطوير والتعديلات، تبنى الجيش السلاح الجديد كمدفع رشاش رسمي وأطلق عليه اسم "أوزي (عوزي)" لأنه خفيف الوزن وكلفة صناعته وصيانته رخيصة ومركب من قطع صغيرة قليلة العدد بالإمكان تفكيكها وإعادة تجميعها بسهولة. وما إن صادقت اللجنة المختصة باختيار السلاح في الجيش الإسرائيلي على سلاح "عوزي" وتمت تجربة 100 قطعة منه حتى منتصف عام 1953، بدأ إنتاج أول 5000 قطعة منه لتزويد جنود سلاحي المظليين والمشاة والقوات الخاصة في الجيش، وأطلق للمرة الاولى عام 1954 واستخدم لاحقاً في حملة سيناء عام 1956.

نجاح سلاح "عوزي" على نطاق واسع في القتال الفعلي من قبل قوات الجيش الإسرائيلي أثناء المعارك خلق اعترافاً عالمياً بـه وأصبح أكثر مدفع رشاش مبيعاً في العالم الغربي، إذ استخدم من قبل 20 جيشاً حول العالم لأنه صغير الحجم وذو كفاءة تقنية عالية بمعدل إطلاق 1200 رصاصة في الدقيقة وبسعة 22 طلقة بمدى يصل إلى 200 متر. ووفقاً لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، اختارت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) سلاح "عوزي" لتزويد حرس الرئاسة الأميركية به، كما سلّم هذا السلاح إلى فرق من الشرطة والأمن الداخلي في عدد من دول العالم.

9 مليميترات

على رغم صغر سنه، سُجل أوزييل غال الذي أصبح يعرف في ما بعد باسم "عوزي"، كأول من يحصل على جائزة أمن إسرائيل التي قدمها له رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون عام 1958، فالرشاش الصغير الأوتوماتيكي ونصف أوتوماتيكي الذي صممه بعيار تسعة مليميترات، كان من أول الأسلحة التي استخدمت تصميم الترباس المصغر الذي يجعل مخزن السلاح يدخل داخل قبضة المسدس للأسلحة القصيرة، وهو ابتكار مكن الجنود من إعادة التحميل وفقاً لمبدأ بسيط وهو "القبضة تجد القبضة". وعلى رغم أن رشاش "عوزي" كان يطلق 10 رصاصات في الثانية في الوضع التلقائي، فإن قفل الأمان الشهير به جعل إطلاق النار منه أثناء وضعية الأمان شبه مستحيل، وإلى جانب خفة وزنه وصغر حجمه اللذين لم يفرضا عبئاً كبيراً على الجنود أثناء العمل، وحتى للجنود الأكثر إرهاقاً الذين يعملون في الظلام، أسهمت قدرته غير العادية على تحمل الحصى والغبار، لاختياره على صعيد واسع في سياق الصراعات في الشرق الأوسط، وكذلك سُرّب إلى السوق السوداء، حيث استعملته منظمات وعصابات إرهابية وحركات تمرد في أنحاء مختلفة من العالم، وكذلك عصابات الإجرام لخفة وزنه وسهولة حمله وتشغيله وسهولة إخفائه تحت الملابس.

تطوير وتحديث

بعد عام 1956 حُدّثت النسخة الأصلية من "عوزي" إلى أشكال أكثر تطوراً ليشمل تحسينات في مخزن العيارات النارية، وفي وزنه الذي نزل من ثلاثة ونصف كيلوغرام إلى أقل من كيلوغرامين، وصُنّع مسدس "عوزي" الذي يصل مداه إلى ما بين 20 و30 متراً، إلى جانب نماذج أخرى تعمل بالكهرباء والغاز، وبنادق "عوزي" نصف آلية صغيرة وصغيرة الحجم بأخمص حديدي وآخر خشبي، لا يزيد حجمها عن المسدس، والتي كانت مفضلة لدى حراس الأمن ووكلاء الشرطة الخاصة، لا سيما أن سرعة الطلقات تصل الى 350 متراً في الثانية. وبفضل تصنيعها بكميات كبيرة بواسطة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، حقق "عوزي" والنسخ المطورة بناءً على التصميم الأصلي، عائدات تجاوزت ملياري دولار لمصلحة خزانة الدولة الإسرائيلية، وفقاً لـ "ذا غارديان".

وعلى رغم أن بندقية الجليل الهجومية IMI Galil التي صممت في أواخر 1960، على غرار بندقية AK-47 الروسية، حلت محل بندقية "عوزي" كسلاحٍ أساس في قوات الجيش الإسرائيلي، ظل "عوزي" السلاح الأكثر شهرة على الإطلاق الذي ارتبط اسمه بإسرائيل، وبيع عدد كبير منه إلى الشرطة والجيش أكثر من أي مسدس رشاش آخر. وفي نهاية عام 2018 أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن بيع شركة "أي أم آي سيستمز" الحكومية التي تصنع رشاش "عوزي"، إلى شركة "إيلبيت سيستمز" الخاصة لصناعة المعدات العسكرية مقابل أكثر من نصف مليار دولار.

ووفقاً للمركز الفلسطيني للإعلام التابع لحركة "حماس"، فقد تمكن الجناح العسكري للحركة مع بدء نشأته عام 1990 من استنساخ سلاح "عوزي" الإسرائيلي بنسبة 70 في المئة وأنتجت نحو 350 قطعة منه عام 1993، إلا أن ملاحقة جهاز الاستخبارات العامة التابع للسلطة الفلسطينية واعتقال المصنعين والكشف عن أماكن التصنيع ومصادرة كل ما تحويه من معدات وقطع سلاح، أوقف العمل في "عوزي- حماس" بصورة كاملة عام 1996.

مصدر للسلاح

في أعقاب يونيو (حزيران) عام 1967، تجاوزت إسرائيل مرحلة التصنيع العسكري بغرض الاستخدام الذاتي نحو تصدير أسلحتها إلى مناطق نزاع عدة حول العالم، وسرعان ما وقع الاقتصاد الإسرائيلي برمته في قبضة الصادرات العسكرية، عندما شكلت عام 1986 أكثر من ربع إجمالي صادراتها الصناعية. وعلى رغم أن الصادرات العسكرية الإسرائيلية شكلت عام 2022 نحو ثمانية في المئة من إجمالي الصادرات، فإن إسرائيل اليوم تُعدُّ أكبر مُصدِّر سلاح في العالم من ناحية نصيب الفرد، كما تحتل المرتبة الـ10 عالمياً بين أكبر الدول المصدرة للسلاح. وذكر تقرير حكومي إسرائيلي في يونيو الماضي أن صادرات الصناعات الدفاعية الإسرائيلية ارتفعت إلى مستوى غير مسبوق عام 2023 وصل إلى 13.1 مليار دولار، في حين قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن 36 في المئة من الصادرات الدفاعية كانت لأنظمة الصواريخ والدفاع الجوي تلتها أنظمة الرادار والمضادات الجوية بنسبة 11 في المئة ومثلها للذخيرة ومعدات الإطلاق، إضافة إلى الطائرات المأهولة وإلكترونيات الطيران وأنظمة المراقبة والإلكترونيات والمركبات والآليات العسكرية والمعلومات والاستخبارات السيبرانية وطائرات من دون طيار، إلى جانب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأنظمة الاتصالات والأقمار الاصطناعية والفضائية والمنصات والأنظمة البحرية. وبحسب تقرير منظمة "فنك" الهولندية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك بحسب "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" (SIPRI)، لا يتقدم على إسرائيل في حجم صادرات الأسلحة سوى دول عظمى في هذا المجال مثل الولايات المتحدة وروسيا، بينما تتنافس بشدة مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

اقرأ المزيد

دور متزايد

ويرى مراقبون أن امتلاك إسرائيل عدداً من المزايا النسبية تؤهلها للقيام بدور متزايد باستمرار في تجارة السلاح الدولية، فمن جهة تقيم الدوائر الرسمية السياسية والأمنية الإسرائيلية، ومعها شركات تصنيع السلاح وتجارته، علاقات عضوية وتكاملية وثيقة مع نظيرتها وشريكتها الأميركية، كما أن موقعها الجيوسياسي وطبيعة علاقاتها بالولايات المتحدة يوفّران فوائد جمة تتيح لإسرائيل استضافة الأساطيل وقطع الجيوش وتزويدها بخدمات فنية ولوجستية دائمة. ووفقاً لخبراء، فإن تطور القوانين في كل دولة من دول أوروبا المنتجة للسلاح، تحديداً في بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، وفرضها قيوداً صارمة ومشددة على صادرات الأسلحة لدول وجماعات متقاتلة لا تحترم مواثيق جنيف ويحتمل ارتكابها جرائم ضد الإنسانية، أسهما في صعود الصادرات العسكرية في إسرائيل. وذكرت وثيقة رفعت عنها السرية أخيراً أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية في فبراير (شباط) 1988 أن إسرائيل على عكس الدول الأخرى، ليست لديها متطلبات في ما يتعلق بحقوق الإنسان.

ووفقاً لأبحاث المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، فإن إسرائيل تعمد دائماً إلى ترويج بضائعها، متسلحة بخبراتها الميدانية والعملية على امتداد حروبها التي لا تتوقف، من القذائف بوزن طن، أو نصف طن التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية على بنايات آهلة بالسكان في غزة، مروراً بالطائرات من دون طيار التي تنفذ عمليات اغتيال دقيقة، وصولاً إلى القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ، وأنظمة الرؤية الليلية وبعض الملحقات التكميلية للدروع مثل "معطف الريح" لاعتراض وتضليل القذائف الموجهة للدروع الذي جرى تطويره بالاستفادة من دروس الحروب المتكررة على غزة.

المزيد من تقارير