Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاصيل خطة طرحها زيلينسكي على ترمب وتراجع عنها

رفضها ليس فقط بسبب استبعاد أوكرانيا من محادثات وقف الحرب بل لأنها لم تتضمن عرضاً أميركياً بأية ضمانات أمنية

تمتلك أوكرانيا أكبر رواسب خام اليورانيوم في أوروبا (أ ف ب)

ملخص

يقول زيلينسكي إنه لن يوقع على شيء سيتعين على 10 أجيال من الأوكرانيين سداده، لأن الأمر قد يستغرق 250 عاماً لدفع 500 مليار دولار.

على مدى 10 أيام دارت عجلة المفاوضات بسرعة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا حول صفقة المعادن النادرة، وتحولت من رفض الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي المبدئي إلى تبادل التلاسن اللفظي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ثم الاقتراب من الاتفاق، ومع ذلك ظلت المفاوضات عالقة بينما يضغط الرئيس الأميركي لإتمام الصفقة ويناور الرئيس الأوكراني للحصول على أفضل الشروط، بما في ذلك الضمانات الأمنية الأميركية لكييف التي يبدو أنها عقبة رئيسة حتى الآن، فما تفاصيل هذه الصفقة وما أهميتها للولايات المتحدة؟ ولماذا يعرقلها زيلينسكي على رغم أنه كان أول من طرحها على ترمب؟ وهل يمكن أن تكون رابحة للطرفين؟      

خطة النصر

في سبتمبر (أيلول) الماضي وقبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، سارع زيلينسكي إلى زيارة ترمب آخذاً في الحسبان فوزه المحتمل، وعرض عليه صفقة استثمارية وصفها بأنها جزء من "خطة النصر" التي تتضمن تبادل موارد حيوية من معادن الأرض النادرة في بلاده ومزايا أخرى حتى يحافظ على الدعم الأميركي لكييف، ووجود ضمان أمني من الولايات المتحدة في حال التوصل لأي اتفاق مع موسكو.

غير أن الرئيس الأوكراني المحبط من استبعاد ترمب له من المحادثات التي بدأت أخيراً مع روسيا، وتشمل جهود إنهاء الحرب بين موسكو وكييف، بدأ يُظهر رفضه للصفقة التي طرحها بنفسه، ليس فقط بسبب استبعاد أوكرانيا من محادثات وقف الحرب بل أيضاً لأن الشروط التي وضعتها إدارة ترمب لصفقة المعادن كانت مجحفة، كما أنها لم تتضمن عرضاً أميركياً بأية ضمانات أمنية من شأنها أن تمنع هجوماً روسياً لأوكرانيا في المستقبل.

ولكن بينما يرى الرئيس الأوكراني أنها شراكة اقتصادية، ينظر ترمب إلى الصفقة كوسيلة لاستعادة مئات مليارات الدولارات التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا كمساعدات عسكرية واقتصادية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، ومع ذلك اعترف زيلينسكي أنه قد لا يكون لديه في النهاية خيار سوى التوقيع على الاتفاق إذا أُجبر عليه ولم يتمكن من الاستغناء عنه.

أسباب الاعتراض

أدت خيبة الأمل في شأن المفاوضات المطولة إلى تأجيج نزاع متصاعد بين زيلينسكي وترمب، إذ شكك الرئيس الأميركي في الشرعية السياسية للرئيس الأوكراني ووصفه بأنه "ديكتاتور بلا انتخابات"، مدعياً أن كييف بدأت الحرب مع روسيا، ورد عليه زيلينسكي بأن ترمب يعيش في فقاعة من التضليل الروسي، وهو ما يكشف عن تباعد كبير بين الطرفين لا يزال يبحث عن سبيل لجسر الهوة.

 

 

وفيما تتواصل الضغوط من كل اتجاه يحاول الرئيس زيلينسكي اللجوء إلى أوروبا، ودعا إلى قمة أوروبية عاجلة في كييف، إما شخصياً أو افتراضياً عبر الإنترنت، كنوع من التحالف لدعم المجهود الحربي الأوكراني ولتوفير ضمانات الأمن مع أي وقف محتمل لإطلاق النار.

لكن الحقيقة التي لا يخفيها زيلينسكي تتعلق بما يصفه بعدم الواقعية في شروط الصفقة التي يريدها ترمب، فقد أعلن أنه لا يزال غير مستعد للتوقيع على اتفاق يتطلب من أوكرانيا دفع 500 مليار دولار للولايات المتحدة باستخدام عائدات مواردها الطبيعية، ولن يوقع على شيء سيتعين على 10 أجيال من الأوكرانيين سداده لأن الأمر قد يستغرق 250 عاماً لدفع 500 مليار دولار.

لا ضمانات أمنية

ووفقاً لمسودة اقتراح جديد طرحه المسؤولون الأميركيون الجمعة الماضي، فلا يُلزم الاتفاق الولايات المتحدة بضمانات أمنية لأوكرانيا أو يعد بمزيد من الدعم العسكري لكييف، وحتى كلمة "الأمن" جرى حذفها من صياغة سابقة من الاتفاق في الـ 14 من فبراير (شباط) الجاري، والتي ذكرت أن كلا البلدين يهدفان إلى تحقيق "السلام والأمن الدائمين في أوكرانيا".

وبدلاً من ذلك ينص الاتفاق الجديد على الإسهام في إعادة إعمار أوكرانيا من خلال إعادة استثمار جزء من عائدات المعادن النادرة والنفط والغاز، والتي سيجرى توجيهها إلى صندوق تحصل فيه الولايات المتحدة على فائدة مالية بنسبة 100 في المئة، كما ينص على أن الولايات المتحدة تعتزم تقديم دعم مالي طويل الأجل للتنمية الاقتصادية في أوكرانيا من دون تحديد رقم محدد، وهو التزام أميركي يتماشى مع حجة البيت الأبيض بأن مجرد وجود مصالح اقتصادية أميركية في أوكرانيا من شأنه أن يردع أي هجوم روسي في المستقبل، لكن زيلينسكي يرد بأن وجود الشركات الأميركية في شرق أوكرانيا قبل الحرب لم يردع روسيا عن مهاجمة تلك الأراضي.

فائدة بـ 100 في المئة

وإضافة إلى ذلك تتضمن المسودة شروطاً مالية أكثر صرامة، إذ تطالب إدارة ترمب بأن تتخلى أوكرانيا عن نصف عائداتها من استخراج الموارد الطبيعية، وهذا لا يشمل فقط عائدات تعدين المعادن النادرة ولكن أيضاً القيمة الاقتصادية الكاملة المرتبطة بالموارد الأوكرانية، بما في ذلك اليورانيوم والليثيوم والنفط والغاز وحتى بعض عائدات الموانئ، كما تنص مسودة الاتفاق على أن الشركات الأميركية يجب أن تمتلك 50 في المئة من ملكية العناصر الأرضية النادرة في أوكرانيا.

وبموجب الشروط المقترحة يتعين على أوكرانيا الإسهام في صندوق العائدات حتى يصل إلى 500 مليار دولار، وهو مبلغ يزيد على ضعف قيمة الناتج الاقتصادي لأوكرانيا عام 2021، أي قبل الحرب مع روسيا.

 

 

غير أن زيلينسكي يرى أن المبلغ المطلوب غير متناسب مع قيمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا والذي يبلغ نحو 120 مليار دولار، وفقاً لمعهد أبحاث "كيل" الألماني، فيما تشير تقديرات بحثية أميركية إلى أنه لم يتجاوز 180 مليار دولار.

كما سلط الضوء على نقطة خلاف أخرى في الاتفاق المقترح، وهي أن أوكرانيا ستكون مطالبة بسداد ضعف قيمة المساعدات الأميركية المستقبلية للولايات المتحدة، لأن الاتفاق ينص على أنه في مقابل كل دولار من المساعدات يجب على أوكرانيا إعادة دولارين، أي أنه قرض بنسبة فائدة 100 في المئة.

أفضل شريك

وعلى رغم الإحباط لدى بعض الأوكرانيين من الطريقة التي استخدمها ترمب وفريقه في المفاوضات لكن هذا لا يعني كثيراً للأميركيين، إذ يرى عديد من الباحثين في واشنطن أن ترمب أخطأ في طريقة التعامل ووضع العربة قبل الحصان، "لكن تلك هي طريقته غير المدروسة في الضغط"، كما يشير نائب مدير "برنامج روسيا" في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" جون هاردي.

ومع ذلك لا يرى الجميع أن اهتمام ترمب بالثروة الطبيعية لأوكرانيا يعد فخاً، إذ تقول كبيرة الباحثين في "مركز الدراسات الجيو-اقتصادية" في "مجلس العلاقات الخارجية"، هايدي كريبو ريديكر، إن الاستثمار في الموارد الأوكرانية والاستثمار في أمنها المستقبلي متلازمان، وحتى لو تبنى الرئيس ترمب في المفاوضات نهجاً عملياً وهو "أميركا أولاً"، فإن حماية أوكرانيا وسيادتها وأرضها وشعبها تتوافق تماماً مع هذا الموقف، كما أشارت إلى تعليق أدلى به السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، وهو حليف قوي لترمب، في يونيو (حزيران) 2024، بأن أوكرانيا يمكن أن تصبح أفضل شريك تجاري حلمت به أميركا على الإطلاق إذا جرى استخدام أصولها المعدنية بالغة الأهمية التي تتراوح قيمتها ما بين 10 و12 تريليون دولار، بدلاً من أن تحصل عليها روسيا والصين.

فوز متبادل

وتستند هايدي كريبو ريديكر إلى أن ترسيخ العلاقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا من شأنه أن يعزز موقف كييف خلال محادثات السلام مع روسيا، كما يعزز أيضاً مرونة سلسلة التوريد للولايات المتحدة ويرسي قاعدة صناعية جديدة للابتكار الدفاعي والمصالح التجارية وبالتالي تصبح هذه الصفقة فوزاً متبادلاً، لكن من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت إدارة ترمب على استعداد لتقديم أية ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا كجزء من هذه الصفقة المعدنية، لأن المفاوضين وضعوا صفقة المعادن على مسار منفصل عن محادثات السلام، لكنهم جادلوا بأن شروط الاتفاق ستتطلب أن تظل أوكرانيا دولة مستقلة حتى تجني الولايات المتحدة مكافآتها.

غير أن هذا المنطق يرفضه بعضهم في واشنطن لأنه يجعل من الولايات المتحدة قوة استعمارية تحاول تجريد أوكرانيا من مواردها الطبيعية، ولأن المساعدات الأمنية هي استثمار في الأمن الأميركي وليست صدقة.

 

 

أهمية المعادن النادرة

تجذب الصفقة المحتملة الانتباه حول العالم إلى احتياطات أوكرانيا غير المستغلة من الليثيوم والغرافيت والتي تعد ضرورية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، إضافة إلى وجود أكبر رواسب من خام اليورانيوم في أوروبا وكثير من المعادن النادرة والمواد الحيوية، والتي تشكل أكبر احتياطات العالم من التيتانيوم وحقول الليثيوم غير المستغلة، وتقدر قيمتها مجتمعة بتريليونات الدولارات، على رغم أن قيمتها الدقيقة وتوزيعها في جميع أنحاء البلاد غير معروفة.

وما يبرز هذه الأهمية ما أشارت إليه المفوضية الأوروبية بأن أوكرانيا مصدر محتمل لأكثر من 20 مادة خام بالغة الأهمية، بما في ذلك رواسب الكاولين والغاليوم والمنغنيز والغرمانيوم، كما أنها موضع اهتمام روسيا، إذ يقدر المحللون أن موسكو استولت على أصول طاقة ومعادن أوكرانية بقيمة تزيد على 12 تريليون دولار، يشمل هذا الرقم النفط والفحم، وتقع إحدى احتياطات الليثيوم الرئيسة في أوكرانيا على بعد نحو 10 أميال فقط من خط المواجهة.

وعلى رغم أن أوكرانيا لا تنتج حصة عالمية مهيمنة من هذه المواد لكن من المتوقع أن يزداد الطلب عليها خلال العقد المقبل، مما قد يؤدي إلى ارتفاع قيمتها بصورة كبيرة، كما تعتبر هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن معادن الليثيوم والغرافيت بالغة الأهمية للاقتصاد الأميركي والأمن القومي، بخاصة وأن الصين التي تعد المنافس الاقتصادي الرئيس للولايات المتحدة على الساحة العالمية هي أكبر منتج للغرافيت في العالم، ولديها كميات هائلة من الليثيوم.

وبحسب نائب مدير "مركز استخبارات المعادن الحرجة" في المملكة المتحدة بيير جوسو، فإن العناصر الثلاثة من الليثيوم والغرافيت واليورانيوم تمثل محور التحول في مجال الطاقة ولها قيمة إستراتيجية وصناعية كبيرة، إذ من المتوقع أن تصبح أكثر قيمة خلال الأعوام المقبلة عندما يفوق الطلب العرض بصورة متزايدة، وعلى رغم أن أوكرانيا لم تنتج أي ذهب خلال القرن الـ 21 لكن احتياطاتها الجيولوجية من الذهب تقدر بنحو 3 آلاف طن متري، وهو ما يعادل تقريباً احتياطات الولايات المتحدة.

الليثيوم

ووفقاً لهيئة الجيولوجيا الحكومية الأوكرانية فإن كييف تمتلك ما يقدر بنحو 500 ألف طن متري من احتياطات الليثيوم، وهو من بين أكبر الودائع في أوروبا، وتكمن أهمية هذا المعدن الفضي الناعم في أنه يطيل عمر البطاريات ويمكنها من الاحتفاظ بشحنة أطول، مما يجعلها ضرورية للبطاريات القوية المستخدمة لتشغيل السيارات الكهربائية.

ونظراً إلى ارتفاع الطلب على السيارات الكهربائية يتصاعد الضغط لإيجاد مصادر جديدة لليثيوم، ومن المتوقع أن يزداد الطلب على الليثيوم بأكثر من 10 أضعاف على مستوى العالم خلال العقد المقبل، ولهذا السبب يبحث الجميع عن عنه.

 

 

اليورانيوم

يستخدم هذا العنصر المشع بصورة طبيعية كمصدر رئيس لوقود المفاعلات النووية، ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن كمية بحجم بيضة من وقود اليورانيوم يمكن أن توفر كمية الطاقة نفسها التي يوفرها 88 طناً مترياً من الفحم، ولهذا فهو ثمين لكنه لا يعتبر عنصراً نادراً، ووفقاً لـ "الرابطة النووية العالمية" تمتلك أوكرانيا أكبر رواسب خام اليورانيوم في أوروبا والتي تبلغ أكثر من 107 آلاف طن متري.

الغرافيت

الغرافيت شكل ناعم من الكربون يستخدم في جميع بطاريات السيارات الكهربائية تقريباً، وكذلك أشباه الموصلات والمفاعلات النووية، وتحتاج كل بطارية إلى الغرافيت ومن دون ذلك لن تعمل، وقد أحصت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أوكرانيا كواحدة من أكبر 10 منتجين للغرافيت في العالم، وتقدر شركة "بي جي في" للتعدين وجود 500 مليون طن متري من الغرافيت في منطقة كيروفوهراد وحدها وسط أوكرانيا.

التيتانيوم

تمتلك أوكرانيا جزءاً من أكبر احتياطات العالم من التيتانيوم، وهو معدن فضي قوي مثل الفولاذ، ولكنه أخف بـ 45 في المئة، وتتمثل أهميته في العصر الحديث في استخدامه في صناعة الطيران، ولكن يمكن استخدامه في مجموعة أخرى من المنتجات، وفي عام 2023 قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن أوكرانيا لديها 8.4 مليون طن متري من احتياطات التيتانيوم.

البريليوم

تدير شركة "بي جي في" للتعدين منجماً للبريليوم في منطقة جيتومير شمال غربي أوكرانيا، والذي قالت إنه يحوي احتياطات مؤكدة تبلغ 5512 طناً مترياً من هذا المعدن النادر، وتشمل مجموعة تطبيقات البريليوم الاستخدام في أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة ومعدات التصوير الطبي ومكونات السيارات ومعدات الطائرات.

اقرأ المزيد

شكوك أخرى

لكن على رغم قيمة هذه الصفقة المقترحة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا فإنه من غير المرجح أن تكون ذات أهمية خلال الأمد المتوسط ​​بالنظر إلى الحواجز أمام الاستثمار، بحسب ما تؤكد مديرة برنامج أمن المعادن الحرجة في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في واشنطن العاصمة، غريسلين باسكاران، إذ إن هناك بيانات محدودة للغاية حول ما إذا كانت العناصر الأرضية النادرة وغيرها من المواد الإستراتيجية في أوكرانيا قابلة للاستخراج تجارياً.

ووفقاً للمدير العام السابق لـ "المسح الجيولوجي الأوكراني" فلا يوجد تقييم حديث لاحتياطات العناصر الأرضية النادرة في أوكرانيا، إذ يعود إجراء رسم الخرائط الحالية إلى ما قبل 60 عاماً من قبل الاتحاد السوفياتي الذي اعتمد على أساليب الاستكشاف القديمة، وما يزيد الشكوك أن الاعتبارات التي تؤثر في الجدوى التجارية لرواسب التعدين تشمل العمق ودرجة نقاء الخام والمنتجات الثانوية والموقع.

عوائق الطاقة الكهربية

ومن العوائق الأخرى المحتملة للصفقة أن الحرب الروسية - الأوكرانية قضت على البنية التحتية الأساس ومن بينها الطاقة الكهربائية، إذ يعد التعدين من بين الصناعات الأكثر كثافة في استهلاك الطاقة في جميع أنحاء العالم، ويمثل نحو 38 في المئة من استخدام الطاقة الصناعية العالمية و 15 في المئة من إجمال استهلاك الكهرباء على مستوى العالم، وخلال عامي 2022 و2023 تسببت القوات الروسية في تدمير أو احتلال ما يقارب نصف قدرة توليد الطاقة في أوكرانيا، في حين لحقت أضرار بنحو نصف محطات الطاقة الفرعية الكبيرة في البلاد بسبب ضربات الصواريخ والطائرات المسيرة، ونتيجة لذلك لم يتبق لأوكرانيا سوى نحو ثلث قدرتها على توليد الطاقة، وستكون هناك حاجة إلى بناء كبير للبنية التحتية للطاقة لاستكشاف المعادن أو البدء في إنتاجها.

تردد شركات التعدين

وتشير ميريديث شوارتز، وهي باحثة مشاركة في "برنامج أمن المعادن الحرجة" بـ "مركز الدراسات الإستراتيجية" إلى أن شركات التعدين تتردد في القيام باستثمارات طويلة الأجل نظراً للأخطار الأمنية الوشيكة في أوكرانيا، لأن التعدين استثمار طويل الأجل ويتطلب رأسمال مكثف، وعلى مستوى العالم يستغرق تطوير منجم ما 18 عاماً في المتوسط، وتبلغ كلفته نحو 500 مليون دولار، بينما تبلغ كلفة بناء منجم ومصنع فصل نحو مليار دولار، ويمكن أن يعمل منجم جديد لأكثر من 50 عاماً، ولهذا فإن الثقة في الاستقرار السياسي والاقتصادي لأية ولاية قضائية أمر بالغ الأهمية نظراً إلى حجم وطول عمر الاستثمار.

وفي حين قد يتوصل ترمب وفلاديمير بوتين وزيلينسكي إلى اتفاق سلام فإن خطر مزيد من الصراع ومصادرة الأراضي سيلوح في الأفق نظراً إلى الطبيعة طويلة الأمد للصراع بين البلدين الجارين، ومن هذا المنطلق تكتسب الضمانات الأمنية التي يطالب بها زيلينسكي أهمية حيوية لشركات التعدين العالمية، ومع ذلك يظل ترمب معارضاً لهذا المطلب مما يضع "خطة النصر" التي دعا إليها زيلينسكي الخريف الماضي في مهب الريح.

المزيد من تقارير