ملخص
إصدارات فبراير 2025 في بريطانيا تبرز أعمالاً مميزة، من بينها رواية "نحن لا نفترق" لهان كانغ، التي تستكشف ماضي كوريا الجنوبية، وكتاب "مدرسة تدريب للفيلة" لصوفي روبرتس، الذي يتناول استغلال الفيلة في عصر الاستعمار، وسيرة "ديكنز الساحر" لبيتر كونراد، التي تحلل عبقرية تشارلز ديكنز الأدبية.
هذا الشهر، ترجع إلى الواجهة جوهرة أدبية منسية تعود لعام 1983، وهي رواية "بحثي عن وارن هاردينغ" My Search for Warren Harding للكاتب روبرت بلانكيت، التي تعيد دار بنغوين نشرها بترحيب واسع. إضافة إلى ذلك، أنصح بقراءة "أمهات وأبناء" Mothers and Sons للكاتب آدم هاسليت، الصادرة عن دار هيمش هاملتون، وكذلك الرواية التاريخية النابضة بالحياة "راقصة باريس" The Paris Dancer للكاتبة نيكولا راينر، والتي تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية، والصادرة عن دار إيريا للنشر.
أما عشاق التاريخ المظلم، فعليهم ألا يفوتوا كتاب "أيتها المرأة المتوحشة: قاتلات في بريطانيا خلال بداية العصر الحديث" Thou Savage Woman: Female Killers in Early Modern Britain للكاتبة بليسن آدامز، الصادر عن دار ويليام كولينز، والذي يغوص في عالم الجرائم البشعة التي أرعبت وأبهرت المجتمع البريطاني، متجاوزاً حدود الفضول إلى طرح تساؤلات عميقة عن مفاهيم الجندرية ودورها في رسم صورة القاتل.
أما الاختيارات الأبرز في مجالات الرواية، والكتب غير الخيالية، والسير الذاتية الصادرة هذا الشهر، فستجدون مراجعاتها الكاملة أدناه.
رواية الشهر: "نحن لا نفترق" We Do Not Part لـ هان كانغ
★★★★★
تقدم الكاتبة الكورية الجنوبية الحائزة جائزة نوبل هان كانغ نقداً قاسياً لماضي بلادها في روايتها الجديدة "نحن لا نفترق" (ترجمتها إلى الإنجليزية إياويون وباييج آنيا موريس).
البطلة كيونهغا، التي تعاني من الاكتئاب والصداع النصفي وآلام البطن، تستجيب لنداء استغاثة من صديقتها المقربة إنسون، التي ترقد في مستشفى في سيول بعد إصابتها البليغة جراء حادث مروع بواسطة منشار. وعلى رغم العاصفة القوية التي تلوح في الأفق، تطلب إنسون من كيونهغا أن تسافر إلى جزيرة جيجو لإنقاذ طائر الببغاء الخاص بها الذي تحبه آمي.
وتعدّ جزيرة جيجو مكاناً يملأه الموت. ففي عام 1948، قتل عشرات الآلاف من المدنيين، بمن فيهم أقارب إنسون، على يد القوات الكورية الجنوبية. وفي رحلتها الشاقة لاستعادة آمي، تكافح كيونهغا العواصف الثلجية، وتُستنزف في صراع داخلي مع القلق. تمكنت هان من تجسيد المكان القاحل بمهارة، لتروي قصة من الألم والصمود والبحث عن التطهير في عالم لا يبالي.
مع التكشف البطيء للأحداث الوحشية للماضي - القرى المحترقة، الأطفال الذين قتلوا بلا رحمة، استخدام قاذفات اللهب ضد المواطنين العزل - تصبح همجية حكام كوريا في الماضي (الذين أخفوا هذه الفظائع بتواطؤ من الحكومة الأميركية) أمراً شبه ثانوي أمام رغبة هان في إنقاذ قصص الضحايا من النسيان. تخلق الرواية شعوراً حالماً وسط قصصها القوية عن المعاناة والوحشية، يقودنا إلى الجزء الأخير الذي يعد مذهلاً ببساطة (يحمل عنوان "الجزء الثالث: اللهب"). تنجح هان في تقديم تأمل رائع حول شعور الشخص حين يتعرض "لقذف لا ينتهي من الذكريات المغمورة بالدماء".
في ذلك الجزء الختامي، توقفتُ لحظة أمام صفحة بعينها كانت رائعة، تتدفق من خلالها صور لا تُنسى. تتضمن هذه الصور وصفاً للانهيار العقلي كما لو أن مئات الفتائل في الرأس تنفجر واحدة تلو الأخرى، بينما تذكّر امرأة نائمة طوال اليوم في دار رعاية، كيونهغا بـ"بحر حيث المد العالي يستمر إلى الأبد". تنهي هان روايتها الرائعة بنغمة ساحرة وجميلة.
صدرت رواية "نحن لا نفترق" للكاتبة هان كانغ (ترجمة إياويون وباييج آنيا موريس) عن دار هيمش هاميلتون للنشر في 6 فبراير (شباط) وتباع النسخة الواحدة بسعر 18.99 جنيهاً استرلينياً.
كتاب الشهر (غير الروائي): "مدرسة تدريب للفيلة" A Training School for Elephants لـ صوفي روبرتس
★★★★☆
"من المهم أن نواجه قسوة الإنسان في عينها مباشرة"، كتبت صوفي روبرتس، مؤلفة الكتاب الرائع "آلات البيانو الضائعة في سيبيريا" The Lost Pianos of Siberia، في كتابها الجديد "مدرسة تدريب للفيلة"، الذي يعرض عديداً من القصص المحزنة عن إساءة معاملة الحيوانات في عصر الإمبراطوريات. يصعب على المرء ألا ينكمش من الألم عند معرفة أنه كان يتم بتر أقدام الفيلة فقط لتحويلها إلى أوعية تبريد للشامبانيا.
ويستند كتاب روبرتس إلى حملة استكشافية من عام 1879، خطط لها الملك ليوبولد الثاني ملك بلجيكا، لنقل الفيلة من الهند إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، حيث سيقت بعدها نحو الكونغو. كان ليوبولد يخطط للقبض على هذه الكائنات وإنشاء مدرسة تدريب لاستغلال الفيلة في نظام النقل الاستعماري. ولهذا الغرض، استأجر رجلاً غريب الأطوار، متقلب المزاج، يدعى فريدريك كارتر (معروف بلقب "لورد الفيلة") للإشراف على المشروع. كارتر هو واحد من بين عديد من الرجال الغريبين الذين يظهرون في كتاب روبرتس.
بشكل عام، القصة هي شهادة معقدة ومريرة عن جشع ولامبالاة عصر بأسره. كان ليوبولد رجلاً عديم الضمير تماماً - فقد تفاخر بأنه لا يريد تفويت حصته من "هذه الكعكة الأفريقية الرائعة" – بينما تروي الصور القاتمة والإحصائيات قصصها البائسة عن نهب استعماري هائل. يتكشف أمامنا مدى تجارة العاج في أفريقيا (لتوفير مادة التصنيع اللازمة لكثير من الأشياء، من كرات البلياردو إلى الألعاب الجنسية الفيكتورية) مصحوبة بنظرة فاحصة إلى بريطانيا وحدائق الحيوان فيها، و"جنون الفيلة" وإساءة معاملة الحيوانات المستوردة.
وتكتب روبرتس بأسلوب أنيق ومتفاعل (هناك وصف رائع لقطيع متحرك من الزرافات)، ويكمن جزء من قوة الكتاب في رؤيتها الثاقبة لمصير عديد من الفيلة الرائعة الذي كان قاسياً وغريباً.
سيصدر كتاب "مدرسة تدريب للفيلة" للكاتبة صوفي روبرتس عن دار دابلداي للنشر في 20 فبراير وتباع النسخة الواحدة بسعر 22 جنيهاً استرلينياً.
السيرة الذاتية لشهر فبراير: "ديكنز الساحر: داخل الخيال الاستثنائي لأعظم راوي قصص"Dickens the Enchanter: Inside the Extraordinary Imagination of the Greatest Storyteller لـ بيتر كونراد
★★★★☆
إحدى اللحظات التي أشعلت خيال تشارلز ديكنز الواسع في طفولته كانت حكايات مربيته التي صاغتها عمداً بأسلوب كوميدي عن آكل لحوم بشر متسلسل يُدعى الكابتن ميردرر (الكابتن القاتل). في كتاب كونراد الجديد والمثير عن ديكنز، يُنقل عن مؤلف "توقعات عظيمة" و"ديفيد كوبرفيلد" وغيرهما من الأعمال الكلاسيكية المهمة، وصفه للكابتن بأنه "أول شخصية شيطانية اقتحمت شبابي المسالم".
وتأتي هذه الحكاية ضمن فصل بعنوان "شياطين ديكنز"، وهو واحد من 14 فصلاً تساعد في رسم سيرة ذاتية آسرة للعقل الذي أبدع تلك الروايات الخالدة، عبر استكشاف أعماله التي تنوعت بين الرواية والصحافة والمذكرات والمراسلات والقراءات العامة.
بالطبع، من الصعب التفوق على السيرة الذاتية التي كتبتها كلير تومالين عام 2011 كعرض تقليدي لحياة ديكنز، لكن كونراد، الذي كتب سابقاً ببراعة عن شكسبير، وأورسون ويلز، وألفريد هيتشكوك وغيرهم، يوضح أن إعادة قراءة ديكنز خلال الإغلاق الذي فرضته جائحة كورونا أصبحت بالنسبة له هوساً "أعاد الحياة إلى لندن المغلقة وجعله يسترد أنفاسه". ونحن مدينون له بالامتنان: فكتاب "ديكنز الساحر" هو عمل ممتع، يقدم فهماً جديداً لعبقريته للقراء الجدد، ويعد تذكيراً قيماً لعشاق ديكنز المخلصين بأسباب المكانة الأدبية العظيمة التي يتمتع بها.
سيصدر كتاب "ديكنز الساحر: داخل الخيال الاستثنائي لأعظم راوي قصص" للكاتب بيتر كونراد عن دار بلومزبري للنشر في 27 فبراير وتباع النسخة الواحدة بسعر 22 جنيهاً استرلينياً.
© The Independent