Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ولادة أول جسم سياسي سوري معارض بعد شهرين من سقوط النظام

أول اجتماع موسع لتشكيل معارضة سلمية... اللجنة التحضيرية لـ"اندبندنت عربية": مشروعنا سلمي

الفنانة السورية تمارا بسام أبو علوان ترسم جدارية في دمشق احتفالاً بسقوط نظام الأسد (رويترز)

ملخص

من المقرر أن يعقد اجتماع في مدينة جنيف السويسرية، ومدن سورية أبرزها حلب والسويداء، قد ينتج منه أول جسم سياسي سوري معارض يتبنى ضمن طروحاته المدنية والديمقراطية، في مواجهة الحكم الجديد الذي أسقط نظام الأسد منذ شهرين.

بدأت شخصيات وقوى من المعارضة السورية تتحضر لعقد أول اجتماع موسع لها أواسط فبراير (شباط) الجاري، في محاولة لرسم خريطة طريق انتقالية تواجه ما يسمونه الاستئثار بالسلطة من قبل الحكم الحالي في البلاد.
ومن المقرر أن يعقد الاجتماع في مدينة جنيف السويسرية، ومدن سورية أبرزها حلب والسويداء، ما قد ينتج منه أول جسم سياسي معارض يتبنى ضمن طروحاته المدنية والديمقراطية، في مواجهة الحكم الجديد الذي أسقط نظام الأسد منذ شهرين، خلال الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، وما نتج من ذلك من حكومة تصريف أعمال تخطت صلاحياتها الدستورية وصولاً إلى تعيين الفصائل العسكرية أحمد الشرع رئيساً موقتاً للجمهورية العربية السورية.

"الدين لله والوطن للجميع"

وتواصلت "اندبندنت عربية" مع الأستاذ الجامعي محمد الأحمد، عضو اللجنة التحضيرية للاجتماع الموسع، الذي تكفل بشرح تفاصيله وآليته وجدواه وظروفه وأهدافه، موضحاً أنه "اجتماع سوري موسع ككل اجتماع وطني يمكن أن ينشأ عن مجموعة من الشخصيات التي تريد العمل من أجل بناء وطن مدني ديمقراطي، يؤسس على سيادة الدولة والمواطنة المتساوية وعلى أساس الدفاع عن الكرامة الإنسانية، وعلى أساس مبدأ مهم جداً يجب أن نستعيده جميعاً، ورُفع في المؤتمر السوري الأول عام 1919 وهو أن الدين لله والوطن للجميع". وأضاف أن "هذا الشعار مبدأ أساس يمكنه أن يشكل الوصفة التي تنقذ السوريين من أية مشكلات بينية داخلية في ما بينهم، وتنزيه الدين بوصفه أقدس من السياسة وأعلى مرتبة منها، بالتالي لا يجب إدخاله في زواريب السياسة. إذاً، نحن مجموعة من السيدات والسادة الذين يؤمنون بوطن واحد كريم لجميع أبنائه قائم على تساوي الحقوق والواجبات".

ألف معارض حتى الآن

وحول من سيضم هذا الاجتماع، أجاب الأحمد بأنهم حتى الآن وزعوا دعوات لمن يرغب بالمشاركة عبر تطبيق معين، ووصلهم نحو ألف طلب من راغبين بحضور الاجتماع، مؤكداً الحرص على عدم إقفال الباب حتى في وجه أولئك الذين يختلفون معهم في الرأي، إذ إنهم على حد تعبيره ليسوا "أحاديي النظرة أو التفكير، بل يريدون سوريا مدنية تعددية فيها تداول سياسي وآراء وطنية مختلفة، فالهدف الرئيس هو خدمة سوريا".

لا تقاد الدول بعين واحدة

وحول ما إذا كان هذا الجسم سيحظى بالقبول بوصفه أول حراك معارض للحكم الجديد، يجيب عضو اللجنة الأحمد بأن "هذا السؤال يجب أن يُسأل للسلطة الجديدة لأنهم ليسوا عدائيين، ولا يستعدون أحداً، والمسألة ليست حربية أو رفعاً للحراب في وجه بعض. ونحن أبناء الثورة السورية جميعاً الذين خرجنا من أجل كلمة حرية، وما زلنا مصرين على أن بناء الدولة يتطلب الانتباه لئلا لا يكون ذلك بعين واحدة، بل بعينين إثنتين، أي هناك حكم، وهناك معارضة سلمية لديها برامج وشخصيات، وهي مستعدة على الدوام لكي تقول ما هو الخطأ وما هو الصواب، وأن تنخرط في العملية الوطنية الانتخابية، فإذا خسرت تضرب تعظيم سلام لمن ربح الانتخابات، وإذا ربحت فهذا يعني أنها كسبت ثقة الناس والشعب وعلى كاهلها ستكون قيادة مرحلة الجديدة".


التمويل

أما بالنسبة للتمويل، فسيعتمد الاجتماع على مجموعة من رجال الأعمال السوريين "الشرفاء" الذين قرروا ذلك، ونوه الأحمد بأن "الاجتماع الموسع الأكبر داخل سوريا سيكون عبر المنصات الإلكترونية في السويداء وحلب ومناطق أخرى، أما اجتماع جنيف فسيكون أصغر وسيضم قرابة 100 شخصية فقط".

المنسق العام هيثم المناع

وعن هيثم المناع فيصفه الأحمد بـ"الرجل ذي التاريخ المعروف"، وهو من رجال الاجتماع الأوائل ومنسقه العام، معتبراً أنه "من أنبل الرجال الذين أنجبتهم سوريا، رجل حقوق إنسان من الدرجة الممتازة وتعترف به كل أمم الأرض كمناضل حقوقي من أجل حقوق البشر والدفاع عن الطفولة، والدفاع عن قضايا المرأة والمعذبين في كل الأرض، فكيف لا يكون له الحق في الدفاع عن قضايا شعبه وأمته؟ والدكتور هيثم دائماً يسرق الأضواء لأن شهرته بالغة، لكنه واحد من فريق عمل كبير ومتكامل من أجل إنجاح هذا المؤتمر، ونحن من أردنا منه أن يكون منسقاً عاماً لهذا الاجتماع بسبب مكانته".

من يحق له الحضور

وبالنسبة لمن يستطيع حضور الاجتماع فليس على الراغب إلا ملء البيانات المعتمدة، والبيانات تتضمن أسئلة عن التجربة السياسية، العلم والمعرفة والتاريخ والإدراك، و"نحن بالتأكيد" بحسب الأحمد "لا نريد ولا نقبل أن يشاركنا الاجتماع أولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء خلال الثورة، وهذا أمر محسوم بالنسبة للقائمين على الاجتماع، فالهدف هو إعادة بناء وإعمار سوريا، الذي يبدأ أولاً من الإنسان، ولذلك يسعى القائمون إلى إشراك أكبر قدر ممكن من القادرين على البناء، بناء الإنسان".

اقرأ المزيد

إعادة إنتاج النظام

ووفق الأحمد فإنه "لا يوجد وطن معافى دونما معارضة، فبنينا رؤيتنا على أن نكون جسماً معارضاً انطلاقاً من رغبتنا في أن نكون أصحاب دولة تعددية يقوم فيها مبدأ المعارضة كحق، وأن يقال للحاكم أنا أعارضك بناءً على المعطيات التالية، وبناءً على القوانين التي يجب أن توجد في بلادنا، وأن نناضل من أجل قيام دستور تعددي لا أحادي يبني مرة أخرى بلداً شمولياً، فالمسألة هنا مبدئية، فهناك كثير من القضايا التي نراها في الإدارة السورية الجديدة التي نعترض عليها". وأضاف "هناك فارق كبير بين خطاب رأس الدولة وما يجري على الأرض في كثير من الأمكنة، ومثلاً هناك قضية المناهج الدراسية ووزير التربية وتعديلها بهذه الطريقة، وهناك مسائل حساسة للغاية في قضية تعديل المناهج الدراسية، ومثلاً قضية إنشاء جيش من لون واحد، فيعاد بالتالي تكرار قضية الجيش العقائدي، ولكن هذه المرة تغير العقيدة لا أكثر ولا أقل، وتعلمنا أن إنشاء جيش بهذه الطريقة سينشئ وطناً شمولياً، لأن هذه المسألة حتمية الحدوث حين يتعلم الجيش عقيدة واحدة فهذا يعني أنهم قد لا يشتركون معنا أو مع النظام السياسي بهذه العقيدة، فهذا يعني أنهم آخرون أي من ضفة أخرى غير مقبولة، لذلك نحن جداً خائفون من إعادة إنتاج النظام الشمولي مرة جديدة".

الهيكل التنظيمي

وحول تنظيم مؤتمر المعارضة فسيكون هناك لجنة سياسية ولجنة حقوقية ولجنة اقتصادية، وسيُقدم مشروع لنهضة تربوية في سوريا، ولجنة حقوق إنسان، وكل واحدة من هذه اللجان ستقدم مشروعاً، ولكن في نهاية المطاف ما يعد به المؤتمر هو محاولة إنشاء تجمع أو هيئة أو جبهة وطنية ديمقراطية في سوريا من أجل أن تلعب دور المعارضة السلمية، ليكون لها بعد كل النضالات والدماء قدرة على تشكيل بارقة أمل للشعب السوري، فيما إذا خاب ظنهم بالحكام، وهذه الفكرة من المعارضة في العالم كله، بحسب وثائق تحضيرية اطلعت عليها "اندبندنت عربية".

أين دمشق؟

بدوره، يرى الصحافي نضال معلوف رئيس تحرير "سيريا نيوز" أن "هذه المتطلبات ليست في مواجهة الشرع، ولكن هو تفويض له لفرض الخطة المقررة من جميع الأطراف اليوم على الأرض السورية". ويضيف أنه "من حيث المبدأ، وجود معارضة في المشهد السياسي السوري أمر إيجابي ولا يمكن أن يكون هناك حكم ديمقراطي من دون وجود أحزاب وتداول للسلطة. والأهداف المعلنة للاجتماع المزمع عقده خلال الـ15 من فبراير الحالي تلتقي على العموم مع الإطار النظري الذي رسمه الرئيس أحمد الشرع في خطابه للجمهور السوري". ويضيف "ولكن ما يثير القلق هو مكان الاجتماعات وعقد جانب من المؤتمر في السويداء، حيث كنت أتمنى أن يُتوصل إلى اتفاق لعقد مثل هذه الاجتماعات في دمشق، حتى لا يأخذ الاجتماع أبعاداً تتخطى مفهوم المعارضة وتضعها في مكان مشروع مضاد للسلطة الحالية".
ويختم قائلاً إنه "يمكن للرئيس الشرع أن يعمل ليكون جسر وصل كل المشاريع السياسية وإبقائها في إطار الدولة السورية، إذا سارع في تنفيذ الإطار النظري الذي أعلن عنه أكثر من مرة خلال الأيام الأخيرة وحوله إلى أمر واقع، ليقطع الطريق على أية مشاريع يمكن أن تزيد حال عدم الاستقرار في البلاد".

المزيد من تقارير